لن يجد الفقير وفاءاً يشبه وفاء عربة الخضار
البسيطة له ، تدر عليه الرزق وتحمل عنه الهم وتطرد منه الفاقة والعوز ، تقيم أوده
وعوده وتحشو جيبه وبطنه .
بقيت عربة الخضار كل عمرها وهي تنتصر
للمغلوبين وتنحاز للمسحوقين ممن يعيش في هوامش الحياة وعلى قارعة الطريق ، تتربص
الناس عند المساجد والمطاعم والمراكز .
تبتاع
بضاعتها بثمن بخس وكأنها تراعي الحال ولا تطمع في استنزاف جيوب المعدمين كما يفعل
الجشعون ممن يمتصّ الدماء والأموال ويزهق الأرواح والكرامات .
وقد لا تكلف عربة الخضار صاحبها سوى أن يجمع طاقته على دفعها باتجاه
مواطن الرزق ، ولعله يدفع معها همه الذي يثقل كاهله ويرهق عاتقه .
بعجلات مرهقة وألواح خشب مكدود تشبه كثيراً حال صاحبها الأشعث الأغبر
الذي ارتسم الأسى فوق حاجبيه وعلى خديه وخط تحت ناظريه ظلال الليالي السود التي عاشها .
تمشي ببطؤ وكأن رهقاً لحقها وجهداً يثقل حركتها ، تشبه انحناءة امرأة مسكينة مكبة على وجهها من ثقل ما لاقت من هذه الحياة ، تصدر صريراً وكأنه أنين الفقر وشدة الفاقة وصرخة غضب في وجه سلطان جائر .
هذه العربات الفقيرة معرضة باستمرار للمصادرة ، وكأنها صورة شبيهة بمصادرة المستبدين لكرامات الناس وحقوقهم واستنزافهم لجيوب المعدمين وسرقة ثرواتهم وحقهم في حياة كريمة وسديدة .
تمشي ببطؤ وكأن رهقاً لحقها وجهداً يثقل حركتها ، تشبه انحناءة امرأة مسكينة مكبة على وجهها من ثقل ما لاقت من هذه الحياة ، تصدر صريراً وكأنه أنين الفقر وشدة الفاقة وصرخة غضب في وجه سلطان جائر .
هذه العربات الفقيرة معرضة باستمرار للمصادرة ، وكأنها صورة شبيهة بمصادرة المستبدين لكرامات الناس وحقوقهم واستنزافهم لجيوب المعدمين وسرقة ثرواتهم وحقهم في حياة كريمة وسديدة .
لا تتكلف العربات في استعراض بضاعتها ، فهي ليست أكثر من خضراوات وفاكهة
لذيذة المطعم يسيرة المغرم ، وبكل بساطة يمكن أن تمد يديك وتكيل لنفسك وتقوم
بحاجتك ، فإنها بعض بساطة الفقراء .
عربات الخضار فاصل صغير وشعرة ضئيلة بين الرزق الحلال وآخر حرام ، بين
اليأس والأمل ، بين العجز وقلة الحيلة والقدرة والاستطاعة ، بين الرذيلة والفضيلة
، بين الموت والحياة .
لم يكن يعتقد حاكم ظالم مستبد فاشي يجلس على كرسيه الذهبي وعرشه
المؤثل أن تزيحه عربة خضار رخيصة ، لم يكن يطوف بباله مرة أن ذلك المسكين الذي يجر
عربته باتجاه المجهول يمكن له أن يحرق كل أحلامه برشقة بنزين زهيد .
مرة أخرى ، تنتصر هذه العربة للمسحوقين ، ترفع عن المغلوبين عوزهم
والظلم الواقع عليهم ، تنتقهم لهم من طغاة الفساد والاستبداد ، وتمحو من ذاكرتهم
عهود الخيبة والألم وترسم لهم مستقبلاً أكثر حرية وكرامة وغنى .
تعليقات
إرسال تعليق