التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أسطورة .. بأمر تاريخي




ماذا يمكن أن ينتابك من مشاعر وأنت تشاهد هذا الاحتفال الشعبي الواسع بدخول نجم الكرة السعودية ماجد عبد الله إلى عالم تويتر ، يظهر لك وكأن طائر تويتر بمسحته الزرقاء الخجولة غير مكتملة الدكانة ، انغمس في قرص الشمس الأصفر وما شاء أن ينفض عنه البلل الأصفر الذي أنعشه ليلة ٩ / ٩ / ٢٠١٤ .

الأسطورة عبارة عن حكاية ذات أحداث عجيبة خارقة للعادة أو عن وقائع تاريخية قامت الذاكرة الجماعية باختزانها في الزوايا الفخمة والرفوف الأنيقة ، الأسطورة هي مرحلة متقدمة من المكانة الشعبية والاجتماعية لشخص أو حدث ما ، بطل قومي في مجال معين يصبح رمزاً وطنياً يتجاوز الخلافات الثنائية ويتواطؤ عليه المختلفون .

طور الأسطورية ، محطة أخيرة تأتي بعد مراحل من التتالي التقديري ، في لحظة ما يكون مثاراً للإعجاب والتصفيق ، ثم ينتقل إلى مرحلة الظاهرة التي تنال تقديراً عالياً من الجماهير ، تحتشد حوله الألقاب التي تنحت على منوال إنجازاته ونقاط قوته وملامح نجاحه المستحق ، وينتهي إلى مرحلة الأسطورة وقد استند إلى تاريخ لا ينضب وثروة لا تنخفض قيمتها .

الأسطورة يختارها الجمهور ، ولا تفرضها الأهواء المشدودة إلى تعصبها ، ولا يمكن لأحد أن يطلق على نفسه هذا اللقب أو يذكر اسمه في صفوف الأساطير حتى لو رأى في نفسه استحقاقاً لذلك ، الجماهير وحدها تختار أساطيرها ، لأن النجاح شعور شخصي ، أما الفرح الذي صنعته الأساطير على امتداد تاريخها ومن إشعاع إنجازاتها فهو نجاح متعدي وشعور عام ، ولذا تختلف الأسطورة الحقيقية النابعة من قوة الفرح الشعبي عن الأسطورة المصطنعة على ركائز النجاح الشخصي المحدود .

الأسطورة تبقى متوهجة ، حتى لو فارقت ميادين الإنجازات عشرات السنين ، يبقى حضورها قوياً ومشعاً ، ومع كل مناسبة تتدلى الذكرى من ناصية التاريخ وتشرق شمس الأسطورة في كبد الواقع الساطع ، لأن الأساطير لا يموت ذكرها ولا ينطوي خبرها ، تبقى مضيئة مثل كوكب لا يتثاءب .

لا تولد أسطورتان في حقبة زمنية متقاربة ، الزمان شحيح بدفعة أساطير في زمن قصير ، وإذا حصل خلاف ما على تحديد عدد الأساطير في وقت معين بدافع الحسد أو التنافس المحموم ، فإن الكلمة الفصل تبقى للأساطير التي يخفت أمامها الخلاف والجدل ، والهزيمة لتلك الأساطير الكرتونية التي تحاصرها الشكوك والظنون بقطعية أسطرتها من عدمه .




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...