بابتسامة عريضة ، بتلقائية عفوية ، يرتب الجندي الذي يقف بجانب الحجر الأسود طوابير المؤمنين وهم يتدفقون لتقبيل الحجر والسلام عليه .
يمسك الحارس بإحدى يديه بقطعة قماش مثبتة بالكعبة طوال مناوبته ٬ ليساوي ارتفاع الحجر في بناء الكعبة ٬ وهو في الأصل سلسلة مثبتة بجدار الكعبة، ذات قوة وتحمل للأثقال التي يمكن أن تتعرض لها، وتكسى بلباس من الحرير المعد لكسوة الكعبة ٬ وتتابع وحدة الكسوة في الحرم صيانتها إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك .
يضعف الجندي الحارس كتفه على طرف الكعبة ، ويوجه ويحث على الإسراع ، يساعد الموهن ، وينافح عنه الزحام ، الوصيّ على إخبات الضعيف في زاوية الكعبة ، وكأنه يفصله للحظة عن ضوضاء محيطه ، ليقضي برهة من الوقت مع نفسه وربه وكل الأعباء التي تثقل كاهله .
يبدو العمل سهلاً ، لكنه في حقيقته شاق ومرهق ، الأمر الذي يستلزم تغيير المناوبات كل ساعة من اليوم ، حجم العمل والتعب يضطرهم للتناوب باستمرار .
يعد الحجر الاسود جزء من الكعبة المشرفة حيث يقبل عليه آلاف الطائفين لاستلامه من بداية الطواف، ويقف بجواره حارس خاص له يعرف بحارس الحجر الأسود في مكان مرتفع عند الكعبة المشرفة ليتمكن من تنظيم آلاف الطائفين حول الكعبة المشرفة.
ويعتلي الحارس قرب الحجر لمساعدة ضيوف الرحمن من استلام الحجر لتقبيله والمسح عليه الذي يبدأ وينتهي الطواف منه ويتناوب على حراسة الحجر الأسود عدد من رجال القوة الخاصة لأمن المسجد الحرام على مدار الأربع والعشرين ساعة.
ومن الوظائف التي يقوم بها حارس الحجر الأسود إلى جانب المحافظة على أمن وسلامة الطائفين، إرشادهم إلى الطريقة الصحيحة لتقبيل الحجر، وإتاحة المجال لغيرهم ومساعدتهم أثناء وصولهم إلى تلك المنطقة.
كما أن حارس الحجر الأسود يقوم بإبلاغ زملائه في حال حصول إغماء أو سقوط أو إعياء لأيّ من ضيوف الرحمن، مبيناً أنه يتم تغييره كل ساعة، وذلك من أجل الحفاظ على مستوى أداء وتركيز الحارس في هذا الموقع.
بالإضافة إلى مراقبة الحجر من أي تصرف يمكن أن يحدثه بعض المتطفلين الجهلة، إضافة إلى عملية تنظيم الزوار والمعتمرين المتجمعين حول الحجر لتقبيله، وإرشادهم إلى الطريقة الصحيحة، وإتاحة المجال لغيرهم، ومتابعة الطواف من منصة مرتفعة تمكنه من مشاهدة الطائفين عن كثب .
من زاوية أمنية ٫ يمثل الحجر الأسود النقطة الأهم لتعلقه ببناء الكعبة المشرفة وجواره لبابها والملتزم، إضافة إلى كونه قبلة للزوار والمعتمرين القادمين من شتى أنحاء العالم.
وترتب خمس ورديات يوميا لتغطية حراسة الحجر الأسود، تزيد حسب الحاجة والازدحام والظروف المتعلقة بالمكان، لافتة إلى أن عدد الورديات يقسم على 24 ساعة يوميا بالتساوي، بغض النظر عن كون الورديات خمس أوست، أو حتى أكثر.
وبذلك يشهد الحجر الأسود سنوياً ( 8640 ) مناوبة من قبل رجال أمن معروفين بسلوكهم القويم، والتزامهم بالأنظمة والتعليمات، إضافة إلى استشعارهم للقدسية التي يحظى بها المكان .
رجال الأمن الذين يحرسون الحجر الأسود مؤهلون بدورات علمية من شأنها غرس تعظيم البيت الحرام في نفوسهم، واستشعار الروحانية التي تحف الكعبة والطائفين حولها والركع السجود، مشيرة إلى تشديد الحراسة عبر وسائل مختلفة من كاميرات متابعة ورجال أمن، ولاسيما في أوقات الصلوات والذروة، لضمان سير العملية الانسيابية للطواف وتقبيل الحجر في يسر وطمأنينة.
تعليقات
إرسال تعليق