التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السعودية: الحرب على الإرهاب مستمرة

الإنجازات الأمنية الأخيرة هي استمرار في جهود السعودية المشهودة عالميا لمواجهة آفة الإرهاب، التي يبدو أنها- رغم الإنجازات الأمنية والفكرية المتعددة- لن تنحسر وتنتهي بعد.
الخميس 2019/04/25


ضربتان قاصمتان واستباقيتان، نجح فيهما الأمن السعودي خلال وقت وجيز في وجه الخلايا المتطرفة، الأولى في المنطقة الشرقية، إذ نفذت الجهات الأمنية السعودية عملية ناجحة، قُتل على إثرها مطلوبان اثنان. كما تمَّ القبض على اثنين آخرين حاولا الفرار من مركز ضبط أمني في أبوحدرية شرق المملكة العربية السعودية.
المجموعة مرتبطة بأجندات إيرانية، وكانت جزءا من مشروع أكبر تجهزت له طهران في غمرة انتفاضات الربيع العربي، لكنه انحسر تماما الآن، وجففت ينابيعه الموحلة بفضل النباهة الأمنية العالية لدى السعودية، وتراكم التجربة التي جنّبتها العديد من مناسبات الانفلات الأمني التي أريد لها أن تكون ثغرات وفجوات للإيقاع بالسعودية في حبائل الانهيار والفوضى.
على الطريقة السعودية الفريدة عُولجت مشكلة الجماعات الميليشياوية التي باعت ولاءها وفرطت بفرصها الواعدة تلبية واستجابة لأيديولوجيا الملالي في طهران. ضربت المملكة بيد من حديد على مجندي المشروع الخاسر، وعزلتهم عن مجتمع وديع يرفض هذه الأجندة المريبة وينشد وطنا رحبا يسع الجميع، ولا يرفض أبناءه على اختلاف مذاهبهم وألوانهم، وتحولت المناطق التي ابتليت برؤوس الشر والإرهاب مثل العوامية إلى واحات تنبض بالحياة وتتطلع لمستقبلها المشرق مع رؤية المملكة 2030.
على بُعد أقل من أسبوعين من هذه الحادثة، لقي أربعة مطلوبين مصرعهم على يد قوات الأمن في المملكة، كانوا ينوون الهجوم على مركز أمني في محافظة تابعة للعاصمة الرياض. حيث أكدت رئاسة أمن الدولة في بيان، أن الجناة ينتسبون وينتمون لتنظيم داعش، وأعلنت على إثر الحادثة عن القبض على خلية إرهابية تضم 13 عنصرا ينتمون لتنظيم أبوبكر البغدادي كانوا ينوون تنفيذ عمليات إرهابية أخرى.
ويبدو أن تنظيم داعش، المنهزم إلى حد بعيد في مناطقه المركزية في سوريا والعراق، أخذ في تنشيط خلاياه المندسة وسط الدول الناشطة والجادة في مواجهته، خدمة لأهدافه الغاصّة في التخلف، وتخفيفا عن رعاته الإقليميين في المنطقة، ممن يواجهون ضغوطا حادة تشل من قدرة أحلامهم وطموحاتهم التوسعية على الانتشار والفعالية.
كما أن الحالة السورية تفيض بآخر نزق من روحها المسمومة بالعنف، وترتد نتائجها كما حدث في الحالة الأفغانية وترشق المنطقة بحممها، وقد انسدت الأفق أمام أحلامها الطوباوية، وحاصرتها إكراهات الواقع، وأخذت تتخبط في وجه الحواضر العربية المختلفة، لتمد في عمر الفوضى جيلا آخر يراد له أن يدفع ثمن الأيديولوجيات الملتبسة والخيارات المنحرفة.
الإنجازات الأمنية الأخيرة هي استمرار في جهود السعودية المشهودة عالميا لمواجهة آفة الإرهاب، التي يبدو أنها- رغم الإنجازات الأمنية والفكرية المتعددة- لن تنحسر وتنتهي بعد، وتدرك الرياض ذلك وهي تشحذ كل طاقاتها وأجهزتها على اختلاف مهامها وواجباتها لرحلة طويلة وشاقة من المواجهة، ومكابدة هذا المارد الذي ينوي ابتلاع حالة التقدم والتنمية والتحولات الإيجابية التي تشهدها السعودية، ويدفع إلى حشر المنطقة في زاوية التداعي المستمر والانهيار المتوالي، سيما وأن قائمة من العواصم الإقليمية المريبة لا تزال مستمرة في استثمار هذه الأدوات القذرة لإثناء الرياض عن أدوارها الحيوية الجديدة.
عندما كشفت رئاسة أمن الدولة في السعودية هوية الإرهابيين الأربعة الذين هاجموا مركز مباحث محافظة الزلفي شمال الرياض، تبين أن ثلاثة منهم أصغر بكثير من فهم هذا التعقيد السياسي والتورط فيه إلى درجة التضحية بالنفس لهدف أيديولوجي أعمى.
وهذه شهادة مدموغة بالحقائق المؤسفة عن شروط المواجهة العسيرة لمارد الإرهاب، ومنها تفتيت البؤر الفكرية الحاضنة والملاذات التي تجند هذه العقول الطرية وتلقحها بالأجندات الدموية. إنها تأكيد من نوع لا يقبل الشك ولا يمسه التردد، على دور معركة الوعي في وجه السموم المتطرفة، وأن هذه التحولات الإيجابية في السعودية ليست ترفا، بل ضرورة للفتّ في عضد الشروط المشجعة على العنف، وعلى استسلام هذه العقول الغضّة لسردية التبرير الإرهابي والرواية العنفية المكذوبة.


الرابط :
https://alarab.co.uk/%D8%A7%D9%84%


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...