التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠١٢

في الخلاص من العبودية

لا يؤذي الشعور الإنساني شيء مثل الاستعباد ، يخترق المثل الراقية ، ويهين الكرامة العالية ، ويطفئ نور النفس وجذوة العقل وحرارة القلب ورهافة الحس ، هكذا يطمر كل منفذ ومتنفس ويحجب كل بصيرة وبصر ويغذي الفساد ويطيل عمر الاستبداد . الفرد له عبوديته الخاصة تجاه ظالمه وقاصمه ومنتهب حقوقه ، الشعوب كذلك يغرقها الانبطاح الجمعي في سلوك مهين مشين يسوّل للحاكم أن يتمادى في غيه وبهوه ، العقول والصفوة من الأمة لها صورتها من الاستعباد وهي إن لم تروج له وتعين الحاكم المستبد على شعبه فإنها تقع في خطيئة الصمت وتدفع جريرة السكوت وترسف في وحل الرضى والقناعة والتجاهل المميت . - كيف يحصل الاستعباد ؟ ( الخوف - الجوع - الجهل ) " الصفوة " بالترويض والإغراء لمن كان منهم سيء السريرة لين العريكة غير مكترث بقيمة ما يملك من علم ووعي ، يبيع قلمه ولسانه عند أول هدية ثمينة أو جلسة قمينة ، وهكذا يؤسس للخنوع ويجند لبث الخضوع وإشاعة رذيلة الركوع . ومن كان منهم ثابت الجنان وحاد السنان وسليط اللسان ، معنياً بما يقول ومؤمناً ومسؤول تجاه الأمة والبلاد والعقول فإنه يتعرض لأبشع أنواع القمع وأقسى صنوف التنكيل...

جوعة النوم

طفل يبدو أنه موجع ينام في الزاوية من المسجد ، بينما بدأ الناس ينفضون بالانتهاء من صلاة الفجر . بشرته سوداء وشعره جعد متفرق يشبه أثر حشرة زاحفة على صفحة تربة ملساء ، وثيابه متسخة ولا يمت السروال بصلة إلى القميص في لونها وقماشها أو الفريق الرياضي الذي تمثله . يبدو أن آثار العمل الشاق بادية على ملابسه ، أما ملامحه فهي نفس ملامح البراءة الملساء والطفولة التي لم تكددها المشقة والعمل . أصابع يديه منفرجة ومتمددة علّها ترتاح من عناء الانقباض نهاراً كاملاً لأجل العمل ، أو لعلها تعودت أن تكون ممدودة من أثر السؤال والحاجة . ينام بعمق ، نومة تعود الأدباء التقليديون أن يحسدوه عليها في كتاباتهم الفجة وهم يدافعون عن نومة الفقير ويشنعون على نومة الغني المليئة بالكوابيس والفزاعات . ينام في بيت الله ، لا أعرف إذا كان لهذا صلة بتحسين أحلامه وتجويد نوعية كوابيسه ، لعله يطرد الشياطين التي تنقض عليه في نومته وتذكره بويلات هذه الحياة على أساس أنه في مأمن منها طالما دخل بيت الله المعظم . أو ربما هرب من قسوة والده وهو ينهره ويحمّله ما لا طاقة له به ، يا بني : والدك رحيم بك رؤوف ، ولكن حاجته قاسية وغليظة...