التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قيمة الدور الخليجي في ليبيا

لا أحد يريد للمأساة السورية أن تتكرر في ليبيا. وتسعى بعض الدول العربية في هذا الإطار إلى  أن تطفئ نيران الفتنة قبل أن تستفحل، وتضع حدا لتطاول الرئيس التركي أردوغان على الدول العربية.
الاثنين 2020/07/20

ترفض دول الخليج – باستثناء قطر – تدخل القوى الأجنبية في الشأن الليبي، وتشجب التواجد التركي الميليشيوي على الأراضي الليبية، وتشجع على تحقيق إجماع عربي يؤيد هذا التوجه، ويوحد الصفوف خلف الموقف المصري الذي استعاد عافيته في وجه أردوغان.

ظهر الرئيس التركي مزهوا على شاشة التلفزيون، وهو يحرك مؤشره الليزري على خارطة ليبيا، في شاشة مكبرة أمامه، كان يتحدث وكأنه يمسك بزمام الأمور، وهو يتربع على خارطة دولة عربية أخرى تنضم إلى جعبة أحلامه السافرة، لكن الانتباهة المصرية الأخيرة، المحاطة بتشجيع العرب ودعمهم، وفي مقدمتهم دول خليجية، كبحت جماح التدخل التركي، وأبطأت من شراسة تمدده في الأراضي الليبية.

وكان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، قد أصدر بيانا أكد فيه دعم الرياض للقاهرة وتضامنها مع الإجراءات التي قد يتعين على الرئيس عبدالفتاح السيسي اتخاذها لحماية الأمن القومي المصري.

وينذر أفق الأزمة الليبية بالكثير من التحولات، سواء على الأرض أو على صعيد الحراك السياسي المحموم في المنطقة والفضاء الدولي. حيث تتسارع الأحداث، وينشطر العالم إلى فسطاطين، الأول يرفض أي تدخل خارجي ويدعم أن يبقى الملف بين يدي أصحابه، وهو خيار أغلب الدول العربية.

وكان بيان صادر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب حول ليبيا، قد أكد أن “التدخل العسكري الخارجي يفاقم الأزمة”، وشدد على “رفض نقل المتطرفين والإرهابيين لليبيا”، وشجب “التدخلات الخارجية في البلاد”، ردا على طرف آخر يودّ أن يستثمر في الحالة الرخوة للمنطقة العربية، ويستأثر بمقدرات ومصير ومستقبل ليبيا.

قائمة من الأهداف الخبيثة، تودّ أنقرة أن تحققها من وراء تدخلها السافر هناك، في مقابل مجموعة من الدول العربية تحاول أن تقاوم ببعض ما تبقى من حالة إجماع مشترك هذه الأطماع

ويترقب الليبيون معركة حاسمة على “سرت” التي وضعها الرئيس المصري ضمن خطوطه الحمراء، ولكن تركيا تتستر خلف شرعية الحكومة الليبية المستنزفة وتصرّ على تجاوزها، وجرى على وقع هذا التصعيد اتصال بين نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان ووزير الدفاع المصري، أجمعا من خلاله على حرص البلدين على تعزيز الاستقرار والتصدي لكافة أشكال الإرهاب والرفض التام للمساس بالأمن الإقليمي العربي.

لا أحد يريد للمأساة السورية أن تتكرر في ليبيا. وتسعى بعض الدول العربية في هذا الإطار إلى  أن تطفئ نيران الفتنة قبل أن تستفحل، وتضع حدا لتطاول الرئيس التركي أردوغان على الدول العربية، بعد أن وضع يده على جزء من سوريا، وينازع لإبقاء قواته في العراق، ويسعى الآن مرة أخرى إلى توسيع خارطة تدخلاته في ليبيا، وقد استقطب ميليشيات سورية لتمهيد الأرض لنفوذه المأمول.

يسعى المشروع التركي في ليبيا إلى تثبيت موطئ قدم للميليشيات على الأراضي الليبية، لتكون ورقة ضغط قابلة للاستخدام ضد أمن مصر واستقرارها، فضلا عن المطامع الاقتصادية في ثروات البلاد ومشاريع إعادة الأعمار المربحة.

قائمة من الأهداف الخبيثة، تودّ أنقرة أن تحققها من وراء تدخلها السافر هناك، في مقابل مجموعة من الدول العربية تحاول أن تقاوم ببعض ما تبقى من حالة إجماع مشترك هذه الأطماع، وتأتي كل من القاهرة والرياض وأبوظبي في مقدمة الفاعلين لتحمل هذه المسؤولية الضرورية، باستثناء دولة قطر التي لم يعد مستنكرا أن تتخذ قرار البقاء على الخط المضاد دائما، وقد نذرت مقدراتها لتكون منصة ترويج وتلميع للتدخل التركي وخزينة للتمويل والدعم.


الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...