التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السعودية تعيد استكشاف وجهها الثقافي والفني وتقدمه إلى العالم


جدة – عمر البدوي 
لم يحظ الشأن الثقافي والترفيهي في السعودية وما يتصل بهما من المجالات والاهتمامات بسلسلة من «النقلات النوعية الفريدة» مثلما حصل لهما خلال العام الماضي 1439 فبفضل القرارات والمبادرات الكبيرة أصبح هناك تاريخ فاصل في مشوار الثقافة السعودية، منذ بدايات العام الماضي، وشكلت انطلاقة عهد جديد أصبحت فيه لاعباً رئيساً في تشكيل خريطة المجتمع والتعبير عنه.

ووضعت «رؤية المملكة 2030» الثقافة ضمن محركاتها ومستهدفاتها على حد سواء، متكئة عليها من ناحية لتحقيق أهدافها ومواءمة سياقات المجتمع، وتسعى إلى تطويرها وتحديثها من جهة أخرى بما يتوافق ومكانة المملكة وما يملكه أبناؤها من كفاءة الإنتاج المنافس إقليمياً ودولياً.

تأسيس وزارة الثقافة

بدأ الحراك الثقافي بالإعلان عن تأسيس وزارة الثقافة، لتكون مسؤولة عن حقول الثقافة والأدب والفنون الجميلة، من مرسم ونحت وما يتصل بهما، والمسرح، والموسيقى، والسينما ومختلف المكونات الثقافية تحت مظلتها الواسعة. وجاء قرار تأسيس الوزارة في عام 2018، وجرت تسمية الأمير بدر بن عبدالله بن محمد الفرحان، أول وزير للثقافة في السعودية. وقبل إنشاء الوزارة كان الشأن الثقافي مرتبطاً بوزارة الإعلام، التي كان اسمها آنذاك «الثقافة والإعلام».
وتسعى الوزارة المُستحدثة إلى تعزيز الهوية والمحافظة عليها، ويعتبر إنشاؤها جزءاً من الرؤية التطويرية العام التي تنشد نهوض الثقافة بأشكالها كافة وتعزيز القوة السعودية الناعمة ونقلها لمرحلة تاريخية جديدة، فضلاً عن كونها ستخلق فرصاً جديدة وعصرية للعمل مع المتغيرات الكبيرة، ليكون الحضور السعودي لافتاً على الصعد العربية والإقليمية والدولية.

وتسعى الوزارة الجديدة إلى تحقيق أهدافها عبر ثنائية تكاملية راعت ضرورة استعادة ما تكنزه الأرض، إذ بدت السعودية وكأنها تعيد اكتشاف ذاتها وهي تطرق أبواب التاريخ العميق الكامن في أعطاف ترابها وشعابها وهضابها، وتعيد تقديمه للناس مزهواً بموقعه من التاريخ، وما آل إليه إنسان هذا المكان من التقدم والتطور، وكابد مرارات العيش المختلفة حتى وهبته الأرض جائزة صبره وكافأته على دأبه عليها.

ثقافة البلاد تجول العالم

واهتمت السعودية بتقديم وجهها الثقافي، ليجول في عواصم الدول الأوروبية والآسيوية، معرفاً بتنوعات الثقافة وصنوف الفن والترفيه التي تتمتع بها السعودية وشعبها المتنوع في طريقة فهمه وهضمه للحياة، إذ تعددت المدن التي استقبلت المعرض الذي يقيمه معهد «مسك للفنون»؛ «الفن السعودي المعاصر»، سواءً في إطار الزيارات الرسمية التي تقوم بها قيادات المملكة إلى عواصم العالم، أو على هامش المهرجانات والمناسبات الدولية، التي تستثمرها السعودية للتعريف بثقافاتها وفنونها الثري، وبما يحويه المعرض من أعمال فنية وثقافية تحاكي التراث السعودي لـ27 فناناً يمثّلون مناطق المملكة، إلى جانب عرض خاص للوحات جدارية عن فن «القط العسيري» الذي صُنّف أخيراً ضمن قائمة الفن والتراث الثقافي في منظمة «يونيسكو»، إضافة إلى أفلام مختلفة تعتمد تقنية الواقع الافتراضي للمملكة، بعدسات فنانين مبدعين من الشباب السعوديين، ويحكي قصة مجتمعٍ يزخر بالتنوّع والتعدد، ويعيد رسم صوره بمنظور جيلٍ جديدٍ من الفنانين المعاصرين، الذين ينقلون مشاهداتهم عن المرحلة الجديدة التي تعيشها المملكة، كما تنظم الأسابيع الثقافية السعودية على نحو أكثر نضجاً وتطوراً في عواصم العالم.

وشهدت المسارح السعودية عودة قوية للحفلات الفنية سواءً الموسيقية أو الغنائية، وتمكنت العائلات من حضورها، وأضفى ذلك صورة من تصميم البلاد على المضي نحو التغيير، وشارك في هذه الحفلات فنانون وموسيقيون عالميون وسعوديون، وشهدت بعض تلك الحفلات حضوراً تجاوز العشرة آلاف شخص كتتويج جماهيري عزز من نجاحاتها. وأعادت وزارة الثقافة إحياء مسرح التلفزيون الذي كان حاضنة للفنون والإبداعات الفنية السعودية.

روائع آثار المملكة

وفي إطار الجهود الرامية إلى تأسيس واقع ثقافي متصل في التراث وغير منقطع عنه، كثفت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، من عمليات وبرامج التنقيب في تراب المملكة، مستقطبة فرق تعاون من الصين ودول أخرى للتدريب والمساعدة في البحث عن آثار مواقع متفرقة، فضلاً عن تنظيمها مجموعة من المعارض لعرض مقتنيات تلك المواقع التي كشفت عن حجم وقيمة ما تختزنه الأراضي السعودية من موروثات الإنسان الذي درج على وجه هذه الأرض، ومن هذه الجهود إطلاق «ملتقى آثار المملكة العربية السعودية الأول» الذي احتضنه المتحف الوطني في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي في الرياض، وشهد حضوراً لافتاً.

وتم أيضاً تدشين معارض مماثلة، وأهمها معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» الذي يحوي 466 قطعة أثرية نادرة تعرّف بالبعد الحضاري للمملكة وإرثها الثقافي الذي قام بزيارة 11 متحفاً عالمياً شهيراً في أوروبا والولايات المتحدة والصين وكوريا. وفي الإطار ذاته الساعي نحو تطوير الواقع الثقافي في السعودية، صدرت موافقة الجهات العليا على تنظيم هيئات تطوير المناطق التراثية والمدن ذات الفاعلية الثقافية في المملكة، بحيث تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وترتبط تنظيمياً برئيس مجلس الوزراء، وبحسب التنظيم الجديد توسعت اختصاصات الهيئات لتشمل 14 مهمة واختصاصاً كلها تستهدف التطوير الشامل لهذه المدن والمناطق.

قائمة التراث العالمي

وظهرت نتائج هذه الجهود الساعية نحو حفظ تراث المدن وعبقها التاريخي سريعاً، واحتفل السعوديون أخيراً بتسجيل «واحة الأحساء» موقعاً للتراث العالمي، فيما يجري العمل حالياً لتسجيل تسعة مواقع أخرى مواقع أثرية في «يونيسكو»، متوزعة على خريطة المملكة، وتمثل حقباً زمنية مختلفة، وهي سكة حديد الحجاز، وطريق زبيدة، وقرية رجال ألمع، وقرية الفاو، ودومة الجندل، وطريق الحج المصري، وطريق الحج الشامي، ومنطقة حمى في نجران، وقرية ذي عين.

وعملت وزارة الثقافة بالتعاون مع بقية الجهات المعنية المشتركة على تنشيط وتطوير المهرجانات الوطنية، بما يجعلها أكثر حيوية وجماهيرية، ويضفي عليها طابعاً ثقافياً وفنياً عالياً يتسق مع النقلة التي تشهدها المملكة، إذ تم الاهتمام بتضمين الفعاليات الثقافية والفنية في برامج سياحة المدن السعودية خلال فترات الصيف والربيع والإجازات الرسمية وغير العادية، لتوسيع مفهوم الترفيه والسياحة، وكون العروض الثقافية والإنتاج الأدبي والفني جزءاً من فرص الإنسان للتعبير عن نفسه والتعريف بهويته الوطنية.

واحتضنت المملكة مهرجانات ثقافية لافتة مثل سوق عكاظ، والمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، ومعارض الكتب الدولية، التي اكتسبت نفساً جديداً في محتوياتها وقوالبها بما منحها صبغة تنافسية توازي مكانة المملكة الثقافية والفنية.
الروابط :
http://www.alhayat.com/article/4604226
http://www.alhayat.com/article/4604236



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت...