جدة - عمر البدوي
< اعتبر محللان سياسيان في حديثهما لـ«الحياة» تشريع «جاستا» بأنه تهور قد يضر بأميركا أولاً، لأنه قانون عام لمحاكمة كل الدول التي يشتبه بتورطها في ارتكاب أعمال إرهابية أو رعايتها، فيما توقع آخرون إدخال تعديلات على القانون ربما تخفف من حدته وانتهاكه لمبدأ سيادة الدول المعمول به في العلاقات الدولية منذ سنوات. ويسمح قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» المعروف باسم «جاستا» لعائلات ضحايا الهجمات الإرهابية بمقاضاة دول أجنبية، وهو القانون الذي استخدم أوباما حق النقض (الفيتو الرئاسي) لوقف تمريره، ويمنح القانون عائلات ضحايا هجمات 11 أيلول (سبتمبر) الحق في ملاحقة السعودية قضائياً. ووصف الكاتب الصحافي أحمد الفراج القانون بأنه عام ويشمل جميع الدول بما فيها أميركا، وقال: «الرئيس أوباما عندما اعترض على القانون برر بأنه سيتسبب في مقاضاة عسكريين ودبلوماسيين أميركيين ارتكبوا أعمالاً قد تسمى إرهابية في أفريقيا الجنوبية، وكرر ذلك أول أمس، فالقانون عام وليس خاصاً بالسعودية كما يقول غالبية المحللين».
وأضاف: «كما صرح أوباما بما يشبه زلة اللسان ولم ينتبه له أحد، إذ قال إن القانون مضر لأميركا نفسها، وأبدى اقتناعه، وكذلك الحال مع رئيس هيئة القوات المسلحة والاستخبارات الأميركية، وقال إن كثيراً من أعضاء الكونغرس صوتوا لمصلحة القانون من دون الاطلاع عليه، وهذا تصريح خطير».
وأشار إلى أن أعضاء الكونغرس لم يكن أمامهم بد من التصويت لأن إعادة الانتخاب بعد أربعة أسابيع، وعضو الكونغرس الذي لا يصوت لدعم القانون سيفقد فرصة إعادة انتخابه لأن موضوع القانون شعب، وأنا شخصياً متأكد لو طرح مشروع القانون في توقيت آخر، بعد الانتخابات مثلاً، ربما لم يمر القانون، خصوصاً بعد فيتو الرئيس، ولكن توقيت طرح القانون كان سيئاً بالتزامن مع فترة إعادة الانتخاب، وهذا كان مقصوداً بطبيعة الحال، وبناء على ذلك مرّ القانون مع تذكر تصريح جزء من المصوتين لمصلحة القانون أنه مضر بمصالح الولايات المتحدة.
وعن مصير القانون بعد فوز أحد المرشحين للرئاسة بعد أيام قال الفراج: «لا ينبغي التركيز على بعض التحليلات المتسرعة، فالقانون ستجري عليه بعض التعديلات، وقد تتدخل المحكمة العليا أو مجلس الأمن القومي لاحتمالية الإضرار بأميركا، وبالتالي تبعاته ستستغرق سنوات طويلة، لأن القضايا في أميركا تأخذ وقت طويل جداً، وأنا واثق بأن المملكة ستستعين بأفضل المحامين لمجابهة القضايا، ولا نستبعد أن نكسبها لأنه لا يوجد حتى الآن ما يثبت علاقة المملكة من قريب أو بعيد بالأحداث». ووصف الفراج رد الفعل الرسمي بالهادئ، وعتب على حال من القصور الحكومي تجاه المسألة، لاسيما وأن القانون كان يتداول منذ أربعة أشهر، وهو وقت كاف جداً، وقبل أسبوعين صوت مجلس النواب ومرّ الموضوع سريعاً، وتمنى لو عملت الحكومة على تشغيل الكفاءات وتشكيل لوبي يعمل على هذا الأمر، وأن العمل بطريقة صحيحة ربما يمكن المملكة من تأجيل التصويت على القانون إلى ما بعد الانتخابات، وهو توقيت أفضل مما عليه الحال الآن.
وأضاف: «أعتقد أنه حان الوقت لتعيين طاقات على أساس الكفاءة فقط في سفارتنا بأميركا في ظل القضايا الشائكة هناك مع بلد مهم مثل الولايات المتحدة، أما بعض الطروحات المتشنجة التي تدعو لمقاطعة أميركا فهي طرفة كبيرة، لأن أميركا حليف مهم منذ 70 عاماً ولا يمكن الاستغناء عنها، والتركيز على أمور تخدم إعادة العلاقات لسابق عهدها أما المطالبات الصبيانية بمجابهة أميركا فلا قيمة لها».
بدوره، قال رئيس لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية - الأميركية (سابراك) سلمان الأنصاري، إن المملكة لديها علاقات كبيرة مع مؤسسات أميركية عدة، تقوم بعملية الضغط على أعضاء الكونغرس بشقيه الشيوخ والنواب. وأضاف: «المؤسسات الأهلية وخصوصاً التي في واشنطن مهمة جداً في التأثير على السياسات الأميركية بسبب أن القانون تم تمريره، فأعتقد بأنه من المهم جداً أن يكون هنالك جهود مع المنظمات الدولية المعارضة لنص القانون، فلدى السعودية خيار تصعيد هذا الملف بالتضامن مع مجلس التعاون الخليجي والدول الإسلامية والاتحاد الأوروبي، لوضع ضغوط حقيقية على الولايات المتحدة والأمم المتحدة، لأن هذا القانون له آثار سلبية لتعارضه مع مواثيق الأمم المتحدة والقوانين الدولية». وعن دور منظمته، قال الأنصاري: «سابراك هي منظمة أهلية وغير تابعة لأية جهة حكومية، ولا تريد سابراك أن تقوم بأي عمل مع أعضاء الكونغرس قد يتعارض مع ما تقوم به الجهات الرسمية».
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق