التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تأملات في إضراب الطالبات




يعتبر الإضراب والتجمهر بغرض الاعتراض شكلاً من أشكال الاحتجاج ودفع المسؤول للتجاوب مع المطالب ، وهو مرفوض شرعاً وقانوناً في بلادنا ، ولكن تحميل مسؤولية ذلك التجاوز على الطالبات أنفسهن يعتبر من الظلم المضاعف والجناية المركبة ، لأن المسؤول عن تردي الأوضاع في فرع كلية القنفذة للبنات ، وعن إهمال المطالب لسنوات طويلة هو نفسه الذي دفع الطالبات لتبني هذه الطريقة من شكل الاحتجاج على الأوضاع .

بعد أن طفح الكيل وزاد بلل الطين وبلغ السيل الزبى وكاد أن يخر السقف على الرؤوس انفجر الغضب في صورة اعتراض حاد على هذا النحو ، دفع ذلك مدير جامعة أم القرى إلى زيارة مقر الكلية على مسافة ٤٠٠ كيلو وفي أقل من ٢٤ ساعة ، وأرجو أن تكون الزيارة للإصلاح والبناء وليست للترضية والاحتواء .

وُعد الطالبات بالتغيير ، ورغم التململ من الوعود ولكن إعطاء فرصة جديدة لا بأس به إذا كانت النبرة جادة ومدفوعة بالخوف من ردة فعل أكثر صخباً وتأثيراً من جهة الطالبات .

وأكاد أجزم أن جميع الطالبات لا يرتضين الإضراب والتجمهر أمام الناس ولكن المسؤول الذي أغلق أذنه طويلاً بعجين الإهمال ، والخوف على حياتهن من المبنى الذي يكاد يسقط وقد بدت الشقوق والتصدعات في كل جانب ، كل هذا دفعهن إلى هذه الخطوة ، لتكون لحظة فاصلة من تاريخ التجاهل الطويل .
اندفع البعض بإلقاء اللوم والثبور على البنات اللاتي اندفعن لهذا التصرف ، متناسين تماماً الأوضاع المجحفة والمؤسفة التي عايشتها الطالبات لفترات طويلة دون أن يتحرك ضمير أو يتجاوب مسؤول ، مما اضطرهن لهذا التصرف لتحريك المياه ولفت انتباه المعنيين ، وإن كان من محاسبة فالأولى أن يحاسب المسؤول لمرتين ، جزاء تقصيره في أداء واجبه ثم تجاهله للمطالب التي تكررت دون جدوى .

هناك الكثير لتقوله عن التقصير الذي يطال الخدمات في القنفذة على كافة الأصعدة التعليمية والصحية والتنموية ، ورغم أن القنفذة تنتعش في جوانب مختلفة ، ولكن التقصير الذي يصل إلى التهديد كما هو الحال في الأوضاع الصحية المتردية ، أو التعليمية المترهلة ، يضاعف من الإحساس بالضيم ، إلى جانب الإهمال والتجاهل الذي يمارسه المسؤول أمام مطالب الأهالي .
أرجو من أهالي القنفذة أن يستمروا في مشوار المطالبة بحقوقهم الكاملة وعلى كل كافة الأصعدة ، وأن يكثفوا الجهد لحث المسؤولين والمعنيين على مواصلة مشوار التنمية التي ألقيت على عاتقهم بواقع الثقة التي منحتهم إياها الدولة ، وأن تكون أشكال المطالة قانونية ومتعاضدة وتأتي في اتجاه واحد بدلاً من التشتت والتباعد التي تعيشه الآن .

حتى لا يتكرر مستوى التهديد بالخطر إلى مستوى ما حدث من تشققات مبنى الكلية وإهمال مطالب الطالبات ، وحتى لا يسرف المسؤول في التباطؤ عن القيام بواجبه وإهمال مطالب الأهالي ، أرجو أن تكون المتابعة دقيقة وحثيثة ، وأن يكون دور الأهالي والوجهاء مكملاً لدور المؤسسات الحكومية ، لأن المصلحة واحدة ، والمنطقة أولى بها أهلها.


الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...