جدة - عمر البدوي
< بدت وزارة التعليم مستاءة ومحبطة مطلع هذا العام من واقع مشاريع «أودية التقنية»، إذ أكدت خلال ورشة حول «واقع أودية التقنية في الجامعات السعودية وطموحها» أن أودية وشركات التقنية في الجامعات لم تحقق الحد الأدنى من أهدافها في ردم الفجوة بينها والقطاع الخاص والصناعة، وخدمة مسيرة التنمية والبحث العلمي، مشيرة إلى أن معظم مشاريعها لم يدخل حيز التنفيذ بعد، على رغم مرور سنوات عدة على إعلان التأسيس، وذلك لبطء إجراءات التأسيس والإنشاء.
واستغربت الوزارة من تركيز بعض الأنشطة التي تمارسها «الأودية» على تقديم تسهيلات لبعض الشركات الكبرى ذات التميز والسمعة في السوق، بغض النظر عما ستقدمه في مقابل توفير مساحة الأرض والبنية التحتية لها، في حين كشفت الممارسات العالمية أن استقطاب الشركات داخل الأودية يخدم القطاع الأكاديمي والأبحاث التطبيقية التي تتميز بها الجامعة الراعية للوادي، كما أن منتجات هذه الشركات تمثل دعماً قوياً لما تتميز به المنطقة من ثروات وموارد. وأوضحت أن المشاركات البحثية والاستشارية لأعضاء هيئة التدريس بالأودية الأربعة، (الرياض للتقنية، الظهران، جدة، مكة)، وتوظيف ما يتوافر لدى الجامعات من مختبرات ومعامل في أنشطتها، لم يأتِ بالشكل المأمول.
وكشفت عن وجود بطء في سير العمل الإنشائي لبعض الأودية، وعدم تجاوز مرحلة التأسيس والإنشاء، فضلًا على أن بعضها ليس له مقر يناسب حجم عمله وأهميته، ويفتقد لخبرات متخصصة تسانده في دفع عجلة العمل، داعية إلى ضرورة توفير كامل مرافق البنية التحتية الأساسية، بما فيها شبكات الاتصالات والمعلومات، لتكون هذه الأودية واحات علمية حديثة من الجيل الرابع وبيئة جاذبة لأفضل شركات ومراكز البحث والتطوير للإسهام في توطين ونقل التقنية.
وأشارت إلى عدم بروز المكاسب الأكاديمية والبحثية التي قدمتها أو ستقدمها الشركات التجارية المشاركة في الأودية على الصعيد البحثي والابتكاري للجامعات بالدرجة الأولى، منتقدة عدم وضوح جهود الأودية الجامعية في خدمة المجتمع والتوعية باقتصاد ومجتمع المعرفة، والتوجهات الحديثة نحو الإبداع والابتكار وريادة الأعمال وحقوق الملكية الفكرية لبراءات الاختراع التقنية وتسجيلها وترخيصها باعتبارها منتجات تجارية اقتصادية، ودعت إلى استثمار وجود الشركات في أودية التقنية ومراكز البحث والتطوير في الجامعات الكبرى لتقديم صور متنوعة من التدريب والتأهيل على الجوانب التطبيقية ذات الصلة في المجال العلمي التطبيقي لدى الشركات على غرار التدريب الصيفي والتعاوني.
ودعت التوصيات إلى أهمية أن تكون الشركات ذراعاً استثمارياً لأودية التقنية من خلال الاستثمار في التقنيات المتقدمة المتوافقة مع قوة الجامعة البحثية، وحاجة المجتمع والصناعة إليها وتحويلها إلى منتجات تجارية تخدم الاقتصاد المعرفي الوطني.
وتطالب «رؤية المملكة 2030» بسبل تخفيف الاعتماد على النفط، وطرق أبواب أخرى تحقق استدامة رخاء وتنمية السعودية، لا سيما اقتصاد المعرفة الذي أصبح مستقبل الأمم الناهضة، وفي مجتمع مثل السعودية يقبل بنهم على شبكة الإنترنت، فإنه الاستثمار في اقتصاديات المعرفة والتقنية، وإدماج التقنية في حياة وعمل المواطنين يعد مطلباً ضرورياً وتسليحاً ناجعاً لمستقبل بلا نفط، وذلك ما تعزز خلال زيارات ولي ولي العهد السعودي وعراب رؤية المملكة الأمير محمد بن سلمان إلى أميركا التي تعد قبلة العالم التقني، إذ أبرم عقوداً ضخمة مع الشركات العالمية، وقضى الكثير من الوقت في وادي السيلكون الأميركي، الذي يعد أكبر وأهم بؤر العالم التقنية.
وتوجت جهود الوزارة بصدور الموافقة لإنشاء أربعة أودية تقنية في الجامعات السعودية، وتلاها صدور الموافقة السامية على تكوين شركات أودية تقنية في المناطق الرئيسة في المملكة، لتكون آلية تنفيذية واقعية وأذرعاً استثمارية، لتحقيق خطط المملكة وتوجهاتها نحو الاقتصاد المعرفي، وهذه الخطوة تشكل إنجازاً مهماً ومؤثراً بأبعاده الاستراتيجية الشاملة، الرامية إلى إيجاد التنمية المستدامة والمتوازنة بين مناطق المملكة المختلفة، فبعد أن تحقق نشر مرافق التعليم العالي من الجامعات والكليات في كثير من مناطق المملكة كانت خطوة نشر واحات العلوم ومراكز البحث والتطوير أيضاً بشكل متوازن بين مناطق المملكة ككل، ما يعكس الدور الواعي والاستراتيجي الذي ترسمه قيادة المملكة لقطف ثمار التنمية المعتمدة على الاقتصاد المعرفي المساند لقطاع النفط.
والآن بعد انقضاء عدد من السنوات على انطلاق مشروع الأودية، واستحداث شركات تجارية تتبع نظام الخصخصة وتمول الابتكارات وتمنح روح التطبيق والحياة في واقع الناس، يكبر السؤال عن مستوى ما وصلت إليه تلك الأودية من التمكين، والاستعداد للانطلاق بواقع السعوديين إلى مستوى الطموح والأمل.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق