طهران تتحرك بدافع هوسي ولديها كامل الاستعداد لوضع المنطقة على حافة الفشل والانهيار، فيما تركز دول مجلس التعاون على حماية مكتسبات التنمية وحفظ الاستقرار بوصفه ركيزة العمران والتقدم والحضارة.
هل تتسبّب العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران دون قيد ولا شرط، في شعور دول الخليج بالخذلان وإطلاق صافرة سباق تسلح نووي جديد في المنطقة، تتحرك بموجبه دول الخليج، السعودية بالأساس، لامتلاك سلاح ردعها النووي الذي طالما لمّحت إلى الاضطرار إليه في حال تساهل المجتمع الدولي بشأنه مع إيران.
في ظل التصريحات التي يدلي بها أعضاء الإدارة الأميركية الجديدة عن كون طهران على مسافة شهور من امتلاك قنبلتها النووية، والتي اعتبرت تمهيدا لعودة غير مشروطة إلى الاتفاق المفيد لإيران التي أصرّت على رفض انضمام الرياض أو تعديل الاتفاق ليشمل جوانب أخرى لا تقل خطورة ولا ضررا عن نوايا امتلاك السلاح النووي.
حسب معهد واشنطن، بدأت السعودية في الوفاء بتعهدها بمضاهاة القدرات النووية التي يُسمح لإيران بامتلاكها بموجب اتفاقها مع “مجموعة 5+1″، الأمر الذي أثار مخاوف من قيام سباق تسلح نووي في المنطقة.
وشمل ذلك الخطوات التي اتخذتها الرياض لتطوير دورة الوقود النووي بأكملها، والتي تتضمن تقنيات لها بطبيعتها استخدامات مدنية وعسكرية.
وشعرت الحكومات الغربية بالقلق من التقارير التي أفادت بأن السعوديين، بدعم من الصين، بدأوا في بناء منشأة صحراوية لمعالجة اليورانيوم الأصفر، وهو مادة أولية رئيسية لدورة الوقود النووي.
أمام سلوك إيران وعنجهيتها، لن تقف دول الخليج مكتوفة الأيدي في مواجهة امتلاكها للقدرة النووية، وستقوم بكل ما من شأنه منع هيمنتها على الخليج، وخلق التوازن العسكري في المنطقة دفاعا عن مصالحها
وكانت السعودية قد أعلنت سابقا عن خططها لإطلاق برنامج خاص سيتيح لها تلبية احتياجات البلاد من الطاقة النووية بقدراتها الذاتية وسيمكن من إنشاء 17 مفاعلا.
على صعيد آخر، هناك عقيدة قديمة في السياسة الأميركية الخارجية، وهي الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في المنطقة، لتستمر في تقويض أي مشروع مناهض ومعطل لها، تحاول الإدارات الإسرائيلية المتعاقبة الحفاظ على حيوية هذه العقيدة، باتخاذ مبادرات عسكرية لعرقلة أي تفاهمات قد تضرّ بنوعية تفوقها أو بالضغوط داخل مراكز القرار وتوجيه دفة الرأي العام الأميركي لينسجم مع وجهة النظر الإسرائيلية.
ووقّعت إسرائيل هذا العام اتفاقيات سلام رسمية مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، كجزء من “اتفاقيات أبراهام” التي توسطّت فيها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في سياق المساعي الدبلوماسية لمواجهة المخاوف المشتركة لهذه الدول بشأن سلوك إيران في المنطقة.
هناك اتفاق على منع إيران من امتلاك سلاحها النووي بين تل أبيب وواشنطن، لأنه يضرّ بالعقيدة التقليدية لديهما، لكنهما تختلفان في الطريقة المثلى لتطويق هذا الطموح النووي وإجراءات إنهائه.
مؤخرا، حذّر بنيامين نتنياهو من سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط حال عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وهاجمت إسرائيل مجموعة من الأهداف ضد مصالح ورموز وقيادات إيرانية سواء في سوريا أو في قلب الأراضي الإيرانية، اعتبرت تمهيدا لعمل عسكري أوسع، أو تشويشا على جهود التقارب الغربي مع طهران، أو توفير مناخ صدام صفري لها مع الولايات المتحدة.
يكمن الفارق بين كل من إيران ودول الخليج العربية أن طهران تتحرك بدافع هوسي تغذيه سردية طائفية من خارج التاريخ، ولديها كامل الاستعداد لوضع المنطقة على حافة الفشل والانهيار، فيما تركز دول مجلس التعاون على حماية مكتسبات التنمية وحفظ الاستقرار بوصفه ركيزة العمران والتقدم والحضارة، لكنها مضطرة إلى رفع مستوى تأهبها والاعتماد على قدراتها الذاتية وتجاوز القلق حول مواقف الحلفاء وصدقية المجتمع الدولي وثبات خياراته.
وأمام سلوك إيران وعنجهيتها، لن تقف دول الخليج مكتوفة الأيدي في مواجهة امتلاكها للقدرة النووية، وستقوم بكل ما من شأنه منع هيمنتها على الخليج، وخلق التوازن العسكري في المنطقة دفاعا عن مصالحها.
تعليقات
إرسال تعليق