تخلى عن دراسته في بلدته اليمنية المعوزة وغادر إلى حيث يجد فرصة عمل في مدينة جدة ، وهي المدينة المفضلة للأفراد غير المؤهلين ممن يتولى الوظائف التقليدية .
هذه المدينة مأوى للتقاليد الوظيفية التي تأتي مع أصحابها من بلدانهم المتنوعة ، ولذا ستجد اليمني والمصري والهندي يكسب قوته بطريقته الخاصة ، وهذه عادة المدن المنفتحة والقابلة لهضم الثقافات ولو أعسرت .
لم يكلف الأمر صاحبنا أكثر من عربة خشبية بعجلات مستهلكة ، يتبضع لها مما لذّ وطاب من " حلقة الخضار " ليعود ويبيعها أمام المساجد الكبيرة المكتظة بالمصلين والمتسوقين كذلك .
أصبح مع الوقت وجهاً مألوفاً لجماعة المسجد ، رغم ازدحام المنافسين إلى جواره لكنه ولخفة ظله وقدرته على بناء العلاقات استطاع أن " يأكل الجو " وربما كان هذا لغرض تسويقي وربحي .
ولأنه يقتنص أوقات الصلاة ، فهو مضطر لأدائها متأخراً حتى يحمي عربته ، أو يعطي نفسه فرصة الصلاة في الصفوف المتأخرة واللصيقة بباب الخروج وباب رزقه ، وعلى العموم هي طريقة ترتيب شخصية بين المصالح والمبادئ .
كان يربح بشكل مقنع ، على الأقل يتوفر لديه الدخل الذي لا يمكن تحصيل أفضل منه ، أوقات الفراغ يقضيها في التعرف على هذه المدينة وأهلها ، ففي نفسه بعض روح الشباب الذي لم يجد فرصة الاستمتاع به ، الظروف والحاجة استعجلته إلى تحمل المسؤولية .
لا يعكر صفو حياته العملية إلا عمليات دهم الشرطة التي تمنعه من العمل غير النظامي ، رأيته مرة يبكي من شدة الهلع بينما يحتجزه الشرطي في أحد الدوريات ليقله إلى المخفر ، عاد بعد ذلك للبيع بشكل طبيعي ، ولا أعرف ماذا حدث بالضبط ؟!!
كان يحب قراءة القرآن بعد صلاة العصر ، وأنت تمر بجانبه تسمع قراءة مجيدة وترتيلاً ينال إعجابك ، في الفترة الأخيرة أصبح يقرأ بشكل مكثف ، أحياناً يبدو وكأنه يحاول حفظه مع معاون آخر في المسجد .
كان التحول يحتاج الوقت فقط ، فلديه فيما يبدو الاستعداد والحماسة والبيئة ، بحصوله على الوقت اختفت عربته من أمام المسجد وغاب هو عن الأنظار .
لم يكلف الأمر صاحبنا أكثر من عربة خشبية بعجلات مستهلكة ، يتبضع لها مما لذّ وطاب من " حلقة الخضار " ليعود ويبيعها أمام المساجد الكبيرة المكتظة بالمصلين والمتسوقين كذلك .
أصبح مع الوقت وجهاً مألوفاً لجماعة المسجد ، رغم ازدحام المنافسين إلى جواره لكنه ولخفة ظله وقدرته على بناء العلاقات استطاع أن " يأكل الجو " وربما كان هذا لغرض تسويقي وربحي .
ولأنه يقتنص أوقات الصلاة ، فهو مضطر لأدائها متأخراً حتى يحمي عربته ، أو يعطي نفسه فرصة الصلاة في الصفوف المتأخرة واللصيقة بباب الخروج وباب رزقه ، وعلى العموم هي طريقة ترتيب شخصية بين المصالح والمبادئ .
كان يربح بشكل مقنع ، على الأقل يتوفر لديه الدخل الذي لا يمكن تحصيل أفضل منه ، أوقات الفراغ يقضيها في التعرف على هذه المدينة وأهلها ، ففي نفسه بعض روح الشباب الذي لم يجد فرصة الاستمتاع به ، الظروف والحاجة استعجلته إلى تحمل المسؤولية .
لا يعكر صفو حياته العملية إلا عمليات دهم الشرطة التي تمنعه من العمل غير النظامي ، رأيته مرة يبكي من شدة الهلع بينما يحتجزه الشرطي في أحد الدوريات ليقله إلى المخفر ، عاد بعد ذلك للبيع بشكل طبيعي ، ولا أعرف ماذا حدث بالضبط ؟!!
كان يحب قراءة القرآن بعد صلاة العصر ، وأنت تمر بجانبه تسمع قراءة مجيدة وترتيلاً ينال إعجابك ، في الفترة الأخيرة أصبح يقرأ بشكل مكثف ، أحياناً يبدو وكأنه يحاول حفظه مع معاون آخر في المسجد .
كان التحول يحتاج الوقت فقط ، فلديه فيما يبدو الاستعداد والحماسة والبيئة ، بحصوله على الوقت اختفت عربته من أمام المسجد وغاب هو عن الأنظار .
ثم ظهر فجأة على غير الحال التي كان عليها ، أصبح يقصّر ثوبه ويطلق لحيته ويلبس الشماغ بدون العقال على عادة المطاوعة عندنا ، كانت التفاصيل الدقيقة بادية عليه ، من بينها عود السواك يشرف من جيبه العلوي بمسافة قصيرة .
ما زالت روحه نشيطة رغم استضافته لمعنى جديد في حياته ، وهو معنى جاد وصارم ، استوقفته للمرة الأولى في تاريخ علاقة طويلة من التشاوف غير الفعّال إذا كان هذا تعبيراً كافياً للفهم ، إذ يبدو أنني مصاب بداء اختراع المصطلحات في الفترة الأخيرة .
بالأحرى ابتدرني هو بالحديث ، إذ يبدو أن هذا المعنى الجديد في ضيافته يفضل هذا النوع من مباشرة الكلام ، لعل فرصة تسنح بالنصيحة وهداية الناس إلى الحق .
أصبح طالب علم متواضع كما يسمي نفسه ، درس لبعض الوقت في الحرم المكي والنبوي ، يقرأ في كتب الشريعة ويستمع الكثير من المحاضرات .
هو عاطل عن العمل إلا من طلب العلم ، وإذا احتاج لبعض المال فإن " الإخوان " يوظفونه مؤقتاً ليساعد في ترتيب بعض المكتبات التجارية وتوظيبها بمقابل لا بأس به .
ردد كثيراً في حديثه لفظة " السلفية " وفضلها ، والاهتمام بنقاء العقيدة ، وبصفاء الأفكار والبراءة من غيرها الدخيلة .
حديثه مشحون بالآخر ، وهو هاجس سلفي معروف ، وكأن صواب موقفها وصفوه متوقف على كدر الآخر ودرجة انحرافه عن الجادة .
من الواضح جداً عليه حماس البدايات ولذة انشغالاته الجديدة ، كان كلامه مربكاً وغير منتظم السياق وكأنه لا يحدث بصورة طبيعية ، تغيرت طبيعة نشاطه في البلد الذي جاءه عمداً لطلب الرزق وضمان معيشة أهله ، في حال توقف عن هذا الدور ماذا يفعل أهله ، هل وقعوا على نصيب من إرث أحد أقربائهم الأثرياء ؟
ما زالت روحه نشيطة رغم استضافته لمعنى جديد في حياته ، وهو معنى جاد وصارم ، استوقفته للمرة الأولى في تاريخ علاقة طويلة من التشاوف غير الفعّال إذا كان هذا تعبيراً كافياً للفهم ، إذ يبدو أنني مصاب بداء اختراع المصطلحات في الفترة الأخيرة .
بالأحرى ابتدرني هو بالحديث ، إذ يبدو أن هذا المعنى الجديد في ضيافته يفضل هذا النوع من مباشرة الكلام ، لعل فرصة تسنح بالنصيحة وهداية الناس إلى الحق .
أصبح طالب علم متواضع كما يسمي نفسه ، درس لبعض الوقت في الحرم المكي والنبوي ، يقرأ في كتب الشريعة ويستمع الكثير من المحاضرات .
هو عاطل عن العمل إلا من طلب العلم ، وإذا احتاج لبعض المال فإن " الإخوان " يوظفونه مؤقتاً ليساعد في ترتيب بعض المكتبات التجارية وتوظيبها بمقابل لا بأس به .
ردد كثيراً في حديثه لفظة " السلفية " وفضلها ، والاهتمام بنقاء العقيدة ، وبصفاء الأفكار والبراءة من غيرها الدخيلة .
حديثه مشحون بالآخر ، وهو هاجس سلفي معروف ، وكأن صواب موقفها وصفوه متوقف على كدر الآخر ودرجة انحرافه عن الجادة .
من الواضح جداً عليه حماس البدايات ولذة انشغالاته الجديدة ، كان كلامه مربكاً وغير منتظم السياق وكأنه لا يحدث بصورة طبيعية ، تغيرت طبيعة نشاطه في البلد الذي جاءه عمداً لطلب الرزق وضمان معيشة أهله ، في حال توقف عن هذا الدور ماذا يفعل أهله ، هل وقعوا على نصيب من إرث أحد أقربائهم الأثرياء ؟
أوقفت سيل حديثه الرومانسي بسؤال حالته الاجتماعية فنكص على عقبيه .
النكوص بمعنى أن حديثه أصبح أكثر واقعية ، إذ يبدو أن المعنى المنضاف إلى حياته ما زال في مرحلة الأفكار ولم يصل إلى مستوى الطباع الخفيضة .
كال التهم لعمه الذي سعى لإفساد زواجه ، همومه الاجتماعية لا تليق بمشروعه الشخصي الجديد ، ولكنه الواقع وسلطته الحادة .
تخلص من السؤال بطريقته وعاد ليعيش دوره الجديد مزهواً بسلفيته النابتة .
ليس لديه أفق للمستقبل أو فكرة حوله ، يتسلح بأدوات فرضتها ظروف التحول ، ولكن لا يعرف إذا كان هذا نافعاً لقوت أو نجاة بعد موت .
النكوص بمعنى أن حديثه أصبح أكثر واقعية ، إذ يبدو أن المعنى المنضاف إلى حياته ما زال في مرحلة الأفكار ولم يصل إلى مستوى الطباع الخفيضة .
كال التهم لعمه الذي سعى لإفساد زواجه ، همومه الاجتماعية لا تليق بمشروعه الشخصي الجديد ، ولكنه الواقع وسلطته الحادة .
تخلص من السؤال بطريقته وعاد ليعيش دوره الجديد مزهواً بسلفيته النابتة .
ليس لديه أفق للمستقبل أو فكرة حوله ، يتسلح بأدوات فرضتها ظروف التحول ، ولكن لا يعرف إذا كان هذا نافعاً لقوت أو نجاة بعد موت .
إذا وصلت إلى هذه النقطة من السطور ، فإنك أزهقت بعض وقتك في قراءة قصة لا تخرج منها بفائدة ، نفس الأمر بالنسبة لكاتبها .
ولكن لو قدر لهذا الشاب أن عاش في دبي مثلاً ، ربما أصبح رجل أعمال ثري يملك سلسلة محلات شهيرة لبيع الخضار ، لو عاش في أوروبا ربما يصبح وزيراً في واحدة من حكوماتهم المتعاقبة ، في أمريكا سيصبح رئيساً وربما متشرداً يتسكع في شوارعها المظلمة ، في بلدنا هضمناه وأضفنا للكوكب " سلفياً " جديداً .
شعور جيد 😅
ولكن لو قدر لهذا الشاب أن عاش في دبي مثلاً ، ربما أصبح رجل أعمال ثري يملك سلسلة محلات شهيرة لبيع الخضار ، لو عاش في أوروبا ربما يصبح وزيراً في واحدة من حكوماتهم المتعاقبة ، في أمريكا سيصبح رئيساً وربما متشرداً يتسكع في شوارعها المظلمة ، في بلدنا هضمناه وأضفنا للكوكب " سلفياً " جديداً .
شعور جيد 😅
تعليقات
إرسال تعليق