الأمير بدر بن فرحان يتولى واحدة من أكثر المهام حيوية في دعم وتعزيز مستهدفات رؤية السعودية 2030، وهو يمثل جيلا جديدا وشابا من القيادات التي تتكفل بتسيير شؤون المملكة في طريقها لتحقيق النقلة النوعية في واقعها ومستقبلها المنشود.
الخميس 2019/04/18
كشفت وزارة الثقافة السعودية خلال الأسابيع القليلة الماضية عن استراتيجيتها العامة لطريقة عملها والكيفية التي ستقود عبرها حالة الثقافة في بلد متطلع ومركزي يشد بعضه نحو تحقيق رؤيته الكبرى في2030. وقد ضمنت الرؤية 27 مبادرة رئيسة، تحدد ثلاثة تطلعات أساسية للوزارة الوليدة، وهي تكريس الثقافة كنمط حياة، والثقافة من أجل النمو الاقتصادي، والثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة الدولية وتحقيق الأثر العميق، الذي يعبر عن الهوية السعودية.
وقبل إنشاء هذه الوزارة المستحدثة التي تأسست بأمر ملكي في 2 يونيو من العام الماضي، والتي تم تعيين أول وزير لها وهو الأمير بدر بن عبدالله بن محمد بن فرحان آل سعود، كانت مرتبطة بوزارة الإعلام، وكان اسمها آنذاك وزارة الثقافة والإعلام، قبل أن تستقل بهدف تطوير وتنشيط صناعة العمل الثقافي في السعودية وجعلها داعما للاقتصاد في المملكة.
ثقافتنا هويتنا
شعار وزارة الثقافة السعودية “ثقافتنا هويتنا” يبدو وحده كعنوان للمرحلة القادمة، وقد أطلقت استراتيجيتها العامة التي تضمنت تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وإنشاء صندوق “نمو” الثقافي، وإطلاق برنامج الابتعاث الثقافي، وتطوير المكتبات العامة، وإقامة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي. لكن من هو قائد هذه المؤسسة الضخمة؟ يتولى الأمير بدر بن فرحان واحدة من أكثر المهام حيوية في دعم وتعزيز أهداف رؤية المملكة 2030، وهو يمثل مثل بقية عناصر المشهد السعودي الجديد، جيلا جديدا وشابا من القيادات التي تتكفل بتسيير شؤون المملكة في طريقها لتحقيق النقلة النوعية في واقعها ومستقبلها المنشود.
ولد الأمير بدر في 16 أغسطس 1985 في مدينة الرياض، وتقع على عاتقه الآن مجموعة من المسؤوليات الرئيسية المرتبطة مباشرة بتنفيذ رؤية السعودية 2030، لا يخرج أغلبها عن الشق الثقافي ويتصل به بشكل من الأشكال.
يحمل درجة البكالوريوس في الحقوق والعلوم السياسية من جامعة الملك سعود، وخضع للعديد من الدورات في الكثير من المجالات المختلفة، وقد استهل حياته المهنية مسؤولا تنفيذيا ومستثمرا في مجال الأعمال المتعلقة بقطاعات الطاقة والعقارات والاتصالات.
ومن المناصب التي شغلها عضويته في مجلس إدارة الهيئة العامة للثقافة، وهي هيئة تهدف إلى تعزيز قطاع الثقافة في المملكة. كما سبق له تولي منصب رئيس مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق التي خرّجت عددا من القيادات الأخرى وأهلتها لمباشرة عدد من الواجبات الجديدة التي أفرزتها الرؤية. وحققت المجموعة في عهده قفزات عديدة، بما في ذلك توقيع اتفاق مع شركة بلومبيرغ نيوز لإطلاق أولى خدماتها الإخبارية باللغة العربية “بلومبيرغ العربية” في سبتمبر 2017، وتلاه الاستحواذ على حصة بنسبة 51 بالمئة من شركة خدمة الأخبار المالية “أرقام”، كما عمل على بناء الشراكات وتوقيع الاستحواذات مع عدد من المؤسسات الإقليمية والعالمية.
وفي يناير 2017 وقَّع الأمير بدر اتفاقية تعاون بين المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق ومؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الخيرية، وهي منظمة سعودية غير ربحية، تُعنى بالشباب، وذلك بهدف توفير الدعم اللازم في مجال الإعلام والاتصالات لبرامج المؤسسة.
مسك وشتاء طنطورة
ترأس الأمير بدر مجلس إدارة معهد “مسك للفنون”، وعمل مع فريق المعهد تحت مظلة مؤسسة الأمير محمد بن سلمان “مسك الخيرية” على تحقيق أهدافها لتمكين الدبلوماسية الثقافية الدولية والتبادل الفني. وأصبح الجانب الثقافي والفني السعودي ملازما لكل الجولات الملكية والأميرية التي نفذتها السعودية في السنوات القليلة الماضية،
وزاد اتصال أبناء هذا القطاع من السعوديين بنظرائهم في العالم بفضل المنصات العديدة التي قدمتها المؤسسات السعودية بدافع من الواقع الجديد الذي يهتم بالثقافة ويدعم الفنون ويوليها أهمية كبيرة.
كانت للأمير بدر تجربة رائعة عبر منطقة العلا التي تحولت من مدينة مجهولة إلى مزار سياحي وثقافي مفتوح، وفد إليه الناس من جهات العالم المختلفة، وعبر المهرجان غير المسبوق في نسخته الأولى “شتاء طنطورة” تحققت للمدينة شهرة واسعة وذيوع كبير، وكانت التجربة أنموذجا للطابع الجريء والعالمي الذي ستكون عليه الفعاليات السعودية في مستقبل الأيام.
تولى الأمير بدر في يونيو 2017 منصب محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وهي هيئة تم إنشاؤها حديثا لتطوير المواقع الأثرية في المحافظة والتي يعود تاريخها إلى 2000 عام في المدينة المنورة وتحويلها إلى وجهة جذب ثقافي. ولم يتوقف الأمير بدر لحظة عن العمل على ملف ذي أولوية كبيرة، ومن ذلك توقيعه اتفاقا مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان للاستعانة بالخبرات الفرنسية في ترميم محافظة العلا على مدى 10 سنوات. وقد أرسى شراكات أخرى لترويج محافظة العلا، بما في ذلك اتفاقه مع معهد العالم العربي في باريس، الذي يقضي بتنظيم معرض تعريفي، ومبادرة تهدف إلى تحفيز المنشورات العلمية والأثرية المرتبطة بالمدينة المنورة بالتعاون مع جامعة هارفارد.
وفي أغسطس الماضي أطلق الأمير بدر خمس مبادرات جديدة في محافظة العلا، تهدف إلى الحفاظ على تراث المنطقة، وتطوير بنيتها التحتية. وتشمل المبادرات برنامج البعثات الدولية لطلاب العلا، وبرنامجا مجتمعيا، يهدف إلى الحفاظ على تراث المنطقة، ويسهم في خلق وظائف في هذا المجال.
ثورة ثقافية
وتشهد السعودية منذ صعود الجيل القيادي الشاب لإدارة دفة الواقع الجديد، حراكا غير مسبوق في كل القطاعات، ومن بينها الجانب الثقافي الذي يعول عليه لتحريك الكثير من المياه الراكدة في مجتمع بقي مستسلما لعقود من الجمود، فضلا عن الأثر الاقتصادي الذي يمكن تحقيقه من وراء الاستثمار الثقافي، لاسيما وأن السعودية تنطوي على الكثير من الإمكانات الجبارة التي أهملت وتركت لسنوات.
ويصح القول بأن العام 2018 كان مزدهرا من الناحية الثقافية في السعودية، وجاء كمقدمة إضافية لما ستكون عليه حالة الثقافة انطلاقا من إعلان استراتيجية الوزارة المعنية بهذا المجال وتفعيل أدوارها في المجال العام، الأدوار التي يترقبها كل المشتغلين في هذا المجال والمستفيدين من عطاءاته بشكل مباشر أو غير مباشر.
ولم يحظ الشأنان الثقافي والترفيهي في السعودية وما يتصل بهما من المجالات والاهتمامات بسلسلة من “النقلات النوعية الفريدة” مثلما حصل لهما خلال العام الفائت. بفضل القرارات والمبادرات الكبيرة أصبح هناك تاريخ فاصل في مشوار الثقافة السعودية، منذ بدايات العام الماضي، وشكلت انطلاقة عهد جديد أصبحت فيه لاعبا رئيسا في تشكيل خارطة المجتمع والتعبير عنه.
حدث الفارق نتيجة الكثير من الجهد والتنظيم والعطاء الذي منحته أجهزة حكومية في إطار الرؤية، التي أعطت الثقافة والفنون دورا نهضويا ركيزيا في رحلة الانتقال إلى حيث ترسو أحلام الرؤية وأمنياتها البهيجة.
أحداث ثقافية بارزة وبعضها في غاية الأهمية، كتكريم عدد من الشخصيات البارزة وإعادة الاعتبار لها وطيّ سنوات الإهمال العجاف، وعدد من الفعاليات والبرامج اللافتة، التي ستترك بلا شك أثرا عميقا في بنية الثقافة لدى السعوديين بعد زمن كانت تعاني فيه الكثير من مجالات الثقافة جدبا وعطلا جعلا المشتغلين فيها يتزاحمون على الفرص والمنصات الضيقة التي كان يتيحها الواقع القديم.
لقد استوعبت التغييرات الجديدة في الحقل الثقافي تقريبا كل الفنون والمجالات التي كانت تلقى في ما سبق تهميشا أو تأجيلا لاعتبارات اجتماعية وحساسيات عالية، لكن إعادة بعث تلك الاهتمامات واستقطاب الفعاليات وتنشيط المجالات الخاملة ألهبت حماسة الكثير، الأمر الذي جعل مدنا سعودية مختلفة فازت بنصيبها من الاهتمام، محط أنظار المحيط العربي والعالم أجمع، وهو يشهد فعالية عالمية وفنية كل فترة بين ظهراني تلك المدن السعودية.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق