أنا مواطن من محافظة القنفذة ، وهي جزء من هذه البلاد العامرة الواقعة تحت ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ، رجل الاستثناء والعطاء ، على الرغم من الحمم البركانية الثائرة التي تحيط بنا بقيت هذه البلاد مستقرة آمنة تؤكد في كل فرصة التحام شعبها بقيادتها من أجل مصلحة الجميع وبناء الوطن والمستقبل .
وعندما كانت الشعوب العربية النبيلة بين ثائر يطرد رئيسه الشين ، وغاضب يحرق قائده في مصلاه ، ومظلوم يزج بجلاده في السجن ، ومغبون يغرز في صدر غابنه طلقات الخلاص ، كان أهل هذه البلاد يضجون بالفرح ويغصّون بالنشوة لعودة ملك البلاد سالماً غانماً إلى أحضان هذه الأرض الطيبة المباركة .
لم تكن القنفذة ، غادة الجنوب ، المتوسدة على ضفاف شواطئها الفذة ، خارج منظومة الفرح الوطني ، كانت سبّاقة إلى هذا الكرنفال الأخضر ، لم يقتصر الفرح على دوائر حكومية رسمية ، لقد كان ثمة شعور أهلي بين النساء والشباب والرجال والأطفال ، لقد تنادت القرى البسيطة في القنفذة للاحتفال بعيداً عن عيون الإعلام ومرآة الصحافة ، لكن ثمة إحساس وطني عفوي لديهم ترجموه إلى فرحة عامرة بعودة الملك .
امرأة متقاعدة صاحت في نساء قريتي لإقامة احتفال وطني نسائي لأجل الفرحة بهذه المناسبة السعيدة ، لا أنسى ما فعله أهالي بلدة كياد والحبيل والقنفذة ودواليك من أرجاء المحافظة .
هكذا كانت المحافظة تنام كل ليلة وهي تعقد ناصية الولاء الغليظ لهذا الوطن الكبير ، تتوسد أحلامها الوردية في مستقبل أبنائها الزاخر بعطاءات الوطن الكريم .
فجأة !!! تصحو على نذير يفرقع في أذنها مفاجآت جمة ، من الذي حول هذا الشعور الوطني العفوي إلى تساؤل كبير ؟ من الذي زلزل هذا الإحساس العميق بالفرح إلى استفهام حول موقعنا من خارطة التنمية الرائدة التي يريدها الملك عبد الله بن عبد العزيز لوطننا ؟
أنا مواطن من محافظة القنفذة لا يحق لي أن أحلق كثيراً بأحلامي لأن إقامة مطار عندنا يُقلّ هذه الأحلام صعب ، ويكفيني من أجل هذا مشقة السفر إلى مدن أخرى .
أنا مواطن من محافظة القنفذة عندما يتعرض أحدنا لحادث في عرض الطريق سيكون عليه الانتظار طويلاً لمجيء إسعاف مرهق لتباعد مراكزه ، وربما يلزمه النزف حتى الموت .
أنا مواطن من محافظة القنفذة عندما تحميني الأقدار للبقاء حياً على قارعة الطريق فإنني سأتوجه إلى مستشفى القنفذة العام وأنا أذوق ألم الوجع وطعم الخوف ومقدمات الموت السريري .
أنا مواطن من محافظة القنفذة عندما تريد أسرتي التنزه فعليها أن تتسكع في شواطئ بالية أو حدائق يقتلها الجفاف ، أما الشباب فلا حظ لهم سوى المخططات التي بنيت للإسكان المؤجل وأصبحت مباءات للإفساد والشائهات .
أنا مواطن من محافظة القنفذة عندما أفكر بمجرد الاتصال بالعالم الافتراضي الحر فإن إمكانات الاتصال ضعيفة والكيابل تقليدية والشبكات مقطوعة والخدمات مرجوعة .
أنا مواطن من محافظة القنفذة عندما يتجرأ طموحي في دراسة تخصصات دقيقة ومتقدمة فلزام على مثلي دفع ثمن هذه الجرأة إلى جانب تكاليف الغربة ، وإلا اصطبار المأساة في كلية جامعية مستأجرة وتخصصات منقوصة ، وأسوا من هذا إذا فكرت أختي في مثل هذا مما يضاعف المأساة .
أنا مواطن من محافظة القنفذة عندما يعود والدي من مشقة العمل وإخوتي من تكاليف الدراسة في عز الظهيرة الحارقة ليأخذ قيلولة الراحة وقسطه من نعيم أجهزة التبريد ، فإن الكهرباء تبادره إلى الانقطاع وتزيد من ضيقه لأنه ليس أكرم من موجوع في العناية المشددة تفجأه انقطاعات الكهرباء التي تمده بالغذاء والهواء والحياة .
أنا مواطن من محافظة القنفذة عندما أشرئب إلى لمسة تنموية ما فإنها تزهق أرواح أبنائنا دون حساب ، فكثير من التقاطعات والتواءات الطريق التهمت شباباً في عمر الزهور ، وكثير من المهرجانات الشعبية تحولت إلى مسالخ لقصم الظهور ، ومطاعم لتسميم البطون والتحالف مع الدهون ، والمستشفيات تزورها الصراصير متخفية لأجل أغراض تجسسية لصالح هيئة مكافحة الفساد ، وهي تصرف أدوية منتهية الصلاحية تقدم الراحة الأبدية للموجوعين .
أنا مواطن من محافظة القنفذة عندما أقلب صفحات الجرائد في مدن الغربة لأجد ما أفاخر به بين أبناء بلدي العظيم ، أجد اسم محافظتي محشوراً في زاوية المحليات تنبعث من حروف مراسليها أوجاع المكلومين وعفن المجاري وصرخات الشكاية والنكاية من فساد المسؤولين وكسلهم .
أنا مواطن من محافظة القنفذة .. أشعر بكثير من الضيم وكفى !
عمر
24 / 11 / 1433 هـ
تعليقات
إرسال تعليق