أعيش أغلب أوقاتي " كطفل " ، تجدني أجري ، ألعب ، أقفز ، أشاغب ، أستطلع ، أستملح .
يهمني كثيراً أن أزيد من مدة الطفولة ، وإذا أجبرني موقف على صنيعة الكبار فعلت ، ثم أرتد إلى طفولتي المتصنعة مسرعاً فرحاً .
أختفي عن أنظار هذا المجتمع القاسي ، لأنه لا يعرف بعقل العرف ولا العلم تفسيراً لحالي سوى " تافه ، سخيف ، مخروم المروءة ، فاسد ، وربما شاذ منحرف " .
وسوى هذه التعبيرات البذيئة لا يعرف مخرجاً باتجاه البساطة والعفوية وحب الدنيا بأكثر معانيها براءة وسذاجة وحلاوة .
ألا ترى جحافل الرجال المزيفين ، خطوط الشعر اليابس تقفز أدنى الأنوف ، وأسفل منه لا تجد سوى ذلك الفاه المتدلي إلى أسفل - مغضباً - بينما تعبيرات الجدية والانهماك في عظائم الأمور تشد بقايا الملامح بقسوة .
إذا صافحته يكاد يقضم أصابعك أو يحرف مفاصلك عن مواضعها ، ويغمرك بمقطوعات مكرورة ثقيلة من التراحيب التي يقولها أكثر من أوراد الصلاة ، بينما تضطرم في صدره عشرات التناقضات من المشاعر .
مرة حلف اثنان على أمر ما ، وطفق أحدهما يكرر ( تراني طلقت ) بينما تقف زوجته باضطراب خلفه ، وابنه بين يديها يشعر لوهلة أن مستقبله في خطر ووالده ينوي الفراق عن أمه لمجرد فنجان قهوة يثير السعال ويسوء الحال .
هل عرفتم أرتال الرجال الذين يلعقون مؤخرات الصحون بشهوة بالغة بينما يخفقون كثيراً في منازلات منتصف الليل لأنهم خائرون وباردون ، تشغلهم المظاهر الزائفة وينهمكون في مهام سخيفة تنأى عنها النساء ويزهد فيها الأطفال .
لا يثيرني هذا النوع من الاستفحال الذي تمارسه التيوس بأفضل من بعض الرجال ، إنما يعنيني كثيراً القيام بالواجب وخدمة الآخرين ، يعجبني إحقاق الحق وإسداء الفضل وتحمل المسؤولية ، لا يعزب عن بالي ضيافة النزلاء ولا مرافقة الأصفياء ولا يغيب عني القيام بالواجب وإجابة الطالب .
أما لماذا أحتفظ بطفولتي ؟ فلأنني أتذوق بها الحياة وأحافظ معها على شبابي وأستبقي على صحة جسدي ونظارة وجهي وخفة قلبي وسعة صدري ونباهة عقلي وأنس روحي ، أصحابي هم أقرب إلى الطفولة عمراً ومذهباً تكاد الضحكة تشق أفواههم والأنس يتفجر من قلوبهم في غير صبيانية مضرّة ولا استخفاف مؤذي .
لا غنى عن حياة الجد فإنها موطن الإنجاز والنجاح ، وحياة الاستخفاف مدعاة للتسفل والتنزل ، وهي في غير محلها مجلبة لمقت الناس واستصغارهم لك ، ولكن المبالغة في كل شيء مجلبة للسأم والقسوة والغلظة وهذا ما يفعله بعض الرجال المزيفين .
أطلق الطفل الذي في داخلك ، لا تحتبس رغبتك في الانطلاق والتمتع بالحياة ، البس ما يحلو لك واجري كما تشاء في أطراف هذه الأرض وصاحب من أحببت فإنك مفارقه وجالس من يبهجك ويوسّع صدرك ، ليس في الناس مخلوق يحبس عنك هذه الفرحة مثل غلظة الفحولة الزائفة التي تستبد بك .
في صباح الاحد الباكر 6 / 7 / 1433هـ وبعد اداء فريضة الفجر الواجبة واستمتاعي بتلاوة سورة يس .
ردحذفأخذت أتصفح مشروعي الذي لطالما حلمت وسعيت إلى تحقيقه(خطوة) بمساعدة وتوجيه من فكركم النير والذي وان عزمتم على تلبيس الطفولة به او تلبيسه بالطفولة يبقى فكرا نيرا ارجع إليه في كثيرا من قراراتي وتتفتح معه افكاري.
طالعت مدونتكم ونثرت بصري بين اسطر طفولتكم التي شدتني الى الوراء كثيرا وان كنت لست بعيدا عن الطفولة جدا لاني لست بذلك الكهل المنهك من عبء الحياة ولكن الحياة هي من زجتني على متوسط أعتابها او آخرها حتى .
أعجبني تمسككم بطفولتكم وزاد من إصراري على إتاحة الفرصة كثيرا لولي عهدي والذي قد فكرت يوما ان أكبله بمسئوليات تعبر الزمان والمكان بعيدا عن حقوق طفولته المستحقة .
اتمنا لكم مزيدا من البهجة والسعادة واشد على يديكم بان تعيشوا الطفولة بطولها وعرضها بعيدا عن سياسات الحياة والمجتمع التي لم ينزل بها من سلطان غير سخافات تلك الفحالات .