لا يؤذي الشعور الإنساني شيء مثل الاستعباد ، يخترق المثل الراقية ، ويهين الكرامة العالية ، ويطفئ نور النفس وجذوة العقل وحرارة القلب ورهافة الحس ، هكذا يطمر كل منفذ ومتنفس ويحجب كل بصيرة وبصر ويغذي الفساد ويطيل عمر الاستبداد . الفرد له عبوديته الخاصة تجاه ظالمه وقاصمه ومنتهب حقوقه ، الشعوب كذلك يغرقها الانبطاح الجمعي في سلوك مهين مشين يسوّل للحاكم أن يتمادى في غيه وبهوه ، العقول والصفوة من الأمة لها صورتها من الاستعباد وهي إن لم تروج له وتعين الحاكم المستبد على شعبه فإنها تقع في خطيئة الصمت وتدفع جريرة السكوت وترسف في وحل الرضى والقناعة والتجاهل المميت . - كيف يحصل الاستعباد ؟ ( الخوف - الجوع - الجهل ) " الصفوة " بالترويض والإغراء لمن كان منهم سيء السريرة لين العريكة غير مكترث بقيمة ما يملك من علم ووعي ، يبيع قلمه ولسانه عند أول هدية ثمينة أو جلسة قمينة ، وهكذا يؤسس للخنوع ويجند لبث الخضوع وإشاعة رذيلة الركوع . ومن كان منهم ثابت الجنان وحاد السنان وسليط اللسان ، معنياً بما يقول ومؤمناً ومسؤول تجاه الأمة والبلاد والعقول فإنه يتعرض لأبشع أنواع القمع وأقسى صنوف التنكيل...
مجموعة من المقالات والخواطر يكتبها عمر علي البدوي ( تويتر : omar_albadwi )