التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا نعيش ؟




قد تكون ثمة لوثة أصابت عقلي الغض الطري ، أو طار بي حماس شاب متوهج ينفخ فيه أصحابه بكير الثقة والتميز والتفوق ، وقد يكون غير هذا وذاك لأحيي عظام هذا السؤال وهو رميم وأنفخ فيه روح القيام واليقظة .
ولكن بالتأكيد كانت تجربتي القصيرة مع من عرفت من الناس سبباً موصولاً إلى ذلك ، عرفت من الناس كثير ؛ رأيتهم أغير ما يكون على أعراضهم وأضيعهم لقيمهم الشخصية ، يشترون كرامتهم بحيواتهم ثم يبيعونها في موعد غرامي عابر ، يكاد لا يفرط في عقد صداقتنا الوثيق حتى تحين موعدة من مصلحة ومنفعة فيبيعها بأبخس ثمن وأرخص جعل ، وجدت بعضهم أشدهم في الحرص على الدين وأزهدهم في الحياة الدنيا ثم لا يتوانى عن الوقيعة في الأعراض وحض الناس إلى الاعتراض .
مزيج فسيفسائي يصيبك بالدوار إذا صرفت باتجاهه الأنظار !!


تصفحت وجوه الناس فرأيت العجاب ، تعمقت في النظر إلى تفاصيل المواقف الإنسانية الشتيت ، جالست اليائس والبائس وتحدثت إلى الناجح والطامح ، تلقيت من الحياة صدمات وبشارات ، حاولت التباسط والتفلسف ، استقمت لأمر الدين وجربت ما يناقضه من باب إدراك الشرور لمجانبتها وأحياناً لمواقعتها .
أحتفظ بتاريخ من المواقف المتضاربة ، وألبوم من الصور المتقاربة ، لا أريد أن أقطع بجواب ولا أطفئ حرارة سؤال ، ولا أنوي أن أنتهي إلى غاية ولا الوصول إلى نقطة النهاية ، فعشقي باللامتناهي لا متناهي له ، وإدراكي أن مثيل هذه الأسئلة الوجودية لا قرار لها ألزم وأحكم .




يتناولني هذه الأيام يقين لا أجزم بدوامه ، أن الطفل هو أكثر ما يكون الإنسان تعافياً في جسده وعقله ونفسه ، حتى إذا بدأ يكبر ويكبر وإذ به يخسر وينحدر ، فتنقبض نفسه على أدواء وعلل نفسية ، وينحدر جسده باتجاه المرض والبلى ، ويضمر عقله وتتعطل أدواته .
عُقد الحياة ومشاغلها تتخاصمه وتتناوشه حتى تلقي به جثمة هامدة وروحاً خاوية ، وإذا سلم بحصن من دين ، ووقاية من رياضة بدنية ونفسية ، وبُلغة من علم ، وحافظ من مال ومسكن ومأوى ، وأود من طعام نافع دسم ، فما يستوي إلا كمن خرج لتوه من حرب ضروس وعراك طاحن ترك فيه بعض ندوب وجروح دامية محتقنة .


الحق الذي يعلم ويؤلم ، أن المثل والمبادئ ضرب من المثالية ، وهي صورة ذهنية لا تقوم لها قائمة في واقع الناس إلا باستنبات ظروف مصلحية ونفعية قاسية ، حتى تكاد تذهل لنماذج التاريخ التي سمعت بها أو قرأت عنها .
وهذا لا يجري دائماً وأبداً ، إذ جرى لنا ووقف بنا الحال عند مواقف عظيمة تستنقذ الإنسانية من جحيم تنزلها ولأواء تسفلها ، ولكن شيطان الشك يؤذيك حتى تبحث في دوافع الأمر وبواعث الفعل لتستخرج حظه من النقص والضعف والخبث .


(المنفعة - المبدأ - اللذة ) وقف بي التفكير عند ثلاثة من مفاتيح الحياة ، لتفسيرها ، لتبريرها ، قد تمتزج أحياناً وأخرى تنفرد ، يأخذ كل إنسان منها بنصيب ، وقد يستغرق في أحدها فيصطبغ بها ولا ينفك عنها فيكون منتفعاً أو ملتذاً أو صاحب مبدأ وهكذا .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...