يبدو شائعاً ومع الأسف الشديد معادلة أن تشجع فريقك انطلاقاً من بغضك لفريق آخر ، ذلك التشجيع الذي يعنى بالخصومة أكثر من الانتماء ، ويركز على المنافس ويبعد عن الكيان الأصيل ، وقتئذ يكون تفسير كل شيء مقلوباً ، والمشاعر معكوسة تماماً .
وهذا لا يعني ثنائية التشجيع الشهيرة والتي تأتي في شكل ( كلاسيكو ) يجمع أقطاب الفرق الكبار أو ( ديربي ) يجمع فريقي المدينة الواحدة ، ولكنه تشجيع يكون فيه هزيمة الآخر ألذ عند صاحبه من فوز فريقه ، والشماتة بالآخر و " الطقطقة " على نتائجه تغلب على عنايتك حال الفريق الذي تواليه فائزاً كان أو خاسراً .
شكل من انحياز المعاني إلى خاناتها الخاطئة ، حالة من التشجيع التي تخصم من رصيد انتمائك الأصيل لناديك ، وتضيفه إلى ركام العبث وراء سقطات الخصم وعيوبه الفنية والإدارية ، تزيد حدة هذا التوتر فتخرج من حرم التنافس الرياضي إلى حرمة الخصومة الشخصية .
ذابت شخصية المشجع الوفي الذي كان جزءاً من معادلة الفريق الناجح ، وانتهى دوره في تحفيز لاعبيه أو معاتبة إدارته ، مثل مدرجات العالم الأول الذي يزيد فيها منسوب التصفيق عند الخسارة على التصفيق عند الفوز ، في صورة من الوفاء النبيل والانتماء الأصيل .
انحازت بعض المدرجات إلى عرائض من شتم اللاعبين ورميهم بأقذع السباب ، وإذا لم تشفى الصدور وتضبط الأمور ، فلا بأس بكيل العلب الفارغة في عرض الملعب ، لأن الفريق " فشّلهم " أمام الخصم اللدود ، وجعلهم عرضة للطقطقة ولقمة سائغة لمقاطع التنكيت والاستخفاف المتجني والغث غالباً .
الكرة ممارسة عفوية للمتعة ، والانتماء تعبير بشري سويّ ، والهزيمة والفوز جزء من اللعبة ، واكتساح فريق على الآخرين حالة مرحلية ونتيجة منطقية لجهد متكامل ، يكون فيه الجماهير والأنصار جزءاً من الإصلاح عند الإخفاق ، وجزءاً من الانتصار عند النجاح .
وتقديم مباراة جميلة تكون واجهة للأخلاق والتنافس الشريف وتربية النفس على قبول الاستعداد للفوز والهزيمة ، أولى من صبّ اهتمامك على استفزاز الآخرين وانتقاصهم أو الشماتة بهم وقهرهم .
كلما كان اهتمامك على الكرة مباشرة ، كان حظك من المتعة أكبر ، وستكون جزءاً أصيلاً من الحالة الحضارية في ممارسة هذا السلوك البشري .
كما أن تعبيرك المنطقي لانتمائك يكون منتجاً ومثمراً ومؤثراً كلما كان تركيزك على فريقك بعيوبه وذنوبه أو آلائه وسوائه .
تعليقات
إرسال تعليق