التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سعودي يترجم معاناته من «لقاءات النخب» إلى «ديوانية للشبان»




جدة - عمر البدوي 

بدأت فكرة ديوانية الشباب من معاناة شخصية قديمة لشاب كان يتوق إلى المجالس الثقافية والفكرية، لكنه وجدها غالباً ما تكون من النخبة إلى النخبة، ولا تتاح الفرصة للشبان فيها إلا على استحياء، ولا يكون للشبان فرصة للنقاش وطرح الأسئلة، فغالباً يكون الشباب مستمعاً، فأحب أن يؤسس ديوانية بمبادرة شخصية لإيجاد الفرصة للشبان المهتمين بالقضايا الثقافية للالتقاء بجيل الرواد ممن كانت لهم إسهامات ثقافية واقتصادية واجتماعية مؤثرة وحقيقية في مسيرة التنمية، حرصاً على التواصل بين الأجيال، ولنقل الخبرات والتجارب. وإيماناً بأهمية الحوار في تقريب وجهات النظر، وبث التوعية بين الشباب، التسجيل مفتوح ومتاح للجميع، غير أن العدد محدود، وتكتفي الديوانية بنحو20 شاباً، ومحدودية العدد تعطيهم فرصة مريحة للنقاش وطرح الأسئلة، ويكون الضيف أكثر أريحية.
صاحب الديوانية محمد الدغيلبي قال لـ «الحياة»: «ما يميز الديوانية عن سواها أولاً أنها مخصصة للشبان، ثانياً أننا نختار ضيوفنا بعناية فائقة ودقيقة من الرواد أصحاب الإنجازات الحقيقية كل في مجاله، وأخيراً أنها منبر حر لكل فكر نير وكل رائد من رواد الثقافة والاقتصاد والفن، وسور عال أمام المزيفين، وجسر من نور يربط ماضينا ومكتسباتنا الوطنية بمستقبلنا، بعيدة عن كل إقصاء، عصية على كل وصاية، والمنجز الحقيقي لنا يتمثل في إعطاء الفرصة لشبان هذا الوطن لإعمال العقل، والتواصل مع تعزيز الثقة برموزنا الوطنية الحقيقية، وبيئة صحية لطرح الأسئلة والإشكالات وتداول النقاش الصحي حولها. نحن نقف على مسافة متساوية من الجميع، لا ننحاز لفئة دون أخرى».
وفي سؤال عن آليات اختيار الضيوف، قال الدغيلبي: «وطننا لديه الكثير من الرواد والقامات الفكرية التي يتوجب على الشبان التعرف اليها عن قرب، كي تستمر العجلة ولا ينقطع هذا التواصل بين ماضينا ومستقبلنا، نحن نستضيف الرواد الحقيقيين أصحاب المنجز الحقيقي حتى وإن كانوا مغمورين، الأهم أن يكون لدى الضيف تجربة ومنجز حقيقي يستحق أن يروى ويطلع عليه الشبان ويستفيدوا من هذه التجربة الثرية للضيف، وضيوفنا من شتى المجالات: الأدباء، الإعلاميون، السياسيون، الأطباء، الفنانون، علماء الدين، المهندسون، المسؤولون في الدولة، ورؤساء الشركات...».
عبدالله المشوّح تعرّف الى ديوانية الدغيلبي من طريق «يوتيوب»، وهو يبحث عن مقابلات للدكتور خالد الدخيل، يقول لـ «الحياة»: «بعد أن شاهدت الجلسة كاملة بأجزائها وساعاتها الثلاث، راودتني رغبة ملّحة في الحضور. ذهبت إلى «تويتر» مباشرة وتحدثت مع الصديق محمد الدغيلبي، الذي رحب بي وطلب مني التسجيل على صفحة الديوانية وهكذا فعلت. حضرت أول ديوانية (الثلثاء) ٢١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٤، كان الضيف يومها علي الهويريني. من حينها وأنا أحرص كل الحرص على الحضور».
يضيف المشوح: «لم تكن الديوانية كأي مجلس ثقافي آخر، أقصد أن تدور وتتمحور حول الضيف وحده، إذ كان الدغيلبي يختار الحضور بعناية، بناءً على الضيف. صحيح أنه كان هناك بعض الحاضرين الدائمين، إلا أننا كنا نرى أيضاً وجوهاً جديدة في كل مرة. إذا كان الضيف سياسياً رأيت من لديهم اهتمام بالسياسة، وإذا كان اقتصادياً وجدت خريجي الاقتصاد والعاملين في القطاع المالي، وإذا كان إعلامياً اكتظت الغرفة بالإعلاميين. بهذا الشكل كان الدغيلبي لا يفيد الشبان فرداً فرداً فحسب، بل كانت الإفادة تمتد للجميع، إذ تتاح الفرصة ليصل هذا بذاك. يتحدث شبان الإعلام مع شبان الاقتصاد والسياسة، وهؤلاء بدورهم مع رواد الأعمال وأصحاب الطموح التجاري، الكل يدلي بدلوه والكل يرى كيف من الممكن أن ينظر كل هؤلاء الأفراد، الى الموضوع نفسه، من زوايا عدة تختلف كل واحدة عن الأخرى».
ويختم المشوح كلامه عن دور الديوانية في بناء أفكاره، ويقول: «بالنسبة اليّ ستكون ديوانية الدغيلبي محطة من المحطات المهمة في حياتي. اطلعت فيها على الطريقة التي يفكر فيها كبارنا ونحن نستمع إلى كل أولئك الضيوف الذين غالباً ما كان الدغيلبي يدهشنا بهم. لن ننسى أبداً استضافة الدكتور سعد الصويان أو الدكتور عبدالرحمن الزامل أو مطلق المريشد أو محمد العقيل. شخصيات استثنائية بحق، ذات جداول ممتلئة، مع ذلك استطاع الدغيلبي أن يستضيفهم جميعاً». المذيع التلفزيوني الشاب عبدالرحمن مجرشي أحد المواظبين على حضور لقاءات الديوانية تحدث لـ «الحياة» عن تجربته: «في كل مرة أحضر الديوانية ألتقي أسماءً مميزة من جيل الشباب في الثقافة والفكر والاطلاع والمعرفة». وأضاف: «ما يميز الديوانية قوة الأسماء التي تستضيفها ... نتحدث عن عبدالله الغذامي، خالد الدخيل، جمال خاشقجي، عبدالله الجمعة، فهد العرابي الحارثي وثلة من تلك الأسماء».
وقال: «الديوانية تقدم الشيء المختلف عن شبيهاتها في المكان والضيوف وطريقة الحوار وانتقاء الأسماء، أو حتى جراءة الطرح وسقف الحرية. تغوص في السير والأسماء بشكل ممتع، هناك برامج تلفزيونية يشاهد معدوها ومقدموها الديوانية وما يطرح فيها».
الدغيلبي تحدث عن رغبة في تطوير الديوانية وقال: «لدينا النية في التوسع في منتجات جديدة، مثل إنتاج مقاطع قصيرة ممنتجة من التسجيل الكامل، المقاطع الصغيرة أكثر انتشاراً ومشاهدة من تسجيل كامل للديوانية قد يمتد لثلاث ساعات، كذلك المحتوى النصي في «تويتر» المقتبس من الديوانيات السابقة، كذلك ربما وضعنا كل سنة في كتاب مستقل نفرغ فيه كامل الديوانية ونعيد صوغها».





الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...