يقترب معرض الرياض الدولي للكتاب من موعد الانطلاق، بعد تزايد رصيد العاصمة السعودية وثقلها المتنامي في المنطقة والعالم كله. فقبل أيام انتهى المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، الذي حمل طابعاً تراثياً وثقافياً، وتضمن في بعض مناحيه حراكاً محموماً للثقافة والفكر، انعكس على زيادة فاعلية الأوساط المحلية. وحاورت «الحياة» مهتمين، لمناسبة اقتراب انطلاق معرض الرياض. إذ قال الكاتب الشاعر أحمد عائل فقيهي لـ«الحياة»: «لمعرض الرياض خصوصية دولية، بعد أن أخذ طابعاً عالمياً، وهو يشكل حضوراً مميزاً على خريطة المعارض الدولية، وأعطى زخماً للحركة الثقافية في المملكة».
ورأى فقيهي أن القراءة «عشق وليست ترفاً، ولهذا يسافر الأدباء والمتعطشون إلى الرياض، فكثير ممن لهم علاقة بالمعرفة ينظرون إلى معرض الرياض بكثير من الترقب والاهتمام الكبير. كما أن الندوات والأمسيات المقامة على هامشه ذات أهمية وثراء، ويحرص الأدباء على حضورها».
وعن تأثير معرض جدة، الذي نظم قبل أشهر، في شعبية معرض الرياض، قال: «جدة كانت في حاجة إلى إقامة المعرض بعد غياب دام سنوات طويلة، وهو ما جعل عودة المعرض تذكي حالاً ثقافية للمنطقة»، مستدركاً أن «معرض الرياض أكثر دولية من جدة، فمركزية العاصمة، وطابعها السياسي، وكونها واجهة البلد، تركت تأثيرها في جميع أنشطتها المختلفة، ومنها الثقافية. كما أن القوة الشرائية التي يسجلها معرض الرياض لافتة على مستوى المملكة والعالم العربي، ما جعلها مطمعاً لدور النشر المختلفة، فضلاً على حجم النشاط الذي تمور به الرياض، ويترك زخماً في معرض الرياض، ويعطيه طعماً مختلفاً لا يجعل سواه ينافسه».
بدوره، عد الكاتب قاسم الرويس، معرض الرياض «أحد أهم مناسبتين في المملكة تختزلان المشهد الثقافي السعودي بحضورهما الإعلامي واستقطابهما الجماهيري، والمناسبة الثانية هي «الجنادرية»، وبخلاف هاتين المناسبتين؛ فإن الساحة الثقافية تعيش سباتاً عميقاً لا يمكن لصراعات التيارات في وسائل الإعلام والتواصل أن توقظه، لأنها صراعات قشورية على النفوذ والهيمنة، نهجها مهاترات تصفية الحسابات وإلغاء الوجود ومصادرة الآخر، فهي لا تضيف رصيداً ثقافياً أو فكرياً يمكن الاتكاء عليه بقدر ما تضيف مهارات تقليدية لعشاق المصارعة الحرة، وتعكس واقعاً هشاً لاستعراض العضلات المترهلة».
وقال الرويس لـ«الحياة»: «إن استمرار هاتين المناسبتين، مع ما يصاحبهما من محاولة تشويش من أولئك المتصارعين في بعض الأحيان، له أهميته الوطنية في إنعاش الحراك الثقافي بأكسجين الفكر والمعرفة مدة زمنية تدفعه إلى الحياة رويداً رويداً». واعتبر معرض الرياض «من أفضل معارض الكتاب في العالم العربي، إن لم يكن أفضلها، إذا كان حجم المبيعات مقياساً للأفضلية والنجاح. ويأتي المعرض هذا العام 2016 في خضم التوتر السياسي في المنطقة، التي لم تنفك من هذا التوتر منذ قدوم ما سمي بـ«الربيع العربي»، وهو ما ألقى بظلاله على النتاج الفكري والثقافي العربي بشكل عام».
وأضاف قاسم الرويس: «على رغم أننا نكرر دائماً أن متن معرض الكتاب (أي معرض كتاب) هو الكتاب، وما سواه هامش، فإننا نطالب بزيادة مساحة المعرض، وزيادة عدد دور النشر الخارجية المشاركة، ورفع سقف الرقابة على الكتب». كما طالب بضبط الأسعار، بحيث لا يكون سعر الكتاب في معرض الرياض أغلى من غيره في معارض الكتاب الأخرى». وأكد الرويس على «ألا يكون السعودي فريسة الاستغلال والاستغفال بالطبعات المزورة والمصورة، ولا يكون المعرض سوقاً لانتهاك حقوق المؤلفين والناشرين، أو تمرير قوائم معادية لبلادنا». وتمنى أن يكون لمنصات التوقيع ضوابط محددة، «لأن التوقيعات في معرض الكتاب، وإن كانت تقليداً ثقافياً، إلا أنها في معرض الرياض ابتذلت إلى درجة إتاحتها للأطفال الذين لا يعرفون كيف يوقعون. بل إني شاهدت مثقفين يوقعون على كتب ليست من تأليفهم أو إنتاجهم. وشاهدت مؤلفاً يوقع على كتاب له صدر قبل خمس سنوات. وشاهدت كتاباً اشترك في تأليفه 10 مؤلفين يوقعه أحدهم في المنصة. وشاهدت عائلة كاملة بذكورها وإناثها في إحدى المنصات، لأن أحد أفرادها يوقع كتابه». ولفت إلى أن هذا «الابتذال الثقافي المغري أدى إلى مبادرة الأغيلمة والصبايا بطباعة تغريداتهم في كتب، ليعتلوا بموجبها منصة التوقيع».
كما تمنى أن يكون لجائزة وزارة الثقافة للكتاب «حضور لائق يحجب الصورة المهزوزة لها في الدورات السابقة، في ظل ما سمعناه عن إعادة النظر في آلياتها وإجراءاتها، لتؤدي أهدافها التي وضعت لتحقيقها». واستبشر الرويس بالنسخة الجديدة من المعرض، وقال: «بقدر تركيزنا على المتن واهتمامنا به؛ فإننا لسنا ضد العناية بالهامش المكمل للمتن، فالأنشطة والفعاليات والمعارض المصاحبة يسرنا تميزها وجاذبيتها، لذا لا غرابة أن يضيف الشباب الذين سلمت إليهم راية المعرض إبداعاتهم وأفكارهم الوطنية، التي بدأت من شعار المعرض الجميل: «الكتاب ذاكرة لا تشيخ». وسرني ما قرأته عن هوية المعرض الجديدة، التي تركزت على ثقافة المكان، من خلال استلهام ذاكرة وسط الرياض التاريخي، وأيضاً فكرة معرض الصور التاريخية «ذاكرة الرياض».
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق