لا يزال إعمال المنطق والعقل والحكمة أمرا غائبا تماماً عن القيادة القطرية، وهي تضاعف من فاتورة سلوكها السلبي في الكثير من ملفات المنطقة وانشغالاتها، ويزداد جهدها للتدخل في شؤونها ضراوة، ليصبّ دائماً في خانة الإضرار بالإجماع العربي، وإيذاء المجتمعات، وتبديد فرص الاستقرار التي تلوح في أفق مشكلات المنطقة المزمنة.
يجد الناظر إلى خارطة العالم العربي في كل بؤر الأزمات التي تنزف فيها، حجم الثقوب التي افتعلتها الأدوار القطرية بين تمويل جماعات مسلحة، أو الترويج لدول أجنبية وتبرير تدخلاتها السافرة، ورهن جماعات الإسلام السياسي لأجندة شاذة ودخيلة، فضلاً عن القطع مع مقررات وبيانات وتوجهات الجامعة العربية وتحريض الشعوب ضدها، إضافة إلى قائمة طويلة من المناسبات التي تقلب فيها الدوحة ظهر المجن لكل ما هو عربي، لصالح المشاريع الأجنبية الإقليمية.
في الصومال، البلد الذي يشهد تجاذبات حادة تهدد مشروعه الوطني للخروج من وصمة الماضي الدامي، تدفع كل من تركيا وقطر البلاد إلى حافة الهاوية، وتنشط أنقرة لتعميق دورها ونفوذها هناك
لا تزال التسجيلات الصوتية المنسوبة إلى ما بات يعرف بخيمة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، تحفل بالكثير من المؤامرات التي جرت من وراء الكواليس، ونوايا الشر التي كانت الدوحة تجدل حبالها، وتربط بين أطراف متنائية، لا تجمعها سوى رغبة الوقيعة بالسعودية، وبقية دول الخليج وعواصمها.
وفي اليمن، اشتكى مؤخراً رئيس الوزراء اليمني، الدكتور معين عبدالملك، من قطر ودأبها على نشر الفوضى في بلاده، عبر دعم الميليشيات الحوثية بالمال والسلاح والإعلام والعلاقات، والعمل على زعزعة الاستقرار، بعد أن تجمعت لديه الأدلة على ذلك.
ولم تسلم مصر بطبيعة الحال من أذى الدوحة، حتى بوجود أزمة سدّ النهضة، لم تفرط قطر في أي فرصة للتأليب على السلطات المصرية، ولو كان ذلك عبر واحد من أكثر الملفات حساسية وخطراً على مستقبل مصر وأمنها. وكشفت وسائل إعلام مصرية عن حسابات تدار من قطر تدعم الموقف الإثيوبي حول سد النهضة، ضد القاهرة.
وعلى حدود مصر الغربية، تبدو قطر هي الممول الرئيس للمجهود التركي المهدد لأمن القاهرة من داخل ليبيا، وقد نذرت الدوحة أموالها وإعلامها ودبلوماسييها لخدمة الجماعات المسلحة التابعة للإخوان المسلمين في ليبيا، والمنضوية تحت برنامج تركيا للتدخل في المنطقة العربية.
وفي لبنان، الذي يعاني من مرحلة شاقة وصعبة، نتيجة انصراف المجتمع الدولي ومحيطه العربي عن إسعافه في أزمته الخانقة قبل أن يتخلص من سيطرة ميليشيا حزب الله، تأتي قطر لتنقذ مشروع الحزب، وتمكنه من بلد أثقلته تبعات استقطاب المحاور، وهو ما كشفته صحيفة “دي زيت” الألمانية مشيرة إلى وثائق تثبت بالأدلة تمويل قطر جماعة “حزب الله” في لبنان، وأدلة تظهر أن أثرياء قطريين ولبنانيين يعيشون في الدوحة يرسلون أموالاً للحزب، بمعرفة مسؤولين حكوميين قطريين وعبر منظمة خيرية في الدوحة.
يجد الناظر إلى خارطة العالم العربي في كل بؤر الأزمات التي تنزف فيها، حجم الثقوب التي افتعلتها الأدوار القطرية بين تمويل جماعات مسلحة، أو الترويج لدول أجنبية وتبرير تدخلاتها السافرة
وفي الصومال، البلد الذي يشهد تجاذبات حادة تهدد مشروعه الوطني للخروج من وصمة الماضي الدامي، تدفع كل من تركيا وقطر البلاد إلى حافة الهاوية، وتنشط أنقرة لتعميق دورها ونفوذها هناك، وتوظف الدوحة كل مقدراتها لإنجاح المهمة.
وقال عبدالرحمن عبدالشكور ورسمي، زعيم حزب ودجر المعارض في الصومال، إن قطر تتعامل مع الحكومة الصومالية كمنظمة غير حكومية وتستخدمها في إلحاق الضرر بالدول الأخرى، وإن المال القطري يستخدم لتخريب السياسة الداخلية في الصومال.
تزداد أزمة قطر تعقيداً، وتستعصي فجوتها على محاولات الرتق والإصلاح وإحسان الظن على أمل أن تعود الدوحة إلى جادة الصواب، بعد أن فقد سلوكها أي هوية متماسكة، تعبّر عن مصالح أو أهداف، وأصبحت طيّعة في يد من يستغلها، مستسلمة لمشاريعهم، معتصمة بخانة رد الفعل ضد كل ما هو عربي يقصد إيذاء جاراتها والانتقام من موقفهم الرباعي ضد رعايتها للإرهاب والتمسك به.
تعليقات
إرسال تعليق