التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شباب مع التحية !



للوهلة الأولى تعتقد أن هؤلاء مجرد شباب عاديين يلتقطون لهم صوراً أمام المرايا المصقولة لإرواء نرجسيتهم الطاغية . تعتقد أنهم مجرد شباب مستغرقون في حياة بلا هدف أو معنى أو نهاية للوقت الذي يهدرونه على سفح ملاهيهم الفارغة . تعتقد أنهم مجرد شباب ينام ويأكل ويصحو ويلهث وراء الفراغ ، لا يحمل هماً للمستقبل أو طموحاً يشتعل في فؤاده أو فكرة تستضيء في عقله . ولكن البراء ، وعلي ، وأحمد ، وصالح على العكس من ذلك تماماً ، إنهم يستعدون لاستكمال نزهتهم في مدينة جدة ، وفي الطريق التقطوا هذه الصورة التي تجسد طبيعتهم العفوية وتلقائيتهم الطريّة . تعودت هذه المجموعة أن تذهب في نزهة أسبوعية للتخفيف من ضغط برنامجهم العلمي الذي يستغرق أوقاتهم ويستحوذ على اهتماماتهم ، يحفظون القرآن الكريم كاملاً ويشتغلون على دراسة العلوم الشرعية ولم يتبقى سوى عشرة أجزاء تفصلهم عن حفظ القرآن بسند يتصل بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم . في مدينة جدة التي اختاروها للتنزه نهاية هذا الأسبوع يناصفون الوقت بين الخروج للتنزه وبين مراجعة أوراد القرآن لبعضهم البعض ، فالقرآن لا ينفصل عن حياتهم ولا ينقطع يوماً من عمرهم . رغم أنهم ذهبوا لمجرد التنزه ولكنهم لم يفوتوا فرصة للقاء بعض مشاهير الدعاة في جدة والاستماع لبعض محاضراتهم . هم بمحض إرادتهم يديرون شكل اليوم الذي يعيشونه هنا ، لا تتدخل عناية أبوية أو وصاية مشيخية ، هم بأنفسهم تدفعهم القناعة بمشروعهم وتحفهم عناية الله ويحيط بهم الإيمان بهدفهم . أصغرهم يدرس في الثاني الثانوي وهو يشتعل نشاطاً وهمة عالية تتواضع أمامها أعمار الرجال ، يحدثني عن نيتهم الصلاة بمكة صلاتي المغرب والعشاء في طريق عودتهم لديارهم ، حتى تطيب رحلتهم وتتعطر نزهتهم بعبق البقاع المقدسة . أكتب هذا للشباب وأنا أولهم عن أمانة النفس التي تتلجلج في حلوقهم ، عن حظ النفس من المستقبل والطموح والنجاح ، عن الوقت الذي يذهب سدى وعن العمر الذي ينقضي بلا معنى ، أكتبه للآباء والأمهات ، وأقصدهم بكلامي هذا ، أسائلهم عن أمانة أبنائهم ، عن مسؤوليات التربية والتنمية والاهتمام والرعاية ، هل زاحمتهم الواجبات الاجتماعية والمجاملات عن العناية بأبنائهم على نحو يرتقي بهم ويحفظهم أم تركوهم نهباً لضغوطهم وشهواتهم وألقوا المسؤولية على " الشارع " !
تركتهم وأنا أوصيهم بسؤال الله الثبات على الحق والعياذ به من الغرور والعجب بالنفس ، تركتهم يهدرون بالقرآن في شقة تنتصف حي الوزيرية ، تركتهم بعين اغرورقت بالدموع والأسى على شباب بنفس أعمارهم غارقون في التيه وسادرون في الضياع ، تركتهم وأنا أرمق السماء وأسائل الله كيف هو حال أرتال الشباب الذين أعرفهم والفراغ يخنقهم وحزمة الهموم تكاد تفتك بهم من شدة الفراغ وبأس المراهقة الشديد . تركتهم وأنا أزداد قناعة ، أن البيوت تصنع الفرغ ، وفهمكم يكفي يا سادة !






في الصور :
علي أحمد العمري - دراسات إسلامية بكلية القنفذة - يحفظ القرآن الكريم كاملاً صالح أحمد العلوي - دراسات اسلامية في القنفذة - يحفظ القرآن الكريم كاملاً أحمد علي الشاعري - دراسات اسلامية في كلية القنفذة - يحفظ عشرين جزءاً من القرآن الكريم البراء مشعل الفلاحي - الصف الثاني الثانوي - يحفظ القرآن الكريم كاملاً حسن جابر العمري - الصف الثالث الثانوي - يحفظ القرآن الكريم كاملاً


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...