التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الطلاب السعوديون والعمل المدني: الأندية الجامعيّة جسر




جدة – عمر البدوي 

لا تكاد تخلو جامعة سعودية من أندية طالبية ذات اهتمامات مختلفة، بعضها يصنّف وفق الكليات العلمية والأدبية، وأخرى تبتكر نشاطها من واقع حاجة المجتمع وظروفه، مثل أندية القراءة وتطوير الذات وسواها.
السعوديون يقدرون كثيراً هذه الأندية الطالبية، لا سيما أنها تعالج قصور المساحات المدنية في واقعهم والدور الأهلي في التأثير. وتحوز الجامعات وطلابها بفضل هذه الأندية وفاعلياتها، العديد من الجوائز في المسابقات الثقافية والمسرحية والعلمية على المستوى الخليجي والعربي، وتشارك بدفع منتسبيها من الطلاب في منافسات ومشاركات عالمية تساعد في تطوير إمكاناتهم وإدماج قدراتهم واستعداداتهم في عولمة الثقافة والمعرفة.
وينخرط الطلاب في منتديات متنوعة (ثقافية، اجتماعية، فنية، دينية، ورياضية) لتفعيل بيئة للحوار الراقي والهادف، بينهم وبين أعضاء هيئة التدريس، وصقل وبناء شخصيات متكاملة لمواجهة التحديات والسعي إلى التواصل مع المجتمع وتلبية حاجاته. وتساهم هذه النشاطات في تطوير الجوانب المتعددة لشخصية الطلاب لتؤهلهم لمواجهة أعباء الحياة وتحمّل المسؤوليات التي ستُلقى على عاتقهم في المستقبل.
وقال مدير إدارة النشاطات والشراكة الطالبية في جامعة الملك سعود، عبدالله بن فهد الصقعبي، لـ «الحياة»: «تلعب النشاطات اللاصفية دوراً مهماً في صقل مهارات الطالب وتطويرها، وإبراز شخصيته، وهي داعم رئيس في تكوينها». وأضاف: «تعد الأندية الطالبية وغيرها من البرامج الموجودة في جامعة الملك سعود، مثل برنامج الشراكة الطالبية ووحدة النشاطات، حاضنة شبابية تساهم في شكل فاعل في تطوير الطالب وإكسابه العديد من الخبرات والمعارف التي لا يمكن الحصول عليها من خلال مناهج الدراسة فقط».
وتغطي هذه الأندية جوانب كثيرة علمية ورياضية وإبداعية، ففي الجامعة أكثر من 150 نادياً طالبياً موزعة على الطلاب والطالبات.
ويختم الصقعبي حديثه قائلاً: «هذا الرقم يدل على قيمة العمل والنشاط وحجمهما داخل الجامعة، إذ تنفذ هذه الأندية ما يزيد عن 1000 برنامج وفاعلية خلال الفصل الدراسي الواحد، وكذلك فإن الجامعة ممثلة بعمادة شؤون الطلاب، الجهة المسؤولة عن النشاط في الجامعة، تجري في كل عام مراجعة وقياساً للأثر المترتب على مثل هذه البرامج، وتقوم بإعادة تصميمها وفقاً لمقتضيات الظروف والحاجة».
وقال مساعد مدير إدارة النشاط بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، عايض القحطاني، لـ «الحياة»: «تلعب النشاطات الطالبية في الجامعة دوراً مهماً في بناء شخصيات الطلاب وتنمية مهاراتهم وصقلها، ومن هذا المنطلق حرصت إدارة الجامعة على فتح العديد من الأندية الطالبية المتنوعة في جميع المجالات العلمية والثقافية والرياضية، حتى تتناسب مع ميول غالبية الطلاب، ووصل عدد الأندية الطالبية الى قرابة ٤٠ نادياً».
ويضيف القحطاني: «على رغم أن تخصصات الجامعة علمية وتقنية بحتة ومميزة جداً في هذا المجال، إلا أن طلابها متميزون جداً في المجالات الثقافية والأدبية، وقد حصلت الجامعة على العديد من الجوائز في المسابقات الثقافية والمسرحية على المستوى الخليجي والعربي، ولا تزال حريصة على تطوير النشاطات الطالبية ودعمها بما يتوافق مع متطلبات هذا العصر من تقنيات وبرامج قد تساهم في ارتقاء النشاطات الطالبية بما يتناسب مع اسم الجامعة وسمعتها».
وقال مدير الأندية الطالبية في جامعة جازان، إبراهيم علي خضير: «تهتم النشاطات الطالبية بصقل مواهب معينة أو حتى صناعتها وتوليدها للبعض، ومن ثم العمل عليها لتكوّن مفاتيح مستقبلية للطالب سواء في حياته العملية أم العلمية».
ونقل السعوديون اهتمامهم بهذا النوع من التجمعات الطالبية إلى بلدان الابتعاث التي ينتشرون فيها بغزارة، وعبر موقع خاص يحمل الاسم نفسه تنتظم مجموعات طالبية كثيرة على اختلاف اهتماماتها واتساع أعداد المنتسبين إليها. وتجد اهتماماً من الملحقيات الثقافية لسفارات المملكة. وغالباً ما يستفيد الطلاب من حجم الإمكانات المتوافرة لهم في بلدان الابتعاث لصقل مهاراتهم وتطوير تعاملاتهم عبر الاحتكاك بتجارب أكثر نضجاً وتقدماً في بلدان الابتعاث، التي تصب في نهاية الأمر في خدمة قدرة الفرد السعودي على الوعي بأهمية العمل المدني التطوعي ودوره في إنماء المجتمع والرقي به كرافعة حضارية ومدنية.



الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...