التخطي إلى المحتوى الرئيسي

على أرضه وبدون جمهوره



كان منظر المدرجات خالياً من جماهير البلد المضيف مثيراً للحرج والاستغراب في آن معاً ، وزاد على ذلك الحماس والإقبال الذي كان عليه جماهير اليمن الشقيق .
تبدو الأسباب كثيرة إلى درجة العجز عن حصرها ، مثل الضيق من لوبيز وتشكيلته المرتبكة وضعف منطق غياب بعض اللاعبين اللامعين ، وتراجع شعبية كأس الخليج ، وتخمة الجماهير من الدوريات المحلية والدولية ، والإحباط من إخفاقات المنتخب ، وسواها كثير .
ولكن التحامات التعصب الرياضي للألوان طوال مشوار الدوري المحلي عبر منصات الإعلام المتعددة كانت تلقي بظلالها على المشهد بوضوح .
علينا أن نخفف من حدة التعصب عبر وسائل الإعلام ونرفع من جاهزية المنتخب ، لأن النتائج وحدها من تخطف الأضواء وتلهب حماس الجماهير لمناصرته ومؤازرته وسوى ذلك سيبقى في طيّ المثاليات الفضفاضة .
قطر تقوم بتجهيز فريق متكامل منذ الفئات السنية وتشارك به الآن في خليجي ، وعينها على آسيا ليصبح جاهزاً بما يكفي لكأس العالم على أرضيها ، وكذلك فعلت بلجيكا ، لماذا نفتقد النفس الطويل في اعداد المنتخب الوطني ؟
بالمناسبة : صورة جماهير اليمن وإقبالهم وتعلقهم بالحلم الكروي كان رسالة مؤثرة بأن الرياضة معنى متسامي على الظروف الحالكة الصعبة والاحتقانات السياسية المتوترة ، كان المنتخب اليمني هو الراية التي اتفق عليها شعب اليمن متجاوزين كل خلافاتهم البينية الحادة ، كانت جماهير اليمن فاكهة البطولة وحلاوتها التي أضفت صورة العلاقة العفوية البدائية والعميقة بين الكرة وعاشقها البسيط الذي يستمتع بمناسباتها الفخمة .
منتخب اليمن ولاعبوه بقتاليتهم واستماتتهم رغم كل ظروفهم الخانقة أنموذجاً للرياضة الجميلة ، لتعلقهم بمعنى أن يكون المنتخب ممثلاً عن الوطن ، والهتاف له صيحة من أعماق الفؤاد معجونة بتراب البلاد وهوائها ، بألمها وأملها .
في المقابل تنتظر بصرة العراق المثقل بأعباء ظروفه الصعبة موافقة الفيفا المتعثرة لتنظيم البطولة القادمة ، أرجو أن تفعل الرياضة سحرها في هذا البلد المتعب ، وأن تنقذ وحدته وتجمع صفوفه من أجل العلم والوطن والمستقبل ، لأن الرياضة والكرة أحياناً تفعل ما يعجز عنه رجال السياسة والفكر والدين والمجتمع .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...