أقول مخاطباً نفسي :
الذي يحدث في سوريا يخيف ويقشعر له البدن ، ليس فقط لأجل تلك المشاهد المروعة وليس فقط لبركة الدماء التي تغرق فيها سوريا ولا أصوات الرصاص الذي لا يعلو عليه شيء ، ولا مشاهد الأطفال المروعين ، والأمهات مخطوفي القلوب والأبصار ، أو الرجال والشيوخ عاجزين مكتوفي الأيدي .
وآه من عجز الرجال ، وقهر الرجال ، وغلبة الزمان ، وخائنة الأيام .
لا يخيف الوضع السوري فقط لأجل تلك المشاهد التي تهلع القلوب ، ولكنه يخيف لأن غضبة السماء لا يساويها شيء .
ها نحن العرب والبشرية جمعاء ، نبكيهم لحظة ونرقص لحظات ، نتذكرهم يوماً وننساهم أياماً ، نستأذن في الدعاء ، ونستجدي الغرب لإنقاذهم ، ونشحذ الشعوب لإطعامهم ، ونحاول جاهدين لتوافق روسيا أو الصين بضوء أخضر لطائرات غيرنا أن تؤمن أخواتنا وأمهاتنا .
في ( عرب آيدول ) و ( الجنادرية ) و ( دوري المحترفين ) و ( محكمة الزنادقة ) و ( مقاطعة تويتر ) و ( بهو ماريوت ) .. ودواليك من صراعات الضوضاء وسجالات الفراغ ، والفخر أنها تحمل شعار ( صنع في السعودية ) .
هكذا نتشاغل أو نتناسى أو نتجاهل ، لا يهم ! الحقيقة تبدو أننا غير صادقين في مشاعرنا إلا ما رحم ربي .
أخاف غضب الله الذي سيسع الظالم ومن أعانه ، المجرم ومن سكت عنه ، شياطين الإنس الناطقين والصامتين ، وآخرين يلهون الأمة عن همها الأكبر ويشتغلون بغيرها .
الإنسان السوري الذي يضيع دمه هدراً ، يتحمله الطاغية الأكبر ، وآخرون يشاركون في الطغيان بالصمت أو الإلهاء .
صحيح أننا ضعفاء إلا من الادعاء ، عاجزون إلا من التمظهر والتبختر ، قاصرون إلا عن التقافز على منكرات الشارع العابرة ، بينما يبقى المنكر الأكبر طي التغافل والتجاهل لأن الحديث عنه يقلق النائمين ويوقظ الراقدين .
عار على البشرية ، لأنها بلغت شأواً في كل شيء إلا في حفظ حياة طفل ، عار على المسلمين لأنهم أصحاب الدين الحق والغرب أقدر منهم على إنهاء المشكلة ، عار عليّ أنا لأنني لا أجيد سوى السكوت .
الصمت القديم ، يجر إلى مثل هذه المهالك ، الصمت عن المظالم ، السكوت عن التجاوزات ، صنعت هذه اللحظة البائسة ، صنعت المستبدين ، صنعت مخلوقات مشوهة تحكم البلدان ، قدم لها ما لزمها من لقمة عيش وثروة أرض وأعمار شعوب وحريات ، وفي اللحظة التي طلب منهم بأدب أن يستبقوا لنا بعض حياة وقوت وحرية ، غضبوا وما أرضاهم إلا انتزاع أرواح وحرق أرض واغتصاب كرامة ، إن بقيت لنا كرامة .
إنني يائس ، أو خائف .. أو لا يهم ، المهم أن إنسانيتي بدأت تختل ! وما لنا غيرك يا الله .
تعليقات
إرسال تعليق