{ جدة - عمر البدوي
< لا يمكن تفسير تكرار الإشاعات بلا توقف عن المخالفات المرورية أخيراً، وهو الأمر الذي اضطر الإدارة العامة للمرور إلى حشد طاقتها ورفع درجة الانتباه للنفي والتكذيب ووقفها قبل أن تسير بها «الركبان».
وبعد أن نفت الإدارة العامة للمرور أول من أمس (الخميس)، ما تردد عن مخالفة الانعطاف يميناً عند الإشارة الضوئية، عادت أمس إلى التأكيد على عدم صحة المعلومات التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي عن أن جهاز المرور يسجل مخالفات على من يضع أجساماً أمامه داخل السيارة (فوق الطبلون)، مثل علب المناديل أو الأوراق وغيرها، زاعمين تعرضهم لمخالفة عبر رسالة واردة نصها «وضع حواجز داخل المركبة تعيق رؤية السائق»، وقيمة المخالفة تصل إلى ١٥٠٠ ريال.
وقال المتحدث باسم الإدارة العقيد طارق الربيعان إن «المعلومات غير صحيحة جملة وتفصيلاً»، موضحاً أن المخالفة المذكورة مقصود بها مخالفة «التظليل»، كما ورد نصها بالنظام المروري «وضع حواجز داخل المركبة تعيق رؤية السائق»، بحسب جدول المخالفات (رقم ٢)، وتبلغ قيمة المخالفة ١٥٠ ريال حداً أدنى، و٣٠٠ ريال للحد الأعلى، ولا علاقة لها بوضع أي جسم آخر كما هو متداول.
ويكتظ الحساب الرسمي لإدارة المرور في «تويتر» ببيانات النفي لإشاعات يتداولها المغردون في كل مرة عن مخالفات يزعمون أنها جديدة ويستخدمون في سبيل إثباتها صوراً مفبركة وتلقى رواجاً واسعاً بين مستخدمي وسائل التواصل، ليبدأ المتحدث الإعلامي لإدارة المرور في التوضيح داخل العالم الافتراضي.
وتأتي القصة في ظل ترقب المجتمع لتنفيذ التعديلات التي جرت على لائحة المرور الجديدة، والتي تضمنت عقوبات وصفت بالصارمة والقاسية وغرامات مالية متضاعفة تترتب على المخالفات المرورية، وينتظر تنفيذها وبدء سريانها خلال الأيام القليلة المقبلة، إذ أعلنت الإدارة العامة للمرور نظام المرور الجديد الذي صدرت موافقة مجلس الوزراء على صيغته النهائية، ويشمل النظام 85 مادة، وتضمن قرار مجلس الوزراء «استمرار الجهات التي تتولى (حالياً) الفصل في المنازعات والقضايا والمخالفات المرورية في مباشرة مهماتها، وفقاً للأحكام الواردة في النظام ولائحته التنفيذية، إلى حين مباشرة الدوائر المختصة بذلك في المحاكم العامة، وفقاً لنظام القضاء وآلية العمل التنفيذية له».
وتعتبر قضايا المرور واحدة من أكثر المواضيع جدلاً وتتسبب في حال من عدم الرضا باستمرار، إذ توزع المغردون بين عاتب وناقد على ضعف أداء فرق المرور والتساهل في التطبيق الجاد لأنظمته وإلزام المخالفين لضمان سلامة الجميع، وبين آخر ناقم على تطبيقها والحدة في بعض القرارات بما يثقل كاهل المواطن ويعيق حركته، وبين تجاذب الطرفين تستمر الحوادث المرورية في تسجيل أرقام عالية خلال السنوات الماضية. وتقدر الخسائر الاقتصادية من الحوادث المرورية بنحو 21 بليون ريال سنوياً، ووصفت منظمة الصحة العالمية الحوادث المرورية بـ«وباء المجتمعات المتمدنة»، إذ تقع أكثر من خُمس الحالات التي أسعفها الهلال الأحمر تحت بند حوادث المرور، وبالمقارنة فإن ست إصابات تسجل لكل ثماني حوادث في المملكة، بينما النسبة العالمية إصابة واحدة لكل ثماني حوادث، وسجلت معدلات فاقد الناتج الوطني بسبب حوادث المرور في السعودية 4.7 في المئة، بينما لم يتجاوز نسبة 1.7 في المئة في كل من استراليا وإنكلترا وأميركا.
وفي ظل ذلك، تزداد الحاجة إلى التفعيل الواعي والجاد لأنظمة المرور ورفع كفاءة عمل الجهاز وليس خلق مخالفات جديدة قبل تفعيل أنظمة المرور القائمة من دون حراك والتركيز لتحقيق الحماية المسبقة على مضاعفة العقوبات المالية المرهقة كما تشير التعليقات باستمرار في شبكات التواصل.
وبالعودة إلى جدوى تطبيق الخطوة الأكثر جدلاً وهو نظام الضبط المروري (ساهر)، إذ أسهم في خفض نسبة وفيات الحوادث 26 في المئة خلال العام 1435هـ عن العام الذي يسبقه، وسجّل المرور 9 آلاف حالة إصابة بسبب الحوادث المرورية في المواقع التي طبّق فيها برنامج ساهر خلال 1434هـ، بينما سُجلت 6853 حالة إصابة في المواقع نفسها خلال 1435هـ، ما يزرع الأمل بمستقبل اللوائح الجديدة في وقف نزيف الحوادث وتحسين المستوى المروري في المملكة.
ولفت العقيد الربيعان إلى أن «المجتمع يملك من الوعي والثقافة، ما يجعله يتجاهل مثل تلك الإشاعات والرسائل التي تهدف إلى تأجيج الرأي العام على جهاز المرور، والذي يفترض التعاون معه، لتحقيق أعلى مستويات السلامة العامة على الطرق».
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق