التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قطر.. رصيد عداوات متزايد

تزداد أزمة قطر تعقيداً، وتستعصي فجوتها على محاولات الرتق والإصلاح وإحسان الظن على أمل أن تعود الدوحة إلى جادة الصواب، بعد أن فقد سلوكها أي هوية متماسكة، تعبّر عن مصالح أو أهداف.
الاثنين 2020/07/27

لا يزال إعمال المنطق والعقل والحكمة أمرا غائبا تماماً عن القيادة القطرية، وهي تضاعف من فاتورة سلوكها السلبي في الكثير من ملفات المنطقة وانشغالاتها، ويزداد جهدها للتدخل في شؤونها ضراوة، ليصبّ دائماً في خانة الإضرار بالإجماع العربي، وإيذاء المجتمعات، وتبديد فرص الاستقرار التي تلوح في أفق مشكلات المنطقة المزمنة.

يجد الناظر إلى خارطة العالم العربي في كل بؤر الأزمات التي تنزف فيها، حجم الثقوب التي افتعلتها الأدوار القطرية بين تمويل جماعات مسلحة، أو الترويج لدول أجنبية وتبرير تدخلاتها السافرة، ورهن جماعات الإسلام السياسي لأجندة شاذة ودخيلة، فضلاً عن القطع مع مقررات وبيانات وتوجهات الجامعة العربية وتحريض الشعوب ضدها، إضافة إلى قائمة طويلة من المناسبات التي تقلب فيها الدوحة ظهر المجن لكل ما هو عربي، لصالح المشاريع الأجنبية الإقليمية.

في الصومال، البلد الذي يشهد تجاذبات حادة تهدد مشروعه الوطني للخروج من وصمة الماضي الدامي، تدفع كل من تركيا وقطر البلاد إلى حافة الهاوية، وتنشط أنقرة لتعميق دورها ونفوذها هناك

لا تزال التسجيلات الصوتية المنسوبة إلى ما بات يعرف بخيمة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، تحفل بالكثير من المؤامرات التي جرت من وراء الكواليس، ونوايا الشر التي كانت الدوحة تجدل حبالها، وتربط بين أطراف متنائية، لا تجمعها سوى رغبة الوقيعة بالسعودية، وبقية دول الخليج وعواصمها.

وفي اليمن، اشتكى مؤخراً رئيس الوزراء اليمني، الدكتور معين عبدالملك، من قطر ودأبها على نشر الفوضى في بلاده، عبر دعم الميليشيات الحوثية بالمال والسلاح والإعلام والعلاقات، والعمل على زعزعة الاستقرار، بعد أن تجمعت لديه الأدلة على ذلك.

ولم تسلم مصر بطبيعة الحال من أذى الدوحة، حتى بوجود أزمة سدّ النهضة، لم تفرط قطر في أي فرصة للتأليب على السلطات المصرية، ولو كان ذلك عبر واحد من أكثر الملفات حساسية وخطراً على مستقبل مصر وأمنها. وكشفت وسائل إعلام مصرية عن حسابات تدار من قطر تدعم الموقف الإثيوبي حول سد النهضة، ضد القاهرة.

وعلى حدود مصر الغربية، تبدو قطر هي الممول الرئيس للمجهود التركي المهدد لأمن القاهرة من داخل ليبيا، وقد نذرت الدوحة أموالها وإعلامها ودبلوماسييها لخدمة الجماعات المسلحة التابعة للإخوان المسلمين في ليبيا، والمنضوية تحت برنامج تركيا للتدخل في المنطقة العربية.

وفي لبنان، الذي يعاني من مرحلة شاقة وصعبة، نتيجة انصراف المجتمع الدولي ومحيطه العربي عن إسعافه في أزمته الخانقة قبل أن يتخلص من سيطرة ميليشيا حزب الله، تأتي قطر لتنقذ مشروع الحزب، وتمكنه من بلد أثقلته تبعات استقطاب المحاور، وهو ما كشفته صحيفة “دي زيت” الألمانية مشيرة إلى وثائق تثبت بالأدلة تمويل قطر جماعة “حزب الله” في لبنان، وأدلة تظهر أن أثرياء قطريين ولبنانيين يعيشون في الدوحة يرسلون أموالاً للحزب، بمعرفة مسؤولين حكوميين قطريين وعبر منظمة خيرية في الدوحة.

يجد الناظر إلى خارطة العالم العربي في كل بؤر الأزمات التي تنزف فيها، حجم الثقوب التي افتعلتها الأدوار القطرية بين تمويل جماعات مسلحة، أو الترويج لدول أجنبية وتبرير تدخلاتها السافرة

وفي الصومال، البلد الذي يشهد تجاذبات حادة تهدد مشروعه الوطني للخروج من وصمة الماضي الدامي، تدفع كل من تركيا وقطر البلاد إلى حافة الهاوية، وتنشط أنقرة لتعميق دورها ونفوذها هناك، وتوظف الدوحة كل مقدراتها لإنجاح المهمة.

وقال عبدالرحمن عبدالشكور ورسمي، زعيم حزب ودجر المعارض في الصومال، إن قطر تتعامل مع الحكومة الصومالية كمنظمة غير حكومية وتستخدمها في إلحاق الضرر بالدول الأخرى، وإن المال القطري يستخدم لتخريب السياسة الداخلية في الصومال.

تزداد أزمة قطر تعقيداً، وتستعصي فجوتها على محاولات الرتق والإصلاح وإحسان الظن على أمل أن تعود الدوحة إلى جادة الصواب، بعد أن فقد سلوكها أي هوية متماسكة، تعبّر عن مصالح أو أهداف، وأصبحت طيّعة في يد من يستغلها، مستسلمة لمشاريعهم، معتصمة بخانة رد الفعل ضد كل ما هو عربي يقصد إيذاء جاراتها والانتقام من موقفهم الرباعي ضد رعايتها للإرهاب والتمسك به.


الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...