التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إنهاك السعودية وتفتيت العرب

جاءت تركيا أخيرا، لإنقاذ المشروع الخاسر، وهي التي ألمحت عبر صحفها الرسمية عن خرائط كشفت النوايا الخبيثة التي تعمل على تقسيم السعودية.
الأربعاء 2020/07/22

تكشف محاولات الحكومة التركية اختراق الواقع اليمني، سواء تحت غطاء المساعدات الإنسانية أو تلوين خطابها السياسي، عن وجهة نظرها تجاه الأزمة اليمنية، وتشكل إلى جانب استمرار إيران في ضمان تدفق السلاح إلى الحوثيين وحثهم على عرقلة أي جهود لإنهاء أزمة البلاد، جوانب عملية وتكاملية مع الجهد التمويلي والدعائي الذي تبذله الحكومة القطرية، الأمر الذي كشفته التسجيلات المسربة أخيرا بين الزعيم الليبي السابق معمر القذافي وحكام قطر السابقين.

وكشف التسجيل المسرب الجديد المزيد من التفاصيل عن تآمر قطر مع القذافي لما أسموه “تقسيم السعودية إلى عدة دول”، وقال فيه الشيخ حمد بن خليفة إن الحوثيين يريدون حكم الحجاز إلا أن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح لم يستجب لهم بحسب قول الشيخ حمد بن جاسم.

المشروع القديم بتوظيف أدوات مثل ميليشيا الحوثي لإنهاك السعودية، وتحقيق حلم تفتيتها وبث الفتنة داخلها، تواطأت عليه جهات مختلفة، وتبنته جماعة الإخوان المسلمين، التي اعتقدت أنها قطعت أشواطا في زرع ما يشبه مجتمع الظل في أعماق الواقع السعودي، حتى تحين ساعة الصفر وتلمع إشارة التنفيذ.

بذلت قطر جهدا في البحث عن ثغرات تنفذ منها إلى الداخل السعودي، وأرسلت مواكب الإخوان من الخليجيين إلى الزعيم الليبي، للاستثمار في حقده الدفين على دول الخليج والسعودية بالتحديد، وحرضت الرئيس اليمني السابق علي صالح لفتح الباب لميليشيات القاعدة للنفاذ إلى العمق السعودي، وكشفت عن حجم الدور التآمري الذي تبنته وتدفع الآن ثمنه وفاتورته في مواجهة الرباعي العربي العازم على مكافحة الإرهاب.

زادت حكومة أردوغان من توغلها في مياه العرب والبحر الأحمر، واتخذت مجموعة من الخطوات للملمة ما بقي من فرص لتطويق السعودية، واختراق المنطقة العربية من جنوبها،

ولعل ما طرحته الناشطة الإخوانية اليمنية توكل كرمان من نوايا تقسيم السعودية إلى أقاليم، في تغريدة عابرة على حسابها في تويتر، هو رأس جبل الجليد الذي كشف عن تعاون وثيق بين جماعات الإخوان ورعاتهم في قطر وتركيا وبين ميليشيات إيران، لاستهداف السعودية والتأمر عليها.

هل تلافت السعودية خطر ما يحاك محليا لمشروع التفتيت؟ هذا ما تشير إليه نتائج الجهود التي اتخذتها المملكة لتجفيف منابع الحركيين الإسلاميين، الذين استهدفوا قوى محلية حقنت بمشاعر الإحباط وخطاب أيديولوجي متوتر، يهدف إلى التحريض على التغيير وتهييج الأوضاع.

اتخذ الرباعي العربي قرارا حازما بنبذ قطر، وقطع الطريق على مشروعها التدميري، وبتر أذرعها التي عكفت على تمويلها ورعايتها بهدف تنمية مشاعر العداء تجاه الرياض وبقية العواصم المركزية في المنطقة.

جاءت تركيا أخيرا، لإنقاذ المشروع الخاسر، وهي التي ألمحت عبر صحفها الرسمية عن خرائط كشفت النوايا الخبيثة التي تعمل على تقسيم السعودية، وكتبت صحيفة (يني شفق) المقربة من الحزب الحاكم حول الموضوع.

وعلى الصعيد الميداني، زادت حكومة أردوغان من توغلها في مياه العرب والبحر الأحمر، واتخذت مجموعة من الخطوات للملمة ما بقي من فرص لتطويق السعودية، واختراق المنطقة العربية من جنوبها، لكن صمود الرياض ومعونة أبوظبي، واستنهاض الدور المصري وإعادة تنشيطه في عدد من الملفات الراهنة، ساعدت المنطقة على التقاط أنفاسها، وتبديد مشروع وحلم قديم بتفتيتها، أصبح بفضل يقظة المملكة وحلفائها أقرب اليوم للفشل منه إلى النجاح.


الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...