للتو غادرت الغرفة رقم ( 477 ) التي يتمدد فيها جسد الطفلة المكلومة ليان بنت عدنان . وجدناها تغط في نوم عميق ، تغيب فيه بعض وخزات هذا الخبيث الذي ينتشر في جسدها الطاهر ،*يدها اليمنى مقبوضة إذ يبدو أن آخر صرعات الألم كانت قاسية حد الإغماءة . الأجهزة الطبية تنتشر في الغرفة وتذيع أصوات الرنين والطنين المؤذية ، بينما أنبوبات الدواء والغذاء تخترق منحرها ومنخرها . ليان لا تعرف للألم معنى ! ولا تدري ما هذا الذي يجعلها حبيسة هذه الغرفة الكريهة وأرتال النساء يتوافدن عليها ، تفهم فقط أنها ليست على حال طيبة والدليل دموع والدتها المسكينة . يا ليان : إن الألم بعض من قسوة هذه الحياة ، شيء من عصارتها القذرة ، يا ليان : لن أحدثك عن الصبر إنه مما يفعله الكبار ولا تقوى عليه صدورهم . سمعت أن ليان ذبيحة عين شيطانية لم تذكر الله ، تدفعها نفس حقيرة متحفزة للشر ، ضاقت بجمال تلك الصبية المشرقة وأرادت أن تخفت ضوءها والله متمٌ نوره ولو كره العائنون . ما زلت أذكر تلك اليد الغضّة التي تلوح بها إلى جانب ابتسامة بريئة بينما أقصد مسجد القرية ، أتذكرها تمازحني وهي تطل برأسها وتختبئ به ثانية خلف بابها ، أتذكر...
مجموعة من المقالات والخواطر يكتبها عمر علي البدوي ( تويتر : omar_albadwi )