التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«مطيّة البسطاء» يعيد لها الحج الاعتبار


آخر تحديث: الجمعة، ١ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي 

< بعد تكليف عضو هيئة كبار العلماء الشيخ سعد الشثري بخطبة يوم عرفة، وإعلان ذلك مبكراً، تداول الناشطون صورة للشيخ الشثري تعود إلى موسم حج العام الماضي، يظهر خلالها وهو يركب رديفاً على متن دراجة نارية للتنقل في المشاعر.
لا يبدو الأمر غريباً بالنسبة لموسم الحج، إذ تزداد قيمة «الدبّاب» كوسيلة أسرع للتنقل في بقعة ضيقة يكتظ فيها ملايين الناس خلال فترة زمنية محدودة، وهو الأمر الذي لا يتكرر في مكان أو مناسبة أخرى.
لا يكاد يمر عام إلا وتنتشر صورة لأحد العلماء أو الأثرياء يتنقل عبر هذه الوسيلة، وينعكس هذا على قيمة ودور «الدبّاب» الذي يلعبه خلال هذا الموسم الاستثنائي، وقبل انطلاق الموسم، يتحضّر عدد من ملاك الدبابات في مكة المكرمة لاستثمار موسم مربح واستثنائي بالنسبة لهم، بعضهم يستأجر والآخر يجدد العهد بدراجته النارية ليطلق لها العنان خلال موسم الحج.
المشوار القصير يحقق أرباحاً غير متوقعة، لأن قيمة الزمن تزداد، ويمكن بيع الوقت لمن يرغب في شرائه، المسافة التي تقطعها راجلاً أو على ظهر سيارة، يمكن أن تتقلص كثيراً على متن دراجة نارية، ولا يفرط بمثل هذا واحد من الدعاة يقضي موسم الحج في التنقل بين المخيمات ليلقي كلمة أو موعظة، أو من المتلهفين لقضاء كل لحظة في استثمارها للتقرب والطاعة. أيمن الشريف صاحب «سناب مكة» يقدم تغطية مختلفة عبر هذه النافذة، يتابعه آلاف الأشخاص عبر هذه التقنية التي استثمرها لنقل تفاصيل الموسم للعالم أجمع، اختار هذا العام أن يقدم تغطيته على متن دراجة نارية، وبدأ يتجول ويتنقل بسهولة لا توفرها وسيلة نقل أخرى.

تشكل مسألة المواصلات هاجساً بالنسبة للمسؤولين، وابتكرت عديد الوسائل ونظمت المشاريع الضخمة لتوفير كل السبل والبدائل المتاحة لتحقيق عملية التنقلات، التي تأتي في صميم المناسك الدينية بين مزدلفة ومنى وعرفة، يحدث كل هذا في إطار زمني ومكاني ضيقين يحد من سعة الخيارات. من ذلك قطار المشاعر الذي بدأ العمل به منذ العام ٢٠٠٩ ويعمل على نقل آلاف الحجاج وتصعيدهم من مشعر إلى آخر، فضلاً عن أساطيل الحافلات التي تعمل في الإطار نفسه. و«الدبّاب» وإن غلى ثمنه على غير المعتاد، فإنه يهبك أكثر مما يحصل عليه، يعطيك الراحة والوقت، وهما سر الاستغلال الأمثل لهذا الموسم الديني والفرصة التعبدية الثمينة، الراحة من طول المسافات وعثرات الطريق وتكدس السيارات وهو الأمر الذي سيوفر لك الطاقة والجهد لاستنفادها في الطاعة والتبتل، والوقت الذي تختصره ولا تصرفه سوى في أداء العبادات والقربات، ولا سيما أن الوقت قصير لتنشغل بغيرها، ولذا فإن رحلة على الدبّاب ربما تكون طريقتك الأفضل في هذا الصعيد.


الرابط :




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...