التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"فوضى خلاقة" على ضفاف الخليج

لقد حمل “إخوان الخليج” على عاتقهم الحلم القديم بإسقاط الدول الخليجية وإغراقها بالفوضى، وقدموا فروض الطاعة والالتزام لمجنديهم من الدول الجارة والضارة.
الجمعة 2020/07/10

شكّلت خيمة الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي موئلا وملاذا لمشروع كبير، جاءت التسجيلات المسربة أخيرا لإثباته، ووشم جبين التاريخ بأثره، هندسة إخوانية كاملة لمشروع التخريب في الخليج، وركوب موجة الثورات، واستثمار الفضاء المسموم المسمى بالفوضى الخلاقة.

كان رموز الإخوان المسلمين يبحثون عن الوصفة الأفضل للانقضاض على دول الخليج العربي، والفتّ في عضد تماسكها وسلمها الأهلي، اقترح أحدهم في اجتماعه بأعضاء الجماعة في السودان تشجيع الحزازات والخلافات داخل الأسر الحاكمة، وآخر اقترح إثارة حنق الشعوب ضد أوهام الفساد والاستبداد، وثالث فضل اللعب على الوتر القبلي، وتفخيخ العلاقات الاجتماعية، أو زيادة التحفيز الإعلامي لتهشيم عرى الثقة بين القيادات والمجتمعات.

كثير من الأفكار والرؤى والخطط، التي لو وجدت طريقها إلى التنفيذ، وارتخت لها قبضة السلطات في دول الخليج، لأضحى واقعها اليوم نازفا بالفوضى والخراب وانعدام الاستقرار.

كان القذافي فكرة شاردة، وليس مجرد شخص أو زعيم ناقم، كان بمثابة كنز من الأموال المتيسرة والغطاء السياسي المستباح لشرعنة التحركات المريبة والتشويش على الأهداف غير المعلنة.

على طريقتهم، كان إخوان الخليج يتقاطرون عليه لقدح عدائه، واستثمار غضبه الشخصي ضد دول الخليج وزعمائها، وتوظيف ذلك ضمن مشروعهم الكبير، ولكن فشِل المشروع، فلم يترددوا في الانقلاب عليه، وطعنه من الخلف، وأهالوا تراب النسيان على ما بقي من خططهم الخاسرة، قبل أن تجاهر بها وتفضحها التسريبات الأخيرة.

رغم أن التسجيلات المسربة للزعيم الليبي السابق معمر القذافي، التي ينشرها المعارض القطري خالد الهيل، لم تأت بغريب بشأن الجهود التخريبية التي كانت تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين ضد الدول الخليجية، لكنها كشفت بالصوت والحجة البالغة، أنها كانت تضمر حقدا أعمى ضد قيادات وشعوب المنطقة، وأبانت نوايا الشر التي كانت جماعة الإخوان تحيكها في الخفاء للإيقاع بدول الخليج في جحيم الفوضى الخلاقة، واستعدادها لذلك عبر ميليشيات التخريب وتأليب القبائل، وإثارة القلاقل، والتحريض ضد الأسر الحاكمة.

لقد رفع الغطاء عن الصندوق الأسود، الذي كانت تحتفظ به الخيمة التي توافد إليها رموز النظام الإخواني، ممن يمالئون الزعيم الليبي، ويستثمرون في رواسب حقده الدفين على الأنظمة الخليجية، ورماد قوميته التي أوقدت الكثير من حطب الاتهامات والهجاء للملكيات العربية، وشحن الشعوب والمجتمعات العربية ضدها.

لقد حمل “إخوان الخليج” على عاتقهم الحلم القديم بإسقاط الدول الخليجية وإغراقها بالفوضى، وقدموا فروض الطاعة والالتزام لمجنديهم من الدول الجارة والضارة، بتبيئة بنود الثورة في التربة الخليجية، وهزّ أركان الاستقرار الأهلي والسلم المجتمعي، وقد قدمت حكومة الدوحة كل الدعم المالي والإعلامي واللوجستي لهذه الجهود، الأمر الذي يثبت تورطها السافر في مخطط الإضرار بجاراتها الخليجية.

مكنت هذه التسريبات المجتمعات العربية، الخليجية تحديدا، من الوقوف على حجم الازدواجية، التي تصل حدّ النفاق، لدى القيادات الإخوانية، وأعطت دليلا لا يقبل الشك عما تضمره الجماعات الإسلاموية من نوايا الإفساد والخراب، وإن تغطت بحجج الإصلاح وتدثرت ببريق التغيير.


الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...