«واحد يقول مرة فتحت جوال أمي؛ لقيت قروب في الواتس اب اسمه (المتحابات بالله) قرأته كله (حش)! غيرت اسم القروب إلى (المتحاشات في خلق اللہ)» رسالة بلاك بيري.
لم يعد معيبا أن يجلس الضيف في صدر المجلس وأنت في طرفه وتتشاغل عن أحاديثه السمجة أو المليحة بجهازك الجوال، قد يحدث مثل هذا في حضرة والدك الذي يتلو عليك قوائم النصح والتوجيه وأنت غارق في أحاديثك الجانبية على البلاك، وتكتفي بالتمتمة (صح، أها، أمم) حتى لو قال إنه ولد يشبه البغل.
الغريب أن هذا أمر فاضل فوق كونه مقبولا، الموضة تقول هذا، والحضارة وكل مبررات الجدة والتقدم لا تتعارض مع هذه الفعلة.
صاحت العجوز في وجه حفيدها نايف عندما أخبرها بصديقاته على الجوال (امرأة مسكينة شغلها قديم)، هكذا رد نايف على جدته التي عادت بحسرة الشيخوخة تحملق فيه، إن كان صادقا فلا مناص من الصمت وإن كان مخدوعا (فالله يجيب العواقب سليمة).
كانت شبكات التواصل أحيانا فرصة لاستباحة الأعراض وفرقعة الأخلاق، وأحيانا التظاهر بصورة التدين والخلق الرفيع حتى وإن كان واقع الفرد شحيحا بمثل هذا.
لقد نبتت نمطية جديدة من الأخلاق التي تستوجبها بيئة الفضاءات الالكترونية، وفاء يتمثل في رد الإهداءات العابرة والمتبادلة، ومواساة لصديقك الافتراضي في حال ألمح إلى ذلك في تحديثاته وتعبيراته الميديائية، بينما يأتي التجاهل والطقطقة وحذف جهة الاتصال أخلاقا الكترونية للتعبير عن الضيق والحنق والإقصاء.
هل المجتمعات البشرية هي التي تمول الفضاءات الافتراضية بالسيولة الأخلاقية؟ لأن التقنية ليست سوى وسائط تنقل صورة من الواقع بحظ كبير من الصحة والمطابقة.
التكنولوجيا تعطي فرصا متساوية للفضيلة والرذيلة، ويتوقف ما بعد ذلك على عمل الإنسان نفسه.
المجتمع ووسائل التقنية يتبادلان التأثير فيما بينهما، إذ تطبع الفضاءات الافتراضية شيئا من آثارها في واقع المتصلين بها، تدفعهم إلى مساحة من الاحتكاك والتدافع المفتوح، تصادم بين الثقافات على المستويات المحلية والعالمية، مما يسهم في خلق حالة من التشكل والتجدد على صعيد القناعات والأفكار والسلوك.
الواقع كذلك يمد هذه الفضاءات بما يعج به من صالح وطالح، يغذيها بثقافته المتعافية والمتقرحة على حد سواء، هذه الفوضى ستترك تأثيرا بالغا في المستقبل.
أخلاقنا تتعرض لأزمة:ليس جديداً أمر أخلاقنا التي خسرت كثيرا من رصيدها وأصبح واقعنا يئن من أعقاب الإسفاف، والحنين إلى جيل الآباء وصل درجة الهوس، نداءات المخلصين تتعالى ولكنها تخلو من الجدية والعملية وأصبحت نعيقا يصم الآذان ويوزع القلق على مؤسسات المجتمع، والأزمة صدرت من أشياء:- المثالية المقيتة: وهي خطيئة وعظية، ضخ ديني وثقافي جعل الأخلاق مرتقى صعبا، فصل الإنسان عن حقيقته الضعيفة، جرم مقارفة الخطأ حتى فرض عزلة اجتماعية وإبعاداً دينياً كعقوبات حادة، تحولت الأخلاق إلى شهادة قبول اجتماعي ونفى المسؤولية الفردية وموقف النفس الشجاع أمام شهواتها.
- صدمة الازدواجية: محاضن التربية معزولة عن الواقع، والإنسان في خلوته لا يشبه ذلك المخالط، البيوت تعج بالعلاقات التقليدية والشارع يزدحم بالمتناقضات، أصبحت المجاملات علاقة البسطاء، والنفاق مع أهل السطوة والتزلف سلم العظماء، نرى لدى الكفار الصدق والوفاء والإتقان والتزام المواعيد ولدينا ويلات في ذلك.
- الاحتباس العاطفي: ولأننا مشبعون بالمثالية، محرومون من ظلال الواقعية، أصبحت الخطيئة ورقة انتحار ورفضا اجتماعيا، المبالغة في استهوال الأخطاء واستعظام مقارفتها صنع رهاباً نفسياً تجاه شهواتنا، انهزاماً داخلياً أمام حاجاتنا الفطرية والمشروعة أحيانا.
- الثقل التاريخي: كل شيء يتطور، سوى أخلاقنا التي لا تزال مشدودة إلى سلف هذه الأمة، وهم - حسب الرأي الوعظي - قوم عظماء ملائكيون لم يتركوا للاحق شيئا، صنعت نفوسهم من زجاج، أطهار ومعادن نفيسة، لا يقترفون ذنبا ولا يأتون منكرا، كيف لنا أن نقتفي أثرهم ونحن محاطون بالتعجيز والتثبيط وملايين الكلمات من الخيبات والثلمات، لا شك أنها أخلاق لم تنزل لنا وليس لنا منها سوى الفرجة والإعجاب.
«أثبتت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون بريطانيون أن مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة أهم أسباب تغير سلوك البشر ومصدر رئيس للشعور بالقلق والتوتر، مقارنة بالسنوات التي تسبق ظهور تلك الطفرة التكنولوجية الحديثة.
وقال الباحثون بجامعة سالفورد بالمملكة المتحدة: إن نصف معدل الأشخاص الذين يعتمدون على وسائل التكنولوجيا الحديثة في مواصلة حياتهم قد تغير سلوكهم بشكل ملحوظ، بينما أكد النصف الآخر من المشاركين بالدراسة أن حياتهم قد تغيرت إلى الأسوأ.
وأضافوا أن الأشخاص الذين عانوا من التأثير السلبي الناتج عن وسائل الإعلام الاجتماعية قد انخفضت ثقتهم بأنفسهم بعد مقارنة إنجازاتهم وطموحاتهم الخاصة بأصدقائهم على تلك المواقع الاجتماعية بشبكة الانترنت» مجلة المجلة.
لم يعد معيبا أن يجلس الضيف في صدر المجلس وأنت في طرفه وتتشاغل عن أحاديثه السمجة أو المليحة بجهازك الجوال، قد يحدث مثل هذا في حضرة والدك الذي يتلو عليك قوائم النصح والتوجيه وأنت غارق في أحاديثك الجانبية على البلاك، وتكتفي بالتمتمة (صح، أها، أمم) حتى لو قال إنه ولد يشبه البغل.
الغريب أن هذا أمر فاضل فوق كونه مقبولا، الموضة تقول هذا، والحضارة وكل مبررات الجدة والتقدم لا تتعارض مع هذه الفعلة.
صاحت العجوز في وجه حفيدها نايف عندما أخبرها بصديقاته على الجوال (امرأة مسكينة شغلها قديم)، هكذا رد نايف على جدته التي عادت بحسرة الشيخوخة تحملق فيه، إن كان صادقا فلا مناص من الصمت وإن كان مخدوعا (فالله يجيب العواقب سليمة).
كانت شبكات التواصل أحيانا فرصة لاستباحة الأعراض وفرقعة الأخلاق، وأحيانا التظاهر بصورة التدين والخلق الرفيع حتى وإن كان واقع الفرد شحيحا بمثل هذا.
لقد نبتت نمطية جديدة من الأخلاق التي تستوجبها بيئة الفضاءات الالكترونية، وفاء يتمثل في رد الإهداءات العابرة والمتبادلة، ومواساة لصديقك الافتراضي في حال ألمح إلى ذلك في تحديثاته وتعبيراته الميديائية، بينما يأتي التجاهل والطقطقة وحذف جهة الاتصال أخلاقا الكترونية للتعبير عن الضيق والحنق والإقصاء.
هل المجتمعات البشرية هي التي تمول الفضاءات الافتراضية بالسيولة الأخلاقية؟ لأن التقنية ليست سوى وسائط تنقل صورة من الواقع بحظ كبير من الصحة والمطابقة.
التكنولوجيا تعطي فرصا متساوية للفضيلة والرذيلة، ويتوقف ما بعد ذلك على عمل الإنسان نفسه.
المجتمع ووسائل التقنية يتبادلان التأثير فيما بينهما، إذ تطبع الفضاءات الافتراضية شيئا من آثارها في واقع المتصلين بها، تدفعهم إلى مساحة من الاحتكاك والتدافع المفتوح، تصادم بين الثقافات على المستويات المحلية والعالمية، مما يسهم في خلق حالة من التشكل والتجدد على صعيد القناعات والأفكار والسلوك.
الواقع كذلك يمد هذه الفضاءات بما يعج به من صالح وطالح، يغذيها بثقافته المتعافية والمتقرحة على حد سواء، هذه الفوضى ستترك تأثيرا بالغا في المستقبل.
أخلاقنا تتعرض لأزمة:ليس جديداً أمر أخلاقنا التي خسرت كثيرا من رصيدها وأصبح واقعنا يئن من أعقاب الإسفاف، والحنين إلى جيل الآباء وصل درجة الهوس، نداءات المخلصين تتعالى ولكنها تخلو من الجدية والعملية وأصبحت نعيقا يصم الآذان ويوزع القلق على مؤسسات المجتمع، والأزمة صدرت من أشياء:- المثالية المقيتة: وهي خطيئة وعظية، ضخ ديني وثقافي جعل الأخلاق مرتقى صعبا، فصل الإنسان عن حقيقته الضعيفة، جرم مقارفة الخطأ حتى فرض عزلة اجتماعية وإبعاداً دينياً كعقوبات حادة، تحولت الأخلاق إلى شهادة قبول اجتماعي ونفى المسؤولية الفردية وموقف النفس الشجاع أمام شهواتها.
- صدمة الازدواجية: محاضن التربية معزولة عن الواقع، والإنسان في خلوته لا يشبه ذلك المخالط، البيوت تعج بالعلاقات التقليدية والشارع يزدحم بالمتناقضات، أصبحت المجاملات علاقة البسطاء، والنفاق مع أهل السطوة والتزلف سلم العظماء، نرى لدى الكفار الصدق والوفاء والإتقان والتزام المواعيد ولدينا ويلات في ذلك.
- الاحتباس العاطفي: ولأننا مشبعون بالمثالية، محرومون من ظلال الواقعية، أصبحت الخطيئة ورقة انتحار ورفضا اجتماعيا، المبالغة في استهوال الأخطاء واستعظام مقارفتها صنع رهاباً نفسياً تجاه شهواتنا، انهزاماً داخلياً أمام حاجاتنا الفطرية والمشروعة أحيانا.
- الثقل التاريخي: كل شيء يتطور، سوى أخلاقنا التي لا تزال مشدودة إلى سلف هذه الأمة، وهم - حسب الرأي الوعظي - قوم عظماء ملائكيون لم يتركوا للاحق شيئا، صنعت نفوسهم من زجاج، أطهار ومعادن نفيسة، لا يقترفون ذنبا ولا يأتون منكرا، كيف لنا أن نقتفي أثرهم ونحن محاطون بالتعجيز والتثبيط وملايين الكلمات من الخيبات والثلمات، لا شك أنها أخلاق لم تنزل لنا وليس لنا منها سوى الفرجة والإعجاب.
«أثبتت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون بريطانيون أن مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة أهم أسباب تغير سلوك البشر ومصدر رئيس للشعور بالقلق والتوتر، مقارنة بالسنوات التي تسبق ظهور تلك الطفرة التكنولوجية الحديثة.
وقال الباحثون بجامعة سالفورد بالمملكة المتحدة: إن نصف معدل الأشخاص الذين يعتمدون على وسائل التكنولوجيا الحديثة في مواصلة حياتهم قد تغير سلوكهم بشكل ملحوظ، بينما أكد النصف الآخر من المشاركين بالدراسة أن حياتهم قد تغيرت إلى الأسوأ.
وأضافوا أن الأشخاص الذين عانوا من التأثير السلبي الناتج عن وسائل الإعلام الاجتماعية قد انخفضت ثقتهم بأنفسهم بعد مقارنة إنجازاتهم وطموحاتهم الخاصة بأصدقائهم على تلك المواقع الاجتماعية بشبكة الانترنت» مجلة المجلة.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق