عظيم هذا الإنسان إلى درجة يجعل من كل هذا الكون مرتبطاً بوجوده مرتهناً بإشارته ، مثل حاكم يأمر أمة أو مفكر يصوغ حضارة ويصبغ حقبة برمتها ، وهو سخيف إلى درجة تدفعه إلى افتعال الحماقات واستغلال أتفه المواقف ليشعر بوجوده مثل صنيع الهُبْل من طلاب الشهرة والشذاذ أصحاب الغرائب .
بالنسبة لي لمحت شيئاً يزداد كل لحظة إلى مرحلة اليقين ، كل الأشخاص الذين يتمسكون بك إنما يتشبعون من عطائك المعنوي اللامحدود ، الأشخاص الإيجابيون الذين يشعون بالألفاظ الحسنة ويسوقون عبارات الإطراء والتشجيع والتحفيز يظفرون بدرجة قبول عالية ويكتسبون شبكة علاقات اجتماعية واسعة ويمتلكون أزمّة القلوب ومفاتيح الصدور .
أن تُشعر شخصاً باهتمامك به ، إذاً تشكل جزءاً من وجوده الحقيقي ، سترتقي بالنسبة إليه إلى درجة الُملهم ، سيقاتل من أجل الحفاظ عليك والحقيقة أنه يدافع عن حصون نفسه المنيعة ومعاقل حضوره الحسي والمعنوي .
بعض الناس يستمد وجوده من الأشياء ، تجده يغالي إلى مستوى التطرف في التجمل والتأنق وشراء الكماليات وتحرّي الغالي والثمين والتباهي بها ، لأنه ارتبط وجودياً بها إلى مرحلة يعد الانفصال عنها قرار انتحار وإذابة لهويته الشخصية ، هؤلاء لا يدوم بهم الحال إذ الضجر إليهم قريب والاستقرار عنهم بعيد .
اشعر بوجودك ، تحسس ما بين يديك ، ابحث عن المعاني الحقيقة وراء الشعور بوجودك ، أحياناً تحتاج إلى صناعتها بدل البحث عنها .
لا تستمد وجودك من أشيائك الخارجية ، واجعله ينبعث من داخلك ، اجعل من وجودك مصدر فخر للآخرين وارتياح لهم ، اجعله مشرقاً بالابتسامة والتسامح والعطاء ، أنِل كل من حولك قبساً من نور قلبك المضيء بالحب وجذوة من شعلة عقلك المتقد بالإبهار .
اصنع وجودك الممتد ، اجعل لك لسان صدق في الآخرين ، وبارك أثرك بعد رحيلك بالجد والاجتهاد والكفاح الطويل لتحتفر اسمك في سجل الخالدين ، لا تغادر النفوس قبل أن تترك وراءك كلمة طيبة وموقفاً مشرقاً يذكّر بك ، لا ترحل من هذه الحياة وسمعتك تسبق جسدك الهزيل .
تعليقات
إرسال تعليق