{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } العنكبوت 58 – 59 .
كل المجتمعات يقيم صلبها مجموعة البشر المكافحين ، ممن يعيشون لغيرهم وينذرون أنفسهم لخدمة مجتمعهم .
أما الثلة الأخرى من الأموات ، وقبل أن تسجل أسماؤهم في وفيات المستشفيات وسجلاتها ، أو يضم أجسادهم قبر وتراب ، فإنهم نفر يعيشون بالقرب من مرمى تلفيات المدن الفاضلة ، يجتمع فيها المعطوب من الآلات ، والمستعمل من الأجهزة والبالي من الأدوات ، إلى جانب هذه الأكوام البشرية المتراكمة ، ذلك لأنهم لا حاجة للمجتمع بهم ولا الدنيا برمتها .
أما …
الذين آمنوا وعملوا الصالحات : فهؤلاء من تتعطش لهم الأرض التي أجدبت ، وتلح بطلبهم النفوس التي أضناها الشوق ، وتطير بهم الأرض بالأفراح ، ذلك لأنهم عدة الحياة وزينة الدنيا وأقطاب المستقبل الواعد الذي يضيء بهم ، وعماد التطور ، والتغيير نحو التحديث ، وقوام المجتمعات المتقدمة .
الذين آمنوا وعملوا الصالحات : فهؤلاء من تتعطش لهم الأرض التي أجدبت ، وتلح بطلبهم النفوس التي أضناها الشوق ، وتطير بهم الأرض بالأفراح ، ذلك لأنهم عدة الحياة وزينة الدنيا وأقطاب المستقبل الواعد الذي يضيء بهم ، وعماد التطور ، والتغيير نحو التحديث ، وقوام المجتمعات المتقدمة .
وقد أعد الله لهم غرفاً خاصة في جنة عرضها السماوات والأرض تجري من تحتها الأنهار ، ولا ينقطع بهم هذا الحال ويبقى سرمداً ، ذلك لأنهم حققوا إرادة الله وأعمروا الأرض وسخروا ما فيها وجعلوا كل شيء لله .
ثم امتدحهم وعظّم من الأجر الذي ينتظرهم والغنيمة التي يظفر بها أمثالهم ، وقد خلع عليهم أجمل صفة ، وأنزلهم أرفع مقام ؛ وهو العمل وإعمار الأرض وخدمة البشرية والهروب من العجز والكسل كما تعوذ منها النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – .
وأشد ما يؤسفني أن أرى أكوام البشر من أمتنا الإسلامية والعربية وهم في عداد الموتى ممن لا يغيّر شيئاً ولا يحدث أثراً ، ويعيش حياته ويطويها دون إنجاز يذكر ، أو عمل يستحق أن يلتفت له .
بينما نجد غيرنا من أبناء الأمم الأخرى في شغل شاغل وعمل دائب حتى إن رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير قد اتهمها أهلها بعدم أخذ كفايتها من الراحة ولذتها من العيش إبان عملها لتأسيس مشروع الكيان الصهيوني الغاصب .
وقد كان سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يدعو ويقول : ” اعوذ بالله من جلد الفاجر وعجز الثقة ” .
كم نحن بحاجة إلى طوابير من العمّال لكن ليس الكادحين منهم ممن يذهب جهده وتستنزف طاقته في غير هدف واضح ولا طريق راجح ، بل ذلك العمل المتكامل المستوفي على بصر بمستقبل الأمة والآخذ بهمومها على أساس من ثوابتها وقيمها الراسخة .
ولذلك كان العمل والعاملين مزية الرجال وخلعة الأشداء في الحق ، اللاهثين وراء الرفعة وعزة النفس ونصرة الأمة ، ممن يجعل الإباء والأنفة صنعته وخلقه حتى أحبهم خليفة المسلمين عمر بن الخطاب وأكبرهم في عينيه .
وما زال حبل الحب موصول وأثر العمل واضح مفضول !!
الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون : ثم ذكر الله – عز وجل – متطلبات العمل والشروط اللازمة لإتمام مشاريع الأمة العظيمة من الصبر الذي يستعين به العامل على مجابهة الصعوبات ويسليه عن ثقل المهام .
ثم التوكل على الله وهو علامة العامل المؤمن الذي يسعى في إطار رباني راقي رجاء المثوبة منه والسعي في إعلاء كلمته وخدمة دينه واستكمال الرسالة التي عمل عليها خير البشرية .
وهكذا نجد أن الإسلام دين عمل وسعي حثيث لا يعرف العجر ولا الكسل ولا التسويف ، ويدفع أبناءه للعمل والتحرك ونبذ التراخي والدعة واختيار التقدم ولو ترتب عليه العناء والمشقة فهي منحنيات الطريق ولا بد .
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق