هذه الأرض تتلوى من شدة الفقد ، عاشت ملايين السنوات وهي تنتظر كل موعد سانح للالتقاء مع السماء ، كل عمرها قضته وهي ترقب زوايا هذه السجادة الزرقاء عسى أن يحين موعد للوصال .
تبدد الشمس المكتظة بالحقد الأصفر كل أمل في موعد ، تأتي السحب مثل سراب لتحيي الأرض الموات شوقاً ثم ما تلبث تكشف عن هويتها الصيفية وتنقشع بكل استخفاف .
تستنجد الأرض اليباس بصديقها البحر لترسل أشواقه المبخرة إلى عنان السماء ، يتبنى البحر الطيب المشفق مهمة التحفيز ، يخاطب جبروت عليائها باستعطاف ، ويتحين فرصة للشفقة ، ثم يعرب الرعد عن نيته في اللقاء وتبرق عيني السماء بالموافقة والإيجاب .
تشتعل شهوة الأرض الجاذبية ، تتشوف لهذا الموعد المرتقب ، تتعطش دوابها وترابها وإنسانها لقطرة مطرها المنثال بغزارة .
تلك القفار المجدبة لم تعد سيرتها الأولى متجهمة متلظية ، تبللت مثل فستان عروس في ليلة دخلتها الأولى ، النفوس العطاش ارتوت بمعين دافق ولانت أصلابها المتعبة .
سكن هياج الأرض المغتسلة بالطهر ، وتبدت خضرة الأرض في وجنتيها الخجلتين ، وسالت أودية بقدرها من مآقيها المبتهجة وعيونها المنفرجة .
وأبدت الشمس عن اعتذارها ، وغفت بعض الشيء وأطبقت عينيها المسهدتين ، تعطي بعض فرصة لدواب الأرض أن ينتشر فيها مستلذاً بهذا الموعد الغرامي الذي لا يتكرر .
تعليقات
إرسال تعليق