هذه التقنيات الحديثة في التواصل، وأجهزة البلاك بيري المتفشية بين أيادي المراهقين، كشفت عن فجوة معرفية وعيب خلقي في ذهنية المراهق، إنه مكتظ بالقلق على مستقبله، وتحيطه الجهالات من كل جانب، ولا يجد من يشفي غليل أسئلته ويروي عطش استفهاماته ويهدئ من روع حيرته القاسية.
اليوم وعبر مثل هذه الوسائل الحديثة اختلق مجتمعاً بديلاً وتيسر له التخفي عبر معرفات ورمزيات وتأمين التعبير عن مكنوناته بكل أثقالها الأخلاقية والإفصاح عن قناعاته إلى درجة افتضاح جوهره واستكناه دخائله بكل ما فيها من روعة أو خيبة، بكل ما تعج به من تناقض وتحتلها من محمدة أو مثلبة.
للوهلة الأولى عندما ينشب خلاف بين مثقف ما وشاب عامي بسيط، ربما تتجاوز المثاقفة السلمية إلى حرب لفظية ومهاترات سوقية، وتزداد الأزمة احتقاناً عندما تحدث ملحمة يشارك فيها جمهور من المناصرين أو الناقمين.
نحن مجتمع هروبي، قلّ ما ندرب الطفل على كل ما يمكن مواجهته في الحياة، لدينا رزمة من المحظورات الكلامية، نواجه أسئلة الطفل البريء بالصمت والتخجيل ونعلق المسألة بالإجابة الطاحنة: إذا كبرت راح تعرف!!! ثم يمضي الطفل بكل استسلام لهذا القلق الذي يفتك به ثم يواجه الحياة بقليل من الإلمام وكثير من المغامرة، كمن يلقيه مكبلاً في بركة ماء ويحذره من البلل.
كثير من الأحاديث المستسرة تتكوم خلف خطوط حمراء، ليس أقلها شؤون الثقافة الجنسية التي يتلقاها المراهق من مواطن مشبوهة، وكان أظهرها اليوم تقنيات التواصل الحديثة، لقد ظفر الخجل واحترام العيب بتشريع اجتماعي تقليدي رغم إلحاح الشهوة والفطرة.
المرأة في ذهن الشاب الفحولي كائن لذيذ لا نرى منه سوى كل خير ومن جهة أخرى قد يكون موطن شك وميداناً لمبارزات الفحولة المتغولة، وفي المقابل يشكل الرجل في ذهن المرأة ذئباً مستعراً يترقب سقطة ضعف منها ولا يستحق أدنى ثقة وربما يكون سنداً أقوى من ظل حائط مصمت، وهو حقيق بممارسة الوصاية، وفي النهاية يخفق الطرفان في فهم بعضهما وينعكس هذا على مشاريع الزواج التي تعلن إخفاقها المتتابع.
الشجاعة مطلوبة في مواجهة حقيقة الإنسان بكل ما فطر عليه من الحاجات والمطامح، محاولة التملص من ذلك بحجة التعفف وترسيخ نظام تربية طهوري ونزيه يخلق حالة ازدواج ويشيع ممارسة التظاهر بالفضيلة، ويفت عضد المراهق بتأنيب الضمير نتيجة التحام الحقيقة الواقعية مع الجهل المعرفي والسطحية الذهنية.
تعرضت (ثقافة الاعتراف) إلى كثير من التدمير، ووقع المجتمع في آثار المكابرة على الحقيقة ودفع فاتورة اللاواقعية في التعامل مع حقيقة الإنسان، لأن الاعتراف بالخطأ والذنب ملازم لنظرة واقعية وتفكير لا يتسامى على فطرة الإنسان المجبولة على استعدادات الفضيلة وإمكانات الضعف، وهذه فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، وسنة الكون التي أودعها الخبير الحكيم، ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً.
في الملاعب ينتشر شباب يرفعون لافتات تعبر عن نقدهم وامتعاضهم بطريقة بريئة وعفوية، ولكنهم (متلطمون) ويخبئون ملامح وجوههم خلف أقنعتهم، وكأنهم يمارسون فاحشاً من القول وثبوراً، ومثلهم شباب يتهيبون وضع صورهم الشخصية والكشف عن أسمائهم المباشرة حتى لا يلاحقهم اللوم والعتب على قناعاتهم البسيطة والعادية.
تختلف معاني البطولة في البيت والمدرسة والشارع، وهذا مما يزرع الازدواجية في شخص الفرد، وبالتالي المجتمع والأمة، وطالما اشتكى عالم الاجتماع الوردي من ازدواجية الشخصية العراقية.
إن الحيرة والقلق والاضطراب النفسي، والقلاقل الاجتماعية والشقوق العائلية، بعض نتاج هذه الازدواجية الفجة.
من الضروري للأمة أن تبقى الفضيلة شيئاً متسامياً ونبيلاً، ولا يتعرض لإسفاف الاستعمال التقليدي، كما لا ننسى حق الواقعية من بناء الاستقرار والتوافق والانسجام.
هذه الطهورية تضيق فرص التعافي من الأخطاء، وتورث ثقافة استسلام تمكن الأخطاء من تناول الإنسان واحداً تلو الآخر، أو العمل على مفاقمتها دون تدخل الإنسان بتوبة جادة أو اعتراف فاضل، وهذا ما يحدث في القتل بحجة الشرف، لأن الذهنيات مؤسسة على انعدام إمكانية الوقوع في خطأ الزنا واخترام الشرف نظراً لطبيعة الإنسان الضعيفة وحتمية النقص فيه، ويبقى الحل الوحيد هو إنهاء الحياة تماماً لقبر هذه الحقيقة مع جسد الفتاة الذي انتهى حقه في البقاء على الأرض.
اليوم وعبر مثل هذه الوسائل الحديثة اختلق مجتمعاً بديلاً وتيسر له التخفي عبر معرفات ورمزيات وتأمين التعبير عن مكنوناته بكل أثقالها الأخلاقية والإفصاح عن قناعاته إلى درجة افتضاح جوهره واستكناه دخائله بكل ما فيها من روعة أو خيبة، بكل ما تعج به من تناقض وتحتلها من محمدة أو مثلبة.
للوهلة الأولى عندما ينشب خلاف بين مثقف ما وشاب عامي بسيط، ربما تتجاوز المثاقفة السلمية إلى حرب لفظية ومهاترات سوقية، وتزداد الأزمة احتقاناً عندما تحدث ملحمة يشارك فيها جمهور من المناصرين أو الناقمين.
نحن مجتمع هروبي، قلّ ما ندرب الطفل على كل ما يمكن مواجهته في الحياة، لدينا رزمة من المحظورات الكلامية، نواجه أسئلة الطفل البريء بالصمت والتخجيل ونعلق المسألة بالإجابة الطاحنة: إذا كبرت راح تعرف!!! ثم يمضي الطفل بكل استسلام لهذا القلق الذي يفتك به ثم يواجه الحياة بقليل من الإلمام وكثير من المغامرة، كمن يلقيه مكبلاً في بركة ماء ويحذره من البلل.
كثير من الأحاديث المستسرة تتكوم خلف خطوط حمراء، ليس أقلها شؤون الثقافة الجنسية التي يتلقاها المراهق من مواطن مشبوهة، وكان أظهرها اليوم تقنيات التواصل الحديثة، لقد ظفر الخجل واحترام العيب بتشريع اجتماعي تقليدي رغم إلحاح الشهوة والفطرة.
المرأة في ذهن الشاب الفحولي كائن لذيذ لا نرى منه سوى كل خير ومن جهة أخرى قد يكون موطن شك وميداناً لمبارزات الفحولة المتغولة، وفي المقابل يشكل الرجل في ذهن المرأة ذئباً مستعراً يترقب سقطة ضعف منها ولا يستحق أدنى ثقة وربما يكون سنداً أقوى من ظل حائط مصمت، وهو حقيق بممارسة الوصاية، وفي النهاية يخفق الطرفان في فهم بعضهما وينعكس هذا على مشاريع الزواج التي تعلن إخفاقها المتتابع.
الشجاعة مطلوبة في مواجهة حقيقة الإنسان بكل ما فطر عليه من الحاجات والمطامح، محاولة التملص من ذلك بحجة التعفف وترسيخ نظام تربية طهوري ونزيه يخلق حالة ازدواج ويشيع ممارسة التظاهر بالفضيلة، ويفت عضد المراهق بتأنيب الضمير نتيجة التحام الحقيقة الواقعية مع الجهل المعرفي والسطحية الذهنية.
تعرضت (ثقافة الاعتراف) إلى كثير من التدمير، ووقع المجتمع في آثار المكابرة على الحقيقة ودفع فاتورة اللاواقعية في التعامل مع حقيقة الإنسان، لأن الاعتراف بالخطأ والذنب ملازم لنظرة واقعية وتفكير لا يتسامى على فطرة الإنسان المجبولة على استعدادات الفضيلة وإمكانات الضعف، وهذه فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، وسنة الكون التي أودعها الخبير الحكيم، ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً.
في الملاعب ينتشر شباب يرفعون لافتات تعبر عن نقدهم وامتعاضهم بطريقة بريئة وعفوية، ولكنهم (متلطمون) ويخبئون ملامح وجوههم خلف أقنعتهم، وكأنهم يمارسون فاحشاً من القول وثبوراً، ومثلهم شباب يتهيبون وضع صورهم الشخصية والكشف عن أسمائهم المباشرة حتى لا يلاحقهم اللوم والعتب على قناعاتهم البسيطة والعادية.
تختلف معاني البطولة في البيت والمدرسة والشارع، وهذا مما يزرع الازدواجية في شخص الفرد، وبالتالي المجتمع والأمة، وطالما اشتكى عالم الاجتماع الوردي من ازدواجية الشخصية العراقية.
إن الحيرة والقلق والاضطراب النفسي، والقلاقل الاجتماعية والشقوق العائلية، بعض نتاج هذه الازدواجية الفجة.
من الضروري للأمة أن تبقى الفضيلة شيئاً متسامياً ونبيلاً، ولا يتعرض لإسفاف الاستعمال التقليدي، كما لا ننسى حق الواقعية من بناء الاستقرار والتوافق والانسجام.
هذه الطهورية تضيق فرص التعافي من الأخطاء، وتورث ثقافة استسلام تمكن الأخطاء من تناول الإنسان واحداً تلو الآخر، أو العمل على مفاقمتها دون تدخل الإنسان بتوبة جادة أو اعتراف فاضل، وهذا ما يحدث في القتل بحجة الشرف، لأن الذهنيات مؤسسة على انعدام إمكانية الوقوع في خطأ الزنا واخترام الشرف نظراً لطبيعة الإنسان الضعيفة وحتمية النقص فيه، ويبقى الحل الوحيد هو إنهاء الحياة تماماً لقبر هذه الحقيقة مع جسد الفتاة الذي انتهى حقه في البقاء على الأرض.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق