يصيب الإنسان ما أحب تسميته " تكاثف الواقع " .
حيث تتناوله العادات اليومية وأفعال الروتين وهو في حالة استسلام تام ، حتى يظن أنه في انشغال وظيفي يشعره بنهاية يومه برهق وتعب دون إنجاز حقيقي على صعيد " الكيف " .
يحدث لديه نوع من الحجاب الذي يعميه عن انكشاف حقيقة يومه وتسمى في التعبير الديني " الغفلة " بحيث تتناوبه المعاصي الصغيرة حتى تغرقه في اعتيادها وإلفها فيضيق بالانفكاك عنها .
ويعالج - حسب التصور الديني - بالعودة إلى ربه وتعني في حقيقة الأمر العودة إلى نفسه ، بحيث يعيد ترتيبها وإعادة تنظيم شؤونها .
" * واصبر نفسك : هنا يقدم القرآن الكريم نموذجاً من العلاج العملي لحل التكاثف الواقعي عبر التزام مرافقة مجموعة ما .
* مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه : وهنا تمارس المجموعة التذكير الدوري والتنبية المستمر لحالك وسير حياتك عبر عبادات متينة وجهاز نصح قوي في داخل النفس وخارجها عبر " إخوة الإيمان " .
* ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا : في المقابل يشكل مجموعة من الناس يمارسون فعل الإغماءة النفسية أو فرض حالة إسبات عاطفي للوازع الداخلي كمنبه ضروري للشخص وذلك عبر أسلوب حياة يميت قدراته ويوقف نشاطاته .
* ولا تطع من أغفلنا قلبه واتبع هواه : وهنا نماذج من السلوك العملي الذي تمارسه هذه الجماعات وتسهم في تكريس غشيان الواقع وخفض تأثير المحاسبة الذاتية والمراجعة وإضعاف الشعور بالرقابة الإلهية .
غفلة القلب وانهماكه في اللذائذ اللحظية وانغماسه في نوع فوضوي من الحياة ، واتباع للهوى واستسلام للواقع وانعدام للمحاسبة تماماً في جدول الاهتمامات .
وكان أمره فرطاً " : ثم تحدث النتيجية الطبيعية لهذا النمط من الحياة ، يغمرك إحساس بالانشغال الوظيفي وازدحام المهام اليومية ، وفي حقيقة الأمر أنك لم تفعل شيئاً ولكن الواقع أودع لديك إحساساً بالإرهاق والتعب والإنجاز لأعمال لم تحدث فعلياً إلا في ذهنك الفارط في الشتات .
تعليقات
إرسال تعليق