هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) .
راجياً لكم النفع والفائدة .
ربما تتحول حياتك إلى كتلة من الحب والاطمئنان عندما تمارس عملية " التفاهم " مع الأطراف التي تعيش من حولك .
يعرف كل طرف منهم الحدود الفاصلة بين ما يعتبر شخصياً وما يسع المشاركة فيه ، عندما تنجح في فض الاشتباك بين الأطراف حتى لا يحدث التصادم أو التنائي .
التفاهم عبارة عن مشروع تسوية يحفظ لكل طرف حقه في الحفاظ على مكاسبه والسلامة من الخسائر ، وربما يصل التفاهم إلى مرحلة من التناغم والانسجام الفائق الذي يعطي الحياة مسحة من اللطف والتسامي .
التفاهم لا يعني الحدية المطلقة بمعنى رسم الحدود الفاصلة بشكل قاطع وأناني ، ولكن ترتيب العلاقات على نحو يقلل من الإزعاج وإرهاق الاضطراب ، إنه عملية قسرية لولادة التراحم الاجتماعي بعد أن فقدناه بفعل التوحش المديني .
التفاهم نسخة صناعية من التراضي .
………….
الأشخاص الذين يمتلكون لغة جيدة ومفردات ثرية واستطاعة ممتازة على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وتطلعاتهم ، عادة هم منسجمون ومباشرون ويحققون أهدافهم بسهولة .
الذي يتحكم في عالم المعاني والكلمات بشكل جيد ، عادة ما يكون متمكناً من ضبط إيقاع حياته وإدراك المحيط من حوله .
كل التصرفات الشاذة وغير المنضبطة ( الملبس - الشكل الغرائبي - التجمل المتكلف ) يبدو أنها بدائل غير كافية أحياناً للإفصاح عن الذات والتعبير عن المكنونات الداخلية .
لغة الإنسان الجيدة تطور مستوى معيشته وتنعكس على نمط حياته ، وأبعد من هذا عندما تتدخل في رسم مصائر مستقبله وتشكيل حاضره .
ربما في هذا بعض المبالغة ، ولكن عندما تقف على أحوال البعض ستعرف أن الشخص النابه والفطن عادة ما يكون مسترسلاً وحسن التصرف في منطقه ولغته ، والساذج الأبله كثيراً ما يكون عييّاً وأهوجاً في كلامه .
القدرة على التعبير لا تعني الثرثرة ، والصمت لا يعني عدم القدرة على التعبير ، بل دائماً ما تكون على العكس تماماً .
…………
الصديق الجيد ليس هو من تنسى أخطاءه تماماً ، لكن هو من تبقى معه رغم أخطائه .
…………
هناك حب صناعي ، بمعنى أن تتحكم في توجيهه وتشكيل مساره وإطاره ، وهذا خلاف الطبيعة المسترسلة للحب والفطرة الأصلية له .
الحب لا يأتي على هواك ولا يخضع لنواياك ، الحب قوة متجبرة تتحكم في ضبط ذهنك وفؤادك ، أو هو ماء جاري يسري بانسياب وقليل من الاضطراب في داخلك دون شعور أو تدخل منك .
لا تعريف للحب ، أو ضابط لمفهومه ومعلومه ، وإلا كان لعبة سائغة ولقمة مارقة .
مشكلتنا أننا نتصنع الحب إذا لم نجده يجلجل في دواخلنا ، ونجترّه يوم ابتذلناه وعبثنا في مكنونه ومضمونه .
لعمري إن كثيراً ممن اعتقد أنه يحب ، ثم أجرى شعوره المصطنع على نحو يرضيه أو يشبع جوعه فقد اخترق سره ونكث عهده ، وباء بخديعة ليست من الحب في شيء .
الحب شيء أسمى من نسخكم التجارية التي تتداولونها يا سادة ، وتبتاعونها بينكم !
………………
الكتابة عن الأشياء لا تعبر بالضرورة عن فهمها أو إدراك كنهها وماهيتها ، والكاتب ليس فيلسوفاً متعمقاً ولا عارفاً مستغرقاً .
الكتابة أحياناً انكشاف لحجم الجهل بالأشياء ، اعتراف بالحاجة إلى المزيد من الاستضاءة حولها والإحاطة بأسرارها .
الكتابة هي جولة ثانية من التفكير ، فبعد الرسم الذهني المبدئي ، تأتي الكتابة كخطوة تالية لمزيد من الاستيضاح والتحقق .
الكتابة نوع من مجايلة الحقائق والمداورة والتذاكي للالتفاف على ممانعات الجهل ، أو استعطاف كبرياء الحقيقة لتجود ببعض مكنوناتها .
المعاني مثل فتاة عربية تقع تحت قبضة والد شديد المراس لا يؤمن بالنظرة الشرعية ، عليك أن تتخيل صورتها ذهنياً ثم تجرؤ على " كتب الكتاب " ، وعليك بعد ذلك أن تتحمل طعم الحقيقة مرة كانت أو حلوة .
ونصيحتي أن تتأنى كثيراً قبل خطبة الأفكار الأبكار !
…………
يسأل بشكل مكثف وممل : عن الطرق المثلى لتربية الأبناء ، عن الكتب المهتمة بذلك ، عن أفضل التربويين والمتخصصين ، رغم أن أكبر أولاده اقترب من العشرين ربيعاً ، بمعنى أن فرص تنشئته تضيق .
يعترف بإخفاقه الشديد في تربية أولاده ، لعله لا يريد تكرار ذلك مع من تبقى تحت سن المراهقة ، ولكنه عموماً منشغل بزيجاته المتكررة .
زوجته ذات الذرية مشغولة في المقام الأول بتقريعه وإرغامه على دفع ثمن فعلته النكراء ، حتى لو تطلب الأمر إهمال الأبناء وربما تشجيعهم على الخطأ والتقليل من قيمة والدهم الذي فرط في عائلتهم .
هناك حرب ضروس يدفع ثمنها الأطفال الأبرياء ، الأكبر منهم قاب قوسين أو أدنى من المخدرات ، فضلاً عن انحرافه الصارخ خلقياً ودراسياً وجنسياً .
المال وحده لا يكفي للعناية بالأبناء ، هناك حاجات إنسانية لا تعوضها مباذخ المادة الفارهة .
………………
الأصدقاء يعوضون تقصير البيوت ، الجيدون منهم يعززون القيم المتبناة أسرياً ويرسخون تأثيرها ، وبعكسهم الأصدقاء السيئون يحرفون الأبناء أو يفاقمون الأخطاء التربوية والأخلاقية .
في القرى والأرياف تزيد قيمة تأثير الأصدقاء ، لأن الطبيعة الاجتماعية فيها توسع من فرص بناء علاقات الصداقة وتمنحها مساحات من الوقت والشرعية العرفية .
بخلاف المدن التي تتحفظ في الاتجاه خارج المنزل ولا تتوسع في تكون علاقات خارجية سوى الحيّ والمدرسة والنادي ولكنها لا تصل إلى أدوار عميقة .
أفضل أن تعطى الحرية شبه المطلقة للأبناء في تكوين علاقاتهم وصداقاتهم مع قليل من التدخل الأبوي ، وأميل إلى تبني الأسر لبعض علاقات أبنائها ومحاولة دعمها وتعزيزها إلى أبعد حدّ ليساهم ذلك في تنامي مهارات ابنهم تحت بصرهم وإحاطتهم .
الإسراف في التدخل من قبل الوالدين في خصوصية الأبناء ليس جيداً تماماً مثل الإهمال المطلق وتجاهل حاجاتهم وتوجهاتهم .
……………
نحن نختلف في التعبير عن الاهتمام بالأشياء والآخرين ، وهذا ما يثير الاختلاف ويضرم الخلاف .
ما تقوم به أنت على وجه الاحترام قد يعتبره الآخر تقليلاً من شأنه أو تجاوزاً لخصوصيته ، وقد تبذل قصارى جهدك لإرضاء طرف ما تكتشف أنه يستخف بجهدك ويعتبره أقل من المأمول .
وهنا قيل : رضا الناس غاية لا تدرك ، والتفاهم واحد من السبل الناجعة لتقريب وجهات النظر والتئام الجهود بما يحقق رضا الأطراف .
التباين في وجهات النظر سيبقى قائماً وسينعكس على الاختلافات بين الناس حتى أقربهم إلى بعضهم ، وهنا تعمل الثقافة الاجتماعية دورها في تحديد سقف السلوك بما يدل على الاهتمام أو التجاهل .
المشكلة أن ثقافة المجتمع لا تنمذج السلوك على نحو صائب دائماً ، بل ربما انطوت على مبالغة فاحشة ( إسراف المناسبات ) أو انتقاص فج ( مكانة المرأة ) وتصبغ المجتمع على هذا النحو .
الأصدقاء الجيدون يبنون نمطاً من التفاهم على أساس ( الثقة المتبادلة ، وإحسان الظن ، الإعذار والمسامحة ) ، ولذا يفسرون أشكال التقصير أو الفضل بما يساعد في تمتين العلاقة وتجاوز التحديات .
………….
عندما تتمعن آيات الوعيد والعذاب البرزخي والأخروي تجده مقروناً بقلة حيلة المقصر والفاسق ، مع إلحاح رغبته في العودة مجدداً ، وشديد ندمه وأسفه على ما ضيّع وفرّط ، وبالغ عجزه عن الانتصار لنفسه ، أو رفع العذاب منه أو أدنى حجة يمتلكها للدفاع عن نفسه .
على العكس تماماً يملك الإنسان في هذه الدنيا أبعد درجات التصرف ، بيده حق الاختيار المطلق ، عنده سعة من الوقت والحيلة والقدرة على سلوك الطريق الذي اختاره والسبيل الذي ارتضاه .
إذاً : منتهى الحرية هي خلاصة ما يملكه الإنسان هنا ، والعجز المطلق هو أبلغ وصف له هناك .
أراد بعض فسدة الدين تضليل هذه الحرية ومنعها عن الإنسان المستحق لها بموجب العدل الرباني والحكمة الإلهية .
حرم الإنسان المسلم من الحرية الفردية في مذاهب الجبرية والجهمية ، وحرم من الحرية السياسية في مذاهب المرجئة والجامية .
ويظهر أن المعالجة السليمة للثقافة العربية تضطرنا لتصحيح المكون العقدي على نحو نعود به إلى أصول الإسلام السليم القويم دون مداراة سياسية أو مداورة تقاليدية .
……………
الكتابة : محاصرة المعنى وتطويق الفكرة .
….………
الرجل : طفل مقموع .
……………
أقسى المواقف هو إرغام الذاكرة على محو الأشياء الجميلة لأنها تتسبب في إيلامك .
….…………
الفكرة الصائبة تنطوي على بذرة الخلود .
…………
الوفرة المالية والمادية تعيق النمو الطبيعي والتاريخي للأشياء .
…………
الاستقرار نتيجة الهوية المنسجمة .
…….……
لا تشكو من خيانات الأصدقاء ، فلعلك أسأت إليهم من حيث لا تدري .
دائماً نحن نرى الأشياء من زاويتنا فقط .
……………
كثيراً ما نستخدم العتاب لنغلف اعترافنا بالحاجة إلى من يهتم بنا .
مؤلم هذا الضعف مرتين وأكثر !
……………
لا أحد يحترمك بناء على الأشياء التي تعتقدها قي نفسك ، ولكن على ما يراه منك .
…..………
لا تتمسك بالأشخاص الذي يفرطون فيك .
……….
نصنع قليلاً من الإزعاج حتى نتخلص من رهاب الوحدة .
……………
لا تستطيع إرغام شخص على حبك وهو مصرّ على غير ذلك .
…….…
التعصب هو النكوص من سعة الأديان إلى ضيق الأفهام .
………
التمذهب إثراء للحياة واستجابة للمصالح المتلونة وتوسيع لقاعدة الدين ما بقي باب الاجتهاد مشرعاً ، فما إن يغلق ويحلّ التقليد بديلاً عنه فيتبدل الحال إلى مساوئ جمّة وعيوب ملتمّة .
….………
يريدك أن تكون صديقاً لجانبه المضيء ، وتسكت عن جانبه المظلم .
……………
أنا وصديقي نختلف على / في شيء واحد :
أحدنا يرى أن الدين كل الدواء ، والآخر يرى فيه بعض الدواء .
….………
لمن نشكو ضعف بعض المعلمين ؟
واحد منهم يقطع دروسه وحبل منهجه ليراجع رسائل الواتس أب من جواله ، ثم يرفع رأسه إلى الطلاب : وين وصلنا ؟
وآخر في الصباح رجل فاضل ومعلم صالح وفي المساء يتبادل رسائل الحب الملغومة مع أحد طلابه !
……………
الحب عمل تفاعلي ، وليس شعوراً قارّ .
بمعنى أن الحب الذي لا يغذيه التواصل المستمر والتشارك في السراء والضراء يذبل ويموت .
وقد قيل : البُعد يقلل المحبة .
…………
الكتابة عملية تطهر من أدران البغضاء .
يستعملها البعض كتقنية فائقة القدرة للتخلص من الضغوط النفسية والكبت الداخلي وحالات الاحتقان تجاه أشياء أو أشخاص .
……………
تخفف من خطيئة الثقة العمياء في أشيائك .
لا تظهر وكأنك تملك الحقيقة المطلقة ، لا تتعامل وكأنك مخلص هذا العالم ، لا تتصرف وكأنك على صواب أبداً .
كن متفائلاً وانتظر الجميل دائماً ، ولكن توقع الأسوأ كذلك .
……………
الخيانة عبارة مراوغة للهروب من الاعتراف بإخفاقنا في تقدير الأشخاص على حقيقتهم .
………
الخائن يتصرف بضغط من حاجته ، الوفاء موقف استثنائي مثل " الوطنية ! " .
يبدو أنني أهذي ؟
…………
الخيارات التي تتخذها بمحض حريتك ، فقط هي التي تعبر عنك .
…………
البخل يكشف عورة إيمانك ، والبذل يستر سوءة تقصيرك .
……………
ماذا يمنعك عن تطوير نفسك ؟ لماذا تقف عن حدود ما وصلت إليه من المعرفة والعمل والمصير ؟
هذه القناعة التي تستبطن اليأس ، وهذا الرضا الذي يحتضن كسل الطموح يدمرك ويعطل استحقاقك لحياة مميزة ورائعة .
لا تعلن التقاعد مبكراً عن الحياة والطموح والنجاح ، ربما حمل لك المستقبل مبشرات عظيمة وينتظر منك فقط أن تتحرك .
قد تقبل هذه الاستقالة من رجل تجاوز به العمر ، ولكن تعاب على شاب لم يبلغ سن اليأس ولم يصل عمر القواعد من الطامحين .
…….……
لا تشتغل على عيوب الآخرين ، ولا تنشغل بإساءات الناس ، ولا تهتم بتقصير من حولك ، ولا تحفل بذم من يحيط بك .
هذا لا يجعلك نصف إنسان ، والعكس كذلك ، ولكنه يعطيك مساحة كافية من الوقت لتعمل وتبني نفسك ، يعطيك روحاً وثابة وذهناً صافياً ومزاجاً معتدلاً وسريرة مستقرة وانبساطاً ومسرّة .
لا يعاب عليك إذا غضبت وتبرمت ويئست أحياناً ، فأنت إنسان خلق بعضك من مشاعر ، ولكن الاستسلام لها تماماً يحولك إلى كائن طريّ وشفاف وعرضة للانهيار بسهولة .
حاول التعامل معها بعقل ورويّة وتوازن حتى يصلب عودك وينضج عقلك وتحين ساعة نجاحك فيستوي عندك الذم والمدح ، الشكر والنكران ، الإساءة والإحسان .
لأن أفراح الروح وقتئذ : لا يساويها شيء .
……………
كيف تتصرف إذا ظهر وكأنك تبدأ في خسارة واحد من أصدقائك ؟
فتّش في تاريخ العلاقة ، فإذا كان ممن غلب إحسانه على تقصيره فلا يضيرك أن تذل له حتى يرضى ، وتعتذر له حتى يبقى .
وإذا كان ممن فاقت إساءاته على خيراته فإنها فرصتك للخلاص منه وساعتك للبراءة من صحبته .
وإذا كان لا يملك مبرراً لضيقه فلا تتمسك به ، لأنه سيتركك على كل حال .
……………
ذات يوم سمحت لشحنة من الرسائل السلبية بالدخول إلى صندوقي الشخصي ( عتاب حاد - ملاسنة - رأي سلبي تجاهك ) تسبب ذلك في خفض الإنتاجية وتهديد منسوب الرضا الداخلي .
توقفت عن ممارسة أنشطتي المعتادة ، واستغرقت في تفكير شديد السلبية ، وتعطل جهاز المناعة لديّ .
استجبت لداعي التوازن في داخلي بعد محاولات جاهدة ، اليوم أصبح بمقدوري التعامل مع هذه الموجات الارتدادية بكثير من الخبرة والمهارة .
قد تتعرض لحجم كبير من الشحنات السلبية وتحتاج أمامها إلى مستوى من المرونة والذكاء لتصريفها وكنس آثارها .
دائماً أتذكر موقف النبي الكريم أيام كانت دعوته في مهد الاستضعاف ، كيف واجه التهم والاستعداء بكثير من الصبر والإيمان والثقة ؟ إنه نبي عظيم .
……………
لا تقلق من صدمات الحياة ، ولا من صديق يغادرك ، أو لحظات تشعر فيها بالعزلة والوحدة ، أو تلك الأيام التي تواجه فيها أزمة انحسار اجتماعي .
إنها فرصة لتواجه نفسك ، لتتحدث طويلاً في شأنك الداخلي ، تضطر لترتيب أوضاعك وتصفية حساباتك ومراجعة أخص شؤونك .
كل " دقة بتعليمة " ، وكل ضيق يحتضن فرصة ، وكل أزمة تنفرج بهبة عظيمة ، وكل ليل بهيم ينبلج بصبح جديد .
……………
يضعون الصور الرمادية كصور رمزية في حساباتهم الشخصية على أدوات الاتصال وشبكات التواصل .
شاب أنيق يعطي ظهره للكاميرا ، كوب قهوة تنبعث منه أبخرة ساخنة ، نصف وجه لشاب تبدو عليه ملامح حسرة أو ألم .
يمارسون الغموض كملاذ آمن ، يملكون أنماطاً شخصانية وهمية يحميها ظلام الاختباء .
يختارون اللون الرمادي كصفة محايدة فالألوان الصارخة تشق فضاء الهدوء المتخيّل .
يجدون في اللغة العربية الفصحى فخامة متناهية تغذي شعورهم بالأهمية .
في حياتهم الواقعية عادة ما يمتازون بالهدوء والترتيب والصمت الطويل .
……………
كل شخص يملك أسبابه الخاصة ، لا تتشابه المبررات عادة عند الأفراد .
كثيراً ما تكون تفسيراتك خائبة لمحاولة فهم أسباب تصرف الآخرين على نحو ما .
لكل شخص دوافعه وتخوفاته وظروفه الخاصة شديدة الحساسية ، لديه حزمة من المشاعر السلبية والإيجابية ، لديه تجربة فردية تتدخل في مسار تصرفاته وسلوكه .
" إحسان الظن " عبادة قلبية تعطي فرصة أوسع ومساحة أكبر لورود أسباب أقرب إلى الصواب وتفسيرات أدنى من الحقيقة .
الظلم كل الظلم في إساءة الظن ، والاحتقان النفسي يتسبب في الإسراع إلى اتهام الآخرين وتخمين المظنونات السلبية والمجتزأة .
…………
الكلام الحاد يعبر عن شخصية نزقة ، والكلام اللطيف يعبر عن شخصية رقيقة .
وعند الغضب تستبين المعالم الحقيقية !
…………
بالتجربة فإن " الأقرب هو الأبقى " فكما أن " الأقربون أولى بالمعروف " فإن " الأقربون أكثر وفاءاً للمعروف " .
ولا تعر اهتماماً لفكرة " الأقارب عقارب " أو " ظلم ذوي القربى أشد مضاضة " فهي وإن كانت صائبة إلى حد ما ولكنها ليست دائماً .
مع القرابة يصح أن تكون صديقاً وجليساً ووفياً وكريماً وحسن المعشر ، فتجمع خير الدنيا وأجر الآخرة .
كما أنه من المعيب أن تكون وفياً للبعيد وخصماً للقريب ، من القصور أن تكون كريماً وسمحاً وسهلاً مع القاصي وبخلاف ذلك مع الداني .
ولعلك تعرف متوالية الإحسان : كن خيراً لنفسك ثم لأهلك ثم لقرابتك ثم لمن هم دونهم .
وعن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه قال : ( أوصاني خليلي أن لا تأخذني في الله لومةُ لائم ، وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت ) .
…………
الحاجة المحورية لدى الطفل هي الاستمتاع ، ولدى الشاب هي القبول الاجتماعي ، ولدى الرجل هي الاستقرار ( العيش الطيب ) ، ولدى الكهل هي الراحة بمعناها اللحظي والأبدي .
…….……
إنما أبذل لك النصيحة وأنا أحق بها وأحوج إليها .
…….……
استضيفوا الفرح في مقاعد قلوبكم ، حتى لا يجد الحزن مجلساً منها .
استخدموا الألوان لطرد الشحوب من داخلكم ، فوحشة القلوب تنتجه قتامة المشاهد .
نوعوا أنشطتكم لتجدوا فيها ملاذاً من زحف السأم إلى حياتكم .
وظّفوا ذكرياتكم السارة لمقاومة جمود واقعكم .
استثمروا علاقاتكم الصادقة للشعور بالثقة والأمان ورفع أسهمكم الاجتماعية .
ابذلوا في مواطن العطاء الإيجابي ليعود عليكم بالانتعاش .
اعتصموا بالإيمان الصادق لأن فيه نجاتكم وربيع قلوبكم .
تعلقوا بالله وطوروا رأيكم الديني والتعبدي لحفز طاقاتكم والاحتماء باليقين والصدق من شراسة الخرافة ومخالب الشك .
…….……
وقد تقضي وقت فراغك في استنزاف ذكرياتك .
…….……
في الحب تتساوى عندك العداوات والصداقات ، لأن حضوره الاستثنائي يطوي المشاعر المبعثرة .
…….……
لو عرف الشقيّ ملاذ الحب لاستنجد به .
…….……
وفي المساء ينام المجهدون من جفاف القلب ، ويصحو المترعون من ماء الحب .
…….……
الراحلون يقتطعون بعضك .
…….……
التجديد مثل شرفات صباحية تحفّز النفوس للحياة .
…….……
النقد ينطوي على القبول بشرعية ما تنقده .
…….……
الحقد تعبير صارخ عن فشلك في بناء ما تنوي هدمه .
…….……
وقد تبكي لأمر مفرح ، وقد تضحك في شر البلاء .
…….……
التكرار يغلق نوافذ الحياة ، والسأم إعلان وفاة .
…….……
القلب المشبع بالحب يصدر موسيقاه الفيروزية فيضيء الوجه بابتسامة الرضا .
…….……
في الحب : لا تجد وقتاً للكراهية ولا متسعاً للبغض ولا مساحة لكره الآخرين ، إنك تنذر كل ذلك لأجل الحب .
…….……
حاول أن تكتب بطريقة سهلة ولكن دقيقة .
وهذا سر الإبداع ومعقد الصعوبة في آن واحد .
…………
إذا بالغ أحدهم في مدحك فاعتصم بموقفك الواقعي المتواضع عن قصورك ، لأن كثير المدح يهوي بك من علياء الغرور .
وإذا بالغ أحدهم في ذمك فاحتمي بموقفك الواثق المنطقي عن إمكاناتك ، لأن كثير الذم يصرعك قتيلاً لليأس .
وبكلا الحالين فإن موقفك من نفسك يدير معركة المدح والذم .
…………
إذا استثقلت أمراً يستحق الاهتمام أو أهملت أمراً لا يليق به الاستخفاف فراجع موقفك الذهني .
عادة ما تسيطر الصور الذهنية في تحديد مسار مشاعرنا وتشكيل سلوكنا .
فالصلاة مثلاً تثقل كاهل الشاب الذي تغذى على كونها واجباً لازماً وفريضة يعاقب تاركها بخزي الدنيا وعذاب الآخرة .
الأولى أن تكون الصلاة ملاذاً وطمأنينة وسلاماً وبرداً على ملازمها ، قبل أن تكون كل تلك المهالك المحدقة والمثالب المزهقة لمن يتهاون في شأنها ويستقل بقدرها .
إنما جعل العقاب والإرهاب استثناءاً لمن بالغ في تفويته وأسدل في إعراضه .
أحسنوا النصح حتى لا تضربوا بين الشباب والصلاة بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب .
…………
الإشاعة هي ما تتمنى أن يصيب خصمك ، أو ما تسد به ثغرة جهلك .
…………
القدوة مسؤولية اجتماعية .
……………
وإنك قد تريد لغيرك النصيحة ، فيمنعك الخجل من أخطائك !
…………
الحياة كفيلة بتقليم أظافر الكبرياء الفاحش لدى المغرور .
حاجة المغرور إلى الآخرين تضغط عليه للنزول من برج الاستغناء المزيف ، تضطره للتشارك والتعاون ، تساعد في تعليمه الواقعية والنظرة المتواضعة ، ترفع عنه نظارة الاستعلاء والخيلاء وتبقيه عارياً من رداء الاستعظام والاستفخام مكشوفاً عن ساق حاجته إلى غيره ، تسخّف أحقاده وتفتت محرضات العداء المستحكم في قلبه ، فيستيقن أن التشارك سبيله للاستقرار والسعادة والعيش .
وكثيراً ما رأيت هذا بأم عيني ، وليس آخرها اليوم ، كفانا الله وإياكم شر الغرور والكبر .
…….……
لو تكلف المتخاصمون الجلوس لحلحلة سوء التفاهم لانتهت الخلافات وانبنت الصداقات وازدانت القلوب واتسعت الصدور وأمطرت السماء وازدهرت الأرض واستنعمت البهائم واعتدلت الأمزجة واستقال الشيطان ورضي الله .
……………
في الدول والمؤسسات الجادة لا يعوّل على " رجل يخاف الله " كثيراً لأنها مسألة شخصية وارتباط وجداني أكثر منه أثر ملموس أو نتيجة قابلة للقياس .
برامج المراقبة وأنظمة المحاسبة هي الرهان الأصوب والشرط الضامن لنجاح عملية تسيير الأمور وتحقيق الأهداف .
وإن كان خوف الله وتقواه أكثر ما يحفّز الإنسان على الإحسان ويدفعه للإتقان ونشدان الكمال ، ولكن العيب يكون من كون هذه المخافة لا تتكرر غالباً لدى الأشخاص ولا يمكن ملاحقتها أو استبيانها .
……………
صديقي يمر بمرحلة مراهقة مزمنة .
غاضب من كل شيء ، متبرم لا يرضيه شيء .
أسرع من فتيل الزيت في الغضب اشتعالاً ، وأبدأ من العدو بالشر استهلالاً ، وأبطأ من الغافل في الخير إمهالاً ، وأبخل بالود من الشحيح إقلالاً .
وهذا إلى هنا أمر طبيعي وسياق فطري من جهة اضطراب المراهق وانفعاله وتوتره ، ولكن المشكل عندما يلقى جفاء وجهلاً وصداً من بيئاته المختلفة .
فينهره الوالد وتجفوه الوالدة ويمتعض منه الإخوة ويرفضه الأصدقاء ويقسو عليه المعلم ويوبّخه إمام المسجد ويؤزه الشيطان ويستقوي عليه هواه ، فماذا بعد ذلك نرجو منه غير الحدة والفظاظة والانهيار .
……..……
احترم خصوصيات أصدقائك ، فاختراق القناعات والتحفظات الخاصة بأصدقائك يزعزع الانسجام ويقضّ مضاجع الجلساء .
وإنك تجد بعض صحبك يميل إلى الإمساك بخلاف جودك ، وآخر يختار الكتمان على الإفصاح ، وغيره يحب العتاب على الإعذار ، ودونه شخص لحوح بخلاف إمهالك .
ليس من الضرورة أن يؤمن المقربون منك بأفكارك ، أو يقتنعون باختياراتك ، أو يوافقون مذاقاتك ، هناك مسافة من الاختلاف والتنوع والتلون تعطي متعة ولذة وتجدد .
إذا حاولت كسر الحواجز التي تفصل التباينات ، وإذا تجشمت صناعة التماهي المجحف والتماثل المتكلف فإنك تتلف العلاقة وتسيء إلى جلسائك .
حاول ألا تشتغل على تغيير مزاجات من حولك أو إرغامهم على تبديل هوياتهم لأنها سر الانسجام ومعقد التناغم وعلة التوافق .
……………
الأشياء التي تتعود على غيابها ، ربما تستثقل حضورها .
……………
الصداقة مشروع تسوية بين أطرافها ، يتنازل الأصدقاء عن مستوى من الحرية والخصوصية وكنز الأسرار لبعضهم ، ويتقاسمون حصصاً متقاربة من الاهتمامات والحاجات .
وهذا لا ينفي فكرة العطاء المحض الذي لا ينتظر جزاء ولا شكوراً ، ولكن يدعمه بمكون واقعي يزيدها متانة ورصانة .
……………
ليس من الحصف ولا من النصف مصادمة المراهق أو مصادرته .
……………
نحتاج في ثقافتنا الاجتماعية ونظامنا التعليمي إلى تضمين المكون الصوفي الذي يمتاز بموقف نوراني وعميق عن الله بعد تخليصه من الشطحات والمساوئ الاعتقادية .
لقد نُزع هذا المكون الوجداني العميق من الثقافة الاجتماعية والنظام التعليمي بأمر المذهب الأحادي الصارم وببطش الدولة الممالئة .
لا يمتلك الشباب على وجه الخصوص تجربة معرفية وتعبدية جيدة عن الله ، فهي إما صلة مادية بحتة على أساس الأخذ والعطاء ( العبادة مقابل النعم أو الالتزام الديني مقابل الثواب والجنة ) ، أو علاقة مبتوتة وجفوة قاحلة تماماً .
نحن بحاجة إلى معاني مثل الخجل من الله والاسترحام والاستلطاف والتملق إليه والوقوف ببابه وعلى عتباته ودواليك مما يثري العلاقة وبجسّر التواصل ويردم هوّة الجفوة .
يمضي على الإنسان وقت طويل قبل أن يتعرف على الله بنحو سليم وأصيل فيبلى بمرض أو هَرَمْ فيكتشف طريقاً من الاتصال الوجداني وسبيلاً وارفاً مورقاً بالرحمة والإحسان .
هذا ما قد يثمره المرض أو ينتجه إيمان العجائز ولكن ما الشأن بالنسبة إلى شاب مقبل على الحياة تدهمه النوائب ويتصرّم عمره وهو مقطوع الصلة بالله أو نافر منه بفعل ثقافة الترهيب وخطاب الجفاف الوجداني .
حاجتنا ماسة إلى تصحيح مفاهيمنا وتطوير رؤانا الاعتقادية بما يجعل الإيمان جهازاً فاعلاً في النفوس وداعياً نابضاً في القلوب مع الاهتمام بسلامة الاعتقاد وبيضة التوحيد ومحجة الإيمان .
……………
في الاستغناء عن الناس كرامة ورفعة .
ولكن إذا جاء هذا على سبيل التعفف ورفع الحرج عن الناس وحفظ ماء الوجه والثقة بمكتوب الله والاعتماد على النفس .
أما لو جاء بسبيل الكبر والتعالي والاعتداد بالنفس وغمط الناس وبطر الحق فهو وبال وإذلال .
إنما جعل الناس ليتشاركوا والشعوب والقبائل لتعارفوا والأمم والجماعات ليتعاونوا ويتجاسروا .
وهي سنة إلهية وكونية من خالفها وجرى على عكس طبيعتها باء بالفشل والخسران وناله الأسى والهوان .
……………
لا تسلّم بالأشياء على سجيتها ، فربما تراكم عليها من التقادم والتقليد والعادة والخرافة والطبع ما أفسد طبيعتها وشوّه حقيقتها .
كن ثورياً على نحو ما في تلقي الأفكار والمعاني ، كن متمرداً وأعمل عقلك وبصرك وما أوتيت من أدوات الفحص والنقض حتى تبلغ من الأشياء لبّها وتفوز بقلبها ، فتفوز بعلم لا قِبَلْ لأحد بمثله .
……….…
في الحياة لدى الإنسان عادة أشبه ما تكون بآلة تمزيق الورق ، أو يشبه راحلة تتنازل عن سقط متاعها وبعض حمولاتها كل ما أمعنت في التقدم وزاد حجم الإرهاق وما تلقاه من جهد السفر ومشقة التنقل .
وهذا عندما يقل حماس الإنسان تجاه ما كان يصنف كدرجة أولى في سلم الاهتمامات .
بالتقادم ينخفض مستوى رغبة الإنسان في منازلة الخصوم ومنافحة الأعداء .
مع مرور الزمن يتنازل الإنسان عن أحلامه القديمة وتلك الطموحات التي كانت تستغرق عنايته .
مع مضي العمر يبدأ الإنسان في التخلي عن تحفظاته وإبداء ملاحظاته وكل الأشياء يركنها في خانة المعتاد .
وأكثر مراحله إياساً عندما يتوقف عن الحب ويعطل حاسته العاطفية ويحسم دفقه الوجداني ، يغدو مثل كوخ مهجور في زاوية قرية فارقها ساكنوها .
هكذا يبدو الإنسان في رحلته باتجاه النهاية ، يتهاوى كلما اقترب من الأشواط الأخيرة ، يتلاشى بينما تكتمل أجزاء الخاتمة .
ماذا لو ولد الإنسان شيخاً ؟ ثم يعيش على نحو متناقص باتجاه الطفولة .
………..…
حجم الصدمة متوقف على مساحة الثقة ، ومقدار الفجيعة متسق مع مستوى التوقع الفاحش والأمل المبالغ فيه .
على نياتكم ترزقون ، وعلى منوال سذاجتكم تجزون .
…………
لا تستطيع أن تتعاطى الحب مع أموات القلوب ، أولئك الذين لا يشعرون تجاه الحياة بأي معنى سوى مشاغلهم اليومية والمشاوير التي يقضونها ضحى وعشية كل يوم من الدنيا .
………….
فترة الاختبارات بالنسبة للطلاب تشبه إلى حد بعيد المجتمعات المنغلقة بالنسبة إلى أفرادها ، ووجه الشبه هو حجم الكبت الذي يؤدي إلى حالات انفجار راديكالي يتجاوز ضوابط السلوك وقيم ومبادئ الضبط الاجتماعي .
ولأن المدرسة فقدت هيبتها وقيمتها في ثقافة المجتمع فإنهم يعتقدون أن الاختبارات قنطرة واهمة باتجاه الخروج بأقل التكاليف والجهد لتحقيق كسب النجاح .
وكذا المجتمعات المنغلقة التي خسرت قيمها وثوابتها رصيدها من ثقة وقناعة الشباب الثائر المضطرب فإنهم يعتبرون الالتزام بها ضرباً من القيد الاعتباطي وصورة من الكراهة والرفض .
…………
كن رجلاً مبادئياً ، واحترم الكلمة التي تدلي بها لغيرك والصورة التي تظهر بها أمام من حولك .
وحتى أكون واقعياً : حافظ على مستوى جيد من التقارب بين باطنك وظاهرك ، قيمك وسلوكك ، مصالحك ومبادئك .
لا تتلون بشكل صارخ على حسب أهوائك ومصالحك ومكاسبك ، وحافظ على لون معتدل ينتظم ما فيه نفعك وما لا يصادم صورتك .
الثبات الاجتماعي مهم للحفاظ على قيمتك وبريق صورتك وفاعليتك ودوام أثرك وذكرك .
المصلحة موقف آني وحاجة عابرة ومحطة مؤقتة ، والمبادئ هي الزمان الحقيقي الذي يفترض أن يستوعب سلوكك وتصرفاتك وطريقة حياتك .
……………
عندما تدلي بمخزون علمك ومكنوز معرفتك فأكرم منزلها عند من يقدرها حق قدرها ويعرف ثمين مادتها وأصيل جوهرها .
وعندما تريد أن تقطف من العلم أجناه وتنتقي من المعرفة أطيبها وأنضجها فعليك بأمهات الكتب ومراجع العلوم ومتون الفنون .
ثم انزل من علياء عقلك إلى ساحل واقعك ومنخفض أرضك حتى تحقق علومك وتستيقن مفهوماتك وتتخفف من أثقال ثقتك العمياء وأحمال ظنك المسرف .
فإن في الواقع فجوة لا تسدها ورقات الكتب ولو حشوتها بما طبع منذ فجر الكتابة حتى مغربها ما وجدت لذلك سبيلاً .
……….…
فيما يبدو أن " الكتوم " يستطيع أن يحافظ على بريقه الاجتماعي ولكنه يتلظى من آلامه الداخلية ويعاني قسوة الضمير وجروح الروح النازفة .
أما " الفضوح " ممن يبث أسراره ويكشف عن ساق مشاعره المبرحة فهو منخفض القيمة اجتماعياً وأقرب للسذاجة ولكنه يتعافى نفسياً ويداوي جروحه الداخلية لأنه يقذف بها إلى الخارج ويتخلص من غلوائها في مسامع الآخرين .
اكتم ما يضرّك البوح به ، واختر للفضفضة من هو أهل للثقة ، ولا تنسى أن الاستشارة فوق منفعتها في اختيار القرار الصائب وتحين الخيار السليم فإنها فوق ذلك طبابة نفسية ومصحة وجدانية ، فالزمها عند من يؤتمن جانبه .
……………
انزل إلى الشارع تجد كهلاً ينشد سبيلاً إلى الراحة الأبدية ، وهو أزهد ما يكون في علم أو معرفة مؤداها مزيد من الجهل ، وقد سبر الحياة وخبرها وما خرج منها إلا بالانتظار لما يلقاه فيما يلحق منيته ويتبع أجله اليقين .
وتجد شاباً أنهكه الأرق وأذهله القلق ، وقد كان مغروراً بفتوته ومعتداً بذاته فأسرف في ثقته وأمعن في تفاؤله فما أفاق إلا بعاصف ضعفه وقسوة واقعه .
وتجد امرأة ضعيفة تواجه حياتها وتكابد لمستقبل فلذاتها وقد تركها رجلها الأناني عارية أمام شظف الحياة وصعوبات الحياة تواجه علقماً ولا تجزى شكوراً .
وتجد طفلاً لاهياً يقضي جملة يومه في شغف الاستطلاع حتى يستبد به النوم ، لديه رغبة عارمة في الازدياد من الحياة إلى درجة العبث .
يا الله ، ما أجمل وأصدق وأعمق أيام الطفولة .
………….
وقد يصلب ذهنك مع إيقاع المدن المتسارع ، فتثوب إلى قريتك بنسقها المطمئن وسيرها المتباطئ فتبدو أسارير عقلك وتفيض ينابيع فكرك .
وقد يشقى عقلك من إجهاد القراءة ورهق التفكير ، فتنثني إلى الراحة وتستقيل من الجري الفكري حتى تجد في البال مستراحاً وفي الدماغ انشراحاً .
……………
يسألني إذا كنت أطبق كل ما أكتبه ، أو إذا كان ما أكتب هو تفسير لسلوكي أو تعبير عن تصرفاتي .
فقلت : لا !
……….……
لا تنخرط في مشاريع تصفية الحسابات الخارجية .
لا تكن حطباً لوقود الثارات المشتعلة في حروب لا ناقة لك فيها ولا جمل ولا متاع ولا حمل .
امتلك قرارك المستقل في الحرب والسلم والتحليل والفهم .
……………
عندما يخطئ شخص ما في حقك : حافظ على انضباطك العفوي ولا تتهور في ردة الفعل .
…………
لا ينفع بخل مع الاستقامة ، ولا يصح طمع وجشع مع التدين ، ولا يستقيم غضب وتنمّر مع الالتزام .
الاستقامة ( المطواعة ) لا تسلخك عن طبيعتك ولكنها تدربك على محاسن الخصال وأفضل الأعمال ، تحسن قابلياتك وتطور ذهانتك وترقق وجدانك .
التدين الحقيقي يربطك بالغايات العظيمة ، ويسخّف دنياك ومطامعك الضئيلة ، يطير بك إلى حيث تصغر عندك كبائر الدنيا وتهون عندك مطامع الأرض .
كيف لجشع أن يستقيم والمال ينازع قلبه ؟ وحب الدنيا يقتطع بضعة من اهتمامه ؟ وكيف لمتنمّر أن يستقيم والغضب يزاحم إيمانه ؟ والشدة تنزع الرحمة من فؤاده ويستدعي الشيطان إلى ضيافة دائمة حيث يروق له الغضوب المستوفز .
الالتزام الذي قوامه ومرامه العبادات المركومة والطقوس المعدومة لا يغني ولا يثمر ، فإن الله أغنى عن صلاة الفاحش وصوم الجشع ، إلا إذا كان له منها استرقاق قلبه والرحمة على الناس وإرادة الخير لهم والإحسان إلى الخلق والشفقة بهم .
اجعلوا أخلاقكم دليلاً على تدينكم واستقامتكم ، ولا تجعلوا دينكم مبرراً لغضبتكم وجشعكم .
……………
لو لم تختر لنفسك خصماً ، ربما تبوء بأحمال التقصير ، ثم تبالغ في جلد ذاتك ، فتنهار تحت وطأة الشعور بالعجز .
أعتقد أن الخصومة أحياناً تخفف من ذلك وتساعد في بناء التوازن والتمتع بقدر من الاعتدال .
ليس بالضرورة أن تكون جميع الأخطاء مسؤوليتك لوحدك ، الظروف المتعثرة والحظ البائس وحكمة المقدّر وترتيبات الحياة وعجز البيئة وأشياء أخر يمكن أن تتدخل في بعض إخفاقك .
صحيح أن التحدي الحقيقي هو تجاوز كل هذه المعوقات والحواجز ، ولكن عدم الاستطاعة لا تعني أنك فاشل دائماً .
اقتصد في لوم نفسك !
.……………
هناك كثير غيرك يستطيع الكتابة بشكل جيد وربما مبهر إلى درجة الإعجاز ، ولكن قليل من يستطيع العمل حتى ولو بدرجة معقولة ومقبولة .
……………
من الصعب إقناع رجل مصرّ على عداوتك بأن هناك فرصة للتسامح .
……………
تباً لهذا العقل !
أصبحت قليلاً ما أضحك على النكات ومقاطع الفيديو الكوميدية إذا كان فيها متناقض منطقي .
رغم أن النكتة تعمل على ضرب قواعد العقل وتراتيب المنطق ، ولكن من اشتغل على ترقية عقله أفسد عفويته وتلقائيته .
………
لا يحقق النجاح إلا ذلك الذي يمضي باتجاه هدفه ولا تغريه ملهيات الطريق ، إنه التركيز .
…………
لا تأخذ الإجابات التي تناسبك فقط ، ومارس الأسئلة غير المريحة .
……………
أسبغ على أبنائك بالحب ، وإلا فإن عروض الشارع مغرية إذا صادفت خواء وفراغاً .
………
الارتباط الاجتماعي مكلف من جهة لأنه يلزمك أن تتنازل عن بعض خصوصيتك وتقتص جزءاً من منطقة نفوذك لصالح من يقاسمك إياها ، وفي أحسن الأحوال يشاركك فيها ، وفي أندر الأحوال تستلذ بمشاطرته لك .
……………
يأسرني أولئك الأشخاص الذين يعملون لغيرهم وكأنهم يخدمون أنفسهم بل أكثر إتقاناً وأمانة وصدقاً .
أعرف ثلة من هؤلاء ، يملكون قلوباً شفيفة ونفوساً رقيقة ، يحبون الخير للغير وسريعاً ما يعفون للمقصر ويتجاوزون إساءاته .
وربما انقبض تجاهك يوماً فإذا ما طلبته لخدمة أو سألته عوناً إلا كان أسبق من سؤالك وأعجل من طلبك .
…………
الإنسان عنده قدرة فائقة على التكيف ، ولو عاش في جوف وادي قفر بهيم لعشق فيه الحجر الأملس وصاحَب الصخرة الصماء واستعدى الجبل الوعر .
أنّى ألقيت به يتأقلم ، وكيف ما ألفيته لن يعدم ما يجد ما يعيش به ويحيا له وينام ويقوم ويأكل ويشرب ويجري ويلعب من أجله .
ماذا عن الأشخاص الذين حازوا حياة مستقرة ، ومواهب مبشرة ، وإمكانات جيدة وظروفاً مناسبة وبيئة صالحة ثم أهملوا ذلك وأسلموا أرواحهم لليأس والقنوط والتسخط ؟
……………
الإنسان كائن ذاتي مصلحي يجعل من نفسه مبدأ الأشياء ومنتهاها .
فهو يناقش القضايا من زاوية اهتمامه ، ويتعاطى الحياة من جانب منفعته ، ويتناول المطامح من جهة إرادته ، ويجتزأ رأيه في الآخرين بناء على ما يصله منهم وما انقطع عنهم .
هذا وإن كان فيه جانب من ضيق المصلحة والأنانية ، لكنه أصل الحياة وماكينة الدنيا الفاعلة التي بها تستمر وعلى أساسها تستقيم .
……………
اصدق مع نفسك أولاً ، ثم مع من حولك فالأدنى فالأدنى .
ما قيمة الحياة وهي متجردة من الصدق ، فتعيش مزدوجاً في قيمك ومبادئك ، مضطرباً فيما يعتاده الناس منك ، ومذبذباً لا تقر على حال ولا يعرف لك مآل .
إذا اتبعت هواك لقيت لذة زائفة لكنك ولو آجلاً ستلقى عاقبة ذلك .
……………
الرسائل السلبية لا ترى بالعين المجردة ، ولكنها تؤذيك من حيث لا تشعر .
تترسب في باطنك العقلي والوجداني و
وإذ تظن أنك في مأمن منها ثم ما تلبث أن تنقض على جدار ثقتك بنفسك واعتدادك بإمكاناتك فتهوي به حتى لا تقوم له قائمة ولا يشاد به بنيان .
والسلبية عدوى عامة تتسرب إلى المحيط وتؤثر في الآخرين ، ومن هنا تأتي أهمية مخالطة المفعمين بالتفاؤل والإيجابية ، فأحسن اختيار رفقتك .
………………
عدل أساليبك القديمة ! لن تحافظ على مكتسباتك بنفس خطط الهجوم والدفاع التقليدية .
البنى المستحيلة على التغيير لا تصمد طويلاً أمام الزمان المتطاول ، والنفوس المشادة بلبنات صلبة وقطع متماسكة تنهار من الداخل وتهوي بها الشقوق الضمنية .
……………
عادة لا يجد المستغرقون في مشاريعهم الجادة أي فرصة للانخراط فيما يستنزف أوقات أولئك المتساهلون في العناية بأهدافهم ومستقبلهم .
وهم عادة لا يتسع وقتهم ولا جهدهم لملاحقة عيوب الآخرين ولا يتمكن منهم اليأس أو الإحساس بالعجز .
ضآلة النفوس وتضعضع القلوب يأتي من الفراغ القاتل الذي يعود على الإنسان بشعور المهانة والابتذال .
.………………
أفضّل أن يصنع الإنسان في حياته منطقة ( حظر الأسئلة ) إذ لا يجوز لسؤال مزعج أن يجول في طرقات النفس الهادئة ويقضّ مضاجع العفوية والبساطة الهاجعة في مرقد الطبع المتسامح .
سؤال الكرامة في عقد الصداقة رصاصة تقتل روح المودة ، وسؤال المادة في عش الزوجية قبضة تخنق روح التراحم والتشارك ، وسؤال الشك في حضرة الغيب يودي بالتهلكة ويهدم عمق الديانة .
وسؤال العيب عند شهود الجمال ، وسؤال العتاب عند الإحسان ، وسؤال الانضباط عند الترويح .
السؤال قوة علمية ، وعادة إيجابية ، وموقف إيمان بالإنسان وطلب للكمال ، ولكنه أحياناً سوء في الأدب وتكلف في الطلب .
………………
كيف تكون متدفقاً بالأفكار ومتفجراً بالمعاني ؟
مارس الشك ، لأن تلك المعارف المستقرة والحقائق المشتهرة لا تستحق تلك الهالة القدسية الزائفة .
ادخل المناطق المحظورة بمرسوم اجتماعي تقاليدي واكسر حاجز المناعة الفكرية وقوانين الاستبداد الثقافي .
ابذل منتجاً جريئاً فوق السذاجة ودون الوقاحة ، ومارس اجتهادك الشخصي واستفتي إمكاناتك المكنوزة .
…………….…
نحن بحاجة إلى إعادة اكتشاف بعضنا البعض .
لقد تباعدنا بطريقة فظيعة بسبب ما أحدثته أدوات الاتصال وما نجم في نفوس البشر وأفسد أذهانهم وخالف ما بينهم .
يحصل أن تجمعك صدفة ما بشخص كنت تراه بغيضاً كريها لا يروق لك ولا يستساغ ثم يفجؤك طبعه السمح وجانبه اللين ومعشره الطيب فتغير رأيك وتبدل فكرتك .
يحسن بالإنسان أن يتحكم بالمسافات التي تفصله عن الآخرين بما يكفي للمناورة وإحسان الظن وإعادة النظر دائماً .
…………
لماذا يتفاءل غير المؤمنين أكثر من غيرهم ؟ هل التفاؤل تقنية نفسية أكثر منه مردود إيماني ؟
المعطى الثقافي يقول أن التفاؤل ( الاطمئنان بالتعبير القرآني ) هو نتيجة الالتزام الديني وهذا صحيح إلى حد بعيد ، ولكن في المقابل هناك من يملك القدرة على التفاؤل وتوظيف ذلك في ترقية إمكاناته النفسية وينعكس هذا على إنتاجه الشخصي ، إنها متتالية نفسية إنتاجية ثرية وفاعلة غير أن المكون الديني لم يتدخل فيها بشكل مؤثر وكافي .
ومما يلفت نظر الانتباه ثلة من المؤمنين والمشتغلين على العبادات الدينية لا يملكون حظاً من التفاؤل وتكاد تجزم أنهم أتعس خلق الله وأكثرهم كسلاً وهملاً وأقلهم أملاً وعملاً وإنتاجية .
…………………
الحقيقة المستقرة بالنسبة لك ، لا تحمل نفس التقدير بالنسبة للآخر .
……………
احذر من تلك الأسئلة التي تحمل إجابات جاهزة ، أو التأثير على مسار الإجابة باتجاه مرادك الذي تحب .
حينها لا يكون السؤال بوابة للمعرفة ولكنه ترسيخ للجهل واستضافة دائمة للسلبيات .
………………
لماذا نخفي بعض أجزاء من حياتنا دون مبرر كافي ؟
الستر الشرعي ليس ما نتداوله اليوم ، والحياء لا ينطبق على مبالغاتنا في التحفظ الاجتماعي .
وكثيراً ما ينعكس هذا التوجس المتوتر على ممارسة ما نخفيه بشكل صارخ وراء الأبواب المغلقة .
مقدار كبير من حياتنا نخفيه وراء ستار العيب والموقف من الناس والقليل منها نمارسه في العلن بقدر كبير من الزيف والتردد .
جميل أن نعمل على رفع الأغلال والآصار الاجتماعية العتيقة ونعلن حياة جديدة ليلها كنهارها .
………………
لا تكلف الحياة إسعادك ، لا تبالغ في طموحك منها ، ولا تنظر إليها إلا بقليل من عين الثقة وكثير من اليقين أنها متبدلة ولا تدوم .
ومع هذا عليك أن تعيشها باستمتاع والتذاذ حتى لا يفوق ضيقك سعتك ولا يتفوق حزنك على فرحك ولا يغلب عبوسك انبساطك أو تشاؤك تفاؤلك .
………
لا تغير شيئاً من خططك عند أول تحدي يشاغب قدرتك على التحمل والاصطبار ، لا تسرع إلى التنازل عن حلمك عندما يسخر أحدهم منك ، ولا تنخفض ثقتك بمستقبلك عندما تواجه مثبطاً يتلو عليك محفوظاته السلبية .
احتفظ بخطواتك المرسومة وامشي إلى أهدافك المعلومة بثقة وتؤدة وإصرار ، واجعل لك من أصدق أصحابك مستشاراً وأميناً لسرك .
…………….
أحياناً يكون لديك فائض من العلاقات الاجتماعية لا تكون عادة في حاجة إليه ، وربما يرغمك ذلك على صرف المزيد من الوقت الضائع على تلك الارتباطات الاجتماعية السائبة .
الأفضل أن تخفض من مستوى التواصل مع تلك العلاقات التي تهدر وقتك دون مردود حقيقي ، فهذا أحفظ لوقتك ولماء وجهك وأنفع لعلاقاتك التي تأتي في خانة الواجب والإلزام .
………………
صديقي لا يكتب إلا في سلبيات الحياة ، ولا ينتقي من الكلمات إلا أكثرها فظاعة وأشدها وقعاً وأعسرها هظماً .
عندما تجول في منشوراته ، أو تطالع في صوره الرمزية أو حالاته الراهنة بحسبانها دليلاً إليه وتعبيراً عنه ، لا تخرج منها إلا وكأنك كنت في مجلس كربلائي شديد القتامة .
تخرج منها وقد أدمتك مناشير العتاب واللوم والتأنيب ، يقدّ حرفه من تجربته البائسة ويغرسه في صدر صفحته الإلكترونية البريئة .
……………
لدينا بقايا طفولة تصدر في مواقف العفوية وتختبئ وراء ستار المجتمع الرسمي .
نعيش فيها حظاً من الانبساط والاسترسال ولا تستغلق النفوس ولا تضيق الصدور .
بين يدي والديك ، وصديقك الملاصق ، وزوجك المرافق ، وطفلك المعانق ، تعيش مستوى من التباسط والعفوية وكأن فطرتك تنتعش من جديد .
أحيوا موات طفولتكم الراسبة في النفوس لتهنأوا بساعات من الاستشفاء بروح البساطة .
…………
لا تصدق ظنونك الفاجرة في الآخرين ، وما تعتقده في الآخرين ليس هو الحقيقة الصائبة دائماً .
أنت تتصور رغباتك الدفينة وتعتقد في الآخرين ما تتمنى نيله والحصول عليه .
………………
عادة نحن لا نرى أخطاءنا بشكل واضح ، وفي المقابل نرى أبسط حقوقنا وكأنها أوجب الواجبات .
……….…
كل شخص يراهن على حضوره المحلي في المقام الأول ، يكتسب قوته الاجتماعية من إمكانات بيئته وظروفه المحيطة .
أولئك الأشخاص الذين ينبتون خارج صناديقهم المحلية ، يولدون مثل جسم شاذ غير ناضج ولا مكتمل .
………………
ستندم طويلاً عندما تعطي أحداً لا يستحق ، الحق في اختراق خصوصيتك الشخصية .
ستشعر بالألم المزعج عندما يتجاوز ذلك الشخص كل حدود الأدب واللياقة لأنك ستتحمل إلى ما لا نهاية .
من الجيد أن يتوقف ذلك في الوقت المناسب قبل أن تتفاقم المشكلة ويتنامى إحساسه البليد تجاهك .
…………………
المجاملة ليست منافقة .
المجاملة هي ملاطفة اجتماعية ، أن تبالغ في مدح الجيد ، أن تتجاوز الموضوعية في وصف الجانب الحسن ، هي نتاج اللباقة الشخصية .
المنافقة هي أن تظهر خلاف ما تبطن ، أن تخادع في وصفك وتزيين القبيح وتمجيد الساقط ، هي أن تتلون على هوى مصلحتك وتحت نير الضغوط الراهنة .
ولذا ، كن مجاملاً بمستوى بسيط واحذر أن تكون منافقاً ولو بأقل قدر .
…….………
لا تكن لغزاً محيراً أو أحجية يصعب تفكيكها بالنسبة لمن يحيط بك .
لا يضيف إليك هذا أي قيمة تذكر ، بل يزيد غموضك من انحسارك ويضاعف كتمانك من تجاهل الناس لك وابتعادهم عنك .
……………
العفو عند المقدرة ، يعني أن التسامح موقف قوة وليس تعبيراً عن الضعف .
ولكن هذا لا يحصل دائماً ، إذ يكون التسامح أحياناً مغرياً للمنتهزين فيجددون الإساءة لك والخطيئة في حقك .
الحرب تحقق السلام كما يقول استراتيجيو الغرب المتقدم ، يبذلون المال والنفس لخوض حروب ترجح كفتهم لحظة عقد مواثيق السلام .
………………
الناس تحب الطيب وتحترم القوي .
……………
إذا تغيّر عليك أحد أصدقائك باتجاه الغلظة والجفوة ، فحذار أن تنتصر لنفسك وتسرع إلى اتهامه بالخيانة وسوء العشرة وقلة المروءة .
فتش في تاريخ تصرفاتك ، لعلك أسأت إليه من حيث لا تدري ، ربما انتقصت من قدره وتسببت في إهانته ، ثم نسيت ذلك في غمرة الأيام .
الثقافة الاجتماعية نفخت في نفوسنا كبرياءاً مزيفاً ، واعتقدنا أننا على صواب دائماً وغيرنا هو المخطئ والمقصر والمبادر بالإساءة ، دائماً ما نتمسك ببراءة ساحتنا وسلامة سلوكنا ، وكثيراً ما نعلق اختلاف الآخرين على سوء أخلاقهم وهشاشة أدبهم .
رب تصرف عابر أو كلمة عفوية خرجت من فمك فجرحت قلبه وعلقت في ذهنه وأنبتت شجرة الفراق .
راجع حساباتك ، واعترف بقصورك ، وقل كلمة الاعتذار بقلب صادق ونية حسنة ، تظفر بحياة السعد تربت يداك .
………………
يختلف الناس في حماسهم للحب أو شغفهم بالبغضاء .
فتجد بعضهم يسرع للمحبة والود ولو ظهر منه أدنى سبب وأضعف دليل ، بخلافه من يقتحم مواطن الضغينة والحقد مهرولاً وكأنه بشّر بالجنة .
وهذا يعود إلى تراكيبهم النفسية واستعداداتهم الداخلية وحجم تجاربهم الحياتية ومستوياتهم الذهنية .
…………………
لا تتخوّف من تبدل قناعاتك وتحوّل موقعك كلما تقدم بك العمر ومضى بك الزمان ، لعل هذا ما ينبغي أن تكون عليه وما يليق بإنسان لا يتوقف عن تصحيح أوضاعه وتسديد مواقفه .
الإنسان لا يتوقف ، يتطور بطريقة متنامية ، ربما يخسر بعض مكاسبه ولكن الفرص تتسع والإمكانات تصبح أكثر استيعاباً وقابلية ، الطفولة مشعّة ولكن الشباب ناضج ، الصبا تسلية ولكن البلوغ قوة .
إذا كنت على حال جيدة الآن ، ربما تكون في أفضل منها لاحقاً ، إذا كان حاضرك يسبقي جهدك ويحفظ إمكاناتك ربما بلغ حالك مبلغاً تزداد فعالية وتضيء بالإيجابية .
دائماً توقع الأفضل ، ولا تختصم مع التغيير ، ولا تحتجب وراء ستار المخاوف عن مستقبل مشرق وأمل يورق .
……………
يتمادى الإنسان الأحمق في الإساءة لك إذا أسرفت في العفو عنه .
………………
معركتك ليست فلان أو فلان ، أنت أكبر من ذلك والحياة أهم من هذا .
معركتك الحقيقية هي الإجابة على سؤال : كيف تعيش على نحو مشرّف ؟
ولتعلم أن سؤالاً مثل هذا لن يطرأ على بال رجل اجتزأ حياته في سفاسف الأمور ، ونذرها لأسخف المطالب .
هذا السؤال وقْفٌ على تلك النفوس العظيمة ، والعقول الكبيرة ، والضمائر المستيقظة .
أولئك الذين دفنوا أرواحهم في مقبرة الإفلاس ، وأغرقوا عقولهم بالتوافه المزدحمة ، وعطلوا قلوبهم بالحظوظ الضيقة ، لا يستحقون إلا حياة العار والصغار .
………………
فقد العم أحمد ابنته الصغرى بطريقة مأساوية ، وقعت ضحية حادث تصادم مروع ، عندما ودّعتها والدتها للمرة الأخيرة لم ترى ملامحها إذ يغطيها قماش طبي أبيض يخفي وجهها الدامي .
رفع والدها أذان العصر من مسجد الحارة بعد ساعات قليلة من دفنها في زاوية القرية ، كان الأذان مختلفاً عن نسخه السابقة ، إذ كان العم أحمد وكالعادة ينوب المؤذن الرسمي في مهمته ، وصادف ذلك يوم وفاة ابنته ، ولم يتغيب !
صدح بالتكبير والتهليل بطريقة عميقة ، كان حلقه يضجّ بالإيمان ، كنت أشعر بالألم يقطع كبده وهو يرفع عقيرة صوته بوحدانية الله ، كان موقفه بخسارة ابنته شديد الوقع ، غير أنه يتّكأ على إيمان قوي وصبر متين .
كانت أحبّ بناته إليه وترافقه في كل مشاويره القصيرة والنائية ، المرة الوحيدة التي لم تكن بمعيّته عادت إلى البيت جسداً بلا روح .
لم يرزق العم أحمد بالذكور ، لكنه لم يشعر لحظة واحدة بالضيق أو الانزعاج ، كان يضمّ ابنته الأصغر سناً إلى صدره أيام حياتها بكثير من الفخر والامتنان ، كانت تمدّه بأسباب العيش والاستمرار منتصباً أمام قسوة الحياة .
المؤمن كائن ذو حظ عظيم ، لأنه يجد في المسجد والصلاة وعند الله منجاة من ويل المصائب وملاذاً وارفاً من بأسها ، الكثير تدفعه المصيبة لمراجعة حاله مع الله ، والقليل تزيده المصيبة ثقة بالله وتعلقاً به ، إذ تبدو الابتلاءات أحياناً مثل سلالم صعود إلى درجات الصابرين في أعلى علّيين .
على المبتلى أن يشعر بالفخر لا بالضيق لأن الله يختاره بتمحيص إيمانه وتصفية قلبه ، عليه أن يشعر بالأمان لأن الله يصطفيه بما يعلي درجته ويرفع منزلته ويقربه إليه زلفى ، يقترب المبتلى من صفوف الأنبياء كلما زاد حجم الابتلاء .
هذا ينطبق تماماً - ولا نزكي أحداً - على العم أحمد ، إذ يعتبر ونحن شهود الله في أرضه من أوائل جماعة المسجد وممن تعلق قلبه بالقرآن حتى لا يكاد يسمع بآية من القرآن إلا أتمّها عن ظهر قلب ، رجل بسيط لا يحمل من العلم شيء غير أنه لا يقضي وقته إلا في صلاة وتلاوة قرآن أو في قضاء حاجة أهله وقليل من عمره ذهب سدى .
الحقيقة أنني أشعر بالارتياح عندما أكتب عن المأساة ، ربما لأنها المرة الوحيدة التي أكتب فيها بصدق ونبل وإنسانية .
………………
سأقول الآن شيئاً يندى له الجبين :
انتهى أحد الشباب من عامه الدراسي في المرحلة الثانوية ، وتعرض لموقف مربك ، وذلك عندما راوده على نفسه أقرب زملائه إليه وألصقهم به ، استخدم زميله كل حيل الترغيب والترهيب دون جدوى ثم استسلم ليأسه ، وبقي الشاب مصدوماً من جرأة زميله ومستوى أخلاقه .
بردت العلاقة وانغمس الشاب في إجازته الصيفية ليبدأ سيل من الرسائل القصيرة ينهمر على هاتفه ، أحد المعلمين يبعث رسائل شخصية فيها ما يثير الريبة ويدعو للتوجس ، حاول الشاب أن يتجاهله ولكنه يمعن في الإرسال والاحتمال ، وسيكون من المحرج إذا قلت أنه معلم لمواد الدين في مدرسة ابتدائية .
لم يمضي كثير من الوقت على غزوة الهاتف حتى تعرض ذلك الشاب لموقف ابتزاز صارخ ، عندما طلب أحد الموظفين الحكوميين رقم هاتفه مقابل إسقاط غرامة بحق هذا الشاب ، حصل الموظف على الرقم وفي أول مهاتفة بينهما هبط مستوى الحديث إلى مباشرة الرغبة في علاقة غير منضبطة ، وسرعان ما تهرّب الموظف بمجرد تهديده بتدخل والد الشاب .
غير بعيد عن ذلك الموقف حتى تعرّضت له فتاة جميلة بقصد إغرائه والتواصل معه ، لم يتحفظ الشاب كثيراً تجاه هذا الموقف وأبدى استعداده الكامل وتنامت العلاقة إلى حدود غير مسبوقة .
حصل كل ذلك في حوالي أسبوعين فقط ، ووقفت أنا شخصياً على مجمل المواقف ، وأصيب الشاب المراهق بدرجة من الحساسية المفرطة تجاه المجتمع والناس ، وأصبت أنا شخصياً بخيبة من مستوى تماسك هذا المجتمع أخلاقياً وقيمياً .
بقيت الصحوة الدينية منذ سبعينات القرن الماضي وهي تعيد إنتاج كل شيء بغرض خلق مجتمع متوائم مع الهوية الإسلامية ، هذا إلى جانب الاستراتيجية التعليمية وخطط الدولة الاجتماعية والتنظيمية ، يبدو أن كل ذلك يعلن فشله الذريع الآن .
يمكن القول أن هذه نتائج شاذة لا يقوم عليها حكم ، ثم نغط في سبات الثقة في جهودنا ونتائجنا ولكن المشكلة تتضاعف والظواهر تتفشى بما يدعو إلى الاهتمام وإطلاق نذير الخوف على المستقبل الاجتماعي لهذه البلاد .
كنت أقول أحياناً : اجعلوا بعضنا يعيش في غيّه وإهماله حتى يكشف لنا ظهر المجتمع ، ونتخلص من ضباب السفوح المثالية والمناصب الخيالية .
……………
أكثر ما يعيق طموح المتطلع هو استعجال الظهور وحرق المراحل ، إذ يعطل مساحات الاستعداد العلمي لديه ورفع مستوى جاهزيته الثقافية والفكرية .
أدوات الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعية خلقت ما يشبه هذه الأوساط التي تحرك لدى الشاب الإحساس بالتثاقف والتعالم .
وأعترف أنني ممن ابتليت بهذا الإحساس المخادع ، إذ تتوقف عندي أحياناً مشاريع التزود العلمي والرصانة القرائية بفعل الإحساس المتعاظم بالاكتفاء الاجتماعي من زاوية الوجاهة الثقافية .
………………
نحن أهل الخليج والسعودية على وجه التحديد أكثر خلق الله نقاشاً وحديثاً في المسألة المصرية ، طرف يناصر مرسي وجماعته وينادي بشرعيته وآخر يثمن موقف الجيش ويطرب لإزاحة الإخوان .
وأبعد من ذلك نزيّن للمصريين مباهج الدولة الديمقراطية المدنية ونحذّرهم من مساوئ الدولة الدينية الفاشيّة ، ونغرق في نقاشات محتدة وأحاديث لا تكاد تهدأ أو تتوقف .
هناك مبرر ديني ( أمة مسلمة واحدة ) ، ومبرر قومي ( مصر قلب العروبة ) ، وهناك مبرر سياسي ( دول الاعتدال في الشرق الأوسط الجديد ) ، وهناك مبرر اجتماعي ( مصر تستحق الهدوء والاستقرار ) ، ومبرر أيدولوجي ( بين إسلام سياسي مأزوم وليبرالية مشؤومة ) ، وفي كل الحالات لدى أهل الخليج والسعودية ما يكفي من طموحات أو مشاكل تحتاج لوقفتهم الجادة ومشارطهم الحادة .
وذلك أمر مخجل وكوميدي في آن واحد ، لأن مصر بلد واعي ومثقف وهذا ما ينقصنا ، ومصر بلد يعرف التيارات السياسة مع ضمان التجريب بخلاف ما نحن عليه ، ولا ينقص أرض الكنانة إلا طبقة سياسية مخلصة يدعمها شعب غير مستقطب ، لأن فساد العسكر وكساد خزائن مصر نخر كل القوى والطبقات .
نحن نشبه إلى حد بعيد ذلك الزوج الذي يوصي رفقاء جلسته من شباب القهوة بالغلظة مع أزواجهم ويحذرهم من اللين أو التسامح معهن ، وإذا عاد لبيته طأطأ رأسه وأخفض صوته لأن زوجته " هي اللي تصرف ! " .
أسد في تويتر وفي بلدك نعامة .
…………………
صديقي مثل دولة لبنان الشقيقة ، لا يملك قراره الداخلي ، وتتناوبه قوى الحارة العظمى لفرض سيطرتها وبسط نفوذها .
وهو لا يلبث أن ينعتق من إسار دولة إقليمية حتى تتناوله أخرى ، تغير من مسار حياته وتبدل نظام مزاجه وهو مستسلم لقواهم التأثيرية ولأصابعهم الخفية ، مستلباً لا يقوى على قرار ومرتهن لا يقوم باختيار .
تبتزّه الأجندات الخارجية حتى ضعفت مناعته الداخلية ، وتجتره مصالح القوم حتى انهارت سيادته على ذاته وأسلم مقاليدها للآخرين .
يملك من المقومات الاقتصادية والاجتماعية ما يجعله مستقلاً بقراره ومستأثراً بقيادة نفسه ، ولكن نظامه الشخصاني مبدد بين ثقته الهشّة واستئجار قواه العقلية والعاطفيه لمصالح القوى الخارجية ، متنائياً بذلك عن مصلحته المباشرة وحاجته الملحّة .
مكوناته الداخلية لا تنسجم في هوية تواطنية مشتركة ، فقد تحولت إلى جيوب مستأجرة للخارج ، وقد يصل التخالف بينها إلى التناحر والإقصاء ويدفع فاتورة ذلك الاحتراب مزيداً من التشظي والشتات والتيه الأربعيني الكريه .
ولن تقوم له قائمة حتى تعود الكلمة لإملاء مصالحه ومحددات مبادئه التي يستلهمها من كينونته الأخلاقية وتاريخه الاجتماعي ثم يوازن حاجاته مع واجباته ويصدر عن دستور شخصي وسياسة معتدلة وتوافقيه تحمي حياضه الداخلي وتعيد تموضعه الخارجي بما يحقق له السيادة الداخلية المطلقة وتمكينه من دور خارجي مرموق ولائق به .
يا سيادة الصديق .. هل لك أن تكون رجلاً حقيقياً ، ويا سيادة الشقيق لبنان .. هل ينقصك رجال .
……………
ماذا يمكن أن تسمّي هذا التصرف ؟
يبثون رسائل صاخبة بمقاطعة قنوات ام بي سي لأنها تجرأت بالسخرية على الشيخ العريفي وهم أكثر خلق الله مشاهدة لها ، يشيعون حملة بحذف القنوات ويستعجلون إمام مسجدهم للحاق بأبو الملايين وواي فاي .
لا يمكن أن تجد هذا في مكان آخر : ممثلون سعوديون يسخرون من شيخ سعودي في قناة سعودية وبرأس مال سعودي صرف ، وشعب سعودي يقسم بالمقاطعة ثم يسجلون أكثر الناس مشاهدة .
يحلفون بالله أنهم سيحذفون القناة لأنها تسخر من الشيخ ولكن غيرتهم لا تحضر لحظة يصرفون أوقاتهم عليها .
ينادي فيهم الشيخ العريفي بمقاطعة قناة إم بي سي للأطفال ونسائهم أكثر أنواع البشرية إهمالاً لأطفالهن .
يشترون شاشتين لمنزل واحد : أما إحداهما فللكبار والأخرى للصغار ، يعرفون من مجموعة إم بي سي أولاها وثالها وما بينهما من الاكشن والرابعة والثانية التي تغرقهم بالغث والسمين .
يعلنون البراءة منها ومن أصحابها ، ثم يتهافت دعاتهم على شاشتها في ليالي رمضان لأن فرص المشاهدة أكبر وربّ كلمة تبلغ في " الام بي سي " ينسف ما تبذله " المجد " من عمرها .
والطامة قناة العربية التي تعبر عن لسان الدولة ولا تستهوي شعبها ، تلتزم أجندتهم السياسية وتفرط في قيمهم الاجتماعية والدينية ، تتماشى مع السياسة الخارجية وتتناقض مع السياسة الداخلية ، الأمر نفسه بالنسبة مع صحافتهم التي لا ينتمون إليها ولا يعترفون بها .
ماذا يمكن أن تسمّي هذا التصرف ؟
…………………
أكثر ما يؤلمني في حالنا : أن التقليد الاجتماعي غلب على المعنى الديني في المواسم والمناسبات .
ولذا المسلسل التلفزيوني وطبق السمبوسة زاحم القرآن والتراويح حتى كاد يلغيهما من المخيال الجمعي والحضور الواقعي .
بالإضافة إلى عدم تمكين الإنسان من فرصة التعرف على الله بشكل مستقل ومنفرد ، حتى أصبحنا دائماً في حاجة إلى غيرنا ليذكرنا به وينبهنا إلى وجوده وحقه علينا ، وهذا ما جعل سوق الوعاظ والدعاة ينمو ويتضخم .
نحن بحاجة ماسة إلى إعادة تخليق كينونتنا !
……………
بعض الأشخاص يستحق حياة أفضل مما هو عليها الآن ، أوتي إمكانات جيدة ومواهب فريدة ، ثم يعيش معطلاً من النجاح زاهداً في الطموح .
يؤلمني حال بعض الأشخاص ممن يعيش بأقل قدر من إنسانيته وطموحه وأخلاقه ، لأجل أنه لم يحترق لفوات حظه ولم يتألم لضياع مكانته .
على الإنسان أن يراجع نمط حياته ويستنفد غاية ما يستطيعه ، إذ لا ينبغي لرجل ممكّن ومستطيع وكريم أن يعيش وكأنه معطل ومنهار ومتضعضع .
……………
جربوا الحرية !
ستعيشون حياة ملونة ولذيذة وماتعة ، ولن يجد الملل والسأم والطفش إلى قلوبكم سبيلاً ولا موئلاً أو مقيلاً .
تحرروا من الروتين واكسروا عقدة الرتابة ، جددوا علاقاتكم التي تقيد حركتكم وتشل نشاطكم ، تخلصوا من التقاليد والعادات التي تثقل أيامكم ولا تبارح لياليكم .
جربوا الحرية ! التي جعلتني أكتب لكم الآن وأنا في غاية الانشراح وذروة الانتشاء ومنتهى الصفاء .
انفضوا عنكم غبار الأفكار البالية ، واهبطوا من سراب الأبراج العالية ، وتواضعوا وتباسطوا واعفوا واصفحوا وتسامحوا واستمتعوا .
………………
تعال يا شيطان الدنيا واسكن ، لقد انقشع رمضان بعد أن بسط سلطانه علينا وأمتعنا بسمته الإيماني العميق وطمأنينته الساحرة .
تعال يا شيطان الدنيا وأعد الحياة إلى رتابتها والناس إلى عادتهم والأرض إلى سكونها الممل .
تعال يا شيطان الدنيا واصرف الخلق عن خالقهم ، واسلب الناس من قرارهم المكين حتى يغدو الواحد منهم مثل المتلبس المتخبط الذي يجري لهثاً وراء السراب بدون نتيجة .
تعال والبس نعليك التي تركتها عند باب الدنيا وقد أوصد في وجهك غرة رمضان ، تعال وانشر سمومك في الهواء وابعث ريحك الخمري في الفضاء واعبث في النفوس وافسد الصدور .
تعال وخذ مكانك من الدنيا ، ومارس دورك القمين ، تعال ( وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
) .
تعال و( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ) .
………………
تستطيع شراء الأشخاص بمالك ، ولكن لا تستطيع الإبقاء عليهم طويلاً .
وبإمكانك أن تشتري الناس بأخلاقك ، وبمقدورك أن تحافظ عليهم إلى الأبد .
بالمال ستجد الكثير من الأشخاص ، وستجد القليل من الأوفياء .
…………
على كل حال !!
هناك شخص يملك جمالاً ملفتاً إذ يرغمك مظهره أو مخبره على استبصار إمكاناته الجمالية ، وآخر يملك جمالاً مريحاً إذ ينساب تأثيره إلى عمق التعلق والاستسلام ، وثمّ شخص يملك جمالاً مزعجاً فهو على رغم ملكاته الجمالية الظاهرة والباطنة ولكنه يتسبب في إرهاقك بإحساس مزعج ومقرف تجاهه .
……………
لا يوجد شخص يمكن أن يحتفظ بسرك إلى الأبد ، لابد أن يبيعه في سوق تعاملاته وعلاقاته المتنامية .
أغلب أحاديثنا عبارة عن أسرار لآخرين ، حتى تعليقنا على الأحداث التي تظهر عياناً للناس تبقى أسبابها مجموعة أسرار يتداولها العارفون بها .
الثقة المطلقة يمكن أن تجعل من أسرارك بضاعة رخيصة ، والاحتفاظ بأسرارك لنفسك فقط ليس هو الحل النهائي وإن كان يساعد في ذلك ولكنه يخالف فطرتك التي جبلت على البوح .
نحن كذلك نحتاج أن ندلي ببعض أسرارنا لأغراض مختلفة ليس أقلها هو كسب الآخرين أو منحنا الشعور بمشابهتهم .
ويبقى السر هو الكتمان عند الخوف والبوح عند الثقة ، وتأكد لا وجود مطلق للثقة ولا كتمان أبديّ للسر على وجه هذه البسيطة .
…………………
أنظروا ما أقول :
الذي يملك علاقات قائمة على المبادئ وليست على الهوى ، عادة ما يستطيع الحفاظ عليها وقتاً أفضل وتنمو بينهما الثقة والمودة على نحو مشبع واكتفائي .
صاحب العلاقات المبدئية شخص منسجم وهادئ ومتناغم لأنه لا يتعرض لخسارات فادحة يتكبدها صاحب علاقات الهوى والمصلحة .
كونوا أصدقاء مبدأ ، تعيشون بسلام وقرار متين .
………………
كل شخص لديه مساحة محدودة من التحمل والاصطبار .
حتى الشخص المهمش لا تستطيع أن تتمادى في استنزاف كرامته دون أن يتحرك لحماية جنابه .
لا تستطيع أن تتجاهله وتبالغ في إهماله ثم يصبر على ذلك إلى أبعد مما يغريك سكوته ، فربما نفر يوماً نصرة لإحساسه وغضبة لمشاعره .
حاول دائماً أن تبذل الاحترام مهما أغراك صبر الناس وهامشيتهم بخلاف ذلك .
……….………
كل شخص يبحث عن الاعتراف به داخل مجتمعه ، يسعى بطريقة سلبية وإيجابية على السواء لتحقيق القبول الاجتماعي لشخصه .
إذا عملت على تفسير كل تصرفات الإنسان وسلوكاته على قاعدة ( البحث عن الاعتراف ) فإنك غالباً ستستطيع فهمهم والتعامل معهم بطريقة واضحة ومجدية .
………………
ما اقترفة الجيش الوطني المصري في حق المعتصمين المصريين في ميداني رابعة العدوية والنهضة خروج عن السياق الوطني المبدئي لهذا الجيش ، استمرار لعقيدته الفاسدة التي أعمل فيها مبارك بدعم دول محور الاعتدال في المنطقة .
وزارة الداخلية التي تعاونت مع الجيش في تنسيق عملية الفضّ الدموي بوصفها الحرس القديم لنظام مبارك الساقط ، تحاول اليوم عبر إعادة تصنيم الإسلاميين كعدو للمصلحة القومية ، وفرض حالة الطوارئ ، وتلميع الوجوه العسكرية ، وتوظيف الإعلام في تحبيذ استقرار العسكر ولا فوضى الديمقراطية ، كل تلك محاولات جادة لإعادة مصر إلى ما قبل الثورة .
ليست الأزمة خلافاً بين الإسلام والكفر بهذا الوصف التسطيحي المتواضع ، ولكنه صدام سياسي بحت بين جنود الاستبداد والفساد وبين طلاب الحرية والرشاد ، بصرف النظر عن هوياتهم الدينية ومرجعياتهم الفكرية .
لم يكن المعتصمون مجرد أتباع للمرشد ، دمغوا بالخضوع لأمره ورمزه ، ولم يكن بينهم إرهابيون وتكفيريون وتدميريون ، بل ربما كان غالبهم وطنيون صادقون مخلصون رأوا في الانقلاب اختلاساً للثورة رغم معارضتهم للإخوان ، وعلى كل حال فهم مصريون بالدم والانتماء لا يستحقون هذا التعامل الإجرامي مع حقهم في التظاهر والتعبير السلمي .
حكم الإخوان عيب على الإسلاميين ، ولكن استفراد الجيش وإثخانه عيب على مصر والعروبة والإسلام ، ربما أخطأ الإخوان بشكل فاضح في حكمهم المجهض ولكن الانقلابيين بغوا وطغوا وربما أفسدوا حلم الثورة وأملها في ديمقراطية حقيقية .
الليبرالية المشؤومة أسفرت عن أنيابها وعوارها ، وتخلت عن أبسط أخلاق الليبرالية الحقيقية فضلاً عن أخلاق العروبة والإسلام وتعامت عن الحق المدني والإنساني لأنصار مرسي وذهبت إلى درجة مخيبة من الإسفاف والإقصاء .
الإعلام المتلوّن الذي تنازل عن أبسط معاني الموضوعية والحياد إلى أقصى درجات التطرف والأدلجة ، ولا غرابة إذا كان نجومه يعتاشون على موائد الطغاة من قبل ومن بعد .
……………
نحن الصحفيون نكتب بهوى المالكين لا بإملاءاتهم ، الحرف لنا والمعنى لهم .
……………
إيران تتصرف بطموح إقليمي ، ودولنا تتصرف باستضعاف سياسي .
……………
لن تجد رجلاً يتهم نفسه ، إلا عظيم عاقل !
……………
أشد أنواع الأسف : أن يلومك صديقك على النصيحة .
……………
الشرف الحقيقي أن تفارق صديق قلبك لأنه يمس أعراض الناس بسوء !
الشرف أن ترى بنات الناس مثل أختك ، فإذا رضيت فيهن العيب فقد فتحت باب الفضيحة على أهل بيتك ، فكيف إذا ولغت في أعراضهن ؟
الشرف الحقيقي أن تمتلك أصدقاء يرون أعراض الناس باباً إلى جهنم !!
تأكد أنك لا تحتاج إلى شخص تلطخ بالزنا وإذا حافظت على طهارة قلبك وبياض سريرتك وعفتك ونقاء تاريخك ، فإن الدنيا ستعطيك أكثر مما تتوقع ! وانتظر
لا يمكن أن تختلق مبرراً لمن يمارس الفاحشة مع النساء ، حتى لو دعتك المرأة إلى الحرام ، فإن الرجل " الشريف " لا ينحني للإغراء .
لا يمكن أن تثق في شخص ينتهك أعراض النساء ، حتى لو كان أقرب الأشخاص إلى قلبك ، فالوقيعة في أعراض المصونات " خيانة " ، فكيف تثق بالخائن !!!؟
……………
ومن الحب ما ذبل !
…………
بعض الأشخاص محل للصحبة ولكنه ليس أهلاً للثقة .
………………
لا تخطفوا أصدقاءكم من بعضكم البعض .
لا يطمعنّكم حب التملك في حيازة تلك العلاقات التي جعلت للتشارك والتعاون والتآخي .
دعوا عنكم الأنانية الرخيصة التي تسوّل لكم الاستئثار ببعض معارفكم من أجل التهام خيراتهم واستنزاف محاسنهم بينما توغل الصدور وتحقن النفوس بالعداء والبغضاء .
المناجاة بين اثنين دون ثالثهما تبث سم الكراهية بين الجلساء ، فكيف باختطاف بعضكم عن البعض من أجل شهواتهكم الشخصية .
…………………
هل لديك ما يستحق أن تفكر به قبل النوم ؟
هل لديك مشروع عمرياً يلهمك كل مساء وتنشط به كل صباح ، هل لديك قصة حب حقيقية تزرع فيك الثقة والاطمئنان ، هل لديك إنجازاً أو حلماً أو طموحاً يملأ عليك الدنيا ويحيي قلبك بالفأل والنشاط ؟
غالب من يعاني اضطرابات نفسية يشكو بالأساس من فراغ التفكير أو الاشتغال بأفكار سلبية سوداوية تترسب إلى مشاعر وانطباعات مؤذية .
الشخص المتجدد هو الذي يتمتع بتفكير صافي وذهنية متفائلة وهي نتاج حجم الإنجازات والمشاريع والعلاقات المفعمة التي تنعكس على شخصيته بالإيجاب والفأل والفاعلية .
………………
الأمم التي تضع مهمة البحوث الدراسية كجزء من خدمات المكتبات والقرطاسيات فهذا من سفالة الهمم وانخفاض تقدير العلم لديهم .
الأمم الغربية تصرف من الأموال الطائلة والأوقاف الهائلة على البحوث العلمية والدراسات المحققة ما يعادل وينافس ميزانيات دول مجتمعة .
في أمم الإسلام التي يزخر تاريخهم الديني والثقافي بما يعطي العلم قيمته والبحث مكانته لا يوجد في واقعهم ما يؤهل لحجم تاريخهم العلمي .
……………
ثمة قصور بشري يعتري الإنسان ، يمكن تسميته " الطفولة اللغوية " وهي المرحلة الطريّة من قدرة الإنسان على التعبير .
وهذا ينشأ من حداثة السن أو ضعف الاحتكاك المؤدي إلى ضعف الخبرة ، بالإضافة إلى النمط الاعتزالي لدى بعض من يعيش في الظل .
المواقف الصادمة أو التغذية الدسمة أو التطور الطبيعي للخبرة تكسب الإنسان إنضاجاً أمتن وأعمق للغته وقدرته على التعبير والوصف والتواصل .
اللغة المتينة والجودة في التعبير بما يرقى إلى مستوى النضج اللغوي يحقق مكاسب عظيمة للإنسان ، إلى جانب المراهقة اللغوية التي يتفجر فيها الإنسان بالتعبير عن مكنوناته ومكبوتاته عبر التسخط أو التشدد وهذا سياق طييعي مؤقت ولكنه غير صحي عادة .
وتأكد : الإنسان الأكثر قدرة على التعبير عن نفسه ، يستطيع أن يحصل على الأشياء بسهولة ويحقق أهدافه رغم أنف الصعوبات .
………………
ما قيمة الليبرالي بدون أخلاق المسلم ، وما قيمة الإسلامي بدون فكر الليبرالي ؟
……………
احذر أن تختلق الكتابة بدون فكرة ، اجعل الفكرة هي المنطلق .
………………
يزداد شغفنا بوسائل الاتصال البديلة ، كلما انخفضت فاعليتنا الاجتماعية في الواقع .
لا تستطيع أن تظفر بالاثنتين معاً إلا في أضيق الفرص .
توسعك في وسائط التواصل الحديثة ينعكس على انسحابك الواضح من محيطك الاجتماعي الحيّ .
نشاطك الثري على الشبكات الاجتماعية الافتراضية دليل شبه قاطع على فتورك الاجتماعي في علاقاتك الحقيقية .
تخلص من حالة الاستلاب الالكتروني واستمتع بواقعك الحقيقي ، اضبط نفسك : لأن النكهة الصناعية لا تشبه المذاق الطبيعي .
………………
عندما تحولت الذكريات من مشاعر مختزنة وإرشيف ذهني إلى صور ملتقطة ، انحدر مستوى تقدير الإنسان لذكرياته ووفاؤه لماضيه .
تم تعطيل واحدة من وظائف الدماغ الذي يغذي المشاعر والأعصاب بطاقة الفرح والثقة والسعادة ، تدخلت التقنية الحديثة للقيام بهذه المهمة بدلاً عن الدماغ الذي خلق على نحو تكاملي ومتواتر .
لم يعد الإحساس بالثقة والاطمئنان منتجاً داخلياً ، واضطر إنسان هذا الزمان إلى أدوات خارج تركيبه الطبيعي لمنحه الشعور بالارتياح والاستقرار ، ولكن التدخلات الخارجية دائماً لا تأتي وحدها ، إذ تتسرب معها بذور الانشقاق الداخلي والشتات ، وإدمان الوافدين من خارج انسجامه الداخلي .
……………
العلاقات شرط تكويني .
بمعنى أنها حاجة فطرية وضرورة معيشية وبنائية ، ولا غنى عنها في حياة الإنسان ، وتزيد إلحاحاً خلال المراحل المبكرة من عمر الشخص ، وهي تمضي على قاعدة التأثير والتأثر .
وهي مطلب مرحلي ، إذ تتغير نوعية علاقاتك تبعاً لمقدار عمرك وتجدد حاجاتك واهتماماتك .
بعضنا مهتم بالعلاقات من جهة تكوينها وإنمائها ، ولكنه متحفظ في نوعية الأشخاص ودرجة الشغف بهم أو البرود تجاههم .
الأولى أن تكون العلاقات خياراً شخصياً من جهة بنائها وتنميتها وتفكيكها ، ولكن التدخل ضروري أحياناً لأغراض وقائية ( استباقية ) أو جراحية ( إلحاقية ) من طرف الوالدين أو المعنيين بشأن الشاب وحياته .
……………
بدأ الطلاب في الأسبوع الأول من الدراسة ، يحيطهم الضيق والسأم والألم لأنه قطع حبل إجازتهم الماتعة الرائعة .
لا يقع التعليم لدى طلابنا في موقع كريم عظيم ، وهو في أفضل حالاته قنطرة إلى توفير متطلبات الحياة الوظيفية والمعيشية ، وإلا فإنه مجرد وجع للرأس وهمّ على الناس .
لو تحدثت عن اهتمامات طلاب التعليم العام ، فإن آخر ما يشكل لديهم أهمية في قائمة تفكيرهم هو التحصيل الدراسي والنجاح ، وهذا ينسحب على الطلاب والمعلمين والآباء ، كلهم يدور في فلك الزهد في قيمة العلم والطمع فيما يأتي به من المرتب والشهادة والتخلص من هم الأبناء وقلقهم .
………………
الذي يشتكي بأن زمان الصدق انتهى وولّى دون رجعة ، وأن هذا زمان الخيانة والكذب والخداع ، فهو تعميمي وغير منصف إلى حد ما .
أغلب من يشيع هذه التهمة عادة ما يكون مرتهناً إلى تجارب سلبية ، وعند تمحيص تاريخه ستجد تجاربه نتيجة طبيعية لسذاجته واستخفافه بمشاعره .
من المنطق والعقل والاتزان أن لا تمنح الثقة إلا من يستحقها ، وأن تبادل الصدق من يبديه ، وأن تقدم الفأل على الشؤم والظن الحسن على سيئه دون سذاجة أو استبساط سخيف .
وبذا تكون أسلم الناس من الأذى ، وأحفظهم لكيانه ، وأبقاهم لماء وجهه .
………………
في القرية يكفي أن تكون رجلاً حالماً ، لتكون رجلاً مميزاً .
لأن الريف لا يغريك بما هو أبعد من المطالب الأساسية للحياة ، وما فوق ذلك ليس من الأهمية بمكان ، كما هو الحال في المدينة التي يرتفع فيها مستوى التنافس الشخصي ويتسع أفق الأحلام إلى أقاصي ممتدة .
كن رجلاً حالماً ، فالحلم في القرية انتصار على الظروف القاصرة ، وخطوة مدنية باتجاه التحضر .
………………
لا أقلق على الشاب الذي لم يحصل على النسخة النهائية لشخصيته ، على الرجل الذي لم يطمئن إلى صورة خاتمة لنمطه النفساني والذهاني .
الشخص الذي لا يزال يحاول ضبط مطاطية شخصيته هو على خير ، وأفضل من الذي استقر على صورة نمطية وانتهى إلى نسخة جامدة لشخصيته .
الإنسان كائن لا يتوقف عن التبلور ، بأي اتجاه كان ذلك ، سواء بالتطور أو التغير ، إذ لا ينبغي له أن يتوقف عن التحسن المستمر حتى إذا تعرض لحالات انكسار أو انحدار ، فإن ذلك عارض طبيعي في مسيرته التقدمية .
لا خوف على ذلك الباحث باجتهاد واللاهث بإمعان عن صورة توافقه وتلائمه لشخصيته الفريدة ، ولكن الخوف على الذي يستسلم لنمطيته أو يخضع لإعمال الآخرين ونحتهم في أعماقه حتى تستجيب لمصالحهم وتذعن لرغباتهم .
اصنع نسخة واحدة لمفتاح دواخلك ، ولا تعطي نسخة أخرى لغيرك .
………
إذا عانى الإنسان من اليأس ، أو تعرض لصعقة خيانة ، أو استبد به ألم الإهمال والتجاهل ، فإنه يشعر بجفاف الثقة ويعاني من جدب الاهتمام ، ثم ينصرف إلى استخدام قواته الدفاعية بإسراف شديد ، كآخر قلاع شعوره بالتقدير وإحساسه بالوجود .
يخرض حرباً هوجاء لا أخلاقية على كل المحيطين به ، ينهال عليهم سباباً مقذعاً ، وتشويهاً شائناً لسمعتهم ، ويقذف بنيرانه الناقمة على الداني والقاصي دون حساب .
إنهما عملية تصفير جنونية يقوم بها اليائس ، ليخسر بذلك ما تبقى له من ماء وجه أو فتات من وداد ، قاتل الله اليأس والخيبة .
تشبعوا بالأمل والفأل ، واصدقوا مع أنفسكم وأهليكم وصحبكم ، تنعموا بحياة القرار والاستقرار .
………………
أنت تساهم في بناء أصدقائك بطريقة أو بأخرى .
لا بد وأن تترك في الآخرين أثراً ، أو تجربة ، صدمة ، أو جرحاً ، سيكون في النهاية بمثابة تعليم للمحيطين بك ، فإما خيراً أو شراً .
هل أنت مؤتمن بما يكفي لهذه المهمة ؟ سيما إذا كنت منهم في موقع القيادة والتأثير ؟ هل لديك الاستعداد لتكون قدوة جيدة ؟ وهل تملك الصبر على تنحية مصالحك ومكاسبك الشخصية وتضحي بها من أجل غيرك ؟ وتبدي لهم أفضل ما عندك ؟
ستكون ولو بعد حين جزءاً من شخصية الأفراد الذين يجالسونك ويتأثرون بك ، ستقطع حيزاً من أفكارهم وطباعهم ولغتهم ، ستشغل مساحة من تاريخهم وتجربتهم ، سيكون لك موقف من أفراحهم وأتراحهم .
فكر بالأمر جيداً ، وكن رائعاً دائماً !
…………………
المعلم اليوم يلاقي حرجاً شديداً مع الجيل الجديد من الطلاب ، مستوى عمري صغير لا يحتمل تعاملاً رجولياً .
كان الجيل القديم يملك نضجاً يكفي للتعامل معه في مستوى من الندية مع المعلمين الذين يعادلونهم في السن تقريباً إلا قليلاً .
هذا يلزم تبدلاً في طبيعة التواصل بين المعلم والطالب ، أصبحت المفاهيم عرضة للتحولات مثل هيبة المعلم التي انتقلت من ساحة الخوف إلى التلطف والتحبب .
كان النضج يظهر وكأن الأعمار كافية للتعامل معها بثقة وارتياح ، ولكن اليوم تبدل الحال إلى مستوى من التردد ومراجعة النظر قبل الإقدام .
……………
بعض الأشخاص طمس شخصيته بمحض إرادته ، اختار طريقه لدفن استقلاله وكيانه من أجل الآخرين ، لا يتبنى شيئاً ينتمي إليه ، كنيته وصورته وأفكاره وطباعه كلها مستنسخة من شخص آخر لا يعنيه تماماً ، شخص آخر غريب .
………………
إذا كنت الوحيد الذي تتحمل رغبة الناس في الحديث إليك ، فإنك ستكتشفهم أكثر من غيرك ، ستقترب من الناس على حقيقتهم ، ستتعرف على تناقضاتهم ومخاوفهم ورغباتهم .
وفي المقابل ستشعر بالأذى من جرأتهم ، وستتحمل أعباء هذا الموقع الأثير والمقعد الاجتماعي الوثير ، ستقف على أسوأ ما في الإنسان عندما يفجر غضبه تجاه آخر بين يديك ، ستشعر بكثير من الأسى تجاه المساوئ التي تتكشف أمام ناظريك .
وفي النهاية : عليك أن تصدق في النصيحة إليهم ، وأنت تثبت على الحق وتعض على مبادئك بالنواجذ ، ثم لا تثريب عليك بعد ذلك ما شئت إلا التأليب أو الانتصار للباطل .
………………
لا تستطيع أن تؤلف بين القلوب إذا اختارت أن تتنافر ، هذه عقود وجدانية لا تبرم في العلن ، ربما تحتاج إلى حلول غيبية مثل الدعاء أو تفعيل التهامس والتخاطر بمعنى أن تتمنى حدوث الشيء حتى تكاد تحركه بقوة الوجدان ، حدث معي كثيراً .
……………
لماذا يبدو السؤال وكأنه مواجهة مكشوفة مع الذات ؟
إنه ينبه إلى ما كنت تجهله ، ويضيء المناطق المظلمة في داخلك ، ويفك اشتباك المساحات المغلقة ، ويزيح الستار عن المعتم بأمر العيب أو الخجل .
إذا كان الندم ، هو الاعتراف بالخطأ ، والتوبة هو الشروع في تصحيحه ، فإن السؤال هو البداية لاكتشافه .
احذر أن تكذب عند الإجابة عن الأسئلة ، فإنك لا تدري ! ربما كانت الإجابة سبيلاً إلى التهلكة وطريقاً إلى تيه أبدي في سيناء الضياع والشتات .
……………
بالتزامن مع ويلات سوريا ، وما يتعرض له إخوتنا في الشام من المجازر الدامية والرزايا الحامية ، هل نستثمر ذلك في بناء ذهنيات الشباب وجاهزيتهم النفسية على نحو رجولي ومتين ؟
الأولى أن يبتعد الأطفال عن مشاهد العنف والدماء والضحايا ، بينما يجب أن يطالعها الشباب وبالتفصيل ، وأن يدركوا ملابسات الصراع الذي يجري هناك .
من المهم أن يرتبط الشاب بإحساس إنساني وإسلامي عميق يتصل بمآسي إخوانه المحيطين ، أن يتعرف على تاريخية أوضاعهم ، وأن ينظر في سقف طموحاتهم ، ويهتم بإدراك حاجاتهم .
لا ضمان من تكرار مثل هذه المشاهد المؤسفة في ديارنا - لا سمح الله - ، فهل يملك الجيل الجديد من الشباب استعداداً رجولياً لتحمل تكاليف الإلحاح على نيل الحقوق ونشدان الحرية .
يجب أن يتخلص شبابنا من حالة التماوت وبرود الضمير وقلة الاكتراث ، وأن يعدّ أبناؤنا على نحو " رجولي " يؤهلهم لحماية أوطانهم وأعراضهم وحرياتهم .
……………
تضيق المساحة النسوية في حياة الشاب إلى درجة الإجداب ، حتى النساء اللاتي يقعن في حدود الاتصال المباح ضُرب بينهن بجدار ليس له باب نتيجة ثقافة التكلف المبالغ فيه والتحوط الحذر دون المبرر .
ماذا تنتظر من شاب لم ينهل من معين المرأة إلا في وقت متأخر تماماً ؟ الثقافة التي تشكل عقيدتنا وفلسفتنا الاجتماعية عملت على تجريم الاتصال بالمرأة بنحو وحشي مقيت ، حتى الاتصال بالأم والأخت والخالة والعمة والبنت جاء بشكل مبتسر واضطراري .
حتى الأم التي ظفرت بأعلى مستويات التقدير والتبجيل ، جاءت مكانتها بطابع ذكوري مادي مباشر ، لا يحمل أي معنى للاتصال العميق والتراحمي والعاطفي .
هناك نية تجفيف مبيّتة للأنوثة والرقة من حياتنا ، إضعاف لمستوى اللطافة الاجتماعية فازداد توتر الذهنيات العصبية لأنها لم ترتوي من فيض الأنوثة الطاغية والأمومة الحانية والبنوّة الضافية والأخوة الصافية .
كثيراً ما أرى نتائج عكسية لهذا القرار الثقافي - وليس الديني - في حياتنا ، قحط عاطفي واضطراب نفساني وشذوذ جنسي وعقود زواج فاشلة .
علينا معالجة ثقافتنا بما يرتقي إلى إحداث التوازن بين الجنسين وإنعام حياتنا بما أودع الله سبحانه فيها من الخيرات والبركات .
…………………
هذا القلب : قابل للنهب !
وهذا حال بعض الشباب ممن ينساق بسهولة إلى أي استدعاء عاطفي أو إثارة من نوع ما .
مما يعرضه " للخرفنة " وللعذابات العاطفية التي تدفعه للكتابة متخفياً على الجدران " الحب عذاب " وسواها .
أي استخفاف مرير يعيشه بعض الشباب ، مما جعلهم محلاً للسخرية والتندر ، هل الفراغ ، أو السذاجة ، أو البراءة ، يمكن أن تكون سبباً في ذلك .
وأسوأ من ذلك ، إذا ذاق الشاب التنكيل العاطفي من شاب مثله ، وتعلق به وجرّ خيباته المتتالية بذيل عاطفته المتهافتة .
فعلاً :
هذا القلب : قابل للنهب !
………………
صحيح : أفكارنا تصنع حياتنا !
ولكن " إحساسنا " بها يتحكم في درجة تمثيلها في واقعنا والتزامنا بها .
الفكرة : صورة تجريدية للمعنى ، رسوم ذهنية في فضاء المخيال .
الإحساس : تعميق للإيمان بها ، ووقود يدفع إلى تطبيقها والالتزام بها .
كل البشر لديهم فكرة جيدة عن " الكرامة " ولكن القليل منهم يعيش بكرامة ، وهذا يحدث تبعاً لفاعلية جهاز الإحساس لديهم .
علينا أن نطور قابليات الإحساس لدينا بنفس القدر الذي نعمل به على تطوير أفكارنا ، وإلا فإنك يا أبا زيد " ما غزيت " !
………………
نعود إلى جمهرة علاقاتنا عندما يخون الحظ ونخسر الرهان على تلك العلاقة الاستثنائية التي أردنا الانفراد بها والاستئثار .
مثل المحارب الباغي الذي هدم بيته لأنه أغار على جيرانه وظفر بمساكنهم ، ثم فتك به قوي آخر وطرده من مغانمه وباء بخيبة الشرود وخديعة الزمان .
نفسد علاقاتنا لأن الفرح بذلك الاستثناء أعمى بصائرنا وأصمّ آذاننا .
ماذا لو تنكرت لنا تلك المحاضن القديمة ؟ كيف لو أن الأطلال ضاقت بنا ؟ ماذا يعود لنا فنأوي إليه ؟ وماذا يبقى لنا ونسكن فيه ؟
يا معشر الشباب : إن الوفاء والصدق والطيب والمعروف ضمان لك في الحياة ، وأمان ونجاة .
………………
قد تكون قاسياً أحياناً ، مهملاً ، متغطرساً !
ولكن " كن صادقاً " دائماً .
……………
راجياً لكم النفع والفائدة .
ربما تتحول حياتك إلى كتلة من الحب والاطمئنان عندما تمارس عملية " التفاهم " مع الأطراف التي تعيش من حولك .
يعرف كل طرف منهم الحدود الفاصلة بين ما يعتبر شخصياً وما يسع المشاركة فيه ، عندما تنجح في فض الاشتباك بين الأطراف حتى لا يحدث التصادم أو التنائي .
التفاهم عبارة عن مشروع تسوية يحفظ لكل طرف حقه في الحفاظ على مكاسبه والسلامة من الخسائر ، وربما يصل التفاهم إلى مرحلة من التناغم والانسجام الفائق الذي يعطي الحياة مسحة من اللطف والتسامي .
التفاهم لا يعني الحدية المطلقة بمعنى رسم الحدود الفاصلة بشكل قاطع وأناني ، ولكن ترتيب العلاقات على نحو يقلل من الإزعاج وإرهاق الاضطراب ، إنه عملية قسرية لولادة التراحم الاجتماعي بعد أن فقدناه بفعل التوحش المديني .
التفاهم نسخة صناعية من التراضي .
………….
الأشخاص الذين يمتلكون لغة جيدة ومفردات ثرية واستطاعة ممتازة على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وتطلعاتهم ، عادة هم منسجمون ومباشرون ويحققون أهدافهم بسهولة .
الذي يتحكم في عالم المعاني والكلمات بشكل جيد ، عادة ما يكون متمكناً من ضبط إيقاع حياته وإدراك المحيط من حوله .
كل التصرفات الشاذة وغير المنضبطة ( الملبس - الشكل الغرائبي - التجمل المتكلف ) يبدو أنها بدائل غير كافية أحياناً للإفصاح عن الذات والتعبير عن المكنونات الداخلية .
لغة الإنسان الجيدة تطور مستوى معيشته وتنعكس على نمط حياته ، وأبعد من هذا عندما تتدخل في رسم مصائر مستقبله وتشكيل حاضره .
ربما في هذا بعض المبالغة ، ولكن عندما تقف على أحوال البعض ستعرف أن الشخص النابه والفطن عادة ما يكون مسترسلاً وحسن التصرف في منطقه ولغته ، والساذج الأبله كثيراً ما يكون عييّاً وأهوجاً في كلامه .
القدرة على التعبير لا تعني الثرثرة ، والصمت لا يعني عدم القدرة على التعبير ، بل دائماً ما تكون على العكس تماماً .
…………
الصديق الجيد ليس هو من تنسى أخطاءه تماماً ، لكن هو من تبقى معه رغم أخطائه .
…………
هناك حب صناعي ، بمعنى أن تتحكم في توجيهه وتشكيل مساره وإطاره ، وهذا خلاف الطبيعة المسترسلة للحب والفطرة الأصلية له .
الحب لا يأتي على هواك ولا يخضع لنواياك ، الحب قوة متجبرة تتحكم في ضبط ذهنك وفؤادك ، أو هو ماء جاري يسري بانسياب وقليل من الاضطراب في داخلك دون شعور أو تدخل منك .
لا تعريف للحب ، أو ضابط لمفهومه ومعلومه ، وإلا كان لعبة سائغة ولقمة مارقة .
مشكلتنا أننا نتصنع الحب إذا لم نجده يجلجل في دواخلنا ، ونجترّه يوم ابتذلناه وعبثنا في مكنونه ومضمونه .
لعمري إن كثيراً ممن اعتقد أنه يحب ، ثم أجرى شعوره المصطنع على نحو يرضيه أو يشبع جوعه فقد اخترق سره ونكث عهده ، وباء بخديعة ليست من الحب في شيء .
الحب شيء أسمى من نسخكم التجارية التي تتداولونها يا سادة ، وتبتاعونها بينكم !
………………
الكتابة عن الأشياء لا تعبر بالضرورة عن فهمها أو إدراك كنهها وماهيتها ، والكاتب ليس فيلسوفاً متعمقاً ولا عارفاً مستغرقاً .
الكتابة أحياناً انكشاف لحجم الجهل بالأشياء ، اعتراف بالحاجة إلى المزيد من الاستضاءة حولها والإحاطة بأسرارها .
الكتابة هي جولة ثانية من التفكير ، فبعد الرسم الذهني المبدئي ، تأتي الكتابة كخطوة تالية لمزيد من الاستيضاح والتحقق .
الكتابة نوع من مجايلة الحقائق والمداورة والتذاكي للالتفاف على ممانعات الجهل ، أو استعطاف كبرياء الحقيقة لتجود ببعض مكنوناتها .
المعاني مثل فتاة عربية تقع تحت قبضة والد شديد المراس لا يؤمن بالنظرة الشرعية ، عليك أن تتخيل صورتها ذهنياً ثم تجرؤ على " كتب الكتاب " ، وعليك بعد ذلك أن تتحمل طعم الحقيقة مرة كانت أو حلوة .
ونصيحتي أن تتأنى كثيراً قبل خطبة الأفكار الأبكار !
…………
يسأل بشكل مكثف وممل : عن الطرق المثلى لتربية الأبناء ، عن الكتب المهتمة بذلك ، عن أفضل التربويين والمتخصصين ، رغم أن أكبر أولاده اقترب من العشرين ربيعاً ، بمعنى أن فرص تنشئته تضيق .
يعترف بإخفاقه الشديد في تربية أولاده ، لعله لا يريد تكرار ذلك مع من تبقى تحت سن المراهقة ، ولكنه عموماً منشغل بزيجاته المتكررة .
زوجته ذات الذرية مشغولة في المقام الأول بتقريعه وإرغامه على دفع ثمن فعلته النكراء ، حتى لو تطلب الأمر إهمال الأبناء وربما تشجيعهم على الخطأ والتقليل من قيمة والدهم الذي فرط في عائلتهم .
هناك حرب ضروس يدفع ثمنها الأطفال الأبرياء ، الأكبر منهم قاب قوسين أو أدنى من المخدرات ، فضلاً عن انحرافه الصارخ خلقياً ودراسياً وجنسياً .
المال وحده لا يكفي للعناية بالأبناء ، هناك حاجات إنسانية لا تعوضها مباذخ المادة الفارهة .
………………
الأصدقاء يعوضون تقصير البيوت ، الجيدون منهم يعززون القيم المتبناة أسرياً ويرسخون تأثيرها ، وبعكسهم الأصدقاء السيئون يحرفون الأبناء أو يفاقمون الأخطاء التربوية والأخلاقية .
في القرى والأرياف تزيد قيمة تأثير الأصدقاء ، لأن الطبيعة الاجتماعية فيها توسع من فرص بناء علاقات الصداقة وتمنحها مساحات من الوقت والشرعية العرفية .
بخلاف المدن التي تتحفظ في الاتجاه خارج المنزل ولا تتوسع في تكون علاقات خارجية سوى الحيّ والمدرسة والنادي ولكنها لا تصل إلى أدوار عميقة .
أفضل أن تعطى الحرية شبه المطلقة للأبناء في تكوين علاقاتهم وصداقاتهم مع قليل من التدخل الأبوي ، وأميل إلى تبني الأسر لبعض علاقات أبنائها ومحاولة دعمها وتعزيزها إلى أبعد حدّ ليساهم ذلك في تنامي مهارات ابنهم تحت بصرهم وإحاطتهم .
الإسراف في التدخل من قبل الوالدين في خصوصية الأبناء ليس جيداً تماماً مثل الإهمال المطلق وتجاهل حاجاتهم وتوجهاتهم .
……………
نحن نختلف في التعبير عن الاهتمام بالأشياء والآخرين ، وهذا ما يثير الاختلاف ويضرم الخلاف .
ما تقوم به أنت على وجه الاحترام قد يعتبره الآخر تقليلاً من شأنه أو تجاوزاً لخصوصيته ، وقد تبذل قصارى جهدك لإرضاء طرف ما تكتشف أنه يستخف بجهدك ويعتبره أقل من المأمول .
وهنا قيل : رضا الناس غاية لا تدرك ، والتفاهم واحد من السبل الناجعة لتقريب وجهات النظر والتئام الجهود بما يحقق رضا الأطراف .
التباين في وجهات النظر سيبقى قائماً وسينعكس على الاختلافات بين الناس حتى أقربهم إلى بعضهم ، وهنا تعمل الثقافة الاجتماعية دورها في تحديد سقف السلوك بما يدل على الاهتمام أو التجاهل .
المشكلة أن ثقافة المجتمع لا تنمذج السلوك على نحو صائب دائماً ، بل ربما انطوت على مبالغة فاحشة ( إسراف المناسبات ) أو انتقاص فج ( مكانة المرأة ) وتصبغ المجتمع على هذا النحو .
الأصدقاء الجيدون يبنون نمطاً من التفاهم على أساس ( الثقة المتبادلة ، وإحسان الظن ، الإعذار والمسامحة ) ، ولذا يفسرون أشكال التقصير أو الفضل بما يساعد في تمتين العلاقة وتجاوز التحديات .
………….
عندما تتمعن آيات الوعيد والعذاب البرزخي والأخروي تجده مقروناً بقلة حيلة المقصر والفاسق ، مع إلحاح رغبته في العودة مجدداً ، وشديد ندمه وأسفه على ما ضيّع وفرّط ، وبالغ عجزه عن الانتصار لنفسه ، أو رفع العذاب منه أو أدنى حجة يمتلكها للدفاع عن نفسه .
على العكس تماماً يملك الإنسان في هذه الدنيا أبعد درجات التصرف ، بيده حق الاختيار المطلق ، عنده سعة من الوقت والحيلة والقدرة على سلوك الطريق الذي اختاره والسبيل الذي ارتضاه .
إذاً : منتهى الحرية هي خلاصة ما يملكه الإنسان هنا ، والعجز المطلق هو أبلغ وصف له هناك .
أراد بعض فسدة الدين تضليل هذه الحرية ومنعها عن الإنسان المستحق لها بموجب العدل الرباني والحكمة الإلهية .
حرم الإنسان المسلم من الحرية الفردية في مذاهب الجبرية والجهمية ، وحرم من الحرية السياسية في مذاهب المرجئة والجامية .
ويظهر أن المعالجة السليمة للثقافة العربية تضطرنا لتصحيح المكون العقدي على نحو نعود به إلى أصول الإسلام السليم القويم دون مداراة سياسية أو مداورة تقاليدية .
……………
الكتابة : محاصرة المعنى وتطويق الفكرة .
….………
الرجل : طفل مقموع .
……………
أقسى المواقف هو إرغام الذاكرة على محو الأشياء الجميلة لأنها تتسبب في إيلامك .
….…………
الفكرة الصائبة تنطوي على بذرة الخلود .
…………
الوفرة المالية والمادية تعيق النمو الطبيعي والتاريخي للأشياء .
…………
الاستقرار نتيجة الهوية المنسجمة .
…….……
لا تشكو من خيانات الأصدقاء ، فلعلك أسأت إليهم من حيث لا تدري .
دائماً نحن نرى الأشياء من زاويتنا فقط .
……………
كثيراً ما نستخدم العتاب لنغلف اعترافنا بالحاجة إلى من يهتم بنا .
مؤلم هذا الضعف مرتين وأكثر !
……………
لا أحد يحترمك بناء على الأشياء التي تعتقدها قي نفسك ، ولكن على ما يراه منك .
…..………
لا تتمسك بالأشخاص الذي يفرطون فيك .
……….
نصنع قليلاً من الإزعاج حتى نتخلص من رهاب الوحدة .
……………
لا تستطيع إرغام شخص على حبك وهو مصرّ على غير ذلك .
…….…
التعصب هو النكوص من سعة الأديان إلى ضيق الأفهام .
………
التمذهب إثراء للحياة واستجابة للمصالح المتلونة وتوسيع لقاعدة الدين ما بقي باب الاجتهاد مشرعاً ، فما إن يغلق ويحلّ التقليد بديلاً عنه فيتبدل الحال إلى مساوئ جمّة وعيوب ملتمّة .
….………
يريدك أن تكون صديقاً لجانبه المضيء ، وتسكت عن جانبه المظلم .
……………
أنا وصديقي نختلف على / في شيء واحد :
أحدنا يرى أن الدين كل الدواء ، والآخر يرى فيه بعض الدواء .
….………
لمن نشكو ضعف بعض المعلمين ؟
واحد منهم يقطع دروسه وحبل منهجه ليراجع رسائل الواتس أب من جواله ، ثم يرفع رأسه إلى الطلاب : وين وصلنا ؟
وآخر في الصباح رجل فاضل ومعلم صالح وفي المساء يتبادل رسائل الحب الملغومة مع أحد طلابه !
……………
الحب عمل تفاعلي ، وليس شعوراً قارّ .
بمعنى أن الحب الذي لا يغذيه التواصل المستمر والتشارك في السراء والضراء يذبل ويموت .
وقد قيل : البُعد يقلل المحبة .
…………
الكتابة عملية تطهر من أدران البغضاء .
يستعملها البعض كتقنية فائقة القدرة للتخلص من الضغوط النفسية والكبت الداخلي وحالات الاحتقان تجاه أشياء أو أشخاص .
……………
تخفف من خطيئة الثقة العمياء في أشيائك .
لا تظهر وكأنك تملك الحقيقة المطلقة ، لا تتعامل وكأنك مخلص هذا العالم ، لا تتصرف وكأنك على صواب أبداً .
كن متفائلاً وانتظر الجميل دائماً ، ولكن توقع الأسوأ كذلك .
……………
الخيانة عبارة مراوغة للهروب من الاعتراف بإخفاقنا في تقدير الأشخاص على حقيقتهم .
………
الخائن يتصرف بضغط من حاجته ، الوفاء موقف استثنائي مثل " الوطنية ! " .
يبدو أنني أهذي ؟
…………
الخيارات التي تتخذها بمحض حريتك ، فقط هي التي تعبر عنك .
…………
البخل يكشف عورة إيمانك ، والبذل يستر سوءة تقصيرك .
……………
ماذا يمنعك عن تطوير نفسك ؟ لماذا تقف عن حدود ما وصلت إليه من المعرفة والعمل والمصير ؟
هذه القناعة التي تستبطن اليأس ، وهذا الرضا الذي يحتضن كسل الطموح يدمرك ويعطل استحقاقك لحياة مميزة ورائعة .
لا تعلن التقاعد مبكراً عن الحياة والطموح والنجاح ، ربما حمل لك المستقبل مبشرات عظيمة وينتظر منك فقط أن تتحرك .
قد تقبل هذه الاستقالة من رجل تجاوز به العمر ، ولكن تعاب على شاب لم يبلغ سن اليأس ولم يصل عمر القواعد من الطامحين .
…….……
لا تشتغل على عيوب الآخرين ، ولا تنشغل بإساءات الناس ، ولا تهتم بتقصير من حولك ، ولا تحفل بذم من يحيط بك .
هذا لا يجعلك نصف إنسان ، والعكس كذلك ، ولكنه يعطيك مساحة كافية من الوقت لتعمل وتبني نفسك ، يعطيك روحاً وثابة وذهناً صافياً ومزاجاً معتدلاً وسريرة مستقرة وانبساطاً ومسرّة .
لا يعاب عليك إذا غضبت وتبرمت ويئست أحياناً ، فأنت إنسان خلق بعضك من مشاعر ، ولكن الاستسلام لها تماماً يحولك إلى كائن طريّ وشفاف وعرضة للانهيار بسهولة .
حاول التعامل معها بعقل ورويّة وتوازن حتى يصلب عودك وينضج عقلك وتحين ساعة نجاحك فيستوي عندك الذم والمدح ، الشكر والنكران ، الإساءة والإحسان .
لأن أفراح الروح وقتئذ : لا يساويها شيء .
……………
كيف تتصرف إذا ظهر وكأنك تبدأ في خسارة واحد من أصدقائك ؟
فتّش في تاريخ العلاقة ، فإذا كان ممن غلب إحسانه على تقصيره فلا يضيرك أن تذل له حتى يرضى ، وتعتذر له حتى يبقى .
وإذا كان ممن فاقت إساءاته على خيراته فإنها فرصتك للخلاص منه وساعتك للبراءة من صحبته .
وإذا كان لا يملك مبرراً لضيقه فلا تتمسك به ، لأنه سيتركك على كل حال .
……………
ذات يوم سمحت لشحنة من الرسائل السلبية بالدخول إلى صندوقي الشخصي ( عتاب حاد - ملاسنة - رأي سلبي تجاهك ) تسبب ذلك في خفض الإنتاجية وتهديد منسوب الرضا الداخلي .
توقفت عن ممارسة أنشطتي المعتادة ، واستغرقت في تفكير شديد السلبية ، وتعطل جهاز المناعة لديّ .
استجبت لداعي التوازن في داخلي بعد محاولات جاهدة ، اليوم أصبح بمقدوري التعامل مع هذه الموجات الارتدادية بكثير من الخبرة والمهارة .
قد تتعرض لحجم كبير من الشحنات السلبية وتحتاج أمامها إلى مستوى من المرونة والذكاء لتصريفها وكنس آثارها .
دائماً أتذكر موقف النبي الكريم أيام كانت دعوته في مهد الاستضعاف ، كيف واجه التهم والاستعداء بكثير من الصبر والإيمان والثقة ؟ إنه نبي عظيم .
……………
لا تقلق من صدمات الحياة ، ولا من صديق يغادرك ، أو لحظات تشعر فيها بالعزلة والوحدة ، أو تلك الأيام التي تواجه فيها أزمة انحسار اجتماعي .
إنها فرصة لتواجه نفسك ، لتتحدث طويلاً في شأنك الداخلي ، تضطر لترتيب أوضاعك وتصفية حساباتك ومراجعة أخص شؤونك .
كل " دقة بتعليمة " ، وكل ضيق يحتضن فرصة ، وكل أزمة تنفرج بهبة عظيمة ، وكل ليل بهيم ينبلج بصبح جديد .
……………
يضعون الصور الرمادية كصور رمزية في حساباتهم الشخصية على أدوات الاتصال وشبكات التواصل .
شاب أنيق يعطي ظهره للكاميرا ، كوب قهوة تنبعث منه أبخرة ساخنة ، نصف وجه لشاب تبدو عليه ملامح حسرة أو ألم .
يمارسون الغموض كملاذ آمن ، يملكون أنماطاً شخصانية وهمية يحميها ظلام الاختباء .
يختارون اللون الرمادي كصفة محايدة فالألوان الصارخة تشق فضاء الهدوء المتخيّل .
يجدون في اللغة العربية الفصحى فخامة متناهية تغذي شعورهم بالأهمية .
في حياتهم الواقعية عادة ما يمتازون بالهدوء والترتيب والصمت الطويل .
……………
كل شخص يملك أسبابه الخاصة ، لا تتشابه المبررات عادة عند الأفراد .
كثيراً ما تكون تفسيراتك خائبة لمحاولة فهم أسباب تصرف الآخرين على نحو ما .
لكل شخص دوافعه وتخوفاته وظروفه الخاصة شديدة الحساسية ، لديه حزمة من المشاعر السلبية والإيجابية ، لديه تجربة فردية تتدخل في مسار تصرفاته وسلوكه .
" إحسان الظن " عبادة قلبية تعطي فرصة أوسع ومساحة أكبر لورود أسباب أقرب إلى الصواب وتفسيرات أدنى من الحقيقة .
الظلم كل الظلم في إساءة الظن ، والاحتقان النفسي يتسبب في الإسراع إلى اتهام الآخرين وتخمين المظنونات السلبية والمجتزأة .
…………
الكلام الحاد يعبر عن شخصية نزقة ، والكلام اللطيف يعبر عن شخصية رقيقة .
وعند الغضب تستبين المعالم الحقيقية !
…………
بالتجربة فإن " الأقرب هو الأبقى " فكما أن " الأقربون أولى بالمعروف " فإن " الأقربون أكثر وفاءاً للمعروف " .
ولا تعر اهتماماً لفكرة " الأقارب عقارب " أو " ظلم ذوي القربى أشد مضاضة " فهي وإن كانت صائبة إلى حد ما ولكنها ليست دائماً .
مع القرابة يصح أن تكون صديقاً وجليساً ووفياً وكريماً وحسن المعشر ، فتجمع خير الدنيا وأجر الآخرة .
كما أنه من المعيب أن تكون وفياً للبعيد وخصماً للقريب ، من القصور أن تكون كريماً وسمحاً وسهلاً مع القاصي وبخلاف ذلك مع الداني .
ولعلك تعرف متوالية الإحسان : كن خيراً لنفسك ثم لأهلك ثم لقرابتك ثم لمن هم دونهم .
وعن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه قال : ( أوصاني خليلي أن لا تأخذني في الله لومةُ لائم ، وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت ) .
…………
الحاجة المحورية لدى الطفل هي الاستمتاع ، ولدى الشاب هي القبول الاجتماعي ، ولدى الرجل هي الاستقرار ( العيش الطيب ) ، ولدى الكهل هي الراحة بمعناها اللحظي والأبدي .
…….……
إنما أبذل لك النصيحة وأنا أحق بها وأحوج إليها .
…….……
استضيفوا الفرح في مقاعد قلوبكم ، حتى لا يجد الحزن مجلساً منها .
استخدموا الألوان لطرد الشحوب من داخلكم ، فوحشة القلوب تنتجه قتامة المشاهد .
نوعوا أنشطتكم لتجدوا فيها ملاذاً من زحف السأم إلى حياتكم .
وظّفوا ذكرياتكم السارة لمقاومة جمود واقعكم .
استثمروا علاقاتكم الصادقة للشعور بالثقة والأمان ورفع أسهمكم الاجتماعية .
ابذلوا في مواطن العطاء الإيجابي ليعود عليكم بالانتعاش .
اعتصموا بالإيمان الصادق لأن فيه نجاتكم وربيع قلوبكم .
تعلقوا بالله وطوروا رأيكم الديني والتعبدي لحفز طاقاتكم والاحتماء باليقين والصدق من شراسة الخرافة ومخالب الشك .
…….……
وقد تقضي وقت فراغك في استنزاف ذكرياتك .
…….……
في الحب تتساوى عندك العداوات والصداقات ، لأن حضوره الاستثنائي يطوي المشاعر المبعثرة .
…….……
لو عرف الشقيّ ملاذ الحب لاستنجد به .
…….……
وفي المساء ينام المجهدون من جفاف القلب ، ويصحو المترعون من ماء الحب .
…….……
الراحلون يقتطعون بعضك .
…….……
التجديد مثل شرفات صباحية تحفّز النفوس للحياة .
…….……
النقد ينطوي على القبول بشرعية ما تنقده .
…….……
الحقد تعبير صارخ عن فشلك في بناء ما تنوي هدمه .
…….……
وقد تبكي لأمر مفرح ، وقد تضحك في شر البلاء .
…….……
التكرار يغلق نوافذ الحياة ، والسأم إعلان وفاة .
…….……
القلب المشبع بالحب يصدر موسيقاه الفيروزية فيضيء الوجه بابتسامة الرضا .
…….……
في الحب : لا تجد وقتاً للكراهية ولا متسعاً للبغض ولا مساحة لكره الآخرين ، إنك تنذر كل ذلك لأجل الحب .
…….……
حاول أن تكتب بطريقة سهلة ولكن دقيقة .
وهذا سر الإبداع ومعقد الصعوبة في آن واحد .
…………
إذا بالغ أحدهم في مدحك فاعتصم بموقفك الواقعي المتواضع عن قصورك ، لأن كثير المدح يهوي بك من علياء الغرور .
وإذا بالغ أحدهم في ذمك فاحتمي بموقفك الواثق المنطقي عن إمكاناتك ، لأن كثير الذم يصرعك قتيلاً لليأس .
وبكلا الحالين فإن موقفك من نفسك يدير معركة المدح والذم .
…………
إذا استثقلت أمراً يستحق الاهتمام أو أهملت أمراً لا يليق به الاستخفاف فراجع موقفك الذهني .
عادة ما تسيطر الصور الذهنية في تحديد مسار مشاعرنا وتشكيل سلوكنا .
فالصلاة مثلاً تثقل كاهل الشاب الذي تغذى على كونها واجباً لازماً وفريضة يعاقب تاركها بخزي الدنيا وعذاب الآخرة .
الأولى أن تكون الصلاة ملاذاً وطمأنينة وسلاماً وبرداً على ملازمها ، قبل أن تكون كل تلك المهالك المحدقة والمثالب المزهقة لمن يتهاون في شأنها ويستقل بقدرها .
إنما جعل العقاب والإرهاب استثناءاً لمن بالغ في تفويته وأسدل في إعراضه .
أحسنوا النصح حتى لا تضربوا بين الشباب والصلاة بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب .
…………
الإشاعة هي ما تتمنى أن يصيب خصمك ، أو ما تسد به ثغرة جهلك .
…………
القدوة مسؤولية اجتماعية .
……………
وإنك قد تريد لغيرك النصيحة ، فيمنعك الخجل من أخطائك !
…………
الحياة كفيلة بتقليم أظافر الكبرياء الفاحش لدى المغرور .
حاجة المغرور إلى الآخرين تضغط عليه للنزول من برج الاستغناء المزيف ، تضطره للتشارك والتعاون ، تساعد في تعليمه الواقعية والنظرة المتواضعة ، ترفع عنه نظارة الاستعلاء والخيلاء وتبقيه عارياً من رداء الاستعظام والاستفخام مكشوفاً عن ساق حاجته إلى غيره ، تسخّف أحقاده وتفتت محرضات العداء المستحكم في قلبه ، فيستيقن أن التشارك سبيله للاستقرار والسعادة والعيش .
وكثيراً ما رأيت هذا بأم عيني ، وليس آخرها اليوم ، كفانا الله وإياكم شر الغرور والكبر .
…….……
لو تكلف المتخاصمون الجلوس لحلحلة سوء التفاهم لانتهت الخلافات وانبنت الصداقات وازدانت القلوب واتسعت الصدور وأمطرت السماء وازدهرت الأرض واستنعمت البهائم واعتدلت الأمزجة واستقال الشيطان ورضي الله .
……………
في الدول والمؤسسات الجادة لا يعوّل على " رجل يخاف الله " كثيراً لأنها مسألة شخصية وارتباط وجداني أكثر منه أثر ملموس أو نتيجة قابلة للقياس .
برامج المراقبة وأنظمة المحاسبة هي الرهان الأصوب والشرط الضامن لنجاح عملية تسيير الأمور وتحقيق الأهداف .
وإن كان خوف الله وتقواه أكثر ما يحفّز الإنسان على الإحسان ويدفعه للإتقان ونشدان الكمال ، ولكن العيب يكون من كون هذه المخافة لا تتكرر غالباً لدى الأشخاص ولا يمكن ملاحقتها أو استبيانها .
……………
صديقي يمر بمرحلة مراهقة مزمنة .
غاضب من كل شيء ، متبرم لا يرضيه شيء .
أسرع من فتيل الزيت في الغضب اشتعالاً ، وأبدأ من العدو بالشر استهلالاً ، وأبطأ من الغافل في الخير إمهالاً ، وأبخل بالود من الشحيح إقلالاً .
وهذا إلى هنا أمر طبيعي وسياق فطري من جهة اضطراب المراهق وانفعاله وتوتره ، ولكن المشكل عندما يلقى جفاء وجهلاً وصداً من بيئاته المختلفة .
فينهره الوالد وتجفوه الوالدة ويمتعض منه الإخوة ويرفضه الأصدقاء ويقسو عليه المعلم ويوبّخه إمام المسجد ويؤزه الشيطان ويستقوي عليه هواه ، فماذا بعد ذلك نرجو منه غير الحدة والفظاظة والانهيار .
……..……
احترم خصوصيات أصدقائك ، فاختراق القناعات والتحفظات الخاصة بأصدقائك يزعزع الانسجام ويقضّ مضاجع الجلساء .
وإنك تجد بعض صحبك يميل إلى الإمساك بخلاف جودك ، وآخر يختار الكتمان على الإفصاح ، وغيره يحب العتاب على الإعذار ، ودونه شخص لحوح بخلاف إمهالك .
ليس من الضرورة أن يؤمن المقربون منك بأفكارك ، أو يقتنعون باختياراتك ، أو يوافقون مذاقاتك ، هناك مسافة من الاختلاف والتنوع والتلون تعطي متعة ولذة وتجدد .
إذا حاولت كسر الحواجز التي تفصل التباينات ، وإذا تجشمت صناعة التماهي المجحف والتماثل المتكلف فإنك تتلف العلاقة وتسيء إلى جلسائك .
حاول ألا تشتغل على تغيير مزاجات من حولك أو إرغامهم على تبديل هوياتهم لأنها سر الانسجام ومعقد التناغم وعلة التوافق .
……………
الأشياء التي تتعود على غيابها ، ربما تستثقل حضورها .
……………
الصداقة مشروع تسوية بين أطرافها ، يتنازل الأصدقاء عن مستوى من الحرية والخصوصية وكنز الأسرار لبعضهم ، ويتقاسمون حصصاً متقاربة من الاهتمامات والحاجات .
وهذا لا ينفي فكرة العطاء المحض الذي لا ينتظر جزاء ولا شكوراً ، ولكن يدعمه بمكون واقعي يزيدها متانة ورصانة .
……………
ليس من الحصف ولا من النصف مصادمة المراهق أو مصادرته .
……………
نحتاج في ثقافتنا الاجتماعية ونظامنا التعليمي إلى تضمين المكون الصوفي الذي يمتاز بموقف نوراني وعميق عن الله بعد تخليصه من الشطحات والمساوئ الاعتقادية .
لقد نُزع هذا المكون الوجداني العميق من الثقافة الاجتماعية والنظام التعليمي بأمر المذهب الأحادي الصارم وببطش الدولة الممالئة .
لا يمتلك الشباب على وجه الخصوص تجربة معرفية وتعبدية جيدة عن الله ، فهي إما صلة مادية بحتة على أساس الأخذ والعطاء ( العبادة مقابل النعم أو الالتزام الديني مقابل الثواب والجنة ) ، أو علاقة مبتوتة وجفوة قاحلة تماماً .
نحن بحاجة إلى معاني مثل الخجل من الله والاسترحام والاستلطاف والتملق إليه والوقوف ببابه وعلى عتباته ودواليك مما يثري العلاقة وبجسّر التواصل ويردم هوّة الجفوة .
يمضي على الإنسان وقت طويل قبل أن يتعرف على الله بنحو سليم وأصيل فيبلى بمرض أو هَرَمْ فيكتشف طريقاً من الاتصال الوجداني وسبيلاً وارفاً مورقاً بالرحمة والإحسان .
هذا ما قد يثمره المرض أو ينتجه إيمان العجائز ولكن ما الشأن بالنسبة إلى شاب مقبل على الحياة تدهمه النوائب ويتصرّم عمره وهو مقطوع الصلة بالله أو نافر منه بفعل ثقافة الترهيب وخطاب الجفاف الوجداني .
حاجتنا ماسة إلى تصحيح مفاهيمنا وتطوير رؤانا الاعتقادية بما يجعل الإيمان جهازاً فاعلاً في النفوس وداعياً نابضاً في القلوب مع الاهتمام بسلامة الاعتقاد وبيضة التوحيد ومحجة الإيمان .
……………
في الاستغناء عن الناس كرامة ورفعة .
ولكن إذا جاء هذا على سبيل التعفف ورفع الحرج عن الناس وحفظ ماء الوجه والثقة بمكتوب الله والاعتماد على النفس .
أما لو جاء بسبيل الكبر والتعالي والاعتداد بالنفس وغمط الناس وبطر الحق فهو وبال وإذلال .
إنما جعل الناس ليتشاركوا والشعوب والقبائل لتعارفوا والأمم والجماعات ليتعاونوا ويتجاسروا .
وهي سنة إلهية وكونية من خالفها وجرى على عكس طبيعتها باء بالفشل والخسران وناله الأسى والهوان .
……………
لا تسلّم بالأشياء على سجيتها ، فربما تراكم عليها من التقادم والتقليد والعادة والخرافة والطبع ما أفسد طبيعتها وشوّه حقيقتها .
كن ثورياً على نحو ما في تلقي الأفكار والمعاني ، كن متمرداً وأعمل عقلك وبصرك وما أوتيت من أدوات الفحص والنقض حتى تبلغ من الأشياء لبّها وتفوز بقلبها ، فتفوز بعلم لا قِبَلْ لأحد بمثله .
……….…
في الحياة لدى الإنسان عادة أشبه ما تكون بآلة تمزيق الورق ، أو يشبه راحلة تتنازل عن سقط متاعها وبعض حمولاتها كل ما أمعنت في التقدم وزاد حجم الإرهاق وما تلقاه من جهد السفر ومشقة التنقل .
وهذا عندما يقل حماس الإنسان تجاه ما كان يصنف كدرجة أولى في سلم الاهتمامات .
بالتقادم ينخفض مستوى رغبة الإنسان في منازلة الخصوم ومنافحة الأعداء .
مع مرور الزمن يتنازل الإنسان عن أحلامه القديمة وتلك الطموحات التي كانت تستغرق عنايته .
مع مضي العمر يبدأ الإنسان في التخلي عن تحفظاته وإبداء ملاحظاته وكل الأشياء يركنها في خانة المعتاد .
وأكثر مراحله إياساً عندما يتوقف عن الحب ويعطل حاسته العاطفية ويحسم دفقه الوجداني ، يغدو مثل كوخ مهجور في زاوية قرية فارقها ساكنوها .
هكذا يبدو الإنسان في رحلته باتجاه النهاية ، يتهاوى كلما اقترب من الأشواط الأخيرة ، يتلاشى بينما تكتمل أجزاء الخاتمة .
ماذا لو ولد الإنسان شيخاً ؟ ثم يعيش على نحو متناقص باتجاه الطفولة .
………..…
حجم الصدمة متوقف على مساحة الثقة ، ومقدار الفجيعة متسق مع مستوى التوقع الفاحش والأمل المبالغ فيه .
على نياتكم ترزقون ، وعلى منوال سذاجتكم تجزون .
…………
لا تستطيع أن تتعاطى الحب مع أموات القلوب ، أولئك الذين لا يشعرون تجاه الحياة بأي معنى سوى مشاغلهم اليومية والمشاوير التي يقضونها ضحى وعشية كل يوم من الدنيا .
………….
فترة الاختبارات بالنسبة للطلاب تشبه إلى حد بعيد المجتمعات المنغلقة بالنسبة إلى أفرادها ، ووجه الشبه هو حجم الكبت الذي يؤدي إلى حالات انفجار راديكالي يتجاوز ضوابط السلوك وقيم ومبادئ الضبط الاجتماعي .
ولأن المدرسة فقدت هيبتها وقيمتها في ثقافة المجتمع فإنهم يعتقدون أن الاختبارات قنطرة واهمة باتجاه الخروج بأقل التكاليف والجهد لتحقيق كسب النجاح .
وكذا المجتمعات المنغلقة التي خسرت قيمها وثوابتها رصيدها من ثقة وقناعة الشباب الثائر المضطرب فإنهم يعتبرون الالتزام بها ضرباً من القيد الاعتباطي وصورة من الكراهة والرفض .
…………
كن رجلاً مبادئياً ، واحترم الكلمة التي تدلي بها لغيرك والصورة التي تظهر بها أمام من حولك .
وحتى أكون واقعياً : حافظ على مستوى جيد من التقارب بين باطنك وظاهرك ، قيمك وسلوكك ، مصالحك ومبادئك .
لا تتلون بشكل صارخ على حسب أهوائك ومصالحك ومكاسبك ، وحافظ على لون معتدل ينتظم ما فيه نفعك وما لا يصادم صورتك .
الثبات الاجتماعي مهم للحفاظ على قيمتك وبريق صورتك وفاعليتك ودوام أثرك وذكرك .
المصلحة موقف آني وحاجة عابرة ومحطة مؤقتة ، والمبادئ هي الزمان الحقيقي الذي يفترض أن يستوعب سلوكك وتصرفاتك وطريقة حياتك .
……………
عندما تدلي بمخزون علمك ومكنوز معرفتك فأكرم منزلها عند من يقدرها حق قدرها ويعرف ثمين مادتها وأصيل جوهرها .
وعندما تريد أن تقطف من العلم أجناه وتنتقي من المعرفة أطيبها وأنضجها فعليك بأمهات الكتب ومراجع العلوم ومتون الفنون .
ثم انزل من علياء عقلك إلى ساحل واقعك ومنخفض أرضك حتى تحقق علومك وتستيقن مفهوماتك وتتخفف من أثقال ثقتك العمياء وأحمال ظنك المسرف .
فإن في الواقع فجوة لا تسدها ورقات الكتب ولو حشوتها بما طبع منذ فجر الكتابة حتى مغربها ما وجدت لذلك سبيلاً .
……….…
فيما يبدو أن " الكتوم " يستطيع أن يحافظ على بريقه الاجتماعي ولكنه يتلظى من آلامه الداخلية ويعاني قسوة الضمير وجروح الروح النازفة .
أما " الفضوح " ممن يبث أسراره ويكشف عن ساق مشاعره المبرحة فهو منخفض القيمة اجتماعياً وأقرب للسذاجة ولكنه يتعافى نفسياً ويداوي جروحه الداخلية لأنه يقذف بها إلى الخارج ويتخلص من غلوائها في مسامع الآخرين .
اكتم ما يضرّك البوح به ، واختر للفضفضة من هو أهل للثقة ، ولا تنسى أن الاستشارة فوق منفعتها في اختيار القرار الصائب وتحين الخيار السليم فإنها فوق ذلك طبابة نفسية ومصحة وجدانية ، فالزمها عند من يؤتمن جانبه .
……………
انزل إلى الشارع تجد كهلاً ينشد سبيلاً إلى الراحة الأبدية ، وهو أزهد ما يكون في علم أو معرفة مؤداها مزيد من الجهل ، وقد سبر الحياة وخبرها وما خرج منها إلا بالانتظار لما يلقاه فيما يلحق منيته ويتبع أجله اليقين .
وتجد شاباً أنهكه الأرق وأذهله القلق ، وقد كان مغروراً بفتوته ومعتداً بذاته فأسرف في ثقته وأمعن في تفاؤله فما أفاق إلا بعاصف ضعفه وقسوة واقعه .
وتجد امرأة ضعيفة تواجه حياتها وتكابد لمستقبل فلذاتها وقد تركها رجلها الأناني عارية أمام شظف الحياة وصعوبات الحياة تواجه علقماً ولا تجزى شكوراً .
وتجد طفلاً لاهياً يقضي جملة يومه في شغف الاستطلاع حتى يستبد به النوم ، لديه رغبة عارمة في الازدياد من الحياة إلى درجة العبث .
يا الله ، ما أجمل وأصدق وأعمق أيام الطفولة .
………….
وقد يصلب ذهنك مع إيقاع المدن المتسارع ، فتثوب إلى قريتك بنسقها المطمئن وسيرها المتباطئ فتبدو أسارير عقلك وتفيض ينابيع فكرك .
وقد يشقى عقلك من إجهاد القراءة ورهق التفكير ، فتنثني إلى الراحة وتستقيل من الجري الفكري حتى تجد في البال مستراحاً وفي الدماغ انشراحاً .
……………
يسألني إذا كنت أطبق كل ما أكتبه ، أو إذا كان ما أكتب هو تفسير لسلوكي أو تعبير عن تصرفاتي .
فقلت : لا !
……….……
لا تنخرط في مشاريع تصفية الحسابات الخارجية .
لا تكن حطباً لوقود الثارات المشتعلة في حروب لا ناقة لك فيها ولا جمل ولا متاع ولا حمل .
امتلك قرارك المستقل في الحرب والسلم والتحليل والفهم .
……………
عندما يخطئ شخص ما في حقك : حافظ على انضباطك العفوي ولا تتهور في ردة الفعل .
…………
لا ينفع بخل مع الاستقامة ، ولا يصح طمع وجشع مع التدين ، ولا يستقيم غضب وتنمّر مع الالتزام .
الاستقامة ( المطواعة ) لا تسلخك عن طبيعتك ولكنها تدربك على محاسن الخصال وأفضل الأعمال ، تحسن قابلياتك وتطور ذهانتك وترقق وجدانك .
التدين الحقيقي يربطك بالغايات العظيمة ، ويسخّف دنياك ومطامعك الضئيلة ، يطير بك إلى حيث تصغر عندك كبائر الدنيا وتهون عندك مطامع الأرض .
كيف لجشع أن يستقيم والمال ينازع قلبه ؟ وحب الدنيا يقتطع بضعة من اهتمامه ؟ وكيف لمتنمّر أن يستقيم والغضب يزاحم إيمانه ؟ والشدة تنزع الرحمة من فؤاده ويستدعي الشيطان إلى ضيافة دائمة حيث يروق له الغضوب المستوفز .
الالتزام الذي قوامه ومرامه العبادات المركومة والطقوس المعدومة لا يغني ولا يثمر ، فإن الله أغنى عن صلاة الفاحش وصوم الجشع ، إلا إذا كان له منها استرقاق قلبه والرحمة على الناس وإرادة الخير لهم والإحسان إلى الخلق والشفقة بهم .
اجعلوا أخلاقكم دليلاً على تدينكم واستقامتكم ، ولا تجعلوا دينكم مبرراً لغضبتكم وجشعكم .
……………
لو لم تختر لنفسك خصماً ، ربما تبوء بأحمال التقصير ، ثم تبالغ في جلد ذاتك ، فتنهار تحت وطأة الشعور بالعجز .
أعتقد أن الخصومة أحياناً تخفف من ذلك وتساعد في بناء التوازن والتمتع بقدر من الاعتدال .
ليس بالضرورة أن تكون جميع الأخطاء مسؤوليتك لوحدك ، الظروف المتعثرة والحظ البائس وحكمة المقدّر وترتيبات الحياة وعجز البيئة وأشياء أخر يمكن أن تتدخل في بعض إخفاقك .
صحيح أن التحدي الحقيقي هو تجاوز كل هذه المعوقات والحواجز ، ولكن عدم الاستطاعة لا تعني أنك فاشل دائماً .
اقتصد في لوم نفسك !
.……………
هناك كثير غيرك يستطيع الكتابة بشكل جيد وربما مبهر إلى درجة الإعجاز ، ولكن قليل من يستطيع العمل حتى ولو بدرجة معقولة ومقبولة .
……………
من الصعب إقناع رجل مصرّ على عداوتك بأن هناك فرصة للتسامح .
……………
تباً لهذا العقل !
أصبحت قليلاً ما أضحك على النكات ومقاطع الفيديو الكوميدية إذا كان فيها متناقض منطقي .
رغم أن النكتة تعمل على ضرب قواعد العقل وتراتيب المنطق ، ولكن من اشتغل على ترقية عقله أفسد عفويته وتلقائيته .
………
لا يحقق النجاح إلا ذلك الذي يمضي باتجاه هدفه ولا تغريه ملهيات الطريق ، إنه التركيز .
…………
لا تأخذ الإجابات التي تناسبك فقط ، ومارس الأسئلة غير المريحة .
……………
أسبغ على أبنائك بالحب ، وإلا فإن عروض الشارع مغرية إذا صادفت خواء وفراغاً .
………
الارتباط الاجتماعي مكلف من جهة لأنه يلزمك أن تتنازل عن بعض خصوصيتك وتقتص جزءاً من منطقة نفوذك لصالح من يقاسمك إياها ، وفي أحسن الأحوال يشاركك فيها ، وفي أندر الأحوال تستلذ بمشاطرته لك .
……………
يأسرني أولئك الأشخاص الذين يعملون لغيرهم وكأنهم يخدمون أنفسهم بل أكثر إتقاناً وأمانة وصدقاً .
أعرف ثلة من هؤلاء ، يملكون قلوباً شفيفة ونفوساً رقيقة ، يحبون الخير للغير وسريعاً ما يعفون للمقصر ويتجاوزون إساءاته .
وربما انقبض تجاهك يوماً فإذا ما طلبته لخدمة أو سألته عوناً إلا كان أسبق من سؤالك وأعجل من طلبك .
…………
الإنسان عنده قدرة فائقة على التكيف ، ولو عاش في جوف وادي قفر بهيم لعشق فيه الحجر الأملس وصاحَب الصخرة الصماء واستعدى الجبل الوعر .
أنّى ألقيت به يتأقلم ، وكيف ما ألفيته لن يعدم ما يجد ما يعيش به ويحيا له وينام ويقوم ويأكل ويشرب ويجري ويلعب من أجله .
ماذا عن الأشخاص الذين حازوا حياة مستقرة ، ومواهب مبشرة ، وإمكانات جيدة وظروفاً مناسبة وبيئة صالحة ثم أهملوا ذلك وأسلموا أرواحهم لليأس والقنوط والتسخط ؟
……………
الإنسان كائن ذاتي مصلحي يجعل من نفسه مبدأ الأشياء ومنتهاها .
فهو يناقش القضايا من زاوية اهتمامه ، ويتعاطى الحياة من جانب منفعته ، ويتناول المطامح من جهة إرادته ، ويجتزأ رأيه في الآخرين بناء على ما يصله منهم وما انقطع عنهم .
هذا وإن كان فيه جانب من ضيق المصلحة والأنانية ، لكنه أصل الحياة وماكينة الدنيا الفاعلة التي بها تستمر وعلى أساسها تستقيم .
……………
اصدق مع نفسك أولاً ، ثم مع من حولك فالأدنى فالأدنى .
ما قيمة الحياة وهي متجردة من الصدق ، فتعيش مزدوجاً في قيمك ومبادئك ، مضطرباً فيما يعتاده الناس منك ، ومذبذباً لا تقر على حال ولا يعرف لك مآل .
إذا اتبعت هواك لقيت لذة زائفة لكنك ولو آجلاً ستلقى عاقبة ذلك .
……………
الرسائل السلبية لا ترى بالعين المجردة ، ولكنها تؤذيك من حيث لا تشعر .
تترسب في باطنك العقلي والوجداني و
وإذ تظن أنك في مأمن منها ثم ما تلبث أن تنقض على جدار ثقتك بنفسك واعتدادك بإمكاناتك فتهوي به حتى لا تقوم له قائمة ولا يشاد به بنيان .
والسلبية عدوى عامة تتسرب إلى المحيط وتؤثر في الآخرين ، ومن هنا تأتي أهمية مخالطة المفعمين بالتفاؤل والإيجابية ، فأحسن اختيار رفقتك .
………………
عدل أساليبك القديمة ! لن تحافظ على مكتسباتك بنفس خطط الهجوم والدفاع التقليدية .
البنى المستحيلة على التغيير لا تصمد طويلاً أمام الزمان المتطاول ، والنفوس المشادة بلبنات صلبة وقطع متماسكة تنهار من الداخل وتهوي بها الشقوق الضمنية .
……………
عادة لا يجد المستغرقون في مشاريعهم الجادة أي فرصة للانخراط فيما يستنزف أوقات أولئك المتساهلون في العناية بأهدافهم ومستقبلهم .
وهم عادة لا يتسع وقتهم ولا جهدهم لملاحقة عيوب الآخرين ولا يتمكن منهم اليأس أو الإحساس بالعجز .
ضآلة النفوس وتضعضع القلوب يأتي من الفراغ القاتل الذي يعود على الإنسان بشعور المهانة والابتذال .
.………………
أفضّل أن يصنع الإنسان في حياته منطقة ( حظر الأسئلة ) إذ لا يجوز لسؤال مزعج أن يجول في طرقات النفس الهادئة ويقضّ مضاجع العفوية والبساطة الهاجعة في مرقد الطبع المتسامح .
سؤال الكرامة في عقد الصداقة رصاصة تقتل روح المودة ، وسؤال المادة في عش الزوجية قبضة تخنق روح التراحم والتشارك ، وسؤال الشك في حضرة الغيب يودي بالتهلكة ويهدم عمق الديانة .
وسؤال العيب عند شهود الجمال ، وسؤال العتاب عند الإحسان ، وسؤال الانضباط عند الترويح .
السؤال قوة علمية ، وعادة إيجابية ، وموقف إيمان بالإنسان وطلب للكمال ، ولكنه أحياناً سوء في الأدب وتكلف في الطلب .
………………
كيف تكون متدفقاً بالأفكار ومتفجراً بالمعاني ؟
مارس الشك ، لأن تلك المعارف المستقرة والحقائق المشتهرة لا تستحق تلك الهالة القدسية الزائفة .
ادخل المناطق المحظورة بمرسوم اجتماعي تقاليدي واكسر حاجز المناعة الفكرية وقوانين الاستبداد الثقافي .
ابذل منتجاً جريئاً فوق السذاجة ودون الوقاحة ، ومارس اجتهادك الشخصي واستفتي إمكاناتك المكنوزة .
…………….…
نحن بحاجة إلى إعادة اكتشاف بعضنا البعض .
لقد تباعدنا بطريقة فظيعة بسبب ما أحدثته أدوات الاتصال وما نجم في نفوس البشر وأفسد أذهانهم وخالف ما بينهم .
يحصل أن تجمعك صدفة ما بشخص كنت تراه بغيضاً كريها لا يروق لك ولا يستساغ ثم يفجؤك طبعه السمح وجانبه اللين ومعشره الطيب فتغير رأيك وتبدل فكرتك .
يحسن بالإنسان أن يتحكم بالمسافات التي تفصله عن الآخرين بما يكفي للمناورة وإحسان الظن وإعادة النظر دائماً .
…………
لماذا يتفاءل غير المؤمنين أكثر من غيرهم ؟ هل التفاؤل تقنية نفسية أكثر منه مردود إيماني ؟
المعطى الثقافي يقول أن التفاؤل ( الاطمئنان بالتعبير القرآني ) هو نتيجة الالتزام الديني وهذا صحيح إلى حد بعيد ، ولكن في المقابل هناك من يملك القدرة على التفاؤل وتوظيف ذلك في ترقية إمكاناته النفسية وينعكس هذا على إنتاجه الشخصي ، إنها متتالية نفسية إنتاجية ثرية وفاعلة غير أن المكون الديني لم يتدخل فيها بشكل مؤثر وكافي .
ومما يلفت نظر الانتباه ثلة من المؤمنين والمشتغلين على العبادات الدينية لا يملكون حظاً من التفاؤل وتكاد تجزم أنهم أتعس خلق الله وأكثرهم كسلاً وهملاً وأقلهم أملاً وعملاً وإنتاجية .
…………………
الحقيقة المستقرة بالنسبة لك ، لا تحمل نفس التقدير بالنسبة للآخر .
……………
احذر من تلك الأسئلة التي تحمل إجابات جاهزة ، أو التأثير على مسار الإجابة باتجاه مرادك الذي تحب .
حينها لا يكون السؤال بوابة للمعرفة ولكنه ترسيخ للجهل واستضافة دائمة للسلبيات .
………………
لماذا نخفي بعض أجزاء من حياتنا دون مبرر كافي ؟
الستر الشرعي ليس ما نتداوله اليوم ، والحياء لا ينطبق على مبالغاتنا في التحفظ الاجتماعي .
وكثيراً ما ينعكس هذا التوجس المتوتر على ممارسة ما نخفيه بشكل صارخ وراء الأبواب المغلقة .
مقدار كبير من حياتنا نخفيه وراء ستار العيب والموقف من الناس والقليل منها نمارسه في العلن بقدر كبير من الزيف والتردد .
جميل أن نعمل على رفع الأغلال والآصار الاجتماعية العتيقة ونعلن حياة جديدة ليلها كنهارها .
………………
لا تكلف الحياة إسعادك ، لا تبالغ في طموحك منها ، ولا تنظر إليها إلا بقليل من عين الثقة وكثير من اليقين أنها متبدلة ولا تدوم .
ومع هذا عليك أن تعيشها باستمتاع والتذاذ حتى لا يفوق ضيقك سعتك ولا يتفوق حزنك على فرحك ولا يغلب عبوسك انبساطك أو تشاؤك تفاؤلك .
………
لا تغير شيئاً من خططك عند أول تحدي يشاغب قدرتك على التحمل والاصطبار ، لا تسرع إلى التنازل عن حلمك عندما يسخر أحدهم منك ، ولا تنخفض ثقتك بمستقبلك عندما تواجه مثبطاً يتلو عليك محفوظاته السلبية .
احتفظ بخطواتك المرسومة وامشي إلى أهدافك المعلومة بثقة وتؤدة وإصرار ، واجعل لك من أصدق أصحابك مستشاراً وأميناً لسرك .
…………….
أحياناً يكون لديك فائض من العلاقات الاجتماعية لا تكون عادة في حاجة إليه ، وربما يرغمك ذلك على صرف المزيد من الوقت الضائع على تلك الارتباطات الاجتماعية السائبة .
الأفضل أن تخفض من مستوى التواصل مع تلك العلاقات التي تهدر وقتك دون مردود حقيقي ، فهذا أحفظ لوقتك ولماء وجهك وأنفع لعلاقاتك التي تأتي في خانة الواجب والإلزام .
………………
صديقي لا يكتب إلا في سلبيات الحياة ، ولا ينتقي من الكلمات إلا أكثرها فظاعة وأشدها وقعاً وأعسرها هظماً .
عندما تجول في منشوراته ، أو تطالع في صوره الرمزية أو حالاته الراهنة بحسبانها دليلاً إليه وتعبيراً عنه ، لا تخرج منها إلا وكأنك كنت في مجلس كربلائي شديد القتامة .
تخرج منها وقد أدمتك مناشير العتاب واللوم والتأنيب ، يقدّ حرفه من تجربته البائسة ويغرسه في صدر صفحته الإلكترونية البريئة .
……………
لدينا بقايا طفولة تصدر في مواقف العفوية وتختبئ وراء ستار المجتمع الرسمي .
نعيش فيها حظاً من الانبساط والاسترسال ولا تستغلق النفوس ولا تضيق الصدور .
بين يدي والديك ، وصديقك الملاصق ، وزوجك المرافق ، وطفلك المعانق ، تعيش مستوى من التباسط والعفوية وكأن فطرتك تنتعش من جديد .
أحيوا موات طفولتكم الراسبة في النفوس لتهنأوا بساعات من الاستشفاء بروح البساطة .
…………
لا تصدق ظنونك الفاجرة في الآخرين ، وما تعتقده في الآخرين ليس هو الحقيقة الصائبة دائماً .
أنت تتصور رغباتك الدفينة وتعتقد في الآخرين ما تتمنى نيله والحصول عليه .
………………
عادة نحن لا نرى أخطاءنا بشكل واضح ، وفي المقابل نرى أبسط حقوقنا وكأنها أوجب الواجبات .
……….…
كل شخص يراهن على حضوره المحلي في المقام الأول ، يكتسب قوته الاجتماعية من إمكانات بيئته وظروفه المحيطة .
أولئك الأشخاص الذين ينبتون خارج صناديقهم المحلية ، يولدون مثل جسم شاذ غير ناضج ولا مكتمل .
………………
ستندم طويلاً عندما تعطي أحداً لا يستحق ، الحق في اختراق خصوصيتك الشخصية .
ستشعر بالألم المزعج عندما يتجاوز ذلك الشخص كل حدود الأدب واللياقة لأنك ستتحمل إلى ما لا نهاية .
من الجيد أن يتوقف ذلك في الوقت المناسب قبل أن تتفاقم المشكلة ويتنامى إحساسه البليد تجاهك .
…………………
المجاملة ليست منافقة .
المجاملة هي ملاطفة اجتماعية ، أن تبالغ في مدح الجيد ، أن تتجاوز الموضوعية في وصف الجانب الحسن ، هي نتاج اللباقة الشخصية .
المنافقة هي أن تظهر خلاف ما تبطن ، أن تخادع في وصفك وتزيين القبيح وتمجيد الساقط ، هي أن تتلون على هوى مصلحتك وتحت نير الضغوط الراهنة .
ولذا ، كن مجاملاً بمستوى بسيط واحذر أن تكون منافقاً ولو بأقل قدر .
…….………
لا تكن لغزاً محيراً أو أحجية يصعب تفكيكها بالنسبة لمن يحيط بك .
لا يضيف إليك هذا أي قيمة تذكر ، بل يزيد غموضك من انحسارك ويضاعف كتمانك من تجاهل الناس لك وابتعادهم عنك .
……………
العفو عند المقدرة ، يعني أن التسامح موقف قوة وليس تعبيراً عن الضعف .
ولكن هذا لا يحصل دائماً ، إذ يكون التسامح أحياناً مغرياً للمنتهزين فيجددون الإساءة لك والخطيئة في حقك .
الحرب تحقق السلام كما يقول استراتيجيو الغرب المتقدم ، يبذلون المال والنفس لخوض حروب ترجح كفتهم لحظة عقد مواثيق السلام .
………………
الناس تحب الطيب وتحترم القوي .
……………
إذا تغيّر عليك أحد أصدقائك باتجاه الغلظة والجفوة ، فحذار أن تنتصر لنفسك وتسرع إلى اتهامه بالخيانة وسوء العشرة وقلة المروءة .
فتش في تاريخ تصرفاتك ، لعلك أسأت إليه من حيث لا تدري ، ربما انتقصت من قدره وتسببت في إهانته ، ثم نسيت ذلك في غمرة الأيام .
الثقافة الاجتماعية نفخت في نفوسنا كبرياءاً مزيفاً ، واعتقدنا أننا على صواب دائماً وغيرنا هو المخطئ والمقصر والمبادر بالإساءة ، دائماً ما نتمسك ببراءة ساحتنا وسلامة سلوكنا ، وكثيراً ما نعلق اختلاف الآخرين على سوء أخلاقهم وهشاشة أدبهم .
رب تصرف عابر أو كلمة عفوية خرجت من فمك فجرحت قلبه وعلقت في ذهنه وأنبتت شجرة الفراق .
راجع حساباتك ، واعترف بقصورك ، وقل كلمة الاعتذار بقلب صادق ونية حسنة ، تظفر بحياة السعد تربت يداك .
………………
يختلف الناس في حماسهم للحب أو شغفهم بالبغضاء .
فتجد بعضهم يسرع للمحبة والود ولو ظهر منه أدنى سبب وأضعف دليل ، بخلافه من يقتحم مواطن الضغينة والحقد مهرولاً وكأنه بشّر بالجنة .
وهذا يعود إلى تراكيبهم النفسية واستعداداتهم الداخلية وحجم تجاربهم الحياتية ومستوياتهم الذهنية .
…………………
لا تتخوّف من تبدل قناعاتك وتحوّل موقعك كلما تقدم بك العمر ومضى بك الزمان ، لعل هذا ما ينبغي أن تكون عليه وما يليق بإنسان لا يتوقف عن تصحيح أوضاعه وتسديد مواقفه .
الإنسان لا يتوقف ، يتطور بطريقة متنامية ، ربما يخسر بعض مكاسبه ولكن الفرص تتسع والإمكانات تصبح أكثر استيعاباً وقابلية ، الطفولة مشعّة ولكن الشباب ناضج ، الصبا تسلية ولكن البلوغ قوة .
إذا كنت على حال جيدة الآن ، ربما تكون في أفضل منها لاحقاً ، إذا كان حاضرك يسبقي جهدك ويحفظ إمكاناتك ربما بلغ حالك مبلغاً تزداد فعالية وتضيء بالإيجابية .
دائماً توقع الأفضل ، ولا تختصم مع التغيير ، ولا تحتجب وراء ستار المخاوف عن مستقبل مشرق وأمل يورق .
……………
يتمادى الإنسان الأحمق في الإساءة لك إذا أسرفت في العفو عنه .
………………
معركتك ليست فلان أو فلان ، أنت أكبر من ذلك والحياة أهم من هذا .
معركتك الحقيقية هي الإجابة على سؤال : كيف تعيش على نحو مشرّف ؟
ولتعلم أن سؤالاً مثل هذا لن يطرأ على بال رجل اجتزأ حياته في سفاسف الأمور ، ونذرها لأسخف المطالب .
هذا السؤال وقْفٌ على تلك النفوس العظيمة ، والعقول الكبيرة ، والضمائر المستيقظة .
أولئك الذين دفنوا أرواحهم في مقبرة الإفلاس ، وأغرقوا عقولهم بالتوافه المزدحمة ، وعطلوا قلوبهم بالحظوظ الضيقة ، لا يستحقون إلا حياة العار والصغار .
………………
فقد العم أحمد ابنته الصغرى بطريقة مأساوية ، وقعت ضحية حادث تصادم مروع ، عندما ودّعتها والدتها للمرة الأخيرة لم ترى ملامحها إذ يغطيها قماش طبي أبيض يخفي وجهها الدامي .
رفع والدها أذان العصر من مسجد الحارة بعد ساعات قليلة من دفنها في زاوية القرية ، كان الأذان مختلفاً عن نسخه السابقة ، إذ كان العم أحمد وكالعادة ينوب المؤذن الرسمي في مهمته ، وصادف ذلك يوم وفاة ابنته ، ولم يتغيب !
صدح بالتكبير والتهليل بطريقة عميقة ، كان حلقه يضجّ بالإيمان ، كنت أشعر بالألم يقطع كبده وهو يرفع عقيرة صوته بوحدانية الله ، كان موقفه بخسارة ابنته شديد الوقع ، غير أنه يتّكأ على إيمان قوي وصبر متين .
كانت أحبّ بناته إليه وترافقه في كل مشاويره القصيرة والنائية ، المرة الوحيدة التي لم تكن بمعيّته عادت إلى البيت جسداً بلا روح .
لم يرزق العم أحمد بالذكور ، لكنه لم يشعر لحظة واحدة بالضيق أو الانزعاج ، كان يضمّ ابنته الأصغر سناً إلى صدره أيام حياتها بكثير من الفخر والامتنان ، كانت تمدّه بأسباب العيش والاستمرار منتصباً أمام قسوة الحياة .
المؤمن كائن ذو حظ عظيم ، لأنه يجد في المسجد والصلاة وعند الله منجاة من ويل المصائب وملاذاً وارفاً من بأسها ، الكثير تدفعه المصيبة لمراجعة حاله مع الله ، والقليل تزيده المصيبة ثقة بالله وتعلقاً به ، إذ تبدو الابتلاءات أحياناً مثل سلالم صعود إلى درجات الصابرين في أعلى علّيين .
على المبتلى أن يشعر بالفخر لا بالضيق لأن الله يختاره بتمحيص إيمانه وتصفية قلبه ، عليه أن يشعر بالأمان لأن الله يصطفيه بما يعلي درجته ويرفع منزلته ويقربه إليه زلفى ، يقترب المبتلى من صفوف الأنبياء كلما زاد حجم الابتلاء .
هذا ينطبق تماماً - ولا نزكي أحداً - على العم أحمد ، إذ يعتبر ونحن شهود الله في أرضه من أوائل جماعة المسجد وممن تعلق قلبه بالقرآن حتى لا يكاد يسمع بآية من القرآن إلا أتمّها عن ظهر قلب ، رجل بسيط لا يحمل من العلم شيء غير أنه لا يقضي وقته إلا في صلاة وتلاوة قرآن أو في قضاء حاجة أهله وقليل من عمره ذهب سدى .
الحقيقة أنني أشعر بالارتياح عندما أكتب عن المأساة ، ربما لأنها المرة الوحيدة التي أكتب فيها بصدق ونبل وإنسانية .
………………
سأقول الآن شيئاً يندى له الجبين :
انتهى أحد الشباب من عامه الدراسي في المرحلة الثانوية ، وتعرض لموقف مربك ، وذلك عندما راوده على نفسه أقرب زملائه إليه وألصقهم به ، استخدم زميله كل حيل الترغيب والترهيب دون جدوى ثم استسلم ليأسه ، وبقي الشاب مصدوماً من جرأة زميله ومستوى أخلاقه .
بردت العلاقة وانغمس الشاب في إجازته الصيفية ليبدأ سيل من الرسائل القصيرة ينهمر على هاتفه ، أحد المعلمين يبعث رسائل شخصية فيها ما يثير الريبة ويدعو للتوجس ، حاول الشاب أن يتجاهله ولكنه يمعن في الإرسال والاحتمال ، وسيكون من المحرج إذا قلت أنه معلم لمواد الدين في مدرسة ابتدائية .
لم يمضي كثير من الوقت على غزوة الهاتف حتى تعرض ذلك الشاب لموقف ابتزاز صارخ ، عندما طلب أحد الموظفين الحكوميين رقم هاتفه مقابل إسقاط غرامة بحق هذا الشاب ، حصل الموظف على الرقم وفي أول مهاتفة بينهما هبط مستوى الحديث إلى مباشرة الرغبة في علاقة غير منضبطة ، وسرعان ما تهرّب الموظف بمجرد تهديده بتدخل والد الشاب .
غير بعيد عن ذلك الموقف حتى تعرّضت له فتاة جميلة بقصد إغرائه والتواصل معه ، لم يتحفظ الشاب كثيراً تجاه هذا الموقف وأبدى استعداده الكامل وتنامت العلاقة إلى حدود غير مسبوقة .
حصل كل ذلك في حوالي أسبوعين فقط ، ووقفت أنا شخصياً على مجمل المواقف ، وأصيب الشاب المراهق بدرجة من الحساسية المفرطة تجاه المجتمع والناس ، وأصبت أنا شخصياً بخيبة من مستوى تماسك هذا المجتمع أخلاقياً وقيمياً .
بقيت الصحوة الدينية منذ سبعينات القرن الماضي وهي تعيد إنتاج كل شيء بغرض خلق مجتمع متوائم مع الهوية الإسلامية ، هذا إلى جانب الاستراتيجية التعليمية وخطط الدولة الاجتماعية والتنظيمية ، يبدو أن كل ذلك يعلن فشله الذريع الآن .
يمكن القول أن هذه نتائج شاذة لا يقوم عليها حكم ، ثم نغط في سبات الثقة في جهودنا ونتائجنا ولكن المشكلة تتضاعف والظواهر تتفشى بما يدعو إلى الاهتمام وإطلاق نذير الخوف على المستقبل الاجتماعي لهذه البلاد .
كنت أقول أحياناً : اجعلوا بعضنا يعيش في غيّه وإهماله حتى يكشف لنا ظهر المجتمع ، ونتخلص من ضباب السفوح المثالية والمناصب الخيالية .
……………
أكثر ما يعيق طموح المتطلع هو استعجال الظهور وحرق المراحل ، إذ يعطل مساحات الاستعداد العلمي لديه ورفع مستوى جاهزيته الثقافية والفكرية .
أدوات الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعية خلقت ما يشبه هذه الأوساط التي تحرك لدى الشاب الإحساس بالتثاقف والتعالم .
وأعترف أنني ممن ابتليت بهذا الإحساس المخادع ، إذ تتوقف عندي أحياناً مشاريع التزود العلمي والرصانة القرائية بفعل الإحساس المتعاظم بالاكتفاء الاجتماعي من زاوية الوجاهة الثقافية .
………………
نحن أهل الخليج والسعودية على وجه التحديد أكثر خلق الله نقاشاً وحديثاً في المسألة المصرية ، طرف يناصر مرسي وجماعته وينادي بشرعيته وآخر يثمن موقف الجيش ويطرب لإزاحة الإخوان .
وأبعد من ذلك نزيّن للمصريين مباهج الدولة الديمقراطية المدنية ونحذّرهم من مساوئ الدولة الدينية الفاشيّة ، ونغرق في نقاشات محتدة وأحاديث لا تكاد تهدأ أو تتوقف .
هناك مبرر ديني ( أمة مسلمة واحدة ) ، ومبرر قومي ( مصر قلب العروبة ) ، وهناك مبرر سياسي ( دول الاعتدال في الشرق الأوسط الجديد ) ، وهناك مبرر اجتماعي ( مصر تستحق الهدوء والاستقرار ) ، ومبرر أيدولوجي ( بين إسلام سياسي مأزوم وليبرالية مشؤومة ) ، وفي كل الحالات لدى أهل الخليج والسعودية ما يكفي من طموحات أو مشاكل تحتاج لوقفتهم الجادة ومشارطهم الحادة .
وذلك أمر مخجل وكوميدي في آن واحد ، لأن مصر بلد واعي ومثقف وهذا ما ينقصنا ، ومصر بلد يعرف التيارات السياسة مع ضمان التجريب بخلاف ما نحن عليه ، ولا ينقص أرض الكنانة إلا طبقة سياسية مخلصة يدعمها شعب غير مستقطب ، لأن فساد العسكر وكساد خزائن مصر نخر كل القوى والطبقات .
نحن نشبه إلى حد بعيد ذلك الزوج الذي يوصي رفقاء جلسته من شباب القهوة بالغلظة مع أزواجهم ويحذرهم من اللين أو التسامح معهن ، وإذا عاد لبيته طأطأ رأسه وأخفض صوته لأن زوجته " هي اللي تصرف ! " .
أسد في تويتر وفي بلدك نعامة .
…………………
صديقي مثل دولة لبنان الشقيقة ، لا يملك قراره الداخلي ، وتتناوبه قوى الحارة العظمى لفرض سيطرتها وبسط نفوذها .
وهو لا يلبث أن ينعتق من إسار دولة إقليمية حتى تتناوله أخرى ، تغير من مسار حياته وتبدل نظام مزاجه وهو مستسلم لقواهم التأثيرية ولأصابعهم الخفية ، مستلباً لا يقوى على قرار ومرتهن لا يقوم باختيار .
تبتزّه الأجندات الخارجية حتى ضعفت مناعته الداخلية ، وتجتره مصالح القوم حتى انهارت سيادته على ذاته وأسلم مقاليدها للآخرين .
يملك من المقومات الاقتصادية والاجتماعية ما يجعله مستقلاً بقراره ومستأثراً بقيادة نفسه ، ولكن نظامه الشخصاني مبدد بين ثقته الهشّة واستئجار قواه العقلية والعاطفيه لمصالح القوى الخارجية ، متنائياً بذلك عن مصلحته المباشرة وحاجته الملحّة .
مكوناته الداخلية لا تنسجم في هوية تواطنية مشتركة ، فقد تحولت إلى جيوب مستأجرة للخارج ، وقد يصل التخالف بينها إلى التناحر والإقصاء ويدفع فاتورة ذلك الاحتراب مزيداً من التشظي والشتات والتيه الأربعيني الكريه .
ولن تقوم له قائمة حتى تعود الكلمة لإملاء مصالحه ومحددات مبادئه التي يستلهمها من كينونته الأخلاقية وتاريخه الاجتماعي ثم يوازن حاجاته مع واجباته ويصدر عن دستور شخصي وسياسة معتدلة وتوافقيه تحمي حياضه الداخلي وتعيد تموضعه الخارجي بما يحقق له السيادة الداخلية المطلقة وتمكينه من دور خارجي مرموق ولائق به .
يا سيادة الصديق .. هل لك أن تكون رجلاً حقيقياً ، ويا سيادة الشقيق لبنان .. هل ينقصك رجال .
……………
ماذا يمكن أن تسمّي هذا التصرف ؟
يبثون رسائل صاخبة بمقاطعة قنوات ام بي سي لأنها تجرأت بالسخرية على الشيخ العريفي وهم أكثر خلق الله مشاهدة لها ، يشيعون حملة بحذف القنوات ويستعجلون إمام مسجدهم للحاق بأبو الملايين وواي فاي .
لا يمكن أن تجد هذا في مكان آخر : ممثلون سعوديون يسخرون من شيخ سعودي في قناة سعودية وبرأس مال سعودي صرف ، وشعب سعودي يقسم بالمقاطعة ثم يسجلون أكثر الناس مشاهدة .
يحلفون بالله أنهم سيحذفون القناة لأنها تسخر من الشيخ ولكن غيرتهم لا تحضر لحظة يصرفون أوقاتهم عليها .
ينادي فيهم الشيخ العريفي بمقاطعة قناة إم بي سي للأطفال ونسائهم أكثر أنواع البشرية إهمالاً لأطفالهن .
يشترون شاشتين لمنزل واحد : أما إحداهما فللكبار والأخرى للصغار ، يعرفون من مجموعة إم بي سي أولاها وثالها وما بينهما من الاكشن والرابعة والثانية التي تغرقهم بالغث والسمين .
يعلنون البراءة منها ومن أصحابها ، ثم يتهافت دعاتهم على شاشتها في ليالي رمضان لأن فرص المشاهدة أكبر وربّ كلمة تبلغ في " الام بي سي " ينسف ما تبذله " المجد " من عمرها .
والطامة قناة العربية التي تعبر عن لسان الدولة ولا تستهوي شعبها ، تلتزم أجندتهم السياسية وتفرط في قيمهم الاجتماعية والدينية ، تتماشى مع السياسة الخارجية وتتناقض مع السياسة الداخلية ، الأمر نفسه بالنسبة مع صحافتهم التي لا ينتمون إليها ولا يعترفون بها .
ماذا يمكن أن تسمّي هذا التصرف ؟
…………………
أكثر ما يؤلمني في حالنا : أن التقليد الاجتماعي غلب على المعنى الديني في المواسم والمناسبات .
ولذا المسلسل التلفزيوني وطبق السمبوسة زاحم القرآن والتراويح حتى كاد يلغيهما من المخيال الجمعي والحضور الواقعي .
بالإضافة إلى عدم تمكين الإنسان من فرصة التعرف على الله بشكل مستقل ومنفرد ، حتى أصبحنا دائماً في حاجة إلى غيرنا ليذكرنا به وينبهنا إلى وجوده وحقه علينا ، وهذا ما جعل سوق الوعاظ والدعاة ينمو ويتضخم .
نحن بحاجة ماسة إلى إعادة تخليق كينونتنا !
……………
بعض الأشخاص يستحق حياة أفضل مما هو عليها الآن ، أوتي إمكانات جيدة ومواهب فريدة ، ثم يعيش معطلاً من النجاح زاهداً في الطموح .
يؤلمني حال بعض الأشخاص ممن يعيش بأقل قدر من إنسانيته وطموحه وأخلاقه ، لأجل أنه لم يحترق لفوات حظه ولم يتألم لضياع مكانته .
على الإنسان أن يراجع نمط حياته ويستنفد غاية ما يستطيعه ، إذ لا ينبغي لرجل ممكّن ومستطيع وكريم أن يعيش وكأنه معطل ومنهار ومتضعضع .
……………
جربوا الحرية !
ستعيشون حياة ملونة ولذيذة وماتعة ، ولن يجد الملل والسأم والطفش إلى قلوبكم سبيلاً ولا موئلاً أو مقيلاً .
تحرروا من الروتين واكسروا عقدة الرتابة ، جددوا علاقاتكم التي تقيد حركتكم وتشل نشاطكم ، تخلصوا من التقاليد والعادات التي تثقل أيامكم ولا تبارح لياليكم .
جربوا الحرية ! التي جعلتني أكتب لكم الآن وأنا في غاية الانشراح وذروة الانتشاء ومنتهى الصفاء .
انفضوا عنكم غبار الأفكار البالية ، واهبطوا من سراب الأبراج العالية ، وتواضعوا وتباسطوا واعفوا واصفحوا وتسامحوا واستمتعوا .
………………
تعال يا شيطان الدنيا واسكن ، لقد انقشع رمضان بعد أن بسط سلطانه علينا وأمتعنا بسمته الإيماني العميق وطمأنينته الساحرة .
تعال يا شيطان الدنيا وأعد الحياة إلى رتابتها والناس إلى عادتهم والأرض إلى سكونها الممل .
تعال يا شيطان الدنيا واصرف الخلق عن خالقهم ، واسلب الناس من قرارهم المكين حتى يغدو الواحد منهم مثل المتلبس المتخبط الذي يجري لهثاً وراء السراب بدون نتيجة .
تعال والبس نعليك التي تركتها عند باب الدنيا وقد أوصد في وجهك غرة رمضان ، تعال وانشر سمومك في الهواء وابعث ريحك الخمري في الفضاء واعبث في النفوس وافسد الصدور .
تعال وخذ مكانك من الدنيا ، ومارس دورك القمين ، تعال ( وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
) .
تعال و( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ) .
………………
تستطيع شراء الأشخاص بمالك ، ولكن لا تستطيع الإبقاء عليهم طويلاً .
وبإمكانك أن تشتري الناس بأخلاقك ، وبمقدورك أن تحافظ عليهم إلى الأبد .
بالمال ستجد الكثير من الأشخاص ، وستجد القليل من الأوفياء .
…………
على كل حال !!
هناك شخص يملك جمالاً ملفتاً إذ يرغمك مظهره أو مخبره على استبصار إمكاناته الجمالية ، وآخر يملك جمالاً مريحاً إذ ينساب تأثيره إلى عمق التعلق والاستسلام ، وثمّ شخص يملك جمالاً مزعجاً فهو على رغم ملكاته الجمالية الظاهرة والباطنة ولكنه يتسبب في إرهاقك بإحساس مزعج ومقرف تجاهه .
……………
لا يوجد شخص يمكن أن يحتفظ بسرك إلى الأبد ، لابد أن يبيعه في سوق تعاملاته وعلاقاته المتنامية .
أغلب أحاديثنا عبارة عن أسرار لآخرين ، حتى تعليقنا على الأحداث التي تظهر عياناً للناس تبقى أسبابها مجموعة أسرار يتداولها العارفون بها .
الثقة المطلقة يمكن أن تجعل من أسرارك بضاعة رخيصة ، والاحتفاظ بأسرارك لنفسك فقط ليس هو الحل النهائي وإن كان يساعد في ذلك ولكنه يخالف فطرتك التي جبلت على البوح .
نحن كذلك نحتاج أن ندلي ببعض أسرارنا لأغراض مختلفة ليس أقلها هو كسب الآخرين أو منحنا الشعور بمشابهتهم .
ويبقى السر هو الكتمان عند الخوف والبوح عند الثقة ، وتأكد لا وجود مطلق للثقة ولا كتمان أبديّ للسر على وجه هذه البسيطة .
…………………
أنظروا ما أقول :
الذي يملك علاقات قائمة على المبادئ وليست على الهوى ، عادة ما يستطيع الحفاظ عليها وقتاً أفضل وتنمو بينهما الثقة والمودة على نحو مشبع واكتفائي .
صاحب العلاقات المبدئية شخص منسجم وهادئ ومتناغم لأنه لا يتعرض لخسارات فادحة يتكبدها صاحب علاقات الهوى والمصلحة .
كونوا أصدقاء مبدأ ، تعيشون بسلام وقرار متين .
………………
كل شخص لديه مساحة محدودة من التحمل والاصطبار .
حتى الشخص المهمش لا تستطيع أن تتمادى في استنزاف كرامته دون أن يتحرك لحماية جنابه .
لا تستطيع أن تتجاهله وتبالغ في إهماله ثم يصبر على ذلك إلى أبعد مما يغريك سكوته ، فربما نفر يوماً نصرة لإحساسه وغضبة لمشاعره .
حاول دائماً أن تبذل الاحترام مهما أغراك صبر الناس وهامشيتهم بخلاف ذلك .
……….………
كل شخص يبحث عن الاعتراف به داخل مجتمعه ، يسعى بطريقة سلبية وإيجابية على السواء لتحقيق القبول الاجتماعي لشخصه .
إذا عملت على تفسير كل تصرفات الإنسان وسلوكاته على قاعدة ( البحث عن الاعتراف ) فإنك غالباً ستستطيع فهمهم والتعامل معهم بطريقة واضحة ومجدية .
………………
ما اقترفة الجيش الوطني المصري في حق المعتصمين المصريين في ميداني رابعة العدوية والنهضة خروج عن السياق الوطني المبدئي لهذا الجيش ، استمرار لعقيدته الفاسدة التي أعمل فيها مبارك بدعم دول محور الاعتدال في المنطقة .
وزارة الداخلية التي تعاونت مع الجيش في تنسيق عملية الفضّ الدموي بوصفها الحرس القديم لنظام مبارك الساقط ، تحاول اليوم عبر إعادة تصنيم الإسلاميين كعدو للمصلحة القومية ، وفرض حالة الطوارئ ، وتلميع الوجوه العسكرية ، وتوظيف الإعلام في تحبيذ استقرار العسكر ولا فوضى الديمقراطية ، كل تلك محاولات جادة لإعادة مصر إلى ما قبل الثورة .
ليست الأزمة خلافاً بين الإسلام والكفر بهذا الوصف التسطيحي المتواضع ، ولكنه صدام سياسي بحت بين جنود الاستبداد والفساد وبين طلاب الحرية والرشاد ، بصرف النظر عن هوياتهم الدينية ومرجعياتهم الفكرية .
لم يكن المعتصمون مجرد أتباع للمرشد ، دمغوا بالخضوع لأمره ورمزه ، ولم يكن بينهم إرهابيون وتكفيريون وتدميريون ، بل ربما كان غالبهم وطنيون صادقون مخلصون رأوا في الانقلاب اختلاساً للثورة رغم معارضتهم للإخوان ، وعلى كل حال فهم مصريون بالدم والانتماء لا يستحقون هذا التعامل الإجرامي مع حقهم في التظاهر والتعبير السلمي .
حكم الإخوان عيب على الإسلاميين ، ولكن استفراد الجيش وإثخانه عيب على مصر والعروبة والإسلام ، ربما أخطأ الإخوان بشكل فاضح في حكمهم المجهض ولكن الانقلابيين بغوا وطغوا وربما أفسدوا حلم الثورة وأملها في ديمقراطية حقيقية .
الليبرالية المشؤومة أسفرت عن أنيابها وعوارها ، وتخلت عن أبسط أخلاق الليبرالية الحقيقية فضلاً عن أخلاق العروبة والإسلام وتعامت عن الحق المدني والإنساني لأنصار مرسي وذهبت إلى درجة مخيبة من الإسفاف والإقصاء .
الإعلام المتلوّن الذي تنازل عن أبسط معاني الموضوعية والحياد إلى أقصى درجات التطرف والأدلجة ، ولا غرابة إذا كان نجومه يعتاشون على موائد الطغاة من قبل ومن بعد .
……………
نحن الصحفيون نكتب بهوى المالكين لا بإملاءاتهم ، الحرف لنا والمعنى لهم .
……………
إيران تتصرف بطموح إقليمي ، ودولنا تتصرف باستضعاف سياسي .
……………
لن تجد رجلاً يتهم نفسه ، إلا عظيم عاقل !
……………
أشد أنواع الأسف : أن يلومك صديقك على النصيحة .
……………
الشرف الحقيقي أن تفارق صديق قلبك لأنه يمس أعراض الناس بسوء !
الشرف أن ترى بنات الناس مثل أختك ، فإذا رضيت فيهن العيب فقد فتحت باب الفضيحة على أهل بيتك ، فكيف إذا ولغت في أعراضهن ؟
الشرف الحقيقي أن تمتلك أصدقاء يرون أعراض الناس باباً إلى جهنم !!
تأكد أنك لا تحتاج إلى شخص تلطخ بالزنا وإذا حافظت على طهارة قلبك وبياض سريرتك وعفتك ونقاء تاريخك ، فإن الدنيا ستعطيك أكثر مما تتوقع ! وانتظر
لا يمكن أن تختلق مبرراً لمن يمارس الفاحشة مع النساء ، حتى لو دعتك المرأة إلى الحرام ، فإن الرجل " الشريف " لا ينحني للإغراء .
لا يمكن أن تثق في شخص ينتهك أعراض النساء ، حتى لو كان أقرب الأشخاص إلى قلبك ، فالوقيعة في أعراض المصونات " خيانة " ، فكيف تثق بالخائن !!!؟
……………
ومن الحب ما ذبل !
…………
بعض الأشخاص محل للصحبة ولكنه ليس أهلاً للثقة .
………………
لا تخطفوا أصدقاءكم من بعضكم البعض .
لا يطمعنّكم حب التملك في حيازة تلك العلاقات التي جعلت للتشارك والتعاون والتآخي .
دعوا عنكم الأنانية الرخيصة التي تسوّل لكم الاستئثار ببعض معارفكم من أجل التهام خيراتهم واستنزاف محاسنهم بينما توغل الصدور وتحقن النفوس بالعداء والبغضاء .
المناجاة بين اثنين دون ثالثهما تبث سم الكراهية بين الجلساء ، فكيف باختطاف بعضكم عن البعض من أجل شهواتهكم الشخصية .
…………………
هل لديك ما يستحق أن تفكر به قبل النوم ؟
هل لديك مشروع عمرياً يلهمك كل مساء وتنشط به كل صباح ، هل لديك قصة حب حقيقية تزرع فيك الثقة والاطمئنان ، هل لديك إنجازاً أو حلماً أو طموحاً يملأ عليك الدنيا ويحيي قلبك بالفأل والنشاط ؟
غالب من يعاني اضطرابات نفسية يشكو بالأساس من فراغ التفكير أو الاشتغال بأفكار سلبية سوداوية تترسب إلى مشاعر وانطباعات مؤذية .
الشخص المتجدد هو الذي يتمتع بتفكير صافي وذهنية متفائلة وهي نتاج حجم الإنجازات والمشاريع والعلاقات المفعمة التي تنعكس على شخصيته بالإيجاب والفأل والفاعلية .
………………
الأمم التي تضع مهمة البحوث الدراسية كجزء من خدمات المكتبات والقرطاسيات فهذا من سفالة الهمم وانخفاض تقدير العلم لديهم .
الأمم الغربية تصرف من الأموال الطائلة والأوقاف الهائلة على البحوث العلمية والدراسات المحققة ما يعادل وينافس ميزانيات دول مجتمعة .
في أمم الإسلام التي يزخر تاريخهم الديني والثقافي بما يعطي العلم قيمته والبحث مكانته لا يوجد في واقعهم ما يؤهل لحجم تاريخهم العلمي .
……………
ثمة قصور بشري يعتري الإنسان ، يمكن تسميته " الطفولة اللغوية " وهي المرحلة الطريّة من قدرة الإنسان على التعبير .
وهذا ينشأ من حداثة السن أو ضعف الاحتكاك المؤدي إلى ضعف الخبرة ، بالإضافة إلى النمط الاعتزالي لدى بعض من يعيش في الظل .
المواقف الصادمة أو التغذية الدسمة أو التطور الطبيعي للخبرة تكسب الإنسان إنضاجاً أمتن وأعمق للغته وقدرته على التعبير والوصف والتواصل .
اللغة المتينة والجودة في التعبير بما يرقى إلى مستوى النضج اللغوي يحقق مكاسب عظيمة للإنسان ، إلى جانب المراهقة اللغوية التي يتفجر فيها الإنسان بالتعبير عن مكنوناته ومكبوتاته عبر التسخط أو التشدد وهذا سياق طييعي مؤقت ولكنه غير صحي عادة .
وتأكد : الإنسان الأكثر قدرة على التعبير عن نفسه ، يستطيع أن يحصل على الأشياء بسهولة ويحقق أهدافه رغم أنف الصعوبات .
………………
ما قيمة الليبرالي بدون أخلاق المسلم ، وما قيمة الإسلامي بدون فكر الليبرالي ؟
……………
احذر أن تختلق الكتابة بدون فكرة ، اجعل الفكرة هي المنطلق .
………………
يزداد شغفنا بوسائل الاتصال البديلة ، كلما انخفضت فاعليتنا الاجتماعية في الواقع .
لا تستطيع أن تظفر بالاثنتين معاً إلا في أضيق الفرص .
توسعك في وسائط التواصل الحديثة ينعكس على انسحابك الواضح من محيطك الاجتماعي الحيّ .
نشاطك الثري على الشبكات الاجتماعية الافتراضية دليل شبه قاطع على فتورك الاجتماعي في علاقاتك الحقيقية .
تخلص من حالة الاستلاب الالكتروني واستمتع بواقعك الحقيقي ، اضبط نفسك : لأن النكهة الصناعية لا تشبه المذاق الطبيعي .
………………
عندما تحولت الذكريات من مشاعر مختزنة وإرشيف ذهني إلى صور ملتقطة ، انحدر مستوى تقدير الإنسان لذكرياته ووفاؤه لماضيه .
تم تعطيل واحدة من وظائف الدماغ الذي يغذي المشاعر والأعصاب بطاقة الفرح والثقة والسعادة ، تدخلت التقنية الحديثة للقيام بهذه المهمة بدلاً عن الدماغ الذي خلق على نحو تكاملي ومتواتر .
لم يعد الإحساس بالثقة والاطمئنان منتجاً داخلياً ، واضطر إنسان هذا الزمان إلى أدوات خارج تركيبه الطبيعي لمنحه الشعور بالارتياح والاستقرار ، ولكن التدخلات الخارجية دائماً لا تأتي وحدها ، إذ تتسرب معها بذور الانشقاق الداخلي والشتات ، وإدمان الوافدين من خارج انسجامه الداخلي .
……………
العلاقات شرط تكويني .
بمعنى أنها حاجة فطرية وضرورة معيشية وبنائية ، ولا غنى عنها في حياة الإنسان ، وتزيد إلحاحاً خلال المراحل المبكرة من عمر الشخص ، وهي تمضي على قاعدة التأثير والتأثر .
وهي مطلب مرحلي ، إذ تتغير نوعية علاقاتك تبعاً لمقدار عمرك وتجدد حاجاتك واهتماماتك .
بعضنا مهتم بالعلاقات من جهة تكوينها وإنمائها ، ولكنه متحفظ في نوعية الأشخاص ودرجة الشغف بهم أو البرود تجاههم .
الأولى أن تكون العلاقات خياراً شخصياً من جهة بنائها وتنميتها وتفكيكها ، ولكن التدخل ضروري أحياناً لأغراض وقائية ( استباقية ) أو جراحية ( إلحاقية ) من طرف الوالدين أو المعنيين بشأن الشاب وحياته .
……………
بدأ الطلاب في الأسبوع الأول من الدراسة ، يحيطهم الضيق والسأم والألم لأنه قطع حبل إجازتهم الماتعة الرائعة .
لا يقع التعليم لدى طلابنا في موقع كريم عظيم ، وهو في أفضل حالاته قنطرة إلى توفير متطلبات الحياة الوظيفية والمعيشية ، وإلا فإنه مجرد وجع للرأس وهمّ على الناس .
لو تحدثت عن اهتمامات طلاب التعليم العام ، فإن آخر ما يشكل لديهم أهمية في قائمة تفكيرهم هو التحصيل الدراسي والنجاح ، وهذا ينسحب على الطلاب والمعلمين والآباء ، كلهم يدور في فلك الزهد في قيمة العلم والطمع فيما يأتي به من المرتب والشهادة والتخلص من هم الأبناء وقلقهم .
………………
الذي يشتكي بأن زمان الصدق انتهى وولّى دون رجعة ، وأن هذا زمان الخيانة والكذب والخداع ، فهو تعميمي وغير منصف إلى حد ما .
أغلب من يشيع هذه التهمة عادة ما يكون مرتهناً إلى تجارب سلبية ، وعند تمحيص تاريخه ستجد تجاربه نتيجة طبيعية لسذاجته واستخفافه بمشاعره .
من المنطق والعقل والاتزان أن لا تمنح الثقة إلا من يستحقها ، وأن تبادل الصدق من يبديه ، وأن تقدم الفأل على الشؤم والظن الحسن على سيئه دون سذاجة أو استبساط سخيف .
وبذا تكون أسلم الناس من الأذى ، وأحفظهم لكيانه ، وأبقاهم لماء وجهه .
………………
في القرية يكفي أن تكون رجلاً حالماً ، لتكون رجلاً مميزاً .
لأن الريف لا يغريك بما هو أبعد من المطالب الأساسية للحياة ، وما فوق ذلك ليس من الأهمية بمكان ، كما هو الحال في المدينة التي يرتفع فيها مستوى التنافس الشخصي ويتسع أفق الأحلام إلى أقاصي ممتدة .
كن رجلاً حالماً ، فالحلم في القرية انتصار على الظروف القاصرة ، وخطوة مدنية باتجاه التحضر .
………………
لا أقلق على الشاب الذي لم يحصل على النسخة النهائية لشخصيته ، على الرجل الذي لم يطمئن إلى صورة خاتمة لنمطه النفساني والذهاني .
الشخص الذي لا يزال يحاول ضبط مطاطية شخصيته هو على خير ، وأفضل من الذي استقر على صورة نمطية وانتهى إلى نسخة جامدة لشخصيته .
الإنسان كائن لا يتوقف عن التبلور ، بأي اتجاه كان ذلك ، سواء بالتطور أو التغير ، إذ لا ينبغي له أن يتوقف عن التحسن المستمر حتى إذا تعرض لحالات انكسار أو انحدار ، فإن ذلك عارض طبيعي في مسيرته التقدمية .
لا خوف على ذلك الباحث باجتهاد واللاهث بإمعان عن صورة توافقه وتلائمه لشخصيته الفريدة ، ولكن الخوف على الذي يستسلم لنمطيته أو يخضع لإعمال الآخرين ونحتهم في أعماقه حتى تستجيب لمصالحهم وتذعن لرغباتهم .
اصنع نسخة واحدة لمفتاح دواخلك ، ولا تعطي نسخة أخرى لغيرك .
………
إذا عانى الإنسان من اليأس ، أو تعرض لصعقة خيانة ، أو استبد به ألم الإهمال والتجاهل ، فإنه يشعر بجفاف الثقة ويعاني من جدب الاهتمام ، ثم ينصرف إلى استخدام قواته الدفاعية بإسراف شديد ، كآخر قلاع شعوره بالتقدير وإحساسه بالوجود .
يخرض حرباً هوجاء لا أخلاقية على كل المحيطين به ، ينهال عليهم سباباً مقذعاً ، وتشويهاً شائناً لسمعتهم ، ويقذف بنيرانه الناقمة على الداني والقاصي دون حساب .
إنهما عملية تصفير جنونية يقوم بها اليائس ، ليخسر بذلك ما تبقى له من ماء وجه أو فتات من وداد ، قاتل الله اليأس والخيبة .
تشبعوا بالأمل والفأل ، واصدقوا مع أنفسكم وأهليكم وصحبكم ، تنعموا بحياة القرار والاستقرار .
………………
أنت تساهم في بناء أصدقائك بطريقة أو بأخرى .
لا بد وأن تترك في الآخرين أثراً ، أو تجربة ، صدمة ، أو جرحاً ، سيكون في النهاية بمثابة تعليم للمحيطين بك ، فإما خيراً أو شراً .
هل أنت مؤتمن بما يكفي لهذه المهمة ؟ سيما إذا كنت منهم في موقع القيادة والتأثير ؟ هل لديك الاستعداد لتكون قدوة جيدة ؟ وهل تملك الصبر على تنحية مصالحك ومكاسبك الشخصية وتضحي بها من أجل غيرك ؟ وتبدي لهم أفضل ما عندك ؟
ستكون ولو بعد حين جزءاً من شخصية الأفراد الذين يجالسونك ويتأثرون بك ، ستقطع حيزاً من أفكارهم وطباعهم ولغتهم ، ستشغل مساحة من تاريخهم وتجربتهم ، سيكون لك موقف من أفراحهم وأتراحهم .
فكر بالأمر جيداً ، وكن رائعاً دائماً !
…………………
المعلم اليوم يلاقي حرجاً شديداً مع الجيل الجديد من الطلاب ، مستوى عمري صغير لا يحتمل تعاملاً رجولياً .
كان الجيل القديم يملك نضجاً يكفي للتعامل معه في مستوى من الندية مع المعلمين الذين يعادلونهم في السن تقريباً إلا قليلاً .
هذا يلزم تبدلاً في طبيعة التواصل بين المعلم والطالب ، أصبحت المفاهيم عرضة للتحولات مثل هيبة المعلم التي انتقلت من ساحة الخوف إلى التلطف والتحبب .
كان النضج يظهر وكأن الأعمار كافية للتعامل معها بثقة وارتياح ، ولكن اليوم تبدل الحال إلى مستوى من التردد ومراجعة النظر قبل الإقدام .
……………
بعض الأشخاص طمس شخصيته بمحض إرادته ، اختار طريقه لدفن استقلاله وكيانه من أجل الآخرين ، لا يتبنى شيئاً ينتمي إليه ، كنيته وصورته وأفكاره وطباعه كلها مستنسخة من شخص آخر لا يعنيه تماماً ، شخص آخر غريب .
………………
إذا كنت الوحيد الذي تتحمل رغبة الناس في الحديث إليك ، فإنك ستكتشفهم أكثر من غيرك ، ستقترب من الناس على حقيقتهم ، ستتعرف على تناقضاتهم ومخاوفهم ورغباتهم .
وفي المقابل ستشعر بالأذى من جرأتهم ، وستتحمل أعباء هذا الموقع الأثير والمقعد الاجتماعي الوثير ، ستقف على أسوأ ما في الإنسان عندما يفجر غضبه تجاه آخر بين يديك ، ستشعر بكثير من الأسى تجاه المساوئ التي تتكشف أمام ناظريك .
وفي النهاية : عليك أن تصدق في النصيحة إليهم ، وأنت تثبت على الحق وتعض على مبادئك بالنواجذ ، ثم لا تثريب عليك بعد ذلك ما شئت إلا التأليب أو الانتصار للباطل .
………………
لا تستطيع أن تؤلف بين القلوب إذا اختارت أن تتنافر ، هذه عقود وجدانية لا تبرم في العلن ، ربما تحتاج إلى حلول غيبية مثل الدعاء أو تفعيل التهامس والتخاطر بمعنى أن تتمنى حدوث الشيء حتى تكاد تحركه بقوة الوجدان ، حدث معي كثيراً .
……………
لماذا يبدو السؤال وكأنه مواجهة مكشوفة مع الذات ؟
إنه ينبه إلى ما كنت تجهله ، ويضيء المناطق المظلمة في داخلك ، ويفك اشتباك المساحات المغلقة ، ويزيح الستار عن المعتم بأمر العيب أو الخجل .
إذا كان الندم ، هو الاعتراف بالخطأ ، والتوبة هو الشروع في تصحيحه ، فإن السؤال هو البداية لاكتشافه .
احذر أن تكذب عند الإجابة عن الأسئلة ، فإنك لا تدري ! ربما كانت الإجابة سبيلاً إلى التهلكة وطريقاً إلى تيه أبدي في سيناء الضياع والشتات .
……………
بالتزامن مع ويلات سوريا ، وما يتعرض له إخوتنا في الشام من المجازر الدامية والرزايا الحامية ، هل نستثمر ذلك في بناء ذهنيات الشباب وجاهزيتهم النفسية على نحو رجولي ومتين ؟
الأولى أن يبتعد الأطفال عن مشاهد العنف والدماء والضحايا ، بينما يجب أن يطالعها الشباب وبالتفصيل ، وأن يدركوا ملابسات الصراع الذي يجري هناك .
من المهم أن يرتبط الشاب بإحساس إنساني وإسلامي عميق يتصل بمآسي إخوانه المحيطين ، أن يتعرف على تاريخية أوضاعهم ، وأن ينظر في سقف طموحاتهم ، ويهتم بإدراك حاجاتهم .
لا ضمان من تكرار مثل هذه المشاهد المؤسفة في ديارنا - لا سمح الله - ، فهل يملك الجيل الجديد من الشباب استعداداً رجولياً لتحمل تكاليف الإلحاح على نيل الحقوق ونشدان الحرية .
يجب أن يتخلص شبابنا من حالة التماوت وبرود الضمير وقلة الاكتراث ، وأن يعدّ أبناؤنا على نحو " رجولي " يؤهلهم لحماية أوطانهم وأعراضهم وحرياتهم .
……………
تضيق المساحة النسوية في حياة الشاب إلى درجة الإجداب ، حتى النساء اللاتي يقعن في حدود الاتصال المباح ضُرب بينهن بجدار ليس له باب نتيجة ثقافة التكلف المبالغ فيه والتحوط الحذر دون المبرر .
ماذا تنتظر من شاب لم ينهل من معين المرأة إلا في وقت متأخر تماماً ؟ الثقافة التي تشكل عقيدتنا وفلسفتنا الاجتماعية عملت على تجريم الاتصال بالمرأة بنحو وحشي مقيت ، حتى الاتصال بالأم والأخت والخالة والعمة والبنت جاء بشكل مبتسر واضطراري .
حتى الأم التي ظفرت بأعلى مستويات التقدير والتبجيل ، جاءت مكانتها بطابع ذكوري مادي مباشر ، لا يحمل أي معنى للاتصال العميق والتراحمي والعاطفي .
هناك نية تجفيف مبيّتة للأنوثة والرقة من حياتنا ، إضعاف لمستوى اللطافة الاجتماعية فازداد توتر الذهنيات العصبية لأنها لم ترتوي من فيض الأنوثة الطاغية والأمومة الحانية والبنوّة الضافية والأخوة الصافية .
كثيراً ما أرى نتائج عكسية لهذا القرار الثقافي - وليس الديني - في حياتنا ، قحط عاطفي واضطراب نفساني وشذوذ جنسي وعقود زواج فاشلة .
علينا معالجة ثقافتنا بما يرتقي إلى إحداث التوازن بين الجنسين وإنعام حياتنا بما أودع الله سبحانه فيها من الخيرات والبركات .
…………………
هذا القلب : قابل للنهب !
وهذا حال بعض الشباب ممن ينساق بسهولة إلى أي استدعاء عاطفي أو إثارة من نوع ما .
مما يعرضه " للخرفنة " وللعذابات العاطفية التي تدفعه للكتابة متخفياً على الجدران " الحب عذاب " وسواها .
أي استخفاف مرير يعيشه بعض الشباب ، مما جعلهم محلاً للسخرية والتندر ، هل الفراغ ، أو السذاجة ، أو البراءة ، يمكن أن تكون سبباً في ذلك .
وأسوأ من ذلك ، إذا ذاق الشاب التنكيل العاطفي من شاب مثله ، وتعلق به وجرّ خيباته المتتالية بذيل عاطفته المتهافتة .
فعلاً :
هذا القلب : قابل للنهب !
………………
صحيح : أفكارنا تصنع حياتنا !
ولكن " إحساسنا " بها يتحكم في درجة تمثيلها في واقعنا والتزامنا بها .
الفكرة : صورة تجريدية للمعنى ، رسوم ذهنية في فضاء المخيال .
الإحساس : تعميق للإيمان بها ، ووقود يدفع إلى تطبيقها والالتزام بها .
كل البشر لديهم فكرة جيدة عن " الكرامة " ولكن القليل منهم يعيش بكرامة ، وهذا يحدث تبعاً لفاعلية جهاز الإحساس لديهم .
علينا أن نطور قابليات الإحساس لدينا بنفس القدر الذي نعمل به على تطوير أفكارنا ، وإلا فإنك يا أبا زيد " ما غزيت " !
………………
نعود إلى جمهرة علاقاتنا عندما يخون الحظ ونخسر الرهان على تلك العلاقة الاستثنائية التي أردنا الانفراد بها والاستئثار .
مثل المحارب الباغي الذي هدم بيته لأنه أغار على جيرانه وظفر بمساكنهم ، ثم فتك به قوي آخر وطرده من مغانمه وباء بخيبة الشرود وخديعة الزمان .
نفسد علاقاتنا لأن الفرح بذلك الاستثناء أعمى بصائرنا وأصمّ آذاننا .
ماذا لو تنكرت لنا تلك المحاضن القديمة ؟ كيف لو أن الأطلال ضاقت بنا ؟ ماذا يعود لنا فنأوي إليه ؟ وماذا يبقى لنا ونسكن فيه ؟
يا معشر الشباب : إن الوفاء والصدق والطيب والمعروف ضمان لك في الحياة ، وأمان ونجاة .
………………
قد تكون قاسياً أحياناً ، مهملاً ، متغطرساً !
ولكن " كن صادقاً " دائماً .
……………
تعليقات
إرسال تعليق