جدة - عمر البدوي
المسافة بين ما تبذله السعودية للعمل الإنساني ووجوه الإغاثة، وبين ما تصرفه الجمهورية الإيرانية على فتح بؤر الإرهاب وسفك دماء المستضعفين هائلة وكبيرة.
تربعت السعودية في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث المعونات للاجئين، بحسب ما أورده ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية محمد بن نايف، خلال كلمته في القمة العالمية حول اللاجئين في نيويورك أمس قائلاً: «واصلنا العمل مع المنظمات الدولية لما فيه خير اللاجئين»، مؤكداً أن المملكة استقبلت مليونين ونصف المليون سوري منذ الأزمة. وعملت الأزمة السورية العنجهية الإيرانية على خلق ظروفها الصعبة وتفجير أوضاعها عبر ضخّ الأموال والمليشيات لإلهاب المنطقة وتدمير مستقبل الدولة وتبديد أمن وسلامة المواطنين بين قتل وتشريد وانتهاك، والأمر نفسه يحدث في عدد من الساحات العربية التي اعتملت فيها يد إيران عبر وكلائها الآيديولوجيين وأتباع الهوى الطائفي، فيما تسعى السعودية منفردة أحياناً لمواجهة هذا التمدد الغاشم وإطفاء الحرائق والعناية بظروف المكلومين واللاجئين وضحايا الحروب.
تخصم إيران من حق شعبها في الأمان الاقتصادي ورفاهية العيش في سبيل بسط سيطرتها على مناطق الوجود الشيعي، وتكيل التهم بالتشدد والإرهاب على السعودية التي بذلت وما زالت في وجوه الخدمة الإنسانية وغوث المحتاجين من دون تفرقة دينية أو عنصرية ومذهبية تنتهجها السياسة الإيرانية وتسيطر على خط سيرها.
دفعت إيران لنظام الأسد نقداً وأسلحة وخبراء، بما يصل إلى نحو 15 بليون دولار لتغطية كلفة الحرب في سورية، تبدأ بشراء الأسلحة والصواريخ وشحنات السلاح، ودفع رواتب الفصائل العسكرية الموالية للأسد، وتمويل نفقات مدنية وعسكرية للنظام السوري، ونفقات أخرى تتعلق برواتب الإيرانيين من مقاتلين وخبراء وقوات يتم إرسالها لسورية لمساندة الأسد، وقد تصل إلى 30 بليون دولار من حق الشعب الإيراني في العيش الكريم.
أنفقت في اليمن في سبيل أحلامها ثمانية بلايين دولار حتى الآن، عبر دفعات شهرية يتم تأمينها بوسائل مختلفة، لتدشين حرب إشغال للسعودية تتبناها الميليشيات الحوثية التي أغرقت في السلب والنهب وتضجير معيشة اليمنيين، فضلاً عن تسخير أموال البلاد في دعم آلة الحرب غير المنطقية، مما كلف اليمنيين مزيداً من الفاقة والعوز والجوع.
من جهتها، بادرت المملكة بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في الرياض، وأعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عند وضعه حجر الأساس بحضور الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وعدد من ممثلي المنظمات الإغاثية الدولية، عن تخصيص مبلغ بليون ريال للأعمال الإغاثية والإنسانية، إضافة إلى ما وجه به من تخصيص ما يتجاوز بليون ريال استجابة للحاجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني الشقيق.
وأكمل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في 24 رجب 1437هـ عامه الأول، بعد أن قدّم حزمة من المساعدات لعدد من الدول الإسلامية والعربية، وفي مقدمها اليمن الشقيق، الذي بلغت كلفة المساعدات المقدمة له (بليوناً و600 مليون ريال) للتخفيف من معاناة الأشقاء اليمنيين في ظل الأوضاع المأسوية التي يعيشونها، بجانب علاج 4 آلاف مصاب، منهم في مستشفيات السعودية والأردن والسودان، وتكفّل المركز بنقلهم إلى هذه المستشفيات حتى عودتهم إلى بلادهم سالمين.
في العراق درة تاج الوجود الإيراني في المنطقة العربية، تورطت طهران منذ الغزو الأميركي للعراق في عملية استنزاف متذبذبة العواقب، وعمل العراق مثل البطن الجائع الذي يلتهم أموال الإيرانيين بلا شبع بما يقدر بليوني دولار سنوياً، قبل أن ينقلب الحال وتستلب طهران أموال العراقيين لتمويل جهودها التخريبية وتلتقط لقمة الفرد العراقي المعوز لتحقق حلمها القديم بالتمدد.
فيما واصلت السعودية في منهجها الإنساني الرفيع تجاه العراق بتقديم المعونات له كبلد عربي ومسلم استأثرت به إيران وفعلت به الأفاعيل، لتتوج جهودها بصدور توجيهات من قيادة السعودية بكفالة أكثر من ألف طفل يتيم عراقي لاجئ في إقليم كردستان، بحسب ما كشفه السبهان. والمساعدات تأتي امتداداً للمساعدات الإنسانية التي تقدمها المملكة لإغاثة الشعوب العربية، واستكمالاً للدور الإنساني الذي تضطلع به حكومةً وشعباً استشعاراً للواجب الديني والأخلاقي والإنساني الذي تلتزم به في مساعدة الدول والشعوب الإسلامية والعربية المتضررة على مر السنين والتاريخ. وقبل ذلك صدر أمر ملكي بتقديم مساعدات عاجلة للمواطنين العراقيين المتضررين في محافظة الأنبار، من الذين خرجوا من مناطقهم بسبب سيطرة داعش عليها، وكانت أعدادهم تقدر بـ1.7 مليون متضرر في إقليم كردستان، والكثير منهم على مشارف بغداد.
الحال نفسه في لبنان، إذ تدعم إيران حليفها المفضل والابن غير الشرعي لمشروعها حزب الله بـ300 مليون دولار، منذ تأسس حزب الله في لبنان، وارتفعت تدريجياً، ثم خصصت 4 بلايين دولار للاستثمار في أفريقيا ولبنان ودول غربية، على أن تعود العائدات المالية للحزب للاستفادة منها، وهي بلايين تربح سنوياً، ويستفاد من أرباحها في تقوية حزب الله، وزيادة ما يمكن تسميته بأوقاف الحزب المالية لغايات عسكرية.
وحافظت السعودية على دعمها في الأبواب الإنسانية بوضع لبنان دائماً على رأس القائمة، إذ امتدت اليد السعودية للبنان في كل محنة وشدة عبر دعم الدولة اللبنانية للنهوض بالبلاد وإعادة أعماره على رغم الحروب المتوالية عليه.
وبلغت المساعدات والهبات المقدمة من السعودية للبنان بين عامي 1990 و2015 نحو 70 بليون دولار، بخلاف 4 بلايين دولار رصدت لتسليح الجيش والأمن اللبناني.
وبحسب بيانات أصدرها البنك الدولي عام 2011، بلغ متوسط إنفاق طهران العسكري خلال العقد الأول من الألفية الثانية 16 في المئة، وهي نسبة مرتفعة نسبياً مقارنة بمتوسط بلغ 13 في المئة لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الفترة نفسها، وبحسب تقديرات إحصائية، تُظهر المؤشرات الاقتصادية الإيرانية زيادة معتبرة في الإنفاق العسكري منذ نهاية الحرب مع العراق.
بينما بلغ إنفاق طهران العسكري 16 في المئة من موازنتها عام 1993، ارتفع بصورة معتبرة عام 2006 إلى 52 في المئة، وفي المقابل شهد الإنفاق على التعليم في تلك الفترة تراجعاً من 27 إلى 15 في المئة، كما شهد الإنفاق على الصحة وقطاعات أخرى تراجعاً أيضاً، وكل هذا على مستوى الأرقام العلنية، فيما تبقى النفقات السرية بعيدة عن الأعين.
في المقابل تبوأت المملكة العام الماضي المرتبة السادسة ضمن قائمة أكبر 10 دول مانحة للمساعدات الإنمائية في العالم، طبقاً لإحصاءات منظمة الأمم المتحدة، وتجاوز إجمالي ما أنفقته على برامج المساعدات الإنسانية خلال العقود الأربعة الماضية نحو 139 بليون دولار، استفادت منها أكثر من 90 دولة.
وعززت جهود المملكة الإنسانية في العالم، التي أضيفت إليها جهود مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، حصولها على الموافقة الدولية للانضمام بصفة مشارك إلى لجنة المساعدات الإنمائية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (باريس - OECD) التي تعد أكبر تجمع للدول المانحة في العالم.
وأبرم المركز العديد من الاتفاقات والبرامج التنفيذية التي تخدم أعماله الإغاثية والإنسانية، وصمم العديد من المشاريع الإغاثية الإنسانية والصحية لمساعدة المتضررين في العالم، مثلما جرى خلال العام 2015، إذ تمت إغاثة 22500 شخص في طاجيكستان من أضرار الفيضانات والزلازل، وتوزيع سلال غذائية على نحو 60 ألف شخصاً تعرضوا لكارثة جفاف في موريتانيا.
وفي 17 رجب الماضي، أطلق المركز مشروع توزيع 7 آلاف طن من مساعدات المملكة من التمور، منها 4 آلاف طن مخصصة لإسهام المملكة خلال عام 2015 لبرنامج الأغذية العالمي، الذي سبق أن تبرعت له عام 2008 بمبلغ 500 مليون دولار، وعُد أكبر تبرع يحصل عليه البرنامج في تاريخه.
كما نفذ العديد من المشاريع والبرامج في قيرغيزستان وألبانيا والصومال وموريتانيا وزامبيا والعراق وطاجيكستان واليمن، بلغت أكثر من 28 برنامجاً استفاد منها 17 مليون مستفيد، ووزع فريق المركز على متضرري الفيضانات في طاجيكستان ومناطق الجفاف في موريتانيا والمتضررين من الزلزال في محافظة أوش بقيرغيرستان وألبانيا والنازحين في محافظتي الأنبار وبغداد سلال غذائية وإيوائية، كما قدم مساعدات أجهزة حاسب آلي وملحقاتها لزامبيا.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق