{ جدة - عمر بدوي
< بدأت برامج التجارب الاجتماعية ضعيفة ومتقطعة، عبر اجتهادات أفراد لا يملكون القدرة المالية ولا الخبرة لإنضاج مشاريعهم، حتى تبنى عمر حسين أحد أشهر وأوائل صنّاع محتوى «يوتيوب» في السعودية توظيف الفكرة في برنامجه الجديد «الحق ينقال» فاتحة لمشواره الجديد مع شركة إنتاج تختلف عن تلك التي رعت بداياته في «على الطاير».
«الحق ينقال» برنامج يناقش قضايا اجتماعية عبر أسلوب التجارب الاجتماعية، يطرح في كل حلقة قضية اجتماعية مهمة، ويسأل «ماذا ستفعل لو كنت في هذا الموقف»؟ وقدم مجموعة حلقات منها ذوي الإعاقة، وداعش في الرياض، والدين المعاملة، واختطاف الأطفال، مع دمج تحليل لمختصين وخبراء في العلوم الاجتماعية والنفسية وآرائهم وإرشاداتهم؛ من أجل منح الحلقة زخماً كبيراً، فهي لا تكتفي بعرض المشكلة بل تقدم إرشادات وتوصيات وحلولاً.
يقول عمر حسين إنه يهدف من البرنامج إلى تحويل المجتمع إلى أبطال داخل العمل، أو ما سماه «نقل المايكروفون إلى الناس» والتوقف عن كونهم مجرد متلقين لطرح المذيع، وهذا جزء من صميم ثقافة الإعلام الجديد، التي تزحزح التقاليد وتفسح المجال بشكل أوسع للمجتمع وعامة الناس للمشاركة في التعبير والتأثير.
وبيّن أن الفكرة الأساس مستوحاة من سابقة غربية، مع إضفاء طابع اجتماعي خاص بالسعودية، وتوسعت لتقدم صورة جميلة وطبيعية عن المجتمع، ولا سيما بعض المواقف التي عززت بعض المعاني والأفكار الإيجابية في سلوك الناس بطريقة عفوية أثارت انتباه وإعجاب المشاهدين.
وأضاف: انتقلت التجربة إلى القنوات التلفزيونية خلال شهر رمضان الماضي، وأشهرها برنامج «الصدمة» على «إم بي سي» الذي لاقى مشاهدة عالية وردود فعل واسعة.
يذكر أن برامج تناسلت في «يوتيوب» من التجارب الرائدة بشكل غير محسوب، وأثار مقطع فيديو لسائق في جدة ادعى أنه «جهادي» ويضع حول خصره حزام ناسف، موهماً الركاب بأنه على مقربة من موقع التفجير، لينال الفردوس الأعلى من الجنة، حال من الاستياء والغضب الشديدين على شبكات التواصل الاجتماعي.
وقبل ذلك، خلال فورة البرامج اليوتيوبية عام 2011، مكّن «يوتيوب» من ظهور هذا الفن إلى السطح عبر برامج كثيرة، لاقت رواجاً واسعاً بين مختلف الفئات العمرية، نظير جدّتها وحملها ثقافة وأسلوباً جديدين فتحا الباب للمجتمع المتعطش إلى التعبير عن آرائه الكامنة، بلغة جديدة توائم الجيل المعاصر، من برنامج «التاسعة إلا ربع» لمحمد بازيد، وبرنامج عمر حسين الشهير «على الطاير»، وغيرها الكثير مثل «إيش اللي»، «لا يكثر»، تدفقت التجارب، حتى كاد كل رأي أو موقف يتخذ له برنامجاً على «يوتيوب»، ليشهر عن نفسه وأفكاره.
وخمدت تلك الفورة، بحسب متابعين، بعض الشيء بمرور الوقت، وبقيت تنشط بين حين وآخر، تبعاً لما يستجد من الأساليب والأفكار ونوافذ الطرح، ومنها فكرة «التجارب الاجتماعية»، التي بدأت في الظهور تدريجياً بوصفها من أساليب الطرح والتقديم، في محاولة لمعرفة ردود أفعال العامة حول قضايا تشغل الشارع، وطريقتها أن يقوم فريق البرنامج باختلاق مواقف حساسة ومريبة تتطلب تدخل الحاضرين، لمعرفة هل كان سيتبنى الناس ردة فعل إيجابية أم أنهم سيسمحون للسلوك السيئ بالاستمرار من دون تدخل.
وأخذت هذه الطريقة الطابع التقليدي لبرامج «الكاميرا الخفيّة» التي عرفت عبر التلفزيون منذ عقود، ولكنها أكثر جرأة وتحرراً، ومكنت الأشخاص العاديين من أداء المهمة دون تكاليف، وأصبح امتلاك إدارة كاميرا وابتكار موضوع ومصادفة الناس في الشوارع، أمراً كافياً لإنتاج البرنامج.
وتواجه بعض برامج التجارب الاجتماعية بجملة اعتراضات على أخلاقية القيام بمثل هذا العمل وتصويره، والسؤال عن منح هؤلاء الأشخاص الحق للقيام بهذه التجربة وإخضاع الناس لمواقف مختلفة، ثم يصورونهم بطريقة سيئة، وقد تكون فكرة البرامج لاختبار سلوكيات الناس مقبولة، إلا أن منتجي العمل قد يقومون بمخالفة مهمة وخطيرة وهي تصوير الناس من دون علمهم.
وفي الذكرى السابعة على إنشاء شبكة «يوتيوب» والتي مكنت سكان العالم من نشر كافة مقاطع الفيديو الخاصة بهم على الإنترنت، تربعت السعودية على عرش أكثر دول العالم التي يشاهد الموجودون فيها شبكة «يوتيوب» بواسطة الهواتف الذكية، فبحسب الإحصائيات وصلت نسبة المشاهدين ليوتيوب في السعودية إلى أكثر من 90 مليون مشاهدة خلال اليوم الواحد.
على منصة يوتيوب قدمت كثير من الفعاليات سواء عبر الاجتهادات الفردية أم العمل المؤسسي لشركات الإنتاج الناشئة، والغلبة كانت للكوميديا والبرامج الاجتماعية الساخرة والناقدة بتهكم، ولكن تحالفاً موضوعياً بين فعاليات «الاستاند آب كوميدي» التي كانت سجلت وصولاً متأخراً إلى الثقافة السعودية، بين عامي 2006 و2007، وكانت تقدم بشكل خجول ومختبئ قبل أن تحصل على اعتراف المجتمع وجماهيريته، بعد أن كانت توجه دعوات محدودة وخاصة لحضور مناسباتها، مع استخدام اللغة الإنجليزية، كون المشاهدين من جنسيات غير عربية، أو مطلعين على الثقافة الأميركية بشكل كبير، ومقدمي العروض عادة ممن درس أو عاش أو تأثر بالغرب وحاول نقل التجربة إلى الواقع المحلي.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق