في حارة القهر، وبالتحديد في جانبها الأيمن وعلى رابية ترابية تنتصب مقاعد الحبال التي يجلس عليها شباب الحارة منذ عشرات السنين كتقليد اجتماعي ضارب في القدم، رغم تناوب السنين وتعاقب الأجيال بقيت هذه (التكوة) حية تحتضن أحاديث الشباب وتشاركهم المطعم والمغنم. كثيراً ما يبرمون من المواثيق ويضجون بالأحاديث ويتسلّون بقصص مغامراتهم المتواضعة، كثيراً ما تجادل اثنان إلى درجة التشابك بالأيدي، ناهيك عن المناقشات الرياضية والاجتماعية والسياسية، حتى غدت مسرحاً للبطولات والفتوّات ومصدراً موثوقاً للمعلومات والأخبار والبيانات. اليوم تغيب الجلسة في صمت مطبق، على الرغم من حضور كافة أعضائها من الجيل الجديد، ولكنهم محجمون عن الكلام، ليس لأن مكافآت حافز استثنتهم لصغر سنهم، وهزائم منتخب بلادهم المتكررة لا تتدخل من قريب أو بعيد في ذلك. ولكنهم مستغرقون في أجهزة البلاك بيري التي تضج نغمات رسائلها مثل سرب طيور متيقظ عند مطلع الصباح، أصبح مجلسهم مثل صالة العزاء إذ تجدهم منكسي رؤوسهم، يلتهمون التحديثات الجديدة ويتبادلون الرسائل الجماعية مع أصدقائهم الافتراضيين. للوهلة الأولى تظن أن خبراً صاعقاً نز...
مجموعة من المقالات والخواطر يكتبها عمر علي البدوي ( تويتر : omar_albadwi )