التخطي إلى المحتوى الرئيسي

طقطقة




يبدو شائعاً ومع الأسف الشديد معادلة أن تشجع فريقك انطلاقاً من بغضك لفريق آخر ، ذلك التشجيع الذي يعنى بالخصومة أكثر من الانتماء ، ويركز على المنافس ويبعد عن الكيان الأصيل ، وقتئذ يكون تفسير كل شيء مقلوباً ، والمشاعر معكوسة تماماً .
وهذا لا يعني ثنائية التشجيع الشهيرة والتي تأتي في شكل ( كلاسيكو ) يجمع أقطاب الفرق الكبار أو ( ديربي ) يجمع فريقي المدينة الواحدة ، ولكنه تشجيع يكون فيه هزيمة الآخر ألذ عند صاحبه من فوز فريقه ، والشماتة بالآخر و " الطقطقة " على نتائجه تغلب على عنايتك حال الفريق الذي تواليه فائزاً كان أو خاسراً . شكل من انحياز المعاني إلى خاناتها الخاطئة ، حالة من التشجيع التي تخصم من رصيد انتمائك الأصيل لناديك ، وتضيفه إلى ركام العبث وراء سقطات الخصم وعيوبه الفنية والإدارية ، تزيد حدة هذا التوتر فتخرج من حرم التنافس الرياضي إلى حرمة الخصومة الشخصية . ذابت شخصية المشجع الوفي الذي كان جزءاً من معادلة الفريق الناجح ، وانتهى دوره في تحفيز لاعبيه أو معاتبة إدارته ، مثل مدرجات العالم الأول الذي يزيد فيها منسوب التصفيق عند الخسارة على التصفيق عند الفوز ، في صورة من الوفاء النبيل والانتماء الأصيل . انحازت بعض المدرجات إلى عرائض من شتم اللاعبين ورميهم بأقذع السباب ، وإذا لم تشفى الصدور وتضبط الأمور ، فلا بأس بكيل العلب الفارغة في عرض الملعب ، لأن الفريق " فشّلهم " أمام الخصم اللدود ، وجعلهم عرضة للطقطقة ولقمة سائغة لمقاطع التنكيت والاستخفاف المتجني والغث غالباً . الكرة ممارسة عفوية للمتعة ، والانتماء تعبير بشري سويّ ، والهزيمة والفوز جزء من اللعبة ، واكتساح فريق على الآخرين حالة مرحلية ونتيجة منطقية لجهد متكامل ، يكون فيه الجماهير والأنصار جزءاً من الإصلاح عند الإخفاق ، وجزءاً من الانتصار عند النجاح . وتقديم مباراة جميلة تكون واجهة للأخلاق والتنافس الشريف وتربية النفس على قبول الاستعداد للفوز والهزيمة ، أولى من صبّ اهتمامك على استفزاز الآخرين وانتقاصهم أو الشماتة بهم وقهرهم . كلما كان اهتمامك على الكرة مباشرة ، كان حظك من المتعة أكبر ، وستكون جزءاً أصيلاً من الحالة الحضارية في ممارسة هذا السلوك البشري . كما أن تعبيرك المنطقي لانتمائك يكون منتجاً ومثمراً ومؤثراً كلما كان تركيزك على فريقك بعيوبه وذنوبه أو آلائه وسوائه .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...