ترفض دول الخليج – باستثناء قطر – تدخل القوى الأجنبية في الشأن الليبي، وتشجب التواجد التركي الميليشيوي على الأراضي الليبية، وتشجع على تحقيق إجماع عربي يؤيد هذا التوجه، ويوحد الصفوف خلف الموقف المصري الذي استعاد عافيته في وجه أردوغان.
ظهر الرئيس التركي مزهوا على شاشة التلفزيون، وهو يحرك مؤشره الليزري على خارطة ليبيا، في شاشة مكبرة أمامه، كان يتحدث وكأنه يمسك بزمام الأمور، وهو يتربع على خارطة دولة عربية أخرى تنضم إلى جعبة أحلامه السافرة، لكن الانتباهة المصرية الأخيرة، المحاطة بتشجيع العرب ودعمهم، وفي مقدمتهم دول خليجية، كبحت جماح التدخل التركي، وأبطأت من شراسة تمدده في الأراضي الليبية.
وكان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، قد أصدر بيانا أكد فيه دعم الرياض للقاهرة وتضامنها مع الإجراءات التي قد يتعين على الرئيس عبدالفتاح السيسي اتخاذها لحماية الأمن القومي المصري.
وينذر أفق الأزمة الليبية بالكثير من التحولات، سواء على الأرض أو على صعيد الحراك السياسي المحموم في المنطقة والفضاء الدولي. حيث تتسارع الأحداث، وينشطر العالم إلى فسطاطين، الأول يرفض أي تدخل خارجي ويدعم أن يبقى الملف بين يدي أصحابه، وهو خيار أغلب الدول العربية.
وكان بيان صادر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب حول ليبيا، قد أكد أن “التدخل العسكري الخارجي يفاقم الأزمة”، وشدد على “رفض نقل المتطرفين والإرهابيين لليبيا”، وشجب “التدخلات الخارجية في البلاد”، ردا على طرف آخر يودّ أن يستثمر في الحالة الرخوة للمنطقة العربية، ويستأثر بمقدرات ومصير ومستقبل ليبيا.
قائمة من الأهداف الخبيثة، تودّ أنقرة أن تحققها من وراء تدخلها السافر هناك، في مقابل مجموعة من الدول العربية تحاول أن تقاوم ببعض ما تبقى من حالة إجماع مشترك هذه الأطماع
ويترقب الليبيون معركة حاسمة على “سرت” التي وضعها الرئيس المصري ضمن خطوطه الحمراء، ولكن تركيا تتستر خلف شرعية الحكومة الليبية المستنزفة وتصرّ على تجاوزها، وجرى على وقع هذا التصعيد اتصال بين نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان ووزير الدفاع المصري، أجمعا من خلاله على حرص البلدين على تعزيز الاستقرار والتصدي لكافة أشكال الإرهاب والرفض التام للمساس بالأمن الإقليمي العربي.
لا أحد يريد للمأساة السورية أن تتكرر في ليبيا. وتسعى بعض الدول العربية في هذا الإطار إلى أن تطفئ نيران الفتنة قبل أن تستفحل، وتضع حدا لتطاول الرئيس التركي أردوغان على الدول العربية، بعد أن وضع يده على جزء من سوريا، وينازع لإبقاء قواته في العراق، ويسعى الآن مرة أخرى إلى توسيع خارطة تدخلاته في ليبيا، وقد استقطب ميليشيات سورية لتمهيد الأرض لنفوذه المأمول.
يسعى المشروع التركي في ليبيا إلى تثبيت موطئ قدم للميليشيات على الأراضي الليبية، لتكون ورقة ضغط قابلة للاستخدام ضد أمن مصر واستقرارها، فضلا عن المطامع الاقتصادية في ثروات البلاد ومشاريع إعادة الأعمار المربحة.
قائمة من الأهداف الخبيثة، تودّ أنقرة أن تحققها من وراء تدخلها السافر هناك، في مقابل مجموعة من الدول العربية تحاول أن تقاوم ببعض ما تبقى من حالة إجماع مشترك هذه الأطماع، وتأتي كل من القاهرة والرياض وأبوظبي في مقدمة الفاعلين لتحمل هذه المسؤولية الضرورية، باستثناء دولة قطر التي لم يعد مستنكرا أن تتخذ قرار البقاء على الخط المضاد دائما، وقد نذرت مقدراتها لتكون منصة ترويج وتلميع للتدخل التركي وخزينة للتمويل والدعم.
تعليقات
إرسال تعليق