مولع أنا بالصمت كثيراً ، ويقيني يزداد كل مرة بقيمة هذا المكون العميق وأثره على الفرد وعلى المعرفة وعلى الكون كذلك ، بالمناسبة ألا ترون هذا الكون كله يعمل ويتحرك ويتنقل وينبت ويشرق ويموج بصمت دون صخب أو ضوضاء . الصمت أستاذ ، أو هو مدرسة ، الحياة فيها مجرد منهج ، كان علينا نحن المسلمين أن نتعلم فن الصمت كما نتعلم فن الحديث ، إننا أمة تؤجر على الكف عن الحديث السيء ( الصمت ) كما تؤجر على الكلام الحسن . أوف ! عذراً .. إن الصمت ليس مجرد كف عن الكلام أو اشتغال في التفكير ، هذا ما يبدو للآخرين ، وآه من الآخرين !! قد يظنون أنه عييّ أحمق أو أعجم أبكم لا يحسن حديثاً ولا يجيد الثرثرة . الصمت يا قارئي هو عملية مخاض ، هو مسألة انهماك عقل وإعمال فكر واستبصار ذهن واستظهار قلب وتفتيش في الكون وتقليب لصفحات الحياة واستلهام ماضي واستشراف مستقبل واجتلاء حقائق واستكناه كون وسبر غور وإبحار عمق وغوص في لج واستزادة معرفة . إنه ضوضاء مؤدبة ، وفوضى خلاّقة ، وإزعاج محترم ، وورشة هادئة ، وحديث صامت ، إذاً فرق بين أن تسكت وأن تصمت ، وإن كان ثمة شبه . أما لقمان فلم يكن إلا آية بشرية فذة لمبلغ الإنسان في...
مجموعة من المقالات والخواطر يكتبها عمر علي البدوي ( تويتر : omar_albadwi )